إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يعتقد أن تأثيرها كبير على صنع القرار في العالم.. "الحشاشون" "المتنورون" " البناؤون الاحرار".. لماذا مازالت المجموعات السرية تثير الفضول ؟

تونس- الصباح

تثير الجماعات السرية إلى اليوم فضولا كبيرا رغم أن السؤال مستمر حول حقيقة وجودها ومازال الملاحظون يتساءلون هل وجدت هذه الجماعات فعلا أم إنها مجرد أسطورة تتداولها الأجيال؟

ويكفي أن نلاحظ الاهتمام الكبير الذي أثاره المسلسل المصري " الحشاشين" الذي يعرض منذ بداية رمضان الحالي وهو من إخراج بيتر ميمي وبطولة كريم عبد العزيز وتدور إحداثه حول رئيس جماعة الحشاشين حسن ابن الصباح وهي من اشهر الجماعات السرية في التاريخ الإسلامي في الجماهير العربية حتى ندرك حجم الفضول حول الموضوع وحجم اهتمام الناس بكل ما له علاقة بهذه الجماعات.

والحقيقة لقد اشتغل كثيرون حول موضوع الجماعات أو الفرق السرية التي يطلق عليها بالانقليزية "secret societies“ وقد قدم الفنان والإعلامي المصري عمرو وأكد عملا وثائقيا جيدا حول الموضوع من إنتاج قناة الجزيرة بالانقليزية، استعان فيه برأي مختصين مشهود لهم بالكفاءة حول الموضوع أكدوا أن الجماعات السرية قديمة قدم التاريخ وانه وجدت في كل المحطات التاريخية جماعات سرية تعتبر نفسها أرفع من العامة وتعمل على انتداب أعضاء لها بعد إخضاعهم لاختبارات قاسية ويعهد لهم بمواصلة حفظ سر الجماعة جيلا بعد جيل.

وأي كان نوع الجماعة السرية، وهي فعلا أنواع ومن بينها جماعات خطيرة وإرهابية، فإن لأغلبها روابط مع عالم السياسة، بل يعتقد إنها تتحكم في العالم إلى اليوم وإنها تصنع القرار السياسي في العالم وهي من تختار قادة العالم وإنها وراء أبرز الأحداث التي شهدها التاريخ ومن بينها الثورات الكبرى في فرنسا وفي بريطانيا وغيرها. ومعروف أن عدة شخصيات سياسية مؤثرة في العالم كانت تتعامل مع هذه الجماعات، بل هناك شخصيات كانت منتمية وفاعلة في هذه الجماعات من بينها مثلا جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية وبنجامين فرانكلين وهو احد الآباء المؤسسين لأمريكا وكانا ينتميان لجماعة "البناؤون الاحرار" أو الـFranc – maçonnerie ومنها تستمد تسمية الماسونية باللغة العربية. وهناك من يعتبر أن هناك علاقة قوية بين النازية في المانيا والجماعة السرية " ذي فراترنتي" التي هي امتداد لجماعة "فرسان الهيكل" الذين قاموا بدور كبير قتالي ولوجستي في الحروب الصليبية ضد المسلمين.

الماسونية وخدمة أهداف الكيان الصهيوني

ولنا أن نشير إلى أنه وجهت اتهامات الى شخصيات سياسية عربية فاعلة بالانتماء إلى جماعة الماسونية التي ينظر لها اليوم في العالم العربي والإسلامي على أنها تخدم الصهيونية وتخدم مشاريع الكيان الصهيوني وأهدافه وأساسا تقويض بيت المقدس. وتحاط الماسونية بالعديد من الإلغاز رغم أنها البداية كانت تبدو وكأنها حركة تقوم على نقيض العنصرية وضد الفكر الاستعماري، بل كانت النخبة العربية والإسلامية خاصة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين لا ترى حرجا في الترويج لبعض أفكارها أو حتى الانتماء إليها قبل ان يصبح أي احتكاك مع الجماعة فيه شبهة.

عدد من الكتاب المعاصرين استلهموا بدورهم من قصص الجماعات السرية ومن ابرز هؤلاء يمكن ان نذكر كل من الكاتب الأمريكي دان بروان والكاتب اللبناني - وهو اليوم امين عام الاكاديمية الفرنسية - امين معلوف.

فقد قدم دان براون من جهته صورة مثيرة للفضول عن ابرز الفرق السرية الغربية وهي فرقة"الايليميناتي"(المتنورون) من خلال روايته المشوقة " ملائكة وشياطين" الصادرة سنة 2000. تدور احداث الرواية حول البروفيسور روبرت لانغدون الذي جاء خصيصا من أمريكا الى الفاتيكان للبحث عن حقيقة تنظيم سري يعرف بمجموعة المستنيرين التي يقال انها نشأت خصيصا لتدمير الكنيسة وهدم الفاتيكان بروما.

كل الأحداث تقع في ليلة واحدة هي ليلة اختيار البابا الجديد للفاتيكان بعد موت البابا القديم وقتل عالم معروف ويعتقد ان القاتل ينتمي للجماعة السرية المذكورة من خلال الشعار الذي يحمله، كما ان حدوث جرائم قتل في نفس الليلة استهدفت اربعة مرشحين لنيل منصب البابا الجديد ونقش رموز معينة على صدور الضحايا جعلت الأنظار تتجه للجماعة السرية" المتنورين ". وكانت مهمة لانغدون وهو أيضا من ابرز شخصيات رواية دان براون الشهيرة "دافنشي كود" التي تحولت الى فيلم تدور أحداثه في متحف اللوفر كانت مهمته ليلتها اثبات علاقة الجماعة السرية بحوادث الكنيسة المأساوية.

وبطبيعة الحال ورغم ان اغلب المنظمات السرية منتشرة في العالم الغربي، فإن العالم العربي والإسلامي شهد البعض منها وابرزها على الاطلاق مجموعة الحشاشين التي حرّف الغرب اسمها الى " Assassins". فالمصطلح الأجنبي ( يستعمل بالفرنسية والانقليزية) يعني القتلة وليس الحشاشين في علاقة باستعمال الجماعة لـ"حشيشة" مخدرة. وقد عرف الكاتب امين معلوف جيدا بالجماعة في روايته "سمرقند" التي كتبها بأسلوب مشوق وتعرفنا فيها كذلك الى قصة الشاعر والفلكي الشهير عمر الخيام صاحب رباعيات الخيام التي خلدت وجوده وجعلته عابرا للعصور. في رواية سمرقند الصادرة سنة 1986 تعرفنا بدقة الى السياق التاريخي والسياسي الذي نشأت فيه جماعة الحشاشين.

الثنائي المثير نظام الملك وحسن ابن الصباح

و"الحشاشون" هي طائفة شيعية إسماعيلية نزارية باطنية،وفق المؤرخين وقد انفصلت عن العبيديين الفاطميين في أواخر القرن الخامس هجري لتقوم بالدعوة الإسماعيلية النزارية انطلاقا من القلاع في قمم الجبال وأسّس الطائفة الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة الموت في بلاد فارس( ايران) مركزا لنشر دعوته ولمحاولة تأسيس دولة الحشاشين. ورغم محاولات العباسيين وحكام الدول الإسلامية المتضررة من الطائفة القضاء على الحشاشين، فإنهم فشلوا في ذلك وقد أوضح الكاتب امين معلوف تلك العلاقة المثيرة للفضول - تقارب فتنافر- بين السلطة والحشاشين وهي علاقة تقوم على المصالح وعلى محاولات التطويع في إشارة الى وجود أرضية سياسية كثيرا ما تدعم نشأة الظواهر الغريبة. وبرزت في الرواية بالخصوص شخصية نظام الملك الوزير الشهير للدولة السلجوقية (تعتبر من اكبر الدول الإسلامية وتأسست في منتصف القرن الخامس الهجري- بداية القرن الحادي عشر ميلادي) والذي تحول الى شخصية درامية مؤثرة حاضرة بقوة في روايات التاريخ والفانطازيا العربية. وقد كون الكاتب أمين معلوف من شخصيتي نظام الملك وحسن ابن الصباح ثنائيا مثيرا دالا على المفارقات العجيبة في المجتمع العربي والإسلامي في الحقبات التي تراجعت فيها الدولة الإسلامية المركزية وكثرت الأطماع ونشأت دول الطوائف على حسابها.

وقد اعتمدت جماعة الحشاشين على استراتيجية تقوم على الترويع والاغتيالات والعمليات الانتحارية وهي بلغة اليوم جماعة إرهابية. وفي رصيد الحشاشين مجموعة من الاغتيالات شملت أمراء ووزراء مسلمين كما شملت احد ملوك بيت المقدس حينذاك وتذكر مصادر تاريخية أن هولاكو هو الذي وضع حدا لعمل هذه الطائفة واستولى على قلعتهم الشهيرة "ألموت" التي كانت تنطلق منها كل العمليات الى جانب بقية قلاعهم في بلاد فارس.

ورغم مرور قرون على نهاية عهد الحشاشين، فإن استحضار هذه الطائفة قد اثار قدرا كبيرا من الاهتمام وقد حظي المسلسل المصري - تبثه حاليا قنوات عربية - الذي يهتم بشخصية مؤسس الحشاشين بمتابعة جيدة على الرغم من النقد الصريح لعملية الكاستينغ وخاصة لاختيار الممثل الذي أدى شخصية حسن ابن الصباح ولاعتماد اللهجة المصرية في الحوار بدل اللغة العربية الفصحى.

التاريخ والأسطورة

وواضح ان طابع الجماعات السري واعتمادها على أساليب غير عادية وكل ما يحيط بها من الغاز تتراوح بين الحقيقة والخيال والحكايات الخارقة المتداولة حولها جعلت بعض رموزها عبارة عن أساطير، وأيضا ما يروج حول استمرار بعضها في التحكم في العالم وفي صنع القرار السياسي اليوم يجعلها محل فضول ويخلق رغبة كبيرة في التعرف على ادق التفاصيل حولها. ولنا ان نشير الى أن الاهتمام الإعلامي بالجماعات السرية لم ينقطع أبدا وقد نشرت احدى الصحف البريطانية منذ فترة مقالا عددت فيه اخطر الجماعات السرية التي قالت أنها مازالت نشطة إلى اليوم وفاعلة وفعالة كذلك. وقالت الصحيفة ان شخصيات سياسية بارزة أمريكية وبريطانية وأبناء عائلات حاكمة في أوروبا وشخصيات نافذة من عالم المال والاعمال تنتمي لبعض هذه الجماعات وان احدى هذه الجماعات التي قالت انها تحمل اسم "بليدر بيرغ" هي التي تضع سياسات النظام العالمي الجديد.

 اين الحقيقة من الخيال في كل ما يقال حول هذه الجماعات السرية؟ ذلك هو السؤال، لكن ما هو واضح هو ان عالمنا اليوم يقاد بطريقة اقل ما يقال عنها انها تحتكم لمنطق غريب لكن قد لا يكون غريبا عن منطق الجماعات السرية.

 حياة السايب

 

يعتقد أن تأثيرها كبير على صنع القرار في العالم..  "الحشاشون" "المتنورون" " البناؤون الاحرار".. لماذا مازالت  المجموعات السرية تثير  الفضول ؟

تونس- الصباح

تثير الجماعات السرية إلى اليوم فضولا كبيرا رغم أن السؤال مستمر حول حقيقة وجودها ومازال الملاحظون يتساءلون هل وجدت هذه الجماعات فعلا أم إنها مجرد أسطورة تتداولها الأجيال؟

ويكفي أن نلاحظ الاهتمام الكبير الذي أثاره المسلسل المصري " الحشاشين" الذي يعرض منذ بداية رمضان الحالي وهو من إخراج بيتر ميمي وبطولة كريم عبد العزيز وتدور إحداثه حول رئيس جماعة الحشاشين حسن ابن الصباح وهي من اشهر الجماعات السرية في التاريخ الإسلامي في الجماهير العربية حتى ندرك حجم الفضول حول الموضوع وحجم اهتمام الناس بكل ما له علاقة بهذه الجماعات.

والحقيقة لقد اشتغل كثيرون حول موضوع الجماعات أو الفرق السرية التي يطلق عليها بالانقليزية "secret societies“ وقد قدم الفنان والإعلامي المصري عمرو وأكد عملا وثائقيا جيدا حول الموضوع من إنتاج قناة الجزيرة بالانقليزية، استعان فيه برأي مختصين مشهود لهم بالكفاءة حول الموضوع أكدوا أن الجماعات السرية قديمة قدم التاريخ وانه وجدت في كل المحطات التاريخية جماعات سرية تعتبر نفسها أرفع من العامة وتعمل على انتداب أعضاء لها بعد إخضاعهم لاختبارات قاسية ويعهد لهم بمواصلة حفظ سر الجماعة جيلا بعد جيل.

وأي كان نوع الجماعة السرية، وهي فعلا أنواع ومن بينها جماعات خطيرة وإرهابية، فإن لأغلبها روابط مع عالم السياسة، بل يعتقد إنها تتحكم في العالم إلى اليوم وإنها تصنع القرار السياسي في العالم وهي من تختار قادة العالم وإنها وراء أبرز الأحداث التي شهدها التاريخ ومن بينها الثورات الكبرى في فرنسا وفي بريطانيا وغيرها. ومعروف أن عدة شخصيات سياسية مؤثرة في العالم كانت تتعامل مع هذه الجماعات، بل هناك شخصيات كانت منتمية وفاعلة في هذه الجماعات من بينها مثلا جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية وبنجامين فرانكلين وهو احد الآباء المؤسسين لأمريكا وكانا ينتميان لجماعة "البناؤون الاحرار" أو الـFranc – maçonnerie ومنها تستمد تسمية الماسونية باللغة العربية. وهناك من يعتبر أن هناك علاقة قوية بين النازية في المانيا والجماعة السرية " ذي فراترنتي" التي هي امتداد لجماعة "فرسان الهيكل" الذين قاموا بدور كبير قتالي ولوجستي في الحروب الصليبية ضد المسلمين.

الماسونية وخدمة أهداف الكيان الصهيوني

ولنا أن نشير إلى أنه وجهت اتهامات الى شخصيات سياسية عربية فاعلة بالانتماء إلى جماعة الماسونية التي ينظر لها اليوم في العالم العربي والإسلامي على أنها تخدم الصهيونية وتخدم مشاريع الكيان الصهيوني وأهدافه وأساسا تقويض بيت المقدس. وتحاط الماسونية بالعديد من الإلغاز رغم أنها البداية كانت تبدو وكأنها حركة تقوم على نقيض العنصرية وضد الفكر الاستعماري، بل كانت النخبة العربية والإسلامية خاصة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين لا ترى حرجا في الترويج لبعض أفكارها أو حتى الانتماء إليها قبل ان يصبح أي احتكاك مع الجماعة فيه شبهة.

عدد من الكتاب المعاصرين استلهموا بدورهم من قصص الجماعات السرية ومن ابرز هؤلاء يمكن ان نذكر كل من الكاتب الأمريكي دان بروان والكاتب اللبناني - وهو اليوم امين عام الاكاديمية الفرنسية - امين معلوف.

فقد قدم دان براون من جهته صورة مثيرة للفضول عن ابرز الفرق السرية الغربية وهي فرقة"الايليميناتي"(المتنورون) من خلال روايته المشوقة " ملائكة وشياطين" الصادرة سنة 2000. تدور احداث الرواية حول البروفيسور روبرت لانغدون الذي جاء خصيصا من أمريكا الى الفاتيكان للبحث عن حقيقة تنظيم سري يعرف بمجموعة المستنيرين التي يقال انها نشأت خصيصا لتدمير الكنيسة وهدم الفاتيكان بروما.

كل الأحداث تقع في ليلة واحدة هي ليلة اختيار البابا الجديد للفاتيكان بعد موت البابا القديم وقتل عالم معروف ويعتقد ان القاتل ينتمي للجماعة السرية المذكورة من خلال الشعار الذي يحمله، كما ان حدوث جرائم قتل في نفس الليلة استهدفت اربعة مرشحين لنيل منصب البابا الجديد ونقش رموز معينة على صدور الضحايا جعلت الأنظار تتجه للجماعة السرية" المتنورين ". وكانت مهمة لانغدون وهو أيضا من ابرز شخصيات رواية دان براون الشهيرة "دافنشي كود" التي تحولت الى فيلم تدور أحداثه في متحف اللوفر كانت مهمته ليلتها اثبات علاقة الجماعة السرية بحوادث الكنيسة المأساوية.

وبطبيعة الحال ورغم ان اغلب المنظمات السرية منتشرة في العالم الغربي، فإن العالم العربي والإسلامي شهد البعض منها وابرزها على الاطلاق مجموعة الحشاشين التي حرّف الغرب اسمها الى " Assassins". فالمصطلح الأجنبي ( يستعمل بالفرنسية والانقليزية) يعني القتلة وليس الحشاشين في علاقة باستعمال الجماعة لـ"حشيشة" مخدرة. وقد عرف الكاتب امين معلوف جيدا بالجماعة في روايته "سمرقند" التي كتبها بأسلوب مشوق وتعرفنا فيها كذلك الى قصة الشاعر والفلكي الشهير عمر الخيام صاحب رباعيات الخيام التي خلدت وجوده وجعلته عابرا للعصور. في رواية سمرقند الصادرة سنة 1986 تعرفنا بدقة الى السياق التاريخي والسياسي الذي نشأت فيه جماعة الحشاشين.

الثنائي المثير نظام الملك وحسن ابن الصباح

و"الحشاشون" هي طائفة شيعية إسماعيلية نزارية باطنية،وفق المؤرخين وقد انفصلت عن العبيديين الفاطميين في أواخر القرن الخامس هجري لتقوم بالدعوة الإسماعيلية النزارية انطلاقا من القلاع في قمم الجبال وأسّس الطائفة الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة الموت في بلاد فارس( ايران) مركزا لنشر دعوته ولمحاولة تأسيس دولة الحشاشين. ورغم محاولات العباسيين وحكام الدول الإسلامية المتضررة من الطائفة القضاء على الحشاشين، فإنهم فشلوا في ذلك وقد أوضح الكاتب امين معلوف تلك العلاقة المثيرة للفضول - تقارب فتنافر- بين السلطة والحشاشين وهي علاقة تقوم على المصالح وعلى محاولات التطويع في إشارة الى وجود أرضية سياسية كثيرا ما تدعم نشأة الظواهر الغريبة. وبرزت في الرواية بالخصوص شخصية نظام الملك الوزير الشهير للدولة السلجوقية (تعتبر من اكبر الدول الإسلامية وتأسست في منتصف القرن الخامس الهجري- بداية القرن الحادي عشر ميلادي) والذي تحول الى شخصية درامية مؤثرة حاضرة بقوة في روايات التاريخ والفانطازيا العربية. وقد كون الكاتب أمين معلوف من شخصيتي نظام الملك وحسن ابن الصباح ثنائيا مثيرا دالا على المفارقات العجيبة في المجتمع العربي والإسلامي في الحقبات التي تراجعت فيها الدولة الإسلامية المركزية وكثرت الأطماع ونشأت دول الطوائف على حسابها.

وقد اعتمدت جماعة الحشاشين على استراتيجية تقوم على الترويع والاغتيالات والعمليات الانتحارية وهي بلغة اليوم جماعة إرهابية. وفي رصيد الحشاشين مجموعة من الاغتيالات شملت أمراء ووزراء مسلمين كما شملت احد ملوك بيت المقدس حينذاك وتذكر مصادر تاريخية أن هولاكو هو الذي وضع حدا لعمل هذه الطائفة واستولى على قلعتهم الشهيرة "ألموت" التي كانت تنطلق منها كل العمليات الى جانب بقية قلاعهم في بلاد فارس.

ورغم مرور قرون على نهاية عهد الحشاشين، فإن استحضار هذه الطائفة قد اثار قدرا كبيرا من الاهتمام وقد حظي المسلسل المصري - تبثه حاليا قنوات عربية - الذي يهتم بشخصية مؤسس الحشاشين بمتابعة جيدة على الرغم من النقد الصريح لعملية الكاستينغ وخاصة لاختيار الممثل الذي أدى شخصية حسن ابن الصباح ولاعتماد اللهجة المصرية في الحوار بدل اللغة العربية الفصحى.

التاريخ والأسطورة

وواضح ان طابع الجماعات السري واعتمادها على أساليب غير عادية وكل ما يحيط بها من الغاز تتراوح بين الحقيقة والخيال والحكايات الخارقة المتداولة حولها جعلت بعض رموزها عبارة عن أساطير، وأيضا ما يروج حول استمرار بعضها في التحكم في العالم وفي صنع القرار السياسي اليوم يجعلها محل فضول ويخلق رغبة كبيرة في التعرف على ادق التفاصيل حولها. ولنا ان نشير الى أن الاهتمام الإعلامي بالجماعات السرية لم ينقطع أبدا وقد نشرت احدى الصحف البريطانية منذ فترة مقالا عددت فيه اخطر الجماعات السرية التي قالت أنها مازالت نشطة إلى اليوم وفاعلة وفعالة كذلك. وقالت الصحيفة ان شخصيات سياسية بارزة أمريكية وبريطانية وأبناء عائلات حاكمة في أوروبا وشخصيات نافذة من عالم المال والاعمال تنتمي لبعض هذه الجماعات وان احدى هذه الجماعات التي قالت انها تحمل اسم "بليدر بيرغ" هي التي تضع سياسات النظام العالمي الجديد.

 اين الحقيقة من الخيال في كل ما يقال حول هذه الجماعات السرية؟ ذلك هو السؤال، لكن ما هو واضح هو ان عالمنا اليوم يقاد بطريقة اقل ما يقال عنها انها تحتكم لمنطق غريب لكن قد لا يكون غريبا عن منطق الجماعات السرية.

 حياة السايب