إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تواجه خسائر بالمليارات.. شركات النقل العمومي مرفق نخره الفساد والخراب

تونس – الصباح

أدّى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، ظهر الثلاثاء 12 مارس 2024، زيارة غير معلنة إلى مستودع القطارات بجبل جلود ومحطة المترو الخفيف بتونس البحرية أين عاين حالة وسائل النقل وظروف صيانتها.

وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة وضع حدّ للخراب والفساد الذي يشكوه هذا المرفق العمومي الأساسي، فأكثر العربات مُهملة وتحوّلت إلى ركام من الحديد الذي أصابه الصدأ ولم يعد صالحا للاستعمال في حين أن المواطنين يعانون من أجل التنقل ومنهم من يغادر بيته قبل ثلاث ساعات أو أكثر للحصول على وسيلة نقل، وإن كان محظوظا ووجدها فهو يتنقل في ظروف غير إنسانية.

إيمان عبد اللطيف

مرّت ما يزيد عن ثلاثة أشهر، على زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى مستودع شركة نقل تونس بباب سعدون حيث قام يوم 24 نوفمبر 2023 بجولة تفقدية، مستنكرا وجود حافلات في وضعية مهملة بالكامل، مقابل معاناة يومية للمواطن مع وسائل النقل.

في تلك الزيارة، طالب رئيس الدولة بضرورة إنهاء المعاناة اليومية للمواطن مع وسائل النقل والتخلي عن الاتفاقيات التي تتطلب الكثير من الوقت والتدخل بشكل عاجل للقضاء على مظاهر الإهمال التي تبدو عليها مستودعات النقل في العاصمة والجهات.

فأكّد ''ملايين الدينارات ملقاة على الأرض في شكل خردة.. ونحن نبحث عن من يقرضنا لتمويل الميزانية .. هذا الوضع يجب أن ينتهي ولابد من ايجاد حلول عاجلة حتى يتمكن التلميذ والعامل من التنقل في ظروف تحترم كرامته'' وتابع ''النقل حقّ من حقوق المواطن لكنه يعاني يوميا من الانتظار الذي يطول لساعات طويلة.. ويجب إعادة كل الخطوط التي وقع إلغاؤها''.

ذات الإشكاليات عاد عليها في زيارته غير المعلنة أول أمس الثلاثاء إلى مستودع القطارات بجبل الجلود ومحطة الميترو الخفيف بتونس البحرية حيث عاين وضعية العربات المهملة بورشات سيدي فتح الله التابعة للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، مندّدا بظاهرة الفساد التي استشرت في البلاد، حتّى أصبحت سرطانا يُعربد في جسم الدولة، وفي جسم المجتمع.

ولم يُخف رئيس الدولة استغرابه من طول المدّة الزمنية التي استغرقتها أشغال مشروع الشبكة الحديدية السريعة (RFR)، قائلا "عشرون سنة، ونحن ننتظر استكمال أشغال هذا المشروع". إلى جانب تطرقه إلى التعطيلات التي واجهها هذا المشروع، قائلا "هناك دولة واحدة، وعلى كلّ شخص القيام بدوره، لا التشريع إلى قوانين على هواه".

وتابع قائلا "انظروا إلى أموال الشعب كيف تُهدر، سنوات عديدة وهذه العربات التي اقتنوها في صفقة يعلم الله تفاصيلها، خارج الخدمة".

وشدّد قيس سعيّد وفق بلاغ إعلامي صادر عن رئاسة الجمهورية على "ضرورة وضع حدّ للخراب والفساد الذي يشكوه هذا المرفق العمومي الأساسي، فأكثر العربات مُهملة وتحوّلت إلى ركام من الحديد الذي أصابه الصدأ ولم يعد صالحا للاستعمال في حين يعاني المواطنون من أجل التنقل".

وذكر رئيس الجمهورية عديد الأمثلة عن الفساد الذي عرفه هذا القطاع منذ عقود من بينها السكة الحديدية للمترو الخفيف التي تم وضعها بعد أن خسرت المجموعة الوطنية آلاف المليارات ثم وقع ردمها في شارع "جان جوريس" وشارع "لوي براي" بتونس العاصمة نتيجة لتدخل المتنفذين آنذاك داخل السلطة، هذا إلى جانب اقتناء عربات مترو تُفتح أبوابها دون مستوى الرصيف داخل المحطات، أو اقتناء عربات عجلاتها لا تتناسب مع مقاييس السكة الحديدية.

لا يخفى على أحد أنّ ملف النقل قد تحوّل الى معضلة تونس الأولى خاصة بعد الثورة أين تراجعت الخدمات بشكل كارثي بجميع وسائل النقل العمومي من حافلات وميترو خفيف وقطارات، فكل من شركتي نقل تونس والشركة الوطنية للسكك الحديدية تواجهان صعوبات مالية كبيرة جدا أرهقت ميزانيتها وتسببت في تراجع الأسطول إلى مستويات ملحوظة كشفتها معاناة التونسيين اليومية مع وسائل النقل.

فقد أكدت معطيات لوزارة المالية أن مديونية الشركة الوطنية للسكك الحديدية قد بلغت مستوى هو الأعلى منذ تاريخ تأسيسها إذ تجاوز عتبة 1600 مليون دينار.

أما عن الوضعية المالية الكارثية لشركة نقل تونس، فقد وصلت إلى حدّ تكبد الشركة لديون تُقدّر بـ1880 مليون دينار سنة 2022 منها 230 مليون دينار لفائدة البنوك ومزودي قطع الغيار مع صعوبة الإيفاء بتعهداتها تجاه المزودين العموميين.

من جانب آخر ساهم تراجع الأسطول وتفاقم ظاهرة الترسكية في تراجع المداخيل المباشرة التي تبلغ حوالي 40 مليون دينار سنة 2022 مقابل ما يفوق 70 مليون دينار سنة 2010، وتمثل ظاهرة الترسكية من قبل المخالفين الذين يمثلون 40 % من المسافرين أحد أسباب تراجع المداخيل متسببة في خسائر تقدّر بـ20 مليون دينار سنويا. إلى جانب الاعتداءات التي يتعرض إليها أسطول النقل، فقد سجلت الشركة 1573 اعتداء سنة 2021 كبّدها خسائر بلغت 1 مليون دينار لتتجاوز هذه الخسائر هذا الرقم سنة 2022 وذلك دون احتساب كلفة النقص في المداخيل طيلة فترة التوقف عن الاستغلال.

تواجه خسائر بالمليارات.. شركات النقل العمومي مرفق نخره الفساد والخراب

تونس – الصباح

أدّى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، ظهر الثلاثاء 12 مارس 2024، زيارة غير معلنة إلى مستودع القطارات بجبل جلود ومحطة المترو الخفيف بتونس البحرية أين عاين حالة وسائل النقل وظروف صيانتها.

وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة وضع حدّ للخراب والفساد الذي يشكوه هذا المرفق العمومي الأساسي، فأكثر العربات مُهملة وتحوّلت إلى ركام من الحديد الذي أصابه الصدأ ولم يعد صالحا للاستعمال في حين أن المواطنين يعانون من أجل التنقل ومنهم من يغادر بيته قبل ثلاث ساعات أو أكثر للحصول على وسيلة نقل، وإن كان محظوظا ووجدها فهو يتنقل في ظروف غير إنسانية.

إيمان عبد اللطيف

مرّت ما يزيد عن ثلاثة أشهر، على زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى مستودع شركة نقل تونس بباب سعدون حيث قام يوم 24 نوفمبر 2023 بجولة تفقدية، مستنكرا وجود حافلات في وضعية مهملة بالكامل، مقابل معاناة يومية للمواطن مع وسائل النقل.

في تلك الزيارة، طالب رئيس الدولة بضرورة إنهاء المعاناة اليومية للمواطن مع وسائل النقل والتخلي عن الاتفاقيات التي تتطلب الكثير من الوقت والتدخل بشكل عاجل للقضاء على مظاهر الإهمال التي تبدو عليها مستودعات النقل في العاصمة والجهات.

فأكّد ''ملايين الدينارات ملقاة على الأرض في شكل خردة.. ونحن نبحث عن من يقرضنا لتمويل الميزانية .. هذا الوضع يجب أن ينتهي ولابد من ايجاد حلول عاجلة حتى يتمكن التلميذ والعامل من التنقل في ظروف تحترم كرامته'' وتابع ''النقل حقّ من حقوق المواطن لكنه يعاني يوميا من الانتظار الذي يطول لساعات طويلة.. ويجب إعادة كل الخطوط التي وقع إلغاؤها''.

ذات الإشكاليات عاد عليها في زيارته غير المعلنة أول أمس الثلاثاء إلى مستودع القطارات بجبل الجلود ومحطة الميترو الخفيف بتونس البحرية حيث عاين وضعية العربات المهملة بورشات سيدي فتح الله التابعة للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، مندّدا بظاهرة الفساد التي استشرت في البلاد، حتّى أصبحت سرطانا يُعربد في جسم الدولة، وفي جسم المجتمع.

ولم يُخف رئيس الدولة استغرابه من طول المدّة الزمنية التي استغرقتها أشغال مشروع الشبكة الحديدية السريعة (RFR)، قائلا "عشرون سنة، ونحن ننتظر استكمال أشغال هذا المشروع". إلى جانب تطرقه إلى التعطيلات التي واجهها هذا المشروع، قائلا "هناك دولة واحدة، وعلى كلّ شخص القيام بدوره، لا التشريع إلى قوانين على هواه".

وتابع قائلا "انظروا إلى أموال الشعب كيف تُهدر، سنوات عديدة وهذه العربات التي اقتنوها في صفقة يعلم الله تفاصيلها، خارج الخدمة".

وشدّد قيس سعيّد وفق بلاغ إعلامي صادر عن رئاسة الجمهورية على "ضرورة وضع حدّ للخراب والفساد الذي يشكوه هذا المرفق العمومي الأساسي، فأكثر العربات مُهملة وتحوّلت إلى ركام من الحديد الذي أصابه الصدأ ولم يعد صالحا للاستعمال في حين يعاني المواطنون من أجل التنقل".

وذكر رئيس الجمهورية عديد الأمثلة عن الفساد الذي عرفه هذا القطاع منذ عقود من بينها السكة الحديدية للمترو الخفيف التي تم وضعها بعد أن خسرت المجموعة الوطنية آلاف المليارات ثم وقع ردمها في شارع "جان جوريس" وشارع "لوي براي" بتونس العاصمة نتيجة لتدخل المتنفذين آنذاك داخل السلطة، هذا إلى جانب اقتناء عربات مترو تُفتح أبوابها دون مستوى الرصيف داخل المحطات، أو اقتناء عربات عجلاتها لا تتناسب مع مقاييس السكة الحديدية.

لا يخفى على أحد أنّ ملف النقل قد تحوّل الى معضلة تونس الأولى خاصة بعد الثورة أين تراجعت الخدمات بشكل كارثي بجميع وسائل النقل العمومي من حافلات وميترو خفيف وقطارات، فكل من شركتي نقل تونس والشركة الوطنية للسكك الحديدية تواجهان صعوبات مالية كبيرة جدا أرهقت ميزانيتها وتسببت في تراجع الأسطول إلى مستويات ملحوظة كشفتها معاناة التونسيين اليومية مع وسائل النقل.

فقد أكدت معطيات لوزارة المالية أن مديونية الشركة الوطنية للسكك الحديدية قد بلغت مستوى هو الأعلى منذ تاريخ تأسيسها إذ تجاوز عتبة 1600 مليون دينار.

أما عن الوضعية المالية الكارثية لشركة نقل تونس، فقد وصلت إلى حدّ تكبد الشركة لديون تُقدّر بـ1880 مليون دينار سنة 2022 منها 230 مليون دينار لفائدة البنوك ومزودي قطع الغيار مع صعوبة الإيفاء بتعهداتها تجاه المزودين العموميين.

من جانب آخر ساهم تراجع الأسطول وتفاقم ظاهرة الترسكية في تراجع المداخيل المباشرة التي تبلغ حوالي 40 مليون دينار سنة 2022 مقابل ما يفوق 70 مليون دينار سنة 2010، وتمثل ظاهرة الترسكية من قبل المخالفين الذين يمثلون 40 % من المسافرين أحد أسباب تراجع المداخيل متسببة في خسائر تقدّر بـ20 مليون دينار سنويا. إلى جانب الاعتداءات التي يتعرض إليها أسطول النقل، فقد سجلت الشركة 1573 اعتداء سنة 2021 كبّدها خسائر بلغت 1 مليون دينار لتتجاوز هذه الخسائر هذا الرقم سنة 2022 وذلك دون احتساب كلفة النقص في المداخيل طيلة فترة التوقف عن الاستغلال.