تُواصل "شاحنات الموت" زهق أرواح العملة والعاملات في الأراضي الفلاحية رغم القوانين والتشريعات الجديدة التي تمّ التنصيص عليها منذ سنة 2019 ولكن دون أي نتائج على أرض الواقع ودون أن تصل السلط إلى حلول جذرية تحول دون تكرار هذه الفواجع على الطرقات.
إيمان عبد اللطيف
لم يمر 20 يوما عن أول حادث أليم سُجّل هذه السنة بتاريخ 14 جانفي بولاية بنزرت، حتى استفاق التونسيون يوم أمس الاثنين 5 فيفري 2024 على وقع حادث جديد بسيدي بوزيد جدّ بالطريق المعبدة وغير المرقمة "أولاد خلفة – جلمة"، تمثّل في انقلاب شاحنة خفيفة كانت تقلّ عاملات فلاحيات مما أسفر عن وفاة امرأة تبلغ من العمر 50 سنة، إضافة إلى تسجيل إصابة خطيرة لامرأة ثانية وإصابة حوالي 29 أخريات بجروح متفاوتة الخطورة إلى جانب إصابة طفلين بإصابات خفيفة كانا على متن الشاحنة برفقة والدتهما ويبلغان من العمر 5 و6 سنوات.
ووفق المعطيات المتوفرة فإن الحادث كان ناتجا عن خروج الشاحنة التي تقل العمال عن مسارها وانقلابها. ويذكر أن الجهات الأمنية بالجهة تعهدت بفتح تحقيق في الغرض لمعرفة أسباب وظروف الحادث.
أمّا حادث شاحنة بنزرت التي كانت تقلّ 63 شخصا فقد أدّى إلى إصابة 39 شخصا بين عاملات وعملة بإصابات متفاوتة الخطورة وخلف لـ4 عاملات كسرا على مستوى الحوض.
منذ سنة 2015 إلى حد هذه اللحظة تمّ تسجيل 70 حادثا خلفت 865 جريح/ة و56 حالة وفاة، وهو رقم مفزع يتصاعد من سنة إلى أخرى بالرغم من صدور القانون عدد 51 لسنة 2019 الذي ينظم عملية نقل العملة والعاملات، فحدد الأمر الترتيبي المتعلق بأساليب تطبيقه والشروط والمواصفات اللازمة لوسائل النقل الخاصة به.
في هذا السياق، اعتبرت العديد من مكونات المجتمع المدني أنّ هذه الحوادث إجراما في حق العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تتجاوز كل التوصيفات القانونية المنصوص عليها في قوانين مقاومة العنف وقوانين الشغل لتصل إلى حد القتل العمد والاتجار بالبشر.
لكن في الوقت ذاته من المهمّ التأكيد على أنّ معالجة قضية نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي لا تقتصر على مجرد إجراء قانوني متمثل في منح ترخيص أو في توفر وسيلة نقل حسب الشروط ولا في الإعلان عن بعث شركات أهلية مختصة دون القيام بالرقابة على الناقلين ودون انخراط كل الوزارات في عملية الإصلاح والتخطيط والتنفيذ.
فالواقع الاجتماعي والاقتصادي للعمالة الفلاحية النسائية يعكس عنفا مركبا بكل تمظهراته من ضعف في الأجر وغياب للتغطية الاجتماعية والصحية وعدم اعتراف وغياب للرقابة على المشغلين واستفحال لظاهرة الوساطة وتغول للوسطاء.
فتتالت الدعوات بضرورة تحسين المنظومة القانونية المتعلقة بحقوق العمالة في القطاع الفلاحي ومراجعة التشريعات بما يتلاءم مع واقع القطاع وبما يستجيب لمبادئ العدالة والمساواة ويحفظ الكرامة الإنسانية وإيجاد بدائل آمنة لشاحنات الموت حتى يتسنى للعملة والعاملات التنقل في ظروف لائقة ومؤمنة.
إلى جانب المطالبة بضرورة تحسين البنية التحتية وتعبيد المسالك الفلاحية لتأمين نقل العملة والعاملات بما يتلاءم مع وسائل النقل المعدة للغرض باختلاف أصنافها. وتكثيف حملات التوعية والتحسيس من قبل المجتمع المدني وهياكل الدولة الموجهة للعاملات كما للفلاحين والوسطاء حول ضرورة التصدي لظاهرة النقل العشوائي ومقاومتها باعتبارها إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص.
تونس – الصباح
تُواصل "شاحنات الموت" زهق أرواح العملة والعاملات في الأراضي الفلاحية رغم القوانين والتشريعات الجديدة التي تمّ التنصيص عليها منذ سنة 2019 ولكن دون أي نتائج على أرض الواقع ودون أن تصل السلط إلى حلول جذرية تحول دون تكرار هذه الفواجع على الطرقات.
إيمان عبد اللطيف
لم يمر 20 يوما عن أول حادث أليم سُجّل هذه السنة بتاريخ 14 جانفي بولاية بنزرت، حتى استفاق التونسيون يوم أمس الاثنين 5 فيفري 2024 على وقع حادث جديد بسيدي بوزيد جدّ بالطريق المعبدة وغير المرقمة "أولاد خلفة – جلمة"، تمثّل في انقلاب شاحنة خفيفة كانت تقلّ عاملات فلاحيات مما أسفر عن وفاة امرأة تبلغ من العمر 50 سنة، إضافة إلى تسجيل إصابة خطيرة لامرأة ثانية وإصابة حوالي 29 أخريات بجروح متفاوتة الخطورة إلى جانب إصابة طفلين بإصابات خفيفة كانا على متن الشاحنة برفقة والدتهما ويبلغان من العمر 5 و6 سنوات.
ووفق المعطيات المتوفرة فإن الحادث كان ناتجا عن خروج الشاحنة التي تقل العمال عن مسارها وانقلابها. ويذكر أن الجهات الأمنية بالجهة تعهدت بفتح تحقيق في الغرض لمعرفة أسباب وظروف الحادث.
أمّا حادث شاحنة بنزرت التي كانت تقلّ 63 شخصا فقد أدّى إلى إصابة 39 شخصا بين عاملات وعملة بإصابات متفاوتة الخطورة وخلف لـ4 عاملات كسرا على مستوى الحوض.
منذ سنة 2015 إلى حد هذه اللحظة تمّ تسجيل 70 حادثا خلفت 865 جريح/ة و56 حالة وفاة، وهو رقم مفزع يتصاعد من سنة إلى أخرى بالرغم من صدور القانون عدد 51 لسنة 2019 الذي ينظم عملية نقل العملة والعاملات، فحدد الأمر الترتيبي المتعلق بأساليب تطبيقه والشروط والمواصفات اللازمة لوسائل النقل الخاصة به.
في هذا السياق، اعتبرت العديد من مكونات المجتمع المدني أنّ هذه الحوادث إجراما في حق العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تتجاوز كل التوصيفات القانونية المنصوص عليها في قوانين مقاومة العنف وقوانين الشغل لتصل إلى حد القتل العمد والاتجار بالبشر.
لكن في الوقت ذاته من المهمّ التأكيد على أنّ معالجة قضية نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي لا تقتصر على مجرد إجراء قانوني متمثل في منح ترخيص أو في توفر وسيلة نقل حسب الشروط ولا في الإعلان عن بعث شركات أهلية مختصة دون القيام بالرقابة على الناقلين ودون انخراط كل الوزارات في عملية الإصلاح والتخطيط والتنفيذ.
فالواقع الاجتماعي والاقتصادي للعمالة الفلاحية النسائية يعكس عنفا مركبا بكل تمظهراته من ضعف في الأجر وغياب للتغطية الاجتماعية والصحية وعدم اعتراف وغياب للرقابة على المشغلين واستفحال لظاهرة الوساطة وتغول للوسطاء.
فتتالت الدعوات بضرورة تحسين المنظومة القانونية المتعلقة بحقوق العمالة في القطاع الفلاحي ومراجعة التشريعات بما يتلاءم مع واقع القطاع وبما يستجيب لمبادئ العدالة والمساواة ويحفظ الكرامة الإنسانية وإيجاد بدائل آمنة لشاحنات الموت حتى يتسنى للعملة والعاملات التنقل في ظروف لائقة ومؤمنة.
إلى جانب المطالبة بضرورة تحسين البنية التحتية وتعبيد المسالك الفلاحية لتأمين نقل العملة والعاملات بما يتلاءم مع وسائل النقل المعدة للغرض باختلاف أصنافها. وتكثيف حملات التوعية والتحسيس من قبل المجتمع المدني وهياكل الدولة الموجهة للعاملات كما للفلاحين والوسطاء حول ضرورة التصدي لظاهرة النقل العشوائي ومقاومتها باعتبارها إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص.