إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. عليك أن ترتب أمورك من الآن

 

يرويها: ابو بكر الصغير

  كانت آخر جملة سمعها، على لسان طبيبه.

  كان مفعولها كمن ألقى بقنبلة على جسده المنهك  .

  هو مدرك انّه ميّت لا محالة، لكن هذه المرّة عرف، متى تقريبا.

 انغمس في تفكير عميق .

 اخذ بعد ذلك ورقة وقلما .

 فكّر في الأولويات التي لا بدّمن ترتيبها، شؤون العائلة، تهيئة الأبناء نفسانيا،  والزوجة والأم والأب..

 وضع العمل، والأصدقاء..

 كشف الحسابات مع البنك وإعداد جدول تفصيلي فيها، من قروض المسكن والسيارة وبعض المنقولات الأخرى. .

 الوصية، كيف ستكون وماذا سيقول فيها؟

 توقّف لفترة، قام بعدّ الأشهر والأيام وحتى الساعات والدقائق التي بقيت من حياته ليعيشها في هذا العالم ..

 فكّر مليا، ليتّخذ أخطر قرار في وجوده..

أن يبقي الأمر سرّا بينه وبين نفسه ولن يبلغ به أحدا.

 تساءل متردّدا عن مدى صواب مثل هذا القرار .

 أليس من واجبه أن يخبر من شاركوه مسيرة عمر وعيش حياة؟ .

 عاد ليسائل نفسه من جديد، إن الهرب من الموت موت .

    نعيش في انتظار الموت، لأن الموت ينتظرنا، ليس كحدث تافه بالطبع، بل كحدث لم يحدث بعد بالتأكيد، لكنه مقرّر و مبرمج منذ الولادة أي بداية الحياة لكل واحد منا.

 إن الموت الذي يسبب لنا الرعب من بين كل الشرور، لا يعد شيئا بالنسبة لنا، لأننا طالما نحن موجودون، فإن الموت غير موجود، وعندما يوجد الموت، فإننا لا نعود موجودين. ولذلك فإن الموت لا يوجد للأحياء ولا للأموات، لأنه لا علاقة له بالأول، والأخير لم يعد موجودًا.

  يطفئ الموت ما تضيء الحياة .

  تذكّر تلك المقولة التي حفظها وهو على مقاعد الدراسة: يموت الجبناء مرّات عديدة قبل أن يأتي أجلهم، الشّجعان يذوقون الموت مرّة واحدةً.

 قليل هم، أولئك الأفراد الذين يمكنهم التفاخر بصدق بأنهم لا يخشون الموت.

 بقناعة أن الحياة بلا فائدة موت مسبق.

  لا يتعلق الأمر بالأطفال الذين ربما لا يزالون غير مدركين للطبيعة الإلزامية لحالة الموت .

 بل بالعقول التي بلغت مرحلة النضج .

  بعض حالات الانتحار تشير إلى أن الموت " ارحم" وأفضل من مواصلة البقاء في هذه الحياة، لكن تحليل مشاعر ضحايا الانتحار ليس مؤكدا على الإطلاق، ويمكن للمرء أن يتساءل عما إذا كانت كراهية الحياة ومعاناتها، من بينها، لن تكون كذلك.

 عاد ليحدّث نفسه قائلا: يجب أن تحبّ الحياة وتعرف كيف تموت.

 انطلق في حياة جديدة، كانت بمثابة ولادة ثانية له .

 تناسى مرضه، حتى الشكوى منه لم تعد لها مكانة في حديثه، استغرب كلَ من حوله هذا الانقلاب .

تجاوز الأشهر المعدودات التي أشار إليها طبيبه، بل مرّت سنوات، إلى حدّ انّه نسي ما كان يتهدّد حياته.

يخامره الشكّ أحيانا، إلى حدّ الجنون بأنه لا يزال يعيش، يتساءل لعلّه في حلم أو انتقل إلى دنيا أو حياة أخرى .

 أدرك في النهاية أن الموت قد لا يعني شيئا في حياة المرء، لكن أن يعيش مهزوما وذليلا يعني أن يموت يوميا..

لهذا يجب عليه أن يحبّ الحياة و يتعلّق بها.. والأهم

يعرف كيف يموت .

   هناك أوقات قد نشعر فيها أنها النهاية ، ثمّ نكتشف أنها بداية جديدة ..

حكاياتهم  .. عليك أن ترتب أمورك من الآن

 

يرويها: ابو بكر الصغير

  كانت آخر جملة سمعها، على لسان طبيبه.

  كان مفعولها كمن ألقى بقنبلة على جسده المنهك  .

  هو مدرك انّه ميّت لا محالة، لكن هذه المرّة عرف، متى تقريبا.

 انغمس في تفكير عميق .

 اخذ بعد ذلك ورقة وقلما .

 فكّر في الأولويات التي لا بدّمن ترتيبها، شؤون العائلة، تهيئة الأبناء نفسانيا،  والزوجة والأم والأب..

 وضع العمل، والأصدقاء..

 كشف الحسابات مع البنك وإعداد جدول تفصيلي فيها، من قروض المسكن والسيارة وبعض المنقولات الأخرى. .

 الوصية، كيف ستكون وماذا سيقول فيها؟

 توقّف لفترة، قام بعدّ الأشهر والأيام وحتى الساعات والدقائق التي بقيت من حياته ليعيشها في هذا العالم ..

 فكّر مليا، ليتّخذ أخطر قرار في وجوده..

أن يبقي الأمر سرّا بينه وبين نفسه ولن يبلغ به أحدا.

 تساءل متردّدا عن مدى صواب مثل هذا القرار .

 أليس من واجبه أن يخبر من شاركوه مسيرة عمر وعيش حياة؟ .

 عاد ليسائل نفسه من جديد، إن الهرب من الموت موت .

    نعيش في انتظار الموت، لأن الموت ينتظرنا، ليس كحدث تافه بالطبع، بل كحدث لم يحدث بعد بالتأكيد، لكنه مقرّر و مبرمج منذ الولادة أي بداية الحياة لكل واحد منا.

 إن الموت الذي يسبب لنا الرعب من بين كل الشرور، لا يعد شيئا بالنسبة لنا، لأننا طالما نحن موجودون، فإن الموت غير موجود، وعندما يوجد الموت، فإننا لا نعود موجودين. ولذلك فإن الموت لا يوجد للأحياء ولا للأموات، لأنه لا علاقة له بالأول، والأخير لم يعد موجودًا.

  يطفئ الموت ما تضيء الحياة .

  تذكّر تلك المقولة التي حفظها وهو على مقاعد الدراسة: يموت الجبناء مرّات عديدة قبل أن يأتي أجلهم، الشّجعان يذوقون الموت مرّة واحدةً.

 قليل هم، أولئك الأفراد الذين يمكنهم التفاخر بصدق بأنهم لا يخشون الموت.

 بقناعة أن الحياة بلا فائدة موت مسبق.

  لا يتعلق الأمر بالأطفال الذين ربما لا يزالون غير مدركين للطبيعة الإلزامية لحالة الموت .

 بل بالعقول التي بلغت مرحلة النضج .

  بعض حالات الانتحار تشير إلى أن الموت " ارحم" وأفضل من مواصلة البقاء في هذه الحياة، لكن تحليل مشاعر ضحايا الانتحار ليس مؤكدا على الإطلاق، ويمكن للمرء أن يتساءل عما إذا كانت كراهية الحياة ومعاناتها، من بينها، لن تكون كذلك.

 عاد ليحدّث نفسه قائلا: يجب أن تحبّ الحياة وتعرف كيف تموت.

 انطلق في حياة جديدة، كانت بمثابة ولادة ثانية له .

 تناسى مرضه، حتى الشكوى منه لم تعد لها مكانة في حديثه، استغرب كلَ من حوله هذا الانقلاب .

تجاوز الأشهر المعدودات التي أشار إليها طبيبه، بل مرّت سنوات، إلى حدّ انّه نسي ما كان يتهدّد حياته.

يخامره الشكّ أحيانا، إلى حدّ الجنون بأنه لا يزال يعيش، يتساءل لعلّه في حلم أو انتقل إلى دنيا أو حياة أخرى .

 أدرك في النهاية أن الموت قد لا يعني شيئا في حياة المرء، لكن أن يعيش مهزوما وذليلا يعني أن يموت يوميا..

لهذا يجب عليه أن يحبّ الحياة و يتعلّق بها.. والأهم

يعرف كيف يموت .

   هناك أوقات قد نشعر فيها أنها النهاية ، ثمّ نكتشف أنها بداية جديدة ..