* رئاسة الجمهورية تولي ملف المؤسسات الصغرى والمتوسطة الأهمية القصوى خلال 2024
* تحديات كبيرة تواجهها المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من غياب التمويل وصولا إلى ارتفاع أسعار مواد الخام
*الابتكار والتميز شعار المرحلة القادمة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة
تونس- الصباح
تلعب المؤسسات الصغرى والمتوسطة دورًا مهمًا في الاقتصاد التونسي، حيث تمثل حوالي 90٪ من النسيج الاقتصادي وتوفر حوالي 80٪ من فرص العمل. ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات أيضًا مجموعة من التحديات التي قد تؤثر على قدرتها على النمو والازدهار، خلال 2024، جزء واسع منها يتعلق بالحصول على تمويلات، وجزء آخر يتعلق بارتفاع أسعار مواد الخام عالميا، تزامنا مع ارتفاع تكلفة الإنتاج والشحن، بالإضافة إلى المنافسة القوية التي تشكلها بعض المؤسسات الأجنبية الكبرى الناشطة في تونس.
وتم خلال اليومين الماضيين الإعلان عن خطة كاتب دولة لدى وزيرة الاقتصاد والتخطيط مكلف بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة يشرف عليها سمير عبد الحفيظ، ضمن التعيينات الأخيرة الصادرة عن رئاسة الجمهورية التونسية، ما يمثل رسالة لأهل القطاع، بإيلاء رئاسة الجمهورية ملف تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، الأهمية القصوى خلال 2024.
وحسب ما أعلن عنه عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، خلال ملتقى حواري حول قانون المالية لسنة 2024، يتوقع أن تستمر أسعار المواد الخام والطاقة في الارتفاع في عام 2024، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج للمؤسسات الصغرى والمتوسطة. وهذا سيؤدي بدوره إلى انخفاض الأرباح وزيادة الصعوبات المالية لهذه المؤسسات.
ضعف المنافسة ونقص التمويل
كما تواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس منافسة شديدة من المؤسسات الكبرى، والتي تتمتع بمزايا من حيث رأس المال والحجم والقدرة على الوصول إلى الأسواق. وهذا يضع ضغطًا على المؤسسات الصغرى والمتوسطة لخفض الأسعار أو تحسين جودة منتجاتها وخدماتها. كما يواجه أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس صعوبة في الحصول على التمويل من المؤسسات المالية التقليدية، مثل البنوك. وهذا يرجع إلى عدة عوامل، منها ضعف الضمانات ومخاطر التمويل للمؤسسات الصغيرة.
كما تعاني المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من بعض التشريعات والإجراءات الإدارية التي تعيق عملها. على سبيل المثال، تتطلب بعض التشريعات الحصول على تراخيص وتصاريح معقدة وباهظة الثمن.
ويطالب أهل القطاع بالتدخل العاجل للدولة لتقديم المساعدة المالية لهذه الشركات والبحث عن خطط ناجعة لإنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسات التي تسببت في فقدان أكثر من 200 ألف موطن شغل منذ بداية جائحة كورونا في مارس من سنة 2020.
وأظهرت نتائج مسح سابقة شملت 248 شركة في قطاع النسيج والملابس، تحصلت "الصباح" على نسخة منه، عن تراجع نشاط بعض الشركات بفعل جائحة كوفيد-19، وتوقف 40.3٪ من الشركات عن الإنتاج، بينما استمرّ 11.3٪ في إنتاج الملابس و40.7٪ اضطروا إلى تكييف منتجاتهم عبر إنتاج لوازم الحماية المهنية، في حين قدرت كتلة الأجور غير المدفوعة بسبب أزمة جائحة كورونا لوحدها بـ 32٪.
وشملت الدراسة 248 شركة موزعة على 9 مناطق و7 قطاعات إنتاجية، واستهدفت مختلف الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة مقسمة حسب 3 أنظمة (البيع في السوق المحلي، التصدير الجزئي والتصدير الكلي)، واستنتجت الدراسة أن غالبية الشركات عرفت تراجعا لنشاطها، وأجبرت بعضها على تغيير أنشطتها، كما أظهرت الدراسة عن مشاكل تعلقت بزيادة المخزون، واختلال التدفق النقدي، ودفع الأجور، واشتراكات الضمان الاجتماعي، مبرزة أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة السابقة غير كافية ودون انتظارات مختلف الأطراف المتداخلة.
مؤسسات في حاجة ماسة إلى قروض
بدوره، أفاد مدير معهد “One To One” يوسف المدّب، في تصريح سابق لـ"الصباح"، إنّ 32 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في حاجة إلى تمويلات في شكل قروض، وجزء كبير منها لا يتم الاستجابة لطلبها، لافتا إلى أن عدد الشركات الصغرى والمتوسطة بلغ قرابة 20 ألف مؤسسة وفق آخر تحيين صادر عن المعهد الوطني للإحصاء.
وكشف المدب، أن قرابة 10% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة تديرها نساء، وتمثل تحديدا 2000 شركة، وقرابة 50% من الشركات تديرها نساء اقل من 48 سنة، في حين لدى الرجال تنزل النسبة إلى 30%، و82٪ من الشركات مسيرة من قبل نساء حاملات للشهادات العليا، وبالنسبة للرجل تنخفض النسبة إلى 63%.
وأشار المدب في معرض حديثه، إلى ارتفاع نسبة الشركات الصغرى والمتوسطة التي هي في حاجة إلى تمويلات عاجلة، وكانت النسبة في العام الفارط في حدود 15%، بينما ارتفعت اليوم إلى 32٪، وذلك نتيجة لآثار تداعيات جائحة كورونا والحرب شرق أوروبا، وأدى ذلك إلى ظهور مشكلة السيولة لدى هذه الشركات، وهناك 34% من المؤسسات طلبوا قروضا للاستثمار، مشيرا إلى نسبة القبول من البنوك لملفات الشركات التي هي في حاجة إلى قروض، لإعادة تموقعها في الأسواق كانت النسبة في حدود 50%.
ولفت المدب إلى أن 34% من الشركات أقرت بارتفاع رقم معاملاتها، وكانت النسبة في حدود 15٪ العام الماضي، في حين أن المعدل المطمئن قبل تداعيات جائحة كورونا، كان في حدود 60%، في المقابل أقرت 50% من الشركات الصغرى والمتوسطة بتسجيل أرباح جيدة خلال العام الماضي.
خطة طارئة لإنعاش القطاع
كما كشفت الدراسة عن فرص لدفع التآزر بين الشركات، وإدارة المخاطر بأكثر كفاءة، وتطوير الرقمنة، والترويج للمنتوجات التونسية، معتمدة على خطة الإنعاش تتضمن 5 محاور إستراتيجية، على رأسها حل مشاكل السيولة، والحرص على إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتعزيز الموارد الداخلية عبر الرقمنة والتكوين، وتنمية الانسجام بين المؤسسات، وتعزيز إنتاجية المؤسسات على المستوى المحلي خاصة وأنها تواجه مشكلة التجارة الموازية، بالإضافة إلى العمل على تعزيز إدماج القطاع القيمة المضافة وطاقة التصدير بما يحسّن صورة تونس في الخارج.
وكشف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشير بوجدي، في تصريح سابق لـ"الصباح"، عن إغلاق قرابة 30٪ بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة منذ بداية جائحة كوفيد-19 و 25 ٪ على وشك الإفلاس، في حين تصارع البقية من أجل الاستمرار، ملمحا إلى أنه خلال السنوات القادمة، سترتفع نسبة المؤسسات التي ستغلق نهائيا إلى نحو 60 ٪ في حال لم تبادر الحكومة إلى وضع خطة طارئة لإنقاذ ما تبقى من المؤسسات الصناعية والتجارية.
كما حذرت منظمة الأعراف في وقت سابق، من خسارة المئات من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مع موفى السنة الحالية، والتي أصبحت غير قادرة على سداد ديونها الخارجية والبنكية، ووصل العجز حد عدم قدرة بعض المؤسسات على خلاص فواتيرها من استهلاك الكهرباء، مؤكدين انه رغم تطمينات الحكومة وتصريحات المسؤولين، فإن منظمة الأعراف لا تلمس أي إجراءات عملية على أرض الواقع لإنقاذ المؤسسات من الإفلاس بالإضافة إلى مواطن شغل الآلاف.
وحسب معطيات صادرة عن المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، فإن القطاع الخاص خسر مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال جائحة كورونا، كما خسر إلى حد اليوم 200 ألف موطن شغل، وسجلت جميع المؤسسات الصناعية والتجارية تراجعا في رقم معاملاتها ولم تعد قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، علما وان كلفة الأجور البالغة في جل المؤسسات أكثر من 20٪ واحتياجاتها المقدرة بأكثر من 25٪ يقابله رقم معاملات لا يتجاوز10٪، هذا دون احتساب نسبة 20٪ التزاماتها بدفع الآداءات.
ويذكر أن الأزمة الاقتصادية والصحية العالمية كانت قد تسببت بصعوبات للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، أدت إلى إشكاليات مالية وهيكلية عدة إلى درجة أن البعض منها اضمحل. فقد أدى انتشار الوباء إلى تأزم وضعية هذه المؤسسات حتى أن العديد منها اضطرَّ إلى التوقف عن النشاط في حين لم تتمكن بعض المؤسسات الأخرى من النمو وتحقيق القيمة المضافة المنشودة رغم أنها تعمل منذ عدة سنوات.
وتشترك الوكالة الألمانية للتعاون الدولي "GIZ" ومنظمة العمل الدولية في نفس الرؤية لاسيما فيما يتعلق بأهمية تحسين قدرة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية على مجابهة الأزمات حتى تتمكن هذه المؤسسات من المساهمة بدورها في التنمية الاقتصادية للبلاد، ارتأى الطرفان أنه من الضروري توحيد جهودهما للعمل على مساندتها.
واستنادا إلى هذه الرؤية المشتركة تم إطلاق برنامج تحت عنوان "دعم إدارة الأزمات للشركات الصغرى والمتوسطة" بالتعاون بين مشروع "النمو النوعي للتشغيل" التابع للوكالة الألمانية للتعاون الدولي وبرنامج "SCORE" التابع لمنظمة العمل الدولية حيث يتفق البرنامجان على هدف مشترك وهو تحسين قدرة المؤسسات التونسية الصغرى والمتوسطة على الصمود في مواجهة الأزمات.
وقد تجسّدت هذه الشراكة من خلال إمضاء اتفاقية تعاون تهدف إلى تدعيم القدرات والمرافقة الفنيّة لفائدة مائة (100) مؤسسة وشركة تونسية صغرى ومتوسطة.
تحديات منتظرة خلال 2024
ولمواجهة العديد من التحديات خلال 2024، تحتاج المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، منها التركيز على الابتكار، حيث يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة التغلب على المنافسة من خلال التركيز على الابتكار والتميز في منتجاتها وخدماتها، وتطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، كما يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة تحسين فرصها في النمو من خلال تطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، مثل توفير المواد الخام أو الخدمات لها، والاستفادة من التمويل غير التقليدي، مثل التمويل الجماعي، لتوفير التمويل الذي تحتاجه. كما يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الضغط على الحكومة لتحسين التشريعات والإجراءات الإدارية التي تعيق عملها.
وإذا تمكنت المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من مواجهة هذه التحديات، فإنها ستظل تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد التونسي وتوفر فرص عمل للشباب والنساء.
سفيان المهداوي
* رئاسة الجمهورية تولي ملف المؤسسات الصغرى والمتوسطة الأهمية القصوى خلال 2024
* تحديات كبيرة تواجهها المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من غياب التمويل وصولا إلى ارتفاع أسعار مواد الخام
*الابتكار والتميز شعار المرحلة القادمة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة
تونس- الصباح
تلعب المؤسسات الصغرى والمتوسطة دورًا مهمًا في الاقتصاد التونسي، حيث تمثل حوالي 90٪ من النسيج الاقتصادي وتوفر حوالي 80٪ من فرص العمل. ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات أيضًا مجموعة من التحديات التي قد تؤثر على قدرتها على النمو والازدهار، خلال 2024، جزء واسع منها يتعلق بالحصول على تمويلات، وجزء آخر يتعلق بارتفاع أسعار مواد الخام عالميا، تزامنا مع ارتفاع تكلفة الإنتاج والشحن، بالإضافة إلى المنافسة القوية التي تشكلها بعض المؤسسات الأجنبية الكبرى الناشطة في تونس.
وتم خلال اليومين الماضيين الإعلان عن خطة كاتب دولة لدى وزيرة الاقتصاد والتخطيط مكلف بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة يشرف عليها سمير عبد الحفيظ، ضمن التعيينات الأخيرة الصادرة عن رئاسة الجمهورية التونسية، ما يمثل رسالة لأهل القطاع، بإيلاء رئاسة الجمهورية ملف تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، الأهمية القصوى خلال 2024.
وحسب ما أعلن عنه عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، خلال ملتقى حواري حول قانون المالية لسنة 2024، يتوقع أن تستمر أسعار المواد الخام والطاقة في الارتفاع في عام 2024، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج للمؤسسات الصغرى والمتوسطة. وهذا سيؤدي بدوره إلى انخفاض الأرباح وزيادة الصعوبات المالية لهذه المؤسسات.
ضعف المنافسة ونقص التمويل
كما تواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس منافسة شديدة من المؤسسات الكبرى، والتي تتمتع بمزايا من حيث رأس المال والحجم والقدرة على الوصول إلى الأسواق. وهذا يضع ضغطًا على المؤسسات الصغرى والمتوسطة لخفض الأسعار أو تحسين جودة منتجاتها وخدماتها. كما يواجه أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس صعوبة في الحصول على التمويل من المؤسسات المالية التقليدية، مثل البنوك. وهذا يرجع إلى عدة عوامل، منها ضعف الضمانات ومخاطر التمويل للمؤسسات الصغيرة.
كما تعاني المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من بعض التشريعات والإجراءات الإدارية التي تعيق عملها. على سبيل المثال، تتطلب بعض التشريعات الحصول على تراخيص وتصاريح معقدة وباهظة الثمن.
ويطالب أهل القطاع بالتدخل العاجل للدولة لتقديم المساعدة المالية لهذه الشركات والبحث عن خطط ناجعة لإنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسات التي تسببت في فقدان أكثر من 200 ألف موطن شغل منذ بداية جائحة كورونا في مارس من سنة 2020.
وأظهرت نتائج مسح سابقة شملت 248 شركة في قطاع النسيج والملابس، تحصلت "الصباح" على نسخة منه، عن تراجع نشاط بعض الشركات بفعل جائحة كوفيد-19، وتوقف 40.3٪ من الشركات عن الإنتاج، بينما استمرّ 11.3٪ في إنتاج الملابس و40.7٪ اضطروا إلى تكييف منتجاتهم عبر إنتاج لوازم الحماية المهنية، في حين قدرت كتلة الأجور غير المدفوعة بسبب أزمة جائحة كورونا لوحدها بـ 32٪.
وشملت الدراسة 248 شركة موزعة على 9 مناطق و7 قطاعات إنتاجية، واستهدفت مختلف الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة مقسمة حسب 3 أنظمة (البيع في السوق المحلي، التصدير الجزئي والتصدير الكلي)، واستنتجت الدراسة أن غالبية الشركات عرفت تراجعا لنشاطها، وأجبرت بعضها على تغيير أنشطتها، كما أظهرت الدراسة عن مشاكل تعلقت بزيادة المخزون، واختلال التدفق النقدي، ودفع الأجور، واشتراكات الضمان الاجتماعي، مبرزة أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة السابقة غير كافية ودون انتظارات مختلف الأطراف المتداخلة.
مؤسسات في حاجة ماسة إلى قروض
بدوره، أفاد مدير معهد “One To One” يوسف المدّب، في تصريح سابق لـ"الصباح"، إنّ 32 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في حاجة إلى تمويلات في شكل قروض، وجزء كبير منها لا يتم الاستجابة لطلبها، لافتا إلى أن عدد الشركات الصغرى والمتوسطة بلغ قرابة 20 ألف مؤسسة وفق آخر تحيين صادر عن المعهد الوطني للإحصاء.
وكشف المدب، أن قرابة 10% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة تديرها نساء، وتمثل تحديدا 2000 شركة، وقرابة 50% من الشركات تديرها نساء اقل من 48 سنة، في حين لدى الرجال تنزل النسبة إلى 30%، و82٪ من الشركات مسيرة من قبل نساء حاملات للشهادات العليا، وبالنسبة للرجل تنخفض النسبة إلى 63%.
وأشار المدب في معرض حديثه، إلى ارتفاع نسبة الشركات الصغرى والمتوسطة التي هي في حاجة إلى تمويلات عاجلة، وكانت النسبة في العام الفارط في حدود 15%، بينما ارتفعت اليوم إلى 32٪، وذلك نتيجة لآثار تداعيات جائحة كورونا والحرب شرق أوروبا، وأدى ذلك إلى ظهور مشكلة السيولة لدى هذه الشركات، وهناك 34% من المؤسسات طلبوا قروضا للاستثمار، مشيرا إلى نسبة القبول من البنوك لملفات الشركات التي هي في حاجة إلى قروض، لإعادة تموقعها في الأسواق كانت النسبة في حدود 50%.
ولفت المدب إلى أن 34% من الشركات أقرت بارتفاع رقم معاملاتها، وكانت النسبة في حدود 15٪ العام الماضي، في حين أن المعدل المطمئن قبل تداعيات جائحة كورونا، كان في حدود 60%، في المقابل أقرت 50% من الشركات الصغرى والمتوسطة بتسجيل أرباح جيدة خلال العام الماضي.
خطة طارئة لإنعاش القطاع
كما كشفت الدراسة عن فرص لدفع التآزر بين الشركات، وإدارة المخاطر بأكثر كفاءة، وتطوير الرقمنة، والترويج للمنتوجات التونسية، معتمدة على خطة الإنعاش تتضمن 5 محاور إستراتيجية، على رأسها حل مشاكل السيولة، والحرص على إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتعزيز الموارد الداخلية عبر الرقمنة والتكوين، وتنمية الانسجام بين المؤسسات، وتعزيز إنتاجية المؤسسات على المستوى المحلي خاصة وأنها تواجه مشكلة التجارة الموازية، بالإضافة إلى العمل على تعزيز إدماج القطاع القيمة المضافة وطاقة التصدير بما يحسّن صورة تونس في الخارج.
وكشف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشير بوجدي، في تصريح سابق لـ"الصباح"، عن إغلاق قرابة 30٪ بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة منذ بداية جائحة كوفيد-19 و 25 ٪ على وشك الإفلاس، في حين تصارع البقية من أجل الاستمرار، ملمحا إلى أنه خلال السنوات القادمة، سترتفع نسبة المؤسسات التي ستغلق نهائيا إلى نحو 60 ٪ في حال لم تبادر الحكومة إلى وضع خطة طارئة لإنقاذ ما تبقى من المؤسسات الصناعية والتجارية.
كما حذرت منظمة الأعراف في وقت سابق، من خسارة المئات من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مع موفى السنة الحالية، والتي أصبحت غير قادرة على سداد ديونها الخارجية والبنكية، ووصل العجز حد عدم قدرة بعض المؤسسات على خلاص فواتيرها من استهلاك الكهرباء، مؤكدين انه رغم تطمينات الحكومة وتصريحات المسؤولين، فإن منظمة الأعراف لا تلمس أي إجراءات عملية على أرض الواقع لإنقاذ المؤسسات من الإفلاس بالإضافة إلى مواطن شغل الآلاف.
وحسب معطيات صادرة عن المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، فإن القطاع الخاص خسر مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال جائحة كورونا، كما خسر إلى حد اليوم 200 ألف موطن شغل، وسجلت جميع المؤسسات الصناعية والتجارية تراجعا في رقم معاملاتها ولم تعد قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، علما وان كلفة الأجور البالغة في جل المؤسسات أكثر من 20٪ واحتياجاتها المقدرة بأكثر من 25٪ يقابله رقم معاملات لا يتجاوز10٪، هذا دون احتساب نسبة 20٪ التزاماتها بدفع الآداءات.
ويذكر أن الأزمة الاقتصادية والصحية العالمية كانت قد تسببت بصعوبات للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، أدت إلى إشكاليات مالية وهيكلية عدة إلى درجة أن البعض منها اضمحل. فقد أدى انتشار الوباء إلى تأزم وضعية هذه المؤسسات حتى أن العديد منها اضطرَّ إلى التوقف عن النشاط في حين لم تتمكن بعض المؤسسات الأخرى من النمو وتحقيق القيمة المضافة المنشودة رغم أنها تعمل منذ عدة سنوات.
وتشترك الوكالة الألمانية للتعاون الدولي "GIZ" ومنظمة العمل الدولية في نفس الرؤية لاسيما فيما يتعلق بأهمية تحسين قدرة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية على مجابهة الأزمات حتى تتمكن هذه المؤسسات من المساهمة بدورها في التنمية الاقتصادية للبلاد، ارتأى الطرفان أنه من الضروري توحيد جهودهما للعمل على مساندتها.
واستنادا إلى هذه الرؤية المشتركة تم إطلاق برنامج تحت عنوان "دعم إدارة الأزمات للشركات الصغرى والمتوسطة" بالتعاون بين مشروع "النمو النوعي للتشغيل" التابع للوكالة الألمانية للتعاون الدولي وبرنامج "SCORE" التابع لمنظمة العمل الدولية حيث يتفق البرنامجان على هدف مشترك وهو تحسين قدرة المؤسسات التونسية الصغرى والمتوسطة على الصمود في مواجهة الأزمات.
وقد تجسّدت هذه الشراكة من خلال إمضاء اتفاقية تعاون تهدف إلى تدعيم القدرات والمرافقة الفنيّة لفائدة مائة (100) مؤسسة وشركة تونسية صغرى ومتوسطة.
تحديات منتظرة خلال 2024
ولمواجهة العديد من التحديات خلال 2024، تحتاج المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، منها التركيز على الابتكار، حيث يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة التغلب على المنافسة من خلال التركيز على الابتكار والتميز في منتجاتها وخدماتها، وتطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، كما يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة تحسين فرصها في النمو من خلال تطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، مثل توفير المواد الخام أو الخدمات لها، والاستفادة من التمويل غير التقليدي، مثل التمويل الجماعي، لتوفير التمويل الذي تحتاجه. كما يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الضغط على الحكومة لتحسين التشريعات والإجراءات الإدارية التي تعيق عملها.
وإذا تمكنت المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من مواجهة هذه التحديات، فإنها ستظل تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد التونسي وتوفر فرص عمل للشباب والنساء.