تسير التركيبة السكانية للتونسيين شيئا فشيئا نحو التهرم السكاني، هذا ما ترجمته الأرقام الرسمية إذ انه في سنة 2018 بلغ نسبة كبار السن 13 بالمائة وسترتفع هذه النسبة مع حلول سنة 2029 لتبلغ 17 بالمائة، و20 بالمائة خلال 2036.
كما يشهد المجتمع التونسي تحوّلات في سياسة الإنجاب تتجلى في تقلص عدد الأطفال بعد أكثر من 60 سنة من تنفيذ سياسة تحديد النسل، إذ أصبح الأزواج الشبان أكثر اقتناعا بإنجاب طفل واحد أو طفلين على الأكثر، رغبة في توفير ظروف حياة أفضل لأبنائهم.
تراجع المؤشرات الديموغرافية في تونس بحسب الخبراء سيكون له تأثير على الصناديق الاجتماعية، مع العلم أن الأرقام الرسمية خلال 2022 تفيد بان 2.9 نشيط في القطاع العمومي يمول كل منتفع بجراية تقاعد وفي هذه الوضعية إذا تواصل هذا التراجع فسيكون له تأثير على منظومة الضمان الاجتماعي.
وتفيد الإحصائيات بأن نسبة الخصوبة انخفضت بشكل متواصل خلال السنوات الأخيرة، وصولا إلى 1.8 طفل في سنة 2021، مقارنة بـ2.4 طفل في سنة 2013، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.
وتشير الأرقام إلى أن 10 في المائة من التونسيين تتجاوز أعمارهم 60 سنة، وستشهد هذه النسبة ارتفاعا بعد 10 أو 20 سنة لتتجاوز 20 في المائة.
ويوجد حاليا في القطاع العمومي 2.9 في المائة من المنخرطين النشيطين المنتفعين بجراية التقاعد.
معضلة القطاع غير المهيكل ..
وسبق أن كشف المعهد الوطني للإحصاء أن المجتمع التونسي تهرم وأصبح عدد الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما، أكثر من 800 ألف وأن العدد مرشح لبلوغ حوالي المليونين بعد 20 عاما.
من جانبه أشار أستاذ الديموغرافيا والعلوم الاجتماعية بالجامعة التونسية حسان القصار أن تونس كان لها خلال الاستقلال هيكلة ديموغرافية شابة ونسبة المسنين لم تتجاوز 3 بالمائة والآن اختلف الأمر حيث بدأنا نشهد ارتفاعا في نسبة المسنين بشكل واضح والتي قد تصبح في 2031 في حدود 18.2 بالمائة و22.6 خلال سنة 2041 وهذا طبيعي جدا نظرا لتحسن أمل الحياة وستكون هيكلة كبار السن متكونة أساسا من الإناث لأن أمل الحياة لدى الإناث يفوق أمل الحياة عند الذكور.
وأكد القصار لـ"الصباح" أن هذه التحولات الديموغرافية ستؤدي إلى تقلص الفئة الناشطة التي بلغت أقصاها خلال العشرية الماضية لتصل إلى 64 بالمائة وستشهد مع حلول 2031 تراجعا لتصل إلى 58.7 بالمائة وسيكون لها تأثير على نسبة المساهمة في التقاعد والمشكل الأخطر تتمثل في ارتفاع نسبة النشيطين في القطاع غير المهيكل والذين لا يساهمون في صناديق الضمان الاجتماعي والذي تصل نسبتهم الى 55 بالمائة ومن الضروري إعادة إدماجهم في القطاع المنظم وإلا ستحصل إشكاليات على مستوى تمويل الصناديق الاجتماعية وتعويض النقص في الموارد المالية.
وفي نفس السياق أفاد أستاذ الديموغرافيا والعلوم الاجتماعية انه في كل الحالات سيأتي يوم تكون فيه الدولة مجبرة على دعم الصناديق الاجتماعية لأنها تعهدت بدفع أجور المتقاعدين.
وفي هذا السياق قال الأستاذ الجامعي المختص في قانون الشغل حافظ العموري إن تونس تشهد تهرما سكانيا سريعا بسبب ارتفاع مؤمل الحياة الراجع للتوعية الصحية وللتطور الطبي عموما وتحسن ظروف العمل وغيرها من العوامل ولكن معايير التهرم تغيرت في العالم فعديد البلدان أصبحت تعتمد تقسيما جديدا للتهرم السكاني فلا يدخل في خانة المسن إلا من تجاوز 70 سنة وفي بعض البلدان 75 سنة والشيخ من تجاوز 80 سنة .
وأضاف العموري لـ"الصباح" أن التهرم يقاس أيضا في علاقة بنسبة الولادات التي تقلصت كثيرا لعدة أسباب أهمها التطور الاجتماعي والثقافي وارتفاع كلفة تربية الطفل وارتفاع نسبة عمل المرأة، أما التهرم السكاني بمفهوم الضمان الاجتماعي فيتمثل في التركيبة العمرية للمنخرطين المباشرين في صناديق الضمان الاجتماعي و المتمتعين بجراية بما فيهم القرين.
التأثير المالي للتهرم على الضمان الاجتماعي
واعتبر الأستاذ الجامعي المختص في قانون الشغل "انه خلافا لما يعتقد البعض نرى أن ما يؤثر على موازنات الضمان الاجتماعي هو مؤمل الحياة عند الإحالة على التقاعد وليس عند الولادة سواء في النظام العام في القطاع الخاص CNSS في سن 60 سنة أو في سن 62 سنة بالنسبة للقطاع العمومي CNRPS والذي وصل إلى معدل 19 سنة وصرف الجراية طيلة هذه المدة وهو مؤشر ايجابي بمفهوم التنمية البشرية في المعايير الدولية ولكنه مكلف للضمان الاجتماعي.
وحسب محدثنا فان المعادلة المعتمدة لقياس التأثير المالي للتهرم على الضمان الاجتماعي هي نسبة المنخرطين المباشرين على نسبة المتمتعين بجرايات وهي ضعيفة وتؤثر سلبا على الموازنات المالية للضمان الاجتماعي ولكن هذه النسبة ليست راجعة فقط للتهرم السكاني باعتبار انه ليس كل من بلغ 60 سنة يتمتع بجراية نتيجة للتهرب من الانخراط ودفع المساهمات وغياب ثقافة الضمان الاجتماعي، كما أنه ليس كل المباشرين لعمل منخرطين، فحسب التقديرات يشغل الاقتصاد غير المنظم حوالي مليون شخص جلهم غير منخرطين في الضمان الاجتماعي بالرغم من الشمولية القانونية لكل العاملين كما أن ضعف مبالغ الجرايات في القطاع الخاص يقلص من أهمية تأثير التهرم السكاني على الموازين المالية لصندوقي cnss و cnrps ولكن يرفعها بالنسبة لصندوق التامين على المرض cnam نظرا للكلفة المرتفعة للإحاطة الطبية بالمس.
وأكد العموري أن التأثير السلبي للتهرم السكاني على التوازنات المالية للضمان الاجتماعي يتعمق بنسبة التمتع بالتقاعد المبكر للأسباب الاقتصادية المرتفعة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي ساهمت في اختلال المعادلة لقياس تأثير التهرم على تطور الوضعية المالية للضمان الاجتماعي.
واعتبر العموري أن خسارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جراء هذا التقاعد المبكر مضاعفة حيث يصرف الجرايات قبل اجلها القانوني ويحرم من المساهمات التي من المفروض دفعها لو تواصل العمل إلى تاريخ السن القانوني، كما أن هذه المعادلة المذكورة تتأثر بارتفاع نسبة البطالة وخاصة طويلة الأمد وهو ما يفسر أيضا الاندماج في سوق الشغل في سن متأخرة وبالتالي دفع مساهمات في الضمان الاجتماعي لمدة قصيرة.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
تسير التركيبة السكانية للتونسيين شيئا فشيئا نحو التهرم السكاني، هذا ما ترجمته الأرقام الرسمية إذ انه في سنة 2018 بلغ نسبة كبار السن 13 بالمائة وسترتفع هذه النسبة مع حلول سنة 2029 لتبلغ 17 بالمائة، و20 بالمائة خلال 2036.
كما يشهد المجتمع التونسي تحوّلات في سياسة الإنجاب تتجلى في تقلص عدد الأطفال بعد أكثر من 60 سنة من تنفيذ سياسة تحديد النسل، إذ أصبح الأزواج الشبان أكثر اقتناعا بإنجاب طفل واحد أو طفلين على الأكثر، رغبة في توفير ظروف حياة أفضل لأبنائهم.
تراجع المؤشرات الديموغرافية في تونس بحسب الخبراء سيكون له تأثير على الصناديق الاجتماعية، مع العلم أن الأرقام الرسمية خلال 2022 تفيد بان 2.9 نشيط في القطاع العمومي يمول كل منتفع بجراية تقاعد وفي هذه الوضعية إذا تواصل هذا التراجع فسيكون له تأثير على منظومة الضمان الاجتماعي.
وتفيد الإحصائيات بأن نسبة الخصوبة انخفضت بشكل متواصل خلال السنوات الأخيرة، وصولا إلى 1.8 طفل في سنة 2021، مقارنة بـ2.4 طفل في سنة 2013، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.
وتشير الأرقام إلى أن 10 في المائة من التونسيين تتجاوز أعمارهم 60 سنة، وستشهد هذه النسبة ارتفاعا بعد 10 أو 20 سنة لتتجاوز 20 في المائة.
ويوجد حاليا في القطاع العمومي 2.9 في المائة من المنخرطين النشيطين المنتفعين بجراية التقاعد.
معضلة القطاع غير المهيكل ..
وسبق أن كشف المعهد الوطني للإحصاء أن المجتمع التونسي تهرم وأصبح عدد الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما، أكثر من 800 ألف وأن العدد مرشح لبلوغ حوالي المليونين بعد 20 عاما.
من جانبه أشار أستاذ الديموغرافيا والعلوم الاجتماعية بالجامعة التونسية حسان القصار أن تونس كان لها خلال الاستقلال هيكلة ديموغرافية شابة ونسبة المسنين لم تتجاوز 3 بالمائة والآن اختلف الأمر حيث بدأنا نشهد ارتفاعا في نسبة المسنين بشكل واضح والتي قد تصبح في 2031 في حدود 18.2 بالمائة و22.6 خلال سنة 2041 وهذا طبيعي جدا نظرا لتحسن أمل الحياة وستكون هيكلة كبار السن متكونة أساسا من الإناث لأن أمل الحياة لدى الإناث يفوق أمل الحياة عند الذكور.
وأكد القصار لـ"الصباح" أن هذه التحولات الديموغرافية ستؤدي إلى تقلص الفئة الناشطة التي بلغت أقصاها خلال العشرية الماضية لتصل إلى 64 بالمائة وستشهد مع حلول 2031 تراجعا لتصل إلى 58.7 بالمائة وسيكون لها تأثير على نسبة المساهمة في التقاعد والمشكل الأخطر تتمثل في ارتفاع نسبة النشيطين في القطاع غير المهيكل والذين لا يساهمون في صناديق الضمان الاجتماعي والذي تصل نسبتهم الى 55 بالمائة ومن الضروري إعادة إدماجهم في القطاع المنظم وإلا ستحصل إشكاليات على مستوى تمويل الصناديق الاجتماعية وتعويض النقص في الموارد المالية.
وفي نفس السياق أفاد أستاذ الديموغرافيا والعلوم الاجتماعية انه في كل الحالات سيأتي يوم تكون فيه الدولة مجبرة على دعم الصناديق الاجتماعية لأنها تعهدت بدفع أجور المتقاعدين.
وفي هذا السياق قال الأستاذ الجامعي المختص في قانون الشغل حافظ العموري إن تونس تشهد تهرما سكانيا سريعا بسبب ارتفاع مؤمل الحياة الراجع للتوعية الصحية وللتطور الطبي عموما وتحسن ظروف العمل وغيرها من العوامل ولكن معايير التهرم تغيرت في العالم فعديد البلدان أصبحت تعتمد تقسيما جديدا للتهرم السكاني فلا يدخل في خانة المسن إلا من تجاوز 70 سنة وفي بعض البلدان 75 سنة والشيخ من تجاوز 80 سنة .
وأضاف العموري لـ"الصباح" أن التهرم يقاس أيضا في علاقة بنسبة الولادات التي تقلصت كثيرا لعدة أسباب أهمها التطور الاجتماعي والثقافي وارتفاع كلفة تربية الطفل وارتفاع نسبة عمل المرأة، أما التهرم السكاني بمفهوم الضمان الاجتماعي فيتمثل في التركيبة العمرية للمنخرطين المباشرين في صناديق الضمان الاجتماعي و المتمتعين بجراية بما فيهم القرين.
التأثير المالي للتهرم على الضمان الاجتماعي
واعتبر الأستاذ الجامعي المختص في قانون الشغل "انه خلافا لما يعتقد البعض نرى أن ما يؤثر على موازنات الضمان الاجتماعي هو مؤمل الحياة عند الإحالة على التقاعد وليس عند الولادة سواء في النظام العام في القطاع الخاص CNSS في سن 60 سنة أو في سن 62 سنة بالنسبة للقطاع العمومي CNRPS والذي وصل إلى معدل 19 سنة وصرف الجراية طيلة هذه المدة وهو مؤشر ايجابي بمفهوم التنمية البشرية في المعايير الدولية ولكنه مكلف للضمان الاجتماعي.
وحسب محدثنا فان المعادلة المعتمدة لقياس التأثير المالي للتهرم على الضمان الاجتماعي هي نسبة المنخرطين المباشرين على نسبة المتمتعين بجرايات وهي ضعيفة وتؤثر سلبا على الموازنات المالية للضمان الاجتماعي ولكن هذه النسبة ليست راجعة فقط للتهرم السكاني باعتبار انه ليس كل من بلغ 60 سنة يتمتع بجراية نتيجة للتهرب من الانخراط ودفع المساهمات وغياب ثقافة الضمان الاجتماعي، كما أنه ليس كل المباشرين لعمل منخرطين، فحسب التقديرات يشغل الاقتصاد غير المنظم حوالي مليون شخص جلهم غير منخرطين في الضمان الاجتماعي بالرغم من الشمولية القانونية لكل العاملين كما أن ضعف مبالغ الجرايات في القطاع الخاص يقلص من أهمية تأثير التهرم السكاني على الموازين المالية لصندوقي cnss و cnrps ولكن يرفعها بالنسبة لصندوق التامين على المرض cnam نظرا للكلفة المرتفعة للإحاطة الطبية بالمس.
وأكد العموري أن التأثير السلبي للتهرم السكاني على التوازنات المالية للضمان الاجتماعي يتعمق بنسبة التمتع بالتقاعد المبكر للأسباب الاقتصادية المرتفعة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي ساهمت في اختلال المعادلة لقياس تأثير التهرم على تطور الوضعية المالية للضمان الاجتماعي.
واعتبر العموري أن خسارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جراء هذا التقاعد المبكر مضاعفة حيث يصرف الجرايات قبل اجلها القانوني ويحرم من المساهمات التي من المفروض دفعها لو تواصل العمل إلى تاريخ السن القانوني، كما أن هذه المعادلة المذكورة تتأثر بارتفاع نسبة البطالة وخاصة طويلة الأمد وهو ما يفسر أيضا الاندماج في سوق الشغل في سن متأخرة وبالتالي دفع مساهمات في الضمان الاجتماعي لمدة قصيرة.