حوالي14 شركة أهلية تأسست في ولاية قفصة إلى حد الآن، ووفق المدير الجهوي للتنمية عادل ظاهري فإنه "على الرغم من تنامي عدد هذا الصنف من الشركات، إلاّ أنّه وبعد مضيّ ما يناهز العام من تاريخ تأسيس أول شركة بالجهة، فإنّ أيّا منها لم تبدأ بعد في النشاط الفعلي، بسبب إشكاليات التمويل والإجراءات الإدارية وعدم استكمال الدراسات الخاصة بها وكذلك عدم صدور النصوص الترتيبية لبعض القطاعات مثل استغلال الأراضي الاشتراكية والأراضي الدولية".
تعد هذه الشركات الأهلية في ولاية قفصة نموذجا حول التحديات والإشكاليات التي تواجهها بقية الشركات المماثلة المحدثة في عديد الولايات. وفي كل مناسبة يتطرق رئيس الجمهورية بشكل مباشر أو غير مباشر لهذه العراقيل.
عادة ما يتهم رئيس الجمهورية قيس سعيد أطرافا صلب الإدارات ومؤسسات التمويل والبنوك بعرقلة هذا المشروع الذي يعد من العناوين الكبرى لمشروع الرئيس ومسار25 جويلية إلى جانب موضوع الصلح الجزائي المرتبط بالشركات الأهلية لاسيما وأن جزءا من خطوط التمويلات المرصودة لتمويل هذه الشركات صلب الميزانية سيكون من عائدات الصلح الجزائي.
في المقابل يواصل معارضو الرئيس التشكيك في جدوى مشاريع 25 جويلية ومن بينها موضوع الشركات الأهلية مستندين إلى العراقيل التي تواجهها اليوم لتأكيد مشروعية انتقاداتهم للترويج لفكرة الشركات الأهلية كحل للتنمية وتوفير مواطن الشغل في البلاد.
اتهامات الرئيس
مؤخرا خلال استقباله بقصر قرطاج، أحمد الحشاني رئيس الحكومة أكد رئيس الجمهورية على أن "الفساد ليس فقط في الإثراء غير المشروع ولكن أيضا ينسحب على من يعطل عن قصد أي مشروع أو لا يخدم منظوري الإدارة وهو في حالة سلطة مقيدة. فحين تتوفر الشروط القانونية لطالب الخدمة على المسؤول أن لا يتأخر على تقديمها أو يعمل عن قصد على تأجيلها".
ومنذ حوالي شهر تقريبا في ديسمبر الفارط قال رئيس الجمهورية "هناك أشخاص في الإدارة لا يقومون بعملهم، وآخرون من الإدارة، ومن المسؤولين على أراض تعود ملكيتها إلى الدولة، يعطّلون الشركات الأهلية".
وتحدث رئيس الدولة، على هامش إشرافه على موكب إحياء الذكرى 71 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد، بضريح الشهيد بالقصبة بالعاصمة، عن ملف استيلاء شخص على أرض تمسح 900 هكتار بجهة الجريد التابعة لولاية توزر، مشيرا إلى أن استثمار الأراضي في الشركات الأهلية يوفر حلولا لخلق الثروة ضمن تصوّر وطني كامل.
وأضاف رئيس الدولة أن نمط الشركات الأهلية "ليس جديدا في تونس بل انطلق بتطبيق من رائد الحركة العمالية والوطنية، محمد علي الحامي الذي أسّس جمعية التعاون الاقتصاد التونسي ووضع لها قانونا أساسيا بقاعة الخلدونية ..
في مناسبة أخرى،في "فيديو" نشرته الرئاسة على هامش زيارة أداها الرئيس إلى ضيعة برج التومي بمعتمدية البطان التابعة لولاية منوبة للإشراف على تأسيس شركة أهلية، قال الرئيس إنه ”تم تقديم مطالب عديدة لإنشاء شركات أهلية وتم تعطيلها..، هناك إجراءات وضعت لتعطيل إنشاء هذه الشركات …هناك تعطيلات متعمدة “.
وفي 13 جوان الفارط من قفصة، تحدث الرئيس حينها عن إشكاليات هذه الشركات وعجزها عن "عبور الأروقة الصماء للبنوك التي تتجنب قدر الإمكان تمويلها".
عقبة التمويل
وإثر كل تصريح من رئيس الجمهورية تسارع الإدارات المعنية إلى الاشتغال على ملف الشركات الأهلية وقد التأم في وقت سابق لقاء حول آليات تفعيلها وطرق تذليل الصعوبات التي تواجهها، جمع وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، بوزيري الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عبد المنعم بالعاتي، وأملاك الدولة والشؤون العقارية، محمد الرقيق، ورئيس ديوان وزير التشغيل والتكوين المهني عبد القادر الجمالي. وبحضور المدير العام للبنك التونسي للتضامن، خليفة السبوعي، وممثل عن وزارة الاقتصاد والتخطيط.
وتشير آخر معطيات البنك التونسي للتضامن إلى أنه انطلق في تمويل الدفعات الأولى من الشركات الأهلية "إذ تولى في سنة 2023 المصادقة على تمويل 15 شركة أهلية بكلفة استثمارات تناهز 4 مليون دينار، وذلك في إطار تنفيذ برنامج تمويل الشركات وبالتنسيق مع وزارات المالية والشؤون الاجتماعية والتشغيل والتكوين المهني" .
وقد تم "توزيع دفعة أولى من هذه المصادقات في أواخر سنة 2023 لفائدة 7 شركات أهلية بقيمة استثمارات تناهز 6.1 مليون دينار".
يذكر أن هذا الصنف من القروض تم إقراره في إطار خط تمويل تم إحداثه للغرض ضمن قانون المالية لسنة 2023 لفائدة الشركات الأهلية بشروط استثنائية وميسرة لا يتجاوز مبلغها الأقصى 300 ألف دينار ويتم سدادها على 7 سنوات مع مدة إمهال بسنة واحدة وبنسبة فائدة سنوية بـ5 بالمائة.
ووفق مصادر البنك التونسي للتضامن فإنه من المنتظر أن "ترتفع وتيرة تمويل الشركات الأهلية خلال سنة 2024 وذلك بفضل تدعيم خط التمويل المحدث للغرض ب20ـ مليون دينار وتزايد الإقبال على تكوين هذه الشركات على الصعيدين المحلي والجهوي في مختلف القطاعات الاقتصادية".
تشكيك
في المقابل يواصل معارضو الرئيس التشكيك في جدوى مشروع الشركات الأهلية معتبرين أن التحديات والعراقيل التي تعطل الانطلاق الفعلي لعديد الشركات الأهلية لا علاقة لها بما يروج وإنما في قصور المشروع في حد ذاته وعدم جدواه على غرار بقية مشاريع المسار .
فقد كتب مؤخرا المؤرخ عادل اللطيفي على موقع "فيسبوك"، "..شركات أهلية لم تجلب أي اهتمام من أهل البلد.. وصلح جزائي عاثر من عثرة إلى أخرى ولم يجمع سوى مبلغ زهيد".
بدوره صرح سابقا رئيس منظمة "آلارت" لؤي الشابي، أن الشركات الأهلية "تندرج في خانة الاتصال السياسي وكأن السلطة في حملة انتخابية متواصلة"، وفق تعبيره.
مضيفا في حوار إذاعي، أن الشركات الأهلية "لا يمكنها المنافسة في الأسواق المفتوحة بما فيها من أعباء ونظرا لوضعياتها الخاصة"..
يذكر أنه بتاريخ 21 مارس 2022 صدر مرسوم رئاسي يتعلق بإحداث نظام قانوني خاص بالشركات الأهلية.
ووفق المرسوم فهذه الشركات تمثّل كل شخص معنوي تحدثه مجموعة من متساكني الجهة ويكون الباعث على تأسيسها تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات من خلال ممارسة جماعية لنشاط اقتصادي انطلاقا من المنطقة الترابية المستقرين بها.
والهدف من الشركات الأهلية هو "تحقيق التنمية الجهوية وفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع خصوصيات مناطقهم وحاجياتها".
وقد نص قانون المالية لسنة 2023 على وضع خط تمويل مفتوح لدى البنك التونسي للتضامن بقيمة 20 مليون دينار للشركات الأهلية، وتخصيص نسبة من مداخيل الصلح الجزائي لتمويلها.
م.ي
تونس-الصباح
حوالي14 شركة أهلية تأسست في ولاية قفصة إلى حد الآن، ووفق المدير الجهوي للتنمية عادل ظاهري فإنه "على الرغم من تنامي عدد هذا الصنف من الشركات، إلاّ أنّه وبعد مضيّ ما يناهز العام من تاريخ تأسيس أول شركة بالجهة، فإنّ أيّا منها لم تبدأ بعد في النشاط الفعلي، بسبب إشكاليات التمويل والإجراءات الإدارية وعدم استكمال الدراسات الخاصة بها وكذلك عدم صدور النصوص الترتيبية لبعض القطاعات مثل استغلال الأراضي الاشتراكية والأراضي الدولية".
تعد هذه الشركات الأهلية في ولاية قفصة نموذجا حول التحديات والإشكاليات التي تواجهها بقية الشركات المماثلة المحدثة في عديد الولايات. وفي كل مناسبة يتطرق رئيس الجمهورية بشكل مباشر أو غير مباشر لهذه العراقيل.
عادة ما يتهم رئيس الجمهورية قيس سعيد أطرافا صلب الإدارات ومؤسسات التمويل والبنوك بعرقلة هذا المشروع الذي يعد من العناوين الكبرى لمشروع الرئيس ومسار25 جويلية إلى جانب موضوع الصلح الجزائي المرتبط بالشركات الأهلية لاسيما وأن جزءا من خطوط التمويلات المرصودة لتمويل هذه الشركات صلب الميزانية سيكون من عائدات الصلح الجزائي.
في المقابل يواصل معارضو الرئيس التشكيك في جدوى مشاريع 25 جويلية ومن بينها موضوع الشركات الأهلية مستندين إلى العراقيل التي تواجهها اليوم لتأكيد مشروعية انتقاداتهم للترويج لفكرة الشركات الأهلية كحل للتنمية وتوفير مواطن الشغل في البلاد.
اتهامات الرئيس
مؤخرا خلال استقباله بقصر قرطاج، أحمد الحشاني رئيس الحكومة أكد رئيس الجمهورية على أن "الفساد ليس فقط في الإثراء غير المشروع ولكن أيضا ينسحب على من يعطل عن قصد أي مشروع أو لا يخدم منظوري الإدارة وهو في حالة سلطة مقيدة. فحين تتوفر الشروط القانونية لطالب الخدمة على المسؤول أن لا يتأخر على تقديمها أو يعمل عن قصد على تأجيلها".
ومنذ حوالي شهر تقريبا في ديسمبر الفارط قال رئيس الجمهورية "هناك أشخاص في الإدارة لا يقومون بعملهم، وآخرون من الإدارة، ومن المسؤولين على أراض تعود ملكيتها إلى الدولة، يعطّلون الشركات الأهلية".
وتحدث رئيس الدولة، على هامش إشرافه على موكب إحياء الذكرى 71 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد، بضريح الشهيد بالقصبة بالعاصمة، عن ملف استيلاء شخص على أرض تمسح 900 هكتار بجهة الجريد التابعة لولاية توزر، مشيرا إلى أن استثمار الأراضي في الشركات الأهلية يوفر حلولا لخلق الثروة ضمن تصوّر وطني كامل.
وأضاف رئيس الدولة أن نمط الشركات الأهلية "ليس جديدا في تونس بل انطلق بتطبيق من رائد الحركة العمالية والوطنية، محمد علي الحامي الذي أسّس جمعية التعاون الاقتصاد التونسي ووضع لها قانونا أساسيا بقاعة الخلدونية ..
في مناسبة أخرى،في "فيديو" نشرته الرئاسة على هامش زيارة أداها الرئيس إلى ضيعة برج التومي بمعتمدية البطان التابعة لولاية منوبة للإشراف على تأسيس شركة أهلية، قال الرئيس إنه ”تم تقديم مطالب عديدة لإنشاء شركات أهلية وتم تعطيلها..، هناك إجراءات وضعت لتعطيل إنشاء هذه الشركات …هناك تعطيلات متعمدة “.
وفي 13 جوان الفارط من قفصة، تحدث الرئيس حينها عن إشكاليات هذه الشركات وعجزها عن "عبور الأروقة الصماء للبنوك التي تتجنب قدر الإمكان تمويلها".
عقبة التمويل
وإثر كل تصريح من رئيس الجمهورية تسارع الإدارات المعنية إلى الاشتغال على ملف الشركات الأهلية وقد التأم في وقت سابق لقاء حول آليات تفعيلها وطرق تذليل الصعوبات التي تواجهها، جمع وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، بوزيري الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عبد المنعم بالعاتي، وأملاك الدولة والشؤون العقارية، محمد الرقيق، ورئيس ديوان وزير التشغيل والتكوين المهني عبد القادر الجمالي. وبحضور المدير العام للبنك التونسي للتضامن، خليفة السبوعي، وممثل عن وزارة الاقتصاد والتخطيط.
وتشير آخر معطيات البنك التونسي للتضامن إلى أنه انطلق في تمويل الدفعات الأولى من الشركات الأهلية "إذ تولى في سنة 2023 المصادقة على تمويل 15 شركة أهلية بكلفة استثمارات تناهز 4 مليون دينار، وذلك في إطار تنفيذ برنامج تمويل الشركات وبالتنسيق مع وزارات المالية والشؤون الاجتماعية والتشغيل والتكوين المهني" .
وقد تم "توزيع دفعة أولى من هذه المصادقات في أواخر سنة 2023 لفائدة 7 شركات أهلية بقيمة استثمارات تناهز 6.1 مليون دينار".
يذكر أن هذا الصنف من القروض تم إقراره في إطار خط تمويل تم إحداثه للغرض ضمن قانون المالية لسنة 2023 لفائدة الشركات الأهلية بشروط استثنائية وميسرة لا يتجاوز مبلغها الأقصى 300 ألف دينار ويتم سدادها على 7 سنوات مع مدة إمهال بسنة واحدة وبنسبة فائدة سنوية بـ5 بالمائة.
ووفق مصادر البنك التونسي للتضامن فإنه من المنتظر أن "ترتفع وتيرة تمويل الشركات الأهلية خلال سنة 2024 وذلك بفضل تدعيم خط التمويل المحدث للغرض ب20ـ مليون دينار وتزايد الإقبال على تكوين هذه الشركات على الصعيدين المحلي والجهوي في مختلف القطاعات الاقتصادية".
تشكيك
في المقابل يواصل معارضو الرئيس التشكيك في جدوى مشروع الشركات الأهلية معتبرين أن التحديات والعراقيل التي تعطل الانطلاق الفعلي لعديد الشركات الأهلية لا علاقة لها بما يروج وإنما في قصور المشروع في حد ذاته وعدم جدواه على غرار بقية مشاريع المسار .
فقد كتب مؤخرا المؤرخ عادل اللطيفي على موقع "فيسبوك"، "..شركات أهلية لم تجلب أي اهتمام من أهل البلد.. وصلح جزائي عاثر من عثرة إلى أخرى ولم يجمع سوى مبلغ زهيد".
بدوره صرح سابقا رئيس منظمة "آلارت" لؤي الشابي، أن الشركات الأهلية "تندرج في خانة الاتصال السياسي وكأن السلطة في حملة انتخابية متواصلة"، وفق تعبيره.
مضيفا في حوار إذاعي، أن الشركات الأهلية "لا يمكنها المنافسة في الأسواق المفتوحة بما فيها من أعباء ونظرا لوضعياتها الخاصة"..
يذكر أنه بتاريخ 21 مارس 2022 صدر مرسوم رئاسي يتعلق بإحداث نظام قانوني خاص بالشركات الأهلية.
ووفق المرسوم فهذه الشركات تمثّل كل شخص معنوي تحدثه مجموعة من متساكني الجهة ويكون الباعث على تأسيسها تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات من خلال ممارسة جماعية لنشاط اقتصادي انطلاقا من المنطقة الترابية المستقرين بها.
والهدف من الشركات الأهلية هو "تحقيق التنمية الجهوية وفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع خصوصيات مناطقهم وحاجياتها".
وقد نص قانون المالية لسنة 2023 على وضع خط تمويل مفتوح لدى البنك التونسي للتضامن بقيمة 20 مليون دينار للشركات الأهلية، وتخصيص نسبة من مداخيل الصلح الجزائي لتمويلها.