يفترض من كريم خان ان يكون حامي القانون الدولي والقانون الإنساني والمدافع عن حق المظلومين والابرياء
بقلم: عمر حلمي الغول
عندما يقف إنسان على رأس محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب في دول العالم، وهو يفتقد للنزاهة والموضوعية والشفافية، ووجد لخدمة قوى الظلم والشر المنتجة لجرائم الحرب في الكرة الأرضية، فإن العدالة تكون مهدورة، والقانون الدولي مستباح، لان فاقد الشيء لا يعطيه لمن يستحقه. كونه جاء منحازا لفريق بعينه ضد شعوب الأرض المغلوبة والمنكوبة بويلات القوى الامبريالية ولقيطتهم إسرائيل.
ولما تقدم صلة بزيارة المدعي العام لمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان لإسرائيل يوم السبت 2 ديسمبر 2023 بناءً على دعوة من العائلات الإسرائيلية رغم ان الدولة العبرية لا تعترف بالمحكمة، ولا تلتزم باختصاصاتها القانونية، وحسبه لم تسمح له القيادة الإسرائيلية بزيارة قطاع غزة، لكنه زار رام الله والتقى مع الرئيس أبو مازن ورئيس الحكومة داشتيه والعديد من الهيئات الفلسطينية ذات الاختصاص، بالإضافة لعدد من العائلات الفلسطينية التي ارتكب بحق أبنائها جرائم حرب إسرائيلية.
ورغم اطلاعه على عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين في غزة والضفة بما فيها القدس العاصمة، الذين بلغ عددهم حتى اعداد هذا المقال ما يقارب الستين الفا، وتدمير ما يزيد على 250 الفا من الوحدات السكنية واستباحة المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، والقصف البري والبحري والجوي غير المسبوق على المدنيين العزل من أبناء الشعب الفلسطيني، بالإضافة لحملة التغول الفاشية ضد اسرى الحرية في سجون الدولة اللقيطة والخارجة على القانون، الا انه ذكر ذلك لماما، في سياق تحميل اذرع المقاومة وما حصل في السابع من أكتوبر الماضي ب"ارتكاب بعضا من أخطر الجرائم، التي تهز ضمير الإنسانية، وهي جرائم أنشئت المحكمة الجنائية الدولية للتصدي لها." مضيفا انه والمدعين التابعين له يعملون لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، وتناسى كليا جرائم الحرب الاسرائيلية منذ خمسة وسبعين عاما خلت، وتجاهل أيضا أن من قتل الغالبية العظمى من الإسرائيليين هي الطائرات الإسرائيلية، التي كشفتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية والعديد من شهود الاعيان الإسرائيليين.
وليعمق موقفه اللا انساني، والمنافي لابسط معايير القانون الدولي ادعائه بالقول أن "الجيش الإسرائيلي يعرف القانون الذي يجب تطبيقه." وأضاف للتغطية على جرائم حرب الإبادة الإسرائيلية قائلا، إن إسرائيل "قامت بتدريب محامون يقدمون المشورة للقادة ونظام قوي يهدف إلى ضمان الامتثال للقانون الإنساني الدولي." وهو يعلم، او يفترض ان يعلم، ان أولئك المحامون تم تدريبهم لتزييف الحقائق، وتشويه الواقع وقلبه رأسا على عقب، ليغطوا ويبرروا جرائم الحرب تحت يافطة "حق الدفاع عن النفس" الأمريكية الغربية الأوروبية.
وفي الوقت الذي طالب فيه بالافراج عن اسرى الحرب الإسرائيليين، لم يشر بكلمة واحدة للانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها اسرى الحرب الفلسطينيون، ولم ينطق بمفردة واحدة عن ضرورة الافراج عنهم، وضرورة وقف جرائم الحرب ضدهم. ولذر الرماد في العيون قال "في غزة من غير المقبول – ولا يوجد أي مبرر – أن يقوم الأطباء باجراء العمليات الجراحية للأطفال من دون تخدير وضوء." ومر مرور الكرام على انتهاكات وجرائم المستوطنين، حيث عبر عن قلقه إزاء "الزيادة الكبيرة في حوادث هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة." وتناسى كليا جرائم الحرب الفظيعة والمنافية لكل ما هو انساني واخلاقي، ولا تستقيم الا مع قانون الغاب والفاشية الإسرائيلية.
من خلال قراءة البيان الصادر عن خان، الذي يفترض ان يكون حامي القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، والمدافع عن حق المظلومين والابرياء، ويوجه سهام مواقفه واحكامه الموضوعية تجاه مجرمي الحرب الإسرائيليين والأميركيين، قلب الأمور بشكل دراماتيكي ومخل بابسط معايير الاخلاق والقيم المواثيق الدولية.
خان له نصيب من اسمه، بارتكابه جريمة الخيانة للقانون الدولي، والانقلاب عليه، وتشويه صورة العدالة بمعاييرها النسبية، وكان كريما ومنسجما مع من ساهم في فرضه على رأس المحكمة الجنائية الدولية، أي الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي، الامر الذي يتطلب من المجتمع الدولي، وكل من تضرر من وجود هذا الرجل على رأس المحكمة الجنائية الدولية ملاحقته قانونيا، ورفع دعوى قضائية عليه للمحكمة التي يقودها بهدف طرده، وأيضا محاكمته في المحاكم الوطنية؛ ودعم رجل القانون الدولي الفرنسي، جيل بريفير وفريقه القانوني الذي تشكل بعد حرب الإبادة الصهيو أميركية لملاحقة إسرائيل والولايات المتحدة على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين بالإضافة للدول الخمس التي رفعت دعوى لمحاكمة إسرائيل لذات الغرض لتحشيد الرأي العام الدولي لنزع شهادته العلمية كقاضي، ومحاكمته كشريك في جرائم الحرب الإسرائيلية الأميركية، حتى تستقيم العدالة بالمعايير النسبية.
*كاتب وباحث فلسطيني