أقدم منذ يومين طفل يبلغ من العمر 10 سنوات على الانتحار شنقا داخل غرفته بمنزله الكائن بخنيس من ولاية المنستير على اثر خلاف بسيط بينه وبين والده.
انتحار طفل العشر سنوات ليس الأول فقد سبقه في ماي الفارط تسجيل حادثة أليمة جدت بأحد المعاهد الثانويّة بولاية القيروان وذهب ضحيّتها تلميذ يبلغ من العمر 18 سنة وهو أصغر أخوته سنّا بسبب إقدامه على الانتحار، وخلال شهر أوت 2023 وفي ظرف الـ 24 ساعة فقط تم تسجيل حالتي انتحار لطفلين أعمارهما تتراوح بين 15 و16 سنة من معتمدية حفوز بالقيروان وتسبق هذه الحوادث الأليمة قائمات طويلة لأطفال في عمر الزهور قرروا أن يضعوا حدّا لحياتهم بعضها كشف عن الأسباب التي دفعت بهم إلى ذلك والبعض الآخر رحل وسره معه.
وتؤكد الأرقام الرسمية والدراسات العلمية التي أجريت حول الظاهرة أن الانتحار في صفوف الأطفال تحول إلى "عدوى" سريعة الانتشار وقد كشفت وزيرة المرأة أمال موسى من قبل أن البلاد تعرف تصاعدا لظاهرة الانتحار ومحاولة الانتحار، لاسيما وسط الأطفال، حيث وصل معدل الانتحار لدى هذه الفئة، خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة سنة 2023، حالتي انتحار في الشهر.
كما كشفت موسى في افتتاح الملتقى السنوي لمندوبي حماية الطفولة، في ماي الفارط تسجيل 102 محاولة انتحار بمعدل 26 محاولة شهريّا بين حانفي وافريل 2023.
وحسب الوزارة فإن 80 بالمائة من محاولات الانتحار في صفوف الأطفال الإناث.. وكانت أعلنت الوزيرة عن شروع الوزارة في إنجاز "دراسة علميّة معمّقة حول محاولات الانتحار لدى الأطفال".
لمياء هرشي باحثة في علم الاجتماع أكدت أن الطفل الذي يقدم على الانتحار غير واع بالفعل الذي أقدم عليه، مشددة على أن الانتحار في صفوف الأطفال وفي مستوى أعمار متدن جدا تحول إلى عدوى خاصة وأن نفس طريقة الانتحار تتكرر مع كل حادثة.
الطفل يبحث عن الاكتشاف وليس الفعل
واعتبرت الباحثة في علم الاجتماع في تصريح لـ "الصباح" أن الطفل الذي يقدم على محاولة الانتحار غير واع بمفهوم الموت ليجد نفسه في أول مشكلة تعترضه يهرب إلى فعل الانتحار نتيجة تأثير إعلامي أو افتراضي لأن هذه الفئة أصبحت تلج بشكل سهل جدا إلى مواقع التواصل الاجتماعي لذلك نجد الطفل يبحث عن الاكتشاف وليس الفعل في حد ذاته.
وحذرت هرشي في سياق حديثها من مخاطر الضغط الحاصل على الطفل من قبل عائلته بسبب الامتحانات وخاصة ما تمارسه بعض الأسر من توبيخ وتنمر على نتائج أبنائها ومقارنته بأترابه مما يؤثر بشكل مباشر على نفسيته فيلجأ إلى فعل الانتحار هروبا من هذه الضغوطات المسلطة عليه.
كما أشارت هرشي إلى مشكل الإهمال العاطفي للطفل من قبل عائلته مما يؤدي إلى خلل نفسي يدفع به إلى الإدمان والانتحار، فالأطفال تساورهم رغبة الانتحار لأسباب تبدو واهية ولكن الطفل يقدم عليه كعقاب ينزله بنفسه لاستدرار عطف الآخرين.
من جانبها أكدت وزارة المرأة على ضرورة التعاطي الحذر على المستوى الإعلامي وعبر شبكات التواصل الاجتماعي مع حالات الانتحار ومحاولات انتحار الأطفال باحترام تامّ لمقتضيات مجلة حقوق الطفل والمعايير والضوابط الهادفة إلى ضمان مصلحة الطفل الفضلى وتجنّب آثار العدوى اللاّمباشرة على الأطفال في مثل هذه الحالات الأليمة، خصوصا أنّ فئة الطفولة هي أكثر الفئات العمريّة استعدادا للتقليد.
كما أكدت الوزارة على أهميّة تجنّب الخوض في التفاصيل وسرد وتجسيد مشاهد عمليّة انتحار الضحيّة ومكانها والوسائل المستعملة لتجنّب التداعيات السلبيّة الوخيمة لهذه الممارسات على صحّة الأطفال النفسيّة وتوازنهم الصحّي والسلوكيّ.
الانتحار وباء..
عبد الباسط الفيقه المختص في علم النفس قال إن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن الانتحار "وباء" يمكن الوقاية منه باعتبار كل الظروف والمواقف التي توصل الفرد لاتخاذ قرار وضع حد لحياته يمكن تخفيفها مثل ممارسة العنف الأقصى على الذات، مشيرا إلى أن من أسباب إقدام أطفال في مستويات عمرية متدنية جدا على الانتحار يؤكد غياب ثقافة المواجهة والصمود أمام تحديات الحياة.
وفي إجابته على أسباب انتشار هذه الظاهرة في أرياف ولاية القيروان قال المختص في علم النفس لـ "الصباح" إن اتخاذ قرار الموت منتشر في هذه البيئة بالإضافة إلى استسهال الموت، وهذا مرتبط بهشاشة الوضعية الحياتية وغياب الوعي الديني الذي قد يلعب دورا أساسيا في الرجوع عن مثل هذه القرارات لان المعتقد الديني حول الانتحار له دور أساسي في قبول فكرة الانتحار، فعند جهل الإنسان بأن الانتحار محرّم قد يستسهل هذه العملية، وأضاف الفقيه بأن الانتحار هو ظاهرة اجتماعية ثابتة في المجتمعات.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
أقدم منذ يومين طفل يبلغ من العمر 10 سنوات على الانتحار شنقا داخل غرفته بمنزله الكائن بخنيس من ولاية المنستير على اثر خلاف بسيط بينه وبين والده.
انتحار طفل العشر سنوات ليس الأول فقد سبقه في ماي الفارط تسجيل حادثة أليمة جدت بأحد المعاهد الثانويّة بولاية القيروان وذهب ضحيّتها تلميذ يبلغ من العمر 18 سنة وهو أصغر أخوته سنّا بسبب إقدامه على الانتحار، وخلال شهر أوت 2023 وفي ظرف الـ 24 ساعة فقط تم تسجيل حالتي انتحار لطفلين أعمارهما تتراوح بين 15 و16 سنة من معتمدية حفوز بالقيروان وتسبق هذه الحوادث الأليمة قائمات طويلة لأطفال في عمر الزهور قرروا أن يضعوا حدّا لحياتهم بعضها كشف عن الأسباب التي دفعت بهم إلى ذلك والبعض الآخر رحل وسره معه.
وتؤكد الأرقام الرسمية والدراسات العلمية التي أجريت حول الظاهرة أن الانتحار في صفوف الأطفال تحول إلى "عدوى" سريعة الانتشار وقد كشفت وزيرة المرأة أمال موسى من قبل أن البلاد تعرف تصاعدا لظاهرة الانتحار ومحاولة الانتحار، لاسيما وسط الأطفال، حيث وصل معدل الانتحار لدى هذه الفئة، خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة سنة 2023، حالتي انتحار في الشهر.
كما كشفت موسى في افتتاح الملتقى السنوي لمندوبي حماية الطفولة، في ماي الفارط تسجيل 102 محاولة انتحار بمعدل 26 محاولة شهريّا بين حانفي وافريل 2023.
وحسب الوزارة فإن 80 بالمائة من محاولات الانتحار في صفوف الأطفال الإناث.. وكانت أعلنت الوزيرة عن شروع الوزارة في إنجاز "دراسة علميّة معمّقة حول محاولات الانتحار لدى الأطفال".
لمياء هرشي باحثة في علم الاجتماع أكدت أن الطفل الذي يقدم على الانتحار غير واع بالفعل الذي أقدم عليه، مشددة على أن الانتحار في صفوف الأطفال وفي مستوى أعمار متدن جدا تحول إلى عدوى خاصة وأن نفس طريقة الانتحار تتكرر مع كل حادثة.
الطفل يبحث عن الاكتشاف وليس الفعل
واعتبرت الباحثة في علم الاجتماع في تصريح لـ "الصباح" أن الطفل الذي يقدم على محاولة الانتحار غير واع بمفهوم الموت ليجد نفسه في أول مشكلة تعترضه يهرب إلى فعل الانتحار نتيجة تأثير إعلامي أو افتراضي لأن هذه الفئة أصبحت تلج بشكل سهل جدا إلى مواقع التواصل الاجتماعي لذلك نجد الطفل يبحث عن الاكتشاف وليس الفعل في حد ذاته.
وحذرت هرشي في سياق حديثها من مخاطر الضغط الحاصل على الطفل من قبل عائلته بسبب الامتحانات وخاصة ما تمارسه بعض الأسر من توبيخ وتنمر على نتائج أبنائها ومقارنته بأترابه مما يؤثر بشكل مباشر على نفسيته فيلجأ إلى فعل الانتحار هروبا من هذه الضغوطات المسلطة عليه.
كما أشارت هرشي إلى مشكل الإهمال العاطفي للطفل من قبل عائلته مما يؤدي إلى خلل نفسي يدفع به إلى الإدمان والانتحار، فالأطفال تساورهم رغبة الانتحار لأسباب تبدو واهية ولكن الطفل يقدم عليه كعقاب ينزله بنفسه لاستدرار عطف الآخرين.
من جانبها أكدت وزارة المرأة على ضرورة التعاطي الحذر على المستوى الإعلامي وعبر شبكات التواصل الاجتماعي مع حالات الانتحار ومحاولات انتحار الأطفال باحترام تامّ لمقتضيات مجلة حقوق الطفل والمعايير والضوابط الهادفة إلى ضمان مصلحة الطفل الفضلى وتجنّب آثار العدوى اللاّمباشرة على الأطفال في مثل هذه الحالات الأليمة، خصوصا أنّ فئة الطفولة هي أكثر الفئات العمريّة استعدادا للتقليد.
كما أكدت الوزارة على أهميّة تجنّب الخوض في التفاصيل وسرد وتجسيد مشاهد عمليّة انتحار الضحيّة ومكانها والوسائل المستعملة لتجنّب التداعيات السلبيّة الوخيمة لهذه الممارسات على صحّة الأطفال النفسيّة وتوازنهم الصحّي والسلوكيّ.
الانتحار وباء..
عبد الباسط الفيقه المختص في علم النفس قال إن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن الانتحار "وباء" يمكن الوقاية منه باعتبار كل الظروف والمواقف التي توصل الفرد لاتخاذ قرار وضع حد لحياته يمكن تخفيفها مثل ممارسة العنف الأقصى على الذات، مشيرا إلى أن من أسباب إقدام أطفال في مستويات عمرية متدنية جدا على الانتحار يؤكد غياب ثقافة المواجهة والصمود أمام تحديات الحياة.
وفي إجابته على أسباب انتشار هذه الظاهرة في أرياف ولاية القيروان قال المختص في علم النفس لـ "الصباح" إن اتخاذ قرار الموت منتشر في هذه البيئة بالإضافة إلى استسهال الموت، وهذا مرتبط بهشاشة الوضعية الحياتية وغياب الوعي الديني الذي قد يلعب دورا أساسيا في الرجوع عن مثل هذه القرارات لان المعتقد الديني حول الانتحار له دور أساسي في قبول فكرة الانتحار، فعند جهل الإنسان بأن الانتحار محرّم قد يستسهل هذه العملية، وأضاف الفقيه بأن الانتحار هو ظاهرة اجتماعية ثابتة في المجتمعات.