إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مشروع قانون المالية لسنة 2024.. 20 مليارا قروض دون فائدة لضعاف الحال ومحدودي الدخل

 

تونس- الصباح

بحضور سهام البوغديري وزيرة المالية شرع مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو في التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2024 فصلا فصلا وهو بمقتضى دستور 2022 مطالب بالمصادقة على المشروع برمته في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر الجاري. وفي بداية الجلسة ذكر إبراهيم بودربالة رئيس المجلس، النواب بأن التصويت على الفصول يتم بأغلبية الأعضاء الحاضرين على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء المجلس أي 54 عضوا. وصادق النواب خلال الحصة الصباحية على عشرين فصلا منها 11 تتعلق بأحكام الميزانية..

ومن بين مقترحات الفصول الإضافية لأحكام الميزانية التي تم تقديمها خلال الجلسة العامة مقترحا يتعلق بموارد الخزينة تقدم به النائب علي زغدود رئيس كتلة لينتصر الشعب ويتمثل في ضبط النسبة القصوى من التداين الخارجي من الناتج الداخلي الخام.

 وفي هذا السياق قال زغدود إن الاقتراض الداخلي والخارجي شهد تطورا هاما خلال السنوات الأخيرة مما أربك التوازنات المالية وأثر سلبا على تصنيف الدولة التونسية وعرضها إلى مخاطر اللجوء إلى نادي باريس، فضلا عن أن بعض المؤسسات المالية الدولية تجرأت على اقتراح إصلاحات لا ترتقي لطموحات الشعب التونسي وتهدد البلاد بالفوضى والانزلاق في مشاكل اقتصادية واجتماعية غير مبررة. وأضاف أن هذا الاقتراض تفاقم في ظل غياب إصلاحات هيكلية جريئة من شأنها أن تنهض بالوضع الاقتصادي وتساهم في تحسين نسبة النمو لتلافي رهن الأجيال القادمة بقروض يصعب تسديدها.

 وبين النائب أنه لهذا السبب يرى أنه من الضروري تحديد النسبة القصوى للتداين الداخلي والخارجي من الناتج الداخلي الخام والعمل على تقليصها تدريجيا لتبلغ المستويات المعقولة والتي قدرت سنة 2010 بأربعين بالمائة من النتائج الداخلي الخام مع عجز في الميزانية لا يتجاوز ثلاثة بالمائة. وذكر أنه سبق أن تم العمل بالأسقف القصوى حيث تم تحديد المبلغ الأقصى السنوي للدعم.

ونص مقترح النائب علي زغدود على ما يلي: "تحدد النسبة القصوى للدين العمومي للخمس سنوات المقبلة بـ 85 بالمائة من النتائج الداخلي الخام على أن يتم الحط منها سنويا".

وفي المقابل أشار النائب عن كتلة الأحرار ماهر الكتاري إلى أن هذا الفصل الإضافي مسقط لأنه لم يقع تفسير كيف تم تحديد نسبة 85 بالمائة، وهل تم القيام بدراسة في هذا الشأن، كما أنه لا يمكن وضع فرضيات من هذا القبيل وتساءل ما العمل في حال حدوث جائحة أو في صورة تواصل الجفاف؟ ولاحظ أن مثل هذا المقترح جيد انتخابيا لكن من الناحية العملية فليس له معنى وأضاف أن مجلس نواب الشعب بصدد النظر في ميزانية دولة وليس حملة انتخابية.

وفي نفس السياق أشارت وزيرة المالية سهام البوغديري إلى أن نسبة التداين منصوص عليها بالتقرير المتعلق بميزانية الدولة، وعلاوة على ذلك فقد تم مد النواب بتقرير متعلق بالدين العمومي الملحق بمشروع قانون المالية لسنة 2024 والملاحق المرفقة بالمشروع هي جزء لا يتجزأ من مشروع قانون المالية. وقالت إن نسبة التداين التي تم تقديمها حاليا في وثائق ميزانية 2024 تساوي 79 فاصل 8 بالمائة أي أنها أقل من 85 بالمائة التي اقترحها النائب علي زغدود. وفسرت الوزيرة أن عملية إعداد التقديرات المتعلقة بالدين لا تتم بصفة اعتباطية بل تخضع لقواعد خاصة تقوم على الكثير من المرونة وتكتسي الصبغة التقديرية نظرا لوجود العديد من المتغيرات والمخاطر والتأثيرات والصدمات التي قد تؤثر على الدين وخاصة على حجم الدين، حيث أنه يتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية على غرار مستويات النمو، والتضخم، وحجم الناتج المحلي الإجمالي، وأسعار الصرف مقابل مختلف العملات، وأسعار الفائدة، وحتى مستويات الأسعار في السوق العالمية، ونبهت البوغديري إلى أن أي صدمة خارجية أو داخلية يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على التوازنات وبالتالي على حاجيات التمويل والدين العمومي وتحديد هذا المستوى يبقى دون معنى لأنه مرتبط بمستويات العجز، وفي حالة اللجوء إلى قانون مالية تعديلي ستخضع نسبة التداين بدورها إلى المراجعة كما أن تحديد سقف الدين هو قاعدة يجب التنصيص عليها ضمن القانون الأساسي للميزانية وهو معمول به في العديد من البلدان وخلصت إلى أنه لا يمكن إدراج الفصل الإضافي المقترح ضمن قانون المالية، وطمأنت الوزيرة النواب بأنه رغم كل الضغوطات فإن نسبة سداد الدين الخارجي بلغت 93 بالمائة وعبرت عن حرص الحكومة على خلاص الديون.

وعند عرض مقترح النائب علي زغدود على التصويت سقط إذ كانت نتيجة التصويت على هذا الفصل الإضافي 28 نعم و17 محتفظ و83 لا.

 دعم المنظومة القضائية

من بين مقترحات التعديل التي تم عرضها على التصويت خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب أمس مقترحا يتعلق بالفصل 12 من مشروع قانون المالية لسنة 2014.

ويتعلق هذا الفصل بإحداث حساب خاص في الخزينة عنوانه حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية وهو يهدف إلى تحسين ظروف العمل بالمحاكم وإحداث محاكم جديدة وتمويل برنامح الرقمنة. وتم تقديم مقترح التعديل من قبل النواب مليك كمون ومحمد أمين الورغي وناصر الشنوفي وحسن بن علي ونبيل الحامدي وآمال المدب ويتمثل المقترح في حذف النسبة الخاصة بالمركز الوطني لسجل المؤسسات..

وفي هذا السياق أشار النائب ناصر الشنوفي إلى أنه يريد دعم المنظومة القضائية لكنه يرفض أن يتم خصم 30 بالمائة من استخلاصات السجل الوطني للمؤسسات لأن وضعية السجل المالية غير مريحة وهو يرغب في توسيع خدماته والانتشار في كامل البلاد وذكر أن الهدف من المقترح هو تمكين السجل الوطني للمؤسسات من دعم نشاطه.

وفي المقابل بينت وزيرة المالية أنه تم اقتراح نسبة ثلاثين بالمائة من المعاليم الراجعة للسجل الوطني للمؤسسات لحساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية لأن تلك الموارد كانت راجعة لوزارة العدل وبالأحرى للمحاكم وذكرت أنه لا بد أن يساهم السجل في تمويل الحساب المقترح لما في ذلك من انعكاس إيجابي على خدماته. وقالت إنه في حال قبول مقترح النائب فإن ذلك سيؤثر سلبيا على تقديرات موارد الحساب الخاص في الخزينة وستبقى الموارد غير كافية لتغطية تكاليف تدخلاته، وفسرت أنه تم تقدير موارد جملية في الحساب في حدود 7 مليارات منها مليار ونصف بعنوان مساهمة السجل الوطني للمؤسسات. وطالبت البوغديري بالإبقاء على مساهمة السجل في حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية. وكانت نتيجة التصويت على مقترح التعديل كما يلي: 30 نعم 19 محتفظ 75 لا وبالتالي سقط.

وبخصوص نفس الفصل اقترح النواب سيرين مرابط ومحمد بن نور وحسن بوسمة وعمر بن عمر وباديس بلحاج علي وماهر الكتاري وطارق مهدي وسوسن مبروك وعبد القادر بن زينب ورياض بلال ويسري البواب وهالة جاب الله وغسان يامون ووليد الحاجي وإلياس بوكوشة ونجلاء اللحياني ومهى عامر وكمال كرعاني وصابر المصمودي ومعز برك الله وحسن الجربوعي ويوسف التومي تعديله في اتجاه أن يصبح الحساب المذكور يهدف إلى دعم وتطوير المنظومة القضائية العدلية والإدارية معا وليس المنظومة القضائية العدلية فقط على أن يقع ضبط كيفية توزيع الحساب بين وزارة العدل والمحكمة الإدارية وتكتسي نفقات الحساب الخاص بالخزينة صبغة تقديرية ويتولى رئيس الحكومة الإذن بالدفع لمصاريف الحساب في الجزء المتعلق بالمحكمة الإدارية وله أن يفوض حق الإمضاء طبق الفصل 18 من قانون المالية لسنة 1973 في حين يتولى وزير العدل الإذن بالدفع لمصاريف الحساب في الجزء المتعلق بالقضاء العدلي..

وترى النائبة سرين مرابط أن حصر تدخلات صندوق دعم تطوير المنظومة القضائية كما ورد في الفصل 12 من مشروع قانون المالية لسنة 2024 في القضاء العدلي غير مبرر ويكرس عدم المساواة بين جهاز القضاء العدلي وجهاز القضاء الإداري رغم أنهما يشتركان في تقديم الخدمات للمتقاضين ويشتركان في المعاناة من تردي البنية التحتية وعدم ملاءمة جزء من مقرات المحاكم الحالية لنشاط القضاء إضافة إلى الحاجة الملحة لرقمنة العمل القضائي وتسيير ولوج المواطن لخدمات القضاء وذكرت النائبة أنه لا بد من التنصيص في الفصل 12 سالف الذكر على أن خدمات الحساب تشمل كل من القضاء العدلي والقضاء الإداري.

وفي المقابل بينت وزيرة المالية أن مقترح الفصل 12 تم تقديمه من قبل وزارة العدل وهو مقترح مطروح منذ سنوات وحتى في المناسبات السابقة فقد تم تقديمه من قبل وزارة العدل. وذكرت أن إحداث الحساب المذكور مرتبط بميزانية وزارة العدل التي صادق عليها مجلس نواب الشعب قبل أيام قليلة، والتالي فإن وزارة العدل هي الآمر بالصرف. وفسرت أن الحساب في الخزينة يكون له آمر وحيد بالصرف وليس أكثر من آمر وأضافت أنه في صورة إضافة القضاء الإداري فإن محكمة المحاسبات بدورها يمكن أن تطلب إدراج القضاء المالي. وخلصت إلى أن القضاء الإداري ينضوي تحت رئاسة الحكومة وليس وزارة العدل وعلى هذا الأساس لا يمكن صرف نفقات لفائدته من ميزانية وزارة العدل.

وكانت نتيجة التصويت على المقترح 41 نعم و10 محتفظ و76 لا وبالتالي تم رفضه وصادق مجلس نواب الشعب في نهاية الأمر على الفصل في صيغته الأصلية بـ 97 نعم و15 محتفظ و17 لا.

وتعلقت بقية الفصول التي تم تمريرها على التصويت أمس خلال الجلسة العامة الصباحية بحساب تمويل التنقلات الحضرية وتوفير موارد إضافية لفائدة صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب وصندوق النهوض بالصادرات وتعزيز موارد صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري ودعم موارد صندوق تعويض الأضرار الناجمة عن الجوائج الطبيعية ودعم الدور التعديلي والخدماتي لشركة اللحوم. وبخصوص الفصل المتعلق بتخفيف جباية مادتي الشاي والقهوة الموردة من قبل الديوان التونسي للتجارة، فقد اقترح النواب ريم الصغير وأسماء الدرويش وبسمة الهمامي ورشدي الرويسي وزينة جيب الله ومعز بن يوسف وفوزي الدعاس وعواطف الشنيني إضافة المعجنات ودقيق الذرة الخالي من القليتين وذلك لأن مرضى السيلياك لا يجدون في تونس مواد خالية من القليتين وذلك في انتظار الاعتراف بهذا المرض كمرض مزمن من قبل "الكنام" ولكن الوزيرة أشارت إلى أن ديوان التجارة لا يستورد هذه المادة وعبرت عن رغبتها في تقديم هذا المقترح في شكل فصل إضافي وبينت أنها لا ترى مانعا في ذلك، ورد عليها النواب بالتصفيق لكن رئيس المجلس اعترض على ذلك.

قروض ميسرة

كما صادق مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة بإجماع الحاضرين على إحداث خط تمويل بـ 20 مليارا على موارد صندوق التشغيل لفائدة الفئات الضعيفة ومحدودة الدخل يخصص لإسناد قروض دون فائدة لا تتجاوز 10 آلاف دينار للقرض الواحد لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية وذلك خلال سنة 2024 ويتم تسديدها على مدة أقصاها ست سنوات منها سنة إمهال.

وكان المجلس النيابي انطلق مساء الأربعاء 6 ديسمبر 2023 في جلسة عامة مسترسلة للنظر في مشروع قانون المالية طبقا لمقتضيات الفصل 78 من الدستور ، ولأحكام القانون الأساسي للميزانية، وأحكام نظامه الداخلي وتولى النائب عصام البحري الجابري مقرر لجنة المالية والميزانية تلاوة تقرير اللجنة حول هذا المشروع ثم تم المرور إلى النقاش العام وحسب بلاغ صادر عن المجلس تمحورت مداخلات النواب حول العديد من النقاط حيث طالبوا باتخاذ إجراءات لمقاومة التهرب الجبائي وإدماج القطاع الموازي ضمن القطاع المهيكل وبوضع إجراءات لتنمية الادخار ومزيد دفع الاستثمار والتصدير، وتشجيع إنجاز وتمويل المشاريع في مجالات الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري والتنمية المستدامة. وتساءل عدد من النواب عن مصادر تعبئة موارد ميزانية الدولة لسنة 2024 ودعوا إلى تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية ودعم الشراكة خاصة مع الجزائر و ليبيا وتنقيح التشريعات المتعلقة بالاستثمار لتحقيق الإقلاع الاقتصادي وتعديل القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي لتحقيق السيادة النقدية. كما طالب النواب خلال النقاش العام لمشروع قانون المالية بضرورة تطوير إنتاج الفسفاط والفولاذ والحلفاء وبمراجعة سياسة التداين وتخفيف العبء الجبائي على المطالبين بالأداء واعتماد الإصلاحات الهيكلية على مستوى المؤسسات العمومية التي تكلّف المجموعة الوطنية أموالا طائلة ومراجعة منظومة الدعم في اتجاه تكريس العدالة الاجتماعية وتنقيح مجلة الديوانة ، والنظام الأساسي لأعوان الديوانة وحلحلة الصعوبات التي يمر بها بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وجاء في نفس البلاغ أن هناك من النواب من تحدثوا عن غياب الإجراءات المتصلة بدفع التنمية وجلب الاستثمار والتحفيز الاقتصادي وطالبوا بالحد من البطالة.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

في مشروع قانون المالية لسنة 2024..   20 مليارا قروض دون فائدة لضعاف الحال ومحدودي الدخل

 

تونس- الصباح

بحضور سهام البوغديري وزيرة المالية شرع مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو في التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2024 فصلا فصلا وهو بمقتضى دستور 2022 مطالب بالمصادقة على المشروع برمته في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر الجاري. وفي بداية الجلسة ذكر إبراهيم بودربالة رئيس المجلس، النواب بأن التصويت على الفصول يتم بأغلبية الأعضاء الحاضرين على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء المجلس أي 54 عضوا. وصادق النواب خلال الحصة الصباحية على عشرين فصلا منها 11 تتعلق بأحكام الميزانية..

ومن بين مقترحات الفصول الإضافية لأحكام الميزانية التي تم تقديمها خلال الجلسة العامة مقترحا يتعلق بموارد الخزينة تقدم به النائب علي زغدود رئيس كتلة لينتصر الشعب ويتمثل في ضبط النسبة القصوى من التداين الخارجي من الناتج الداخلي الخام.

 وفي هذا السياق قال زغدود إن الاقتراض الداخلي والخارجي شهد تطورا هاما خلال السنوات الأخيرة مما أربك التوازنات المالية وأثر سلبا على تصنيف الدولة التونسية وعرضها إلى مخاطر اللجوء إلى نادي باريس، فضلا عن أن بعض المؤسسات المالية الدولية تجرأت على اقتراح إصلاحات لا ترتقي لطموحات الشعب التونسي وتهدد البلاد بالفوضى والانزلاق في مشاكل اقتصادية واجتماعية غير مبررة. وأضاف أن هذا الاقتراض تفاقم في ظل غياب إصلاحات هيكلية جريئة من شأنها أن تنهض بالوضع الاقتصادي وتساهم في تحسين نسبة النمو لتلافي رهن الأجيال القادمة بقروض يصعب تسديدها.

 وبين النائب أنه لهذا السبب يرى أنه من الضروري تحديد النسبة القصوى للتداين الداخلي والخارجي من الناتج الداخلي الخام والعمل على تقليصها تدريجيا لتبلغ المستويات المعقولة والتي قدرت سنة 2010 بأربعين بالمائة من النتائج الداخلي الخام مع عجز في الميزانية لا يتجاوز ثلاثة بالمائة. وذكر أنه سبق أن تم العمل بالأسقف القصوى حيث تم تحديد المبلغ الأقصى السنوي للدعم.

ونص مقترح النائب علي زغدود على ما يلي: "تحدد النسبة القصوى للدين العمومي للخمس سنوات المقبلة بـ 85 بالمائة من النتائج الداخلي الخام على أن يتم الحط منها سنويا".

وفي المقابل أشار النائب عن كتلة الأحرار ماهر الكتاري إلى أن هذا الفصل الإضافي مسقط لأنه لم يقع تفسير كيف تم تحديد نسبة 85 بالمائة، وهل تم القيام بدراسة في هذا الشأن، كما أنه لا يمكن وضع فرضيات من هذا القبيل وتساءل ما العمل في حال حدوث جائحة أو في صورة تواصل الجفاف؟ ولاحظ أن مثل هذا المقترح جيد انتخابيا لكن من الناحية العملية فليس له معنى وأضاف أن مجلس نواب الشعب بصدد النظر في ميزانية دولة وليس حملة انتخابية.

وفي نفس السياق أشارت وزيرة المالية سهام البوغديري إلى أن نسبة التداين منصوص عليها بالتقرير المتعلق بميزانية الدولة، وعلاوة على ذلك فقد تم مد النواب بتقرير متعلق بالدين العمومي الملحق بمشروع قانون المالية لسنة 2024 والملاحق المرفقة بالمشروع هي جزء لا يتجزأ من مشروع قانون المالية. وقالت إن نسبة التداين التي تم تقديمها حاليا في وثائق ميزانية 2024 تساوي 79 فاصل 8 بالمائة أي أنها أقل من 85 بالمائة التي اقترحها النائب علي زغدود. وفسرت الوزيرة أن عملية إعداد التقديرات المتعلقة بالدين لا تتم بصفة اعتباطية بل تخضع لقواعد خاصة تقوم على الكثير من المرونة وتكتسي الصبغة التقديرية نظرا لوجود العديد من المتغيرات والمخاطر والتأثيرات والصدمات التي قد تؤثر على الدين وخاصة على حجم الدين، حيث أنه يتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية على غرار مستويات النمو، والتضخم، وحجم الناتج المحلي الإجمالي، وأسعار الصرف مقابل مختلف العملات، وأسعار الفائدة، وحتى مستويات الأسعار في السوق العالمية، ونبهت البوغديري إلى أن أي صدمة خارجية أو داخلية يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على التوازنات وبالتالي على حاجيات التمويل والدين العمومي وتحديد هذا المستوى يبقى دون معنى لأنه مرتبط بمستويات العجز، وفي حالة اللجوء إلى قانون مالية تعديلي ستخضع نسبة التداين بدورها إلى المراجعة كما أن تحديد سقف الدين هو قاعدة يجب التنصيص عليها ضمن القانون الأساسي للميزانية وهو معمول به في العديد من البلدان وخلصت إلى أنه لا يمكن إدراج الفصل الإضافي المقترح ضمن قانون المالية، وطمأنت الوزيرة النواب بأنه رغم كل الضغوطات فإن نسبة سداد الدين الخارجي بلغت 93 بالمائة وعبرت عن حرص الحكومة على خلاص الديون.

وعند عرض مقترح النائب علي زغدود على التصويت سقط إذ كانت نتيجة التصويت على هذا الفصل الإضافي 28 نعم و17 محتفظ و83 لا.

 دعم المنظومة القضائية

من بين مقترحات التعديل التي تم عرضها على التصويت خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب أمس مقترحا يتعلق بالفصل 12 من مشروع قانون المالية لسنة 2014.

ويتعلق هذا الفصل بإحداث حساب خاص في الخزينة عنوانه حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية وهو يهدف إلى تحسين ظروف العمل بالمحاكم وإحداث محاكم جديدة وتمويل برنامح الرقمنة. وتم تقديم مقترح التعديل من قبل النواب مليك كمون ومحمد أمين الورغي وناصر الشنوفي وحسن بن علي ونبيل الحامدي وآمال المدب ويتمثل المقترح في حذف النسبة الخاصة بالمركز الوطني لسجل المؤسسات..

وفي هذا السياق أشار النائب ناصر الشنوفي إلى أنه يريد دعم المنظومة القضائية لكنه يرفض أن يتم خصم 30 بالمائة من استخلاصات السجل الوطني للمؤسسات لأن وضعية السجل المالية غير مريحة وهو يرغب في توسيع خدماته والانتشار في كامل البلاد وذكر أن الهدف من المقترح هو تمكين السجل الوطني للمؤسسات من دعم نشاطه.

وفي المقابل بينت وزيرة المالية أنه تم اقتراح نسبة ثلاثين بالمائة من المعاليم الراجعة للسجل الوطني للمؤسسات لحساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية لأن تلك الموارد كانت راجعة لوزارة العدل وبالأحرى للمحاكم وذكرت أنه لا بد أن يساهم السجل في تمويل الحساب المقترح لما في ذلك من انعكاس إيجابي على خدماته. وقالت إنه في حال قبول مقترح النائب فإن ذلك سيؤثر سلبيا على تقديرات موارد الحساب الخاص في الخزينة وستبقى الموارد غير كافية لتغطية تكاليف تدخلاته، وفسرت أنه تم تقدير موارد جملية في الحساب في حدود 7 مليارات منها مليار ونصف بعنوان مساهمة السجل الوطني للمؤسسات. وطالبت البوغديري بالإبقاء على مساهمة السجل في حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية. وكانت نتيجة التصويت على مقترح التعديل كما يلي: 30 نعم 19 محتفظ 75 لا وبالتالي سقط.

وبخصوص نفس الفصل اقترح النواب سيرين مرابط ومحمد بن نور وحسن بوسمة وعمر بن عمر وباديس بلحاج علي وماهر الكتاري وطارق مهدي وسوسن مبروك وعبد القادر بن زينب ورياض بلال ويسري البواب وهالة جاب الله وغسان يامون ووليد الحاجي وإلياس بوكوشة ونجلاء اللحياني ومهى عامر وكمال كرعاني وصابر المصمودي ومعز برك الله وحسن الجربوعي ويوسف التومي تعديله في اتجاه أن يصبح الحساب المذكور يهدف إلى دعم وتطوير المنظومة القضائية العدلية والإدارية معا وليس المنظومة القضائية العدلية فقط على أن يقع ضبط كيفية توزيع الحساب بين وزارة العدل والمحكمة الإدارية وتكتسي نفقات الحساب الخاص بالخزينة صبغة تقديرية ويتولى رئيس الحكومة الإذن بالدفع لمصاريف الحساب في الجزء المتعلق بالمحكمة الإدارية وله أن يفوض حق الإمضاء طبق الفصل 18 من قانون المالية لسنة 1973 في حين يتولى وزير العدل الإذن بالدفع لمصاريف الحساب في الجزء المتعلق بالقضاء العدلي..

وترى النائبة سرين مرابط أن حصر تدخلات صندوق دعم تطوير المنظومة القضائية كما ورد في الفصل 12 من مشروع قانون المالية لسنة 2024 في القضاء العدلي غير مبرر ويكرس عدم المساواة بين جهاز القضاء العدلي وجهاز القضاء الإداري رغم أنهما يشتركان في تقديم الخدمات للمتقاضين ويشتركان في المعاناة من تردي البنية التحتية وعدم ملاءمة جزء من مقرات المحاكم الحالية لنشاط القضاء إضافة إلى الحاجة الملحة لرقمنة العمل القضائي وتسيير ولوج المواطن لخدمات القضاء وذكرت النائبة أنه لا بد من التنصيص في الفصل 12 سالف الذكر على أن خدمات الحساب تشمل كل من القضاء العدلي والقضاء الإداري.

وفي المقابل بينت وزيرة المالية أن مقترح الفصل 12 تم تقديمه من قبل وزارة العدل وهو مقترح مطروح منذ سنوات وحتى في المناسبات السابقة فقد تم تقديمه من قبل وزارة العدل. وذكرت أن إحداث الحساب المذكور مرتبط بميزانية وزارة العدل التي صادق عليها مجلس نواب الشعب قبل أيام قليلة، والتالي فإن وزارة العدل هي الآمر بالصرف. وفسرت أن الحساب في الخزينة يكون له آمر وحيد بالصرف وليس أكثر من آمر وأضافت أنه في صورة إضافة القضاء الإداري فإن محكمة المحاسبات بدورها يمكن أن تطلب إدراج القضاء المالي. وخلصت إلى أن القضاء الإداري ينضوي تحت رئاسة الحكومة وليس وزارة العدل وعلى هذا الأساس لا يمكن صرف نفقات لفائدته من ميزانية وزارة العدل.

وكانت نتيجة التصويت على المقترح 41 نعم و10 محتفظ و76 لا وبالتالي تم رفضه وصادق مجلس نواب الشعب في نهاية الأمر على الفصل في صيغته الأصلية بـ 97 نعم و15 محتفظ و17 لا.

وتعلقت بقية الفصول التي تم تمريرها على التصويت أمس خلال الجلسة العامة الصباحية بحساب تمويل التنقلات الحضرية وتوفير موارد إضافية لفائدة صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب وصندوق النهوض بالصادرات وتعزيز موارد صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري ودعم موارد صندوق تعويض الأضرار الناجمة عن الجوائج الطبيعية ودعم الدور التعديلي والخدماتي لشركة اللحوم. وبخصوص الفصل المتعلق بتخفيف جباية مادتي الشاي والقهوة الموردة من قبل الديوان التونسي للتجارة، فقد اقترح النواب ريم الصغير وأسماء الدرويش وبسمة الهمامي ورشدي الرويسي وزينة جيب الله ومعز بن يوسف وفوزي الدعاس وعواطف الشنيني إضافة المعجنات ودقيق الذرة الخالي من القليتين وذلك لأن مرضى السيلياك لا يجدون في تونس مواد خالية من القليتين وذلك في انتظار الاعتراف بهذا المرض كمرض مزمن من قبل "الكنام" ولكن الوزيرة أشارت إلى أن ديوان التجارة لا يستورد هذه المادة وعبرت عن رغبتها في تقديم هذا المقترح في شكل فصل إضافي وبينت أنها لا ترى مانعا في ذلك، ورد عليها النواب بالتصفيق لكن رئيس المجلس اعترض على ذلك.

قروض ميسرة

كما صادق مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة بإجماع الحاضرين على إحداث خط تمويل بـ 20 مليارا على موارد صندوق التشغيل لفائدة الفئات الضعيفة ومحدودة الدخل يخصص لإسناد قروض دون فائدة لا تتجاوز 10 آلاف دينار للقرض الواحد لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية وذلك خلال سنة 2024 ويتم تسديدها على مدة أقصاها ست سنوات منها سنة إمهال.

وكان المجلس النيابي انطلق مساء الأربعاء 6 ديسمبر 2023 في جلسة عامة مسترسلة للنظر في مشروع قانون المالية طبقا لمقتضيات الفصل 78 من الدستور ، ولأحكام القانون الأساسي للميزانية، وأحكام نظامه الداخلي وتولى النائب عصام البحري الجابري مقرر لجنة المالية والميزانية تلاوة تقرير اللجنة حول هذا المشروع ثم تم المرور إلى النقاش العام وحسب بلاغ صادر عن المجلس تمحورت مداخلات النواب حول العديد من النقاط حيث طالبوا باتخاذ إجراءات لمقاومة التهرب الجبائي وإدماج القطاع الموازي ضمن القطاع المهيكل وبوضع إجراءات لتنمية الادخار ومزيد دفع الاستثمار والتصدير، وتشجيع إنجاز وتمويل المشاريع في مجالات الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري والتنمية المستدامة. وتساءل عدد من النواب عن مصادر تعبئة موارد ميزانية الدولة لسنة 2024 ودعوا إلى تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية ودعم الشراكة خاصة مع الجزائر و ليبيا وتنقيح التشريعات المتعلقة بالاستثمار لتحقيق الإقلاع الاقتصادي وتعديل القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي لتحقيق السيادة النقدية. كما طالب النواب خلال النقاش العام لمشروع قانون المالية بضرورة تطوير إنتاج الفسفاط والفولاذ والحلفاء وبمراجعة سياسة التداين وتخفيف العبء الجبائي على المطالبين بالأداء واعتماد الإصلاحات الهيكلية على مستوى المؤسسات العمومية التي تكلّف المجموعة الوطنية أموالا طائلة ومراجعة منظومة الدعم في اتجاه تكريس العدالة الاجتماعية وتنقيح مجلة الديوانة ، والنظام الأساسي لأعوان الديوانة وحلحلة الصعوبات التي يمر بها بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وجاء في نفس البلاغ أن هناك من النواب من تحدثوا عن غياب الإجراءات المتصلة بدفع التنمية وجلب الاستثمار والتحفيز الاقتصادي وطالبوا بالحد من البطالة.

سعيدة بوهلال