من المفترض أن يحل بتونس بداية من اليوم وفد من خبراء صندوق النقد الدولي، وسط شكوك حول تأجيل الزيارة المبرمجة منذ أسابيع، والتي تهدف لإجراء لمراجعة أداء الاقتصاد الوطني.
وتزامنت زيارة خبراء صندوق النقد مع تصريح لافت أدلى به وزير التربية محمد علي البوغديري لدى رده على تساؤلات النواب في جلسة عامة برلمانية مخصصة لمناقشة مهمة التربية بميزانية الدولة للعام المقبل، أشار فيها إلى أن صندوق النقد يشترط بشكل خفي وغير مباشر تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، لإمضاء الاتفاق المالي المعلق منذ أكتوبر 2022.
وقال:" تونس تدفع فاتورة مواقفها من القضية الفلسطينية..صندوق النقد الدولي يقطع عّنا القرض ويضع أمامنا شروطا منها رفع الدعم والتقليص من عدد الموظفين ..هذه شروط الواجهة ولكن ما وراءها أكبر بكثير وهي التطبيع مع الكيان الصهيوني.. ونحن لن نطّبع لا صلح ولا تفاوض في هذه النقطة.."
تصريح وزير التربية يأتي في وقت تراجعت فيه حكومة الحشاني عن التعويل - لأول مرة- على قرض صندوق النقد الدولي لتمويل ميزانية العام المقبل، عكس ما كان عليه الأمر في ميزانية العام الماضي التي تم إدراج تعبئة موارد من اتفاق مالي مع الصندوق بقيمة 1.9 مليار دولار على ثماني أقساط، لكن تأجيل إدارة الصندوق النظر في ملف تونس مرات عديدة حالت دون الحصول عليها..
وغاب صندوق النقد عن قائمة المؤسسات المالية المقرضة التي تعمل الحكومة على التعاون معها لتعبئة وارد مالية خارجية، علما أن مشروع ميزانية الدولة للعام المقبل تضمن التعويل على قروض خارجية تقارب 4ر14 مليار دينار. منها موارد بقيمة 38 مليون دولار من صندوق النقد العربي و400 مليون دولار من البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد..
وتخطط الحكومة في إطار التعاون الثنائي الى الحصول على 300 مليون دولار من الجزائر و 500 مليون دولار من المملكة العربية السعودية الى جانب تعبئة قروض أخرى لم تقدم بيانات عن مصدرها بقيمة 2ر3 مليار دينار.
اتفاق معلق.. والسبب مجهول
ولا يعلم لحد الآن السبب الحقيقي والأول لتأجيل إدارة صندوق النقد الحسم في مشروع الاتفاق المبدئي الذي توصل إليه خبراء الصندوق مع تونس ويقضي بتمويل قدره 1.9 مليار دولار مقابل تعهد الحكومة التونسية بإصلاحات مالية وهيكلية..
ويبدو أن تحفظ السلطات التونسية وخاصة رئاسة الجمهورية في ضمان تنفيذ بعض الإصلاحات منها أساسا التخلي عن دعم المواد الأساسية، حال دون إتمام الاتفاق.
غير أن التصريحات المتفائلة التي يصدرها بين الفينة والأخرى مسؤولو الصندوق والتي تعتبر مشيدة عموما بأداء الاقتصاد التونسي لا تعكس موقف سلبي تجاه تونس. لكن بعض الخبراء لا ينفون وجود ضغوطات داخلية ذات طابع سياسي في مجلس إدارة الصندوق الذي تهيمن عليه الدول الاقتصادية الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قد يكون لها تأثير على قرارات الصندوق..
وفي هذا السياق، كانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا قد أكدت في تصريح منسوب لها قبل شهر، وفي ردها على لها مدى التعاون مع تونس، "إن الوضع الاقتصادي في تونس مضطرب لكنّه أقل خطورة من الاضطرابات الأخرى الموجودة في شمال إفريقيا"، مُشيرة إلى أنّه "لا يزال بحاجة إلى إجراءات عاجلة لاستكمال الترتيبات المتعلقة بحزمة إنقاذ قيمتها 1.9 مليار دولار من البنك".
وأوضحت في مقابلة مع "اقتصاد الشرق بلومبرغ"، أن "إعادة هيكلة الديون ليست مطلوبة لأن البلاد ليست في وضع خطير بعد.. ومع ذلك كلما أسرعت الدولة في اتخاذ بعض التدابير لتعزيز وضعها المالي، وتعزيز أدائها الاقتصادي العام، كان ذلك أفضل"، لافتة إلى أنّ "تونس لا تحتاج إلى إعادة هيكلة بعد ولكن يجب أن تتحرك قريباً لدعم اقتصادها".
مؤشرات ايجابية ولكن ..
وكان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد ازعور، كشف قبل أسابيع خلال ندوة صحفيّة عقدها بمراكش لتقديم تقرير الصندوق بشأن آفاق الاقتصاد الإقليمي /الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أكتوبر 2023، أن فريقا من صندوق النقد الدولي سيزور تونس للنظر في آخر التطّورات الاقتصادية والمالية في البلاد في إطار المادة الرابعة.
واعتبر أزعور، في رد على سؤال لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، عن حظوظ تواصل برنامج التعاون المالي بين تونس والصندوق، المعلّق منذ أكتوبر 2022، أن التعاون متواصل وكذلك الدعم التقني، مفيدا أن برنامج الإصلاحات المقدم من طرف الحكومة التونسيّة كان تونسيا بحتا، مشيرا الى أن تونس في حاجة إلى مزيد تشديد سياستها النقدية لاحتواء التضخم، الذي يبقى رغم تراجعه في مستويات مرتفعة.
وكانت تونس وصندوق النقد الدولي توصلا في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء لمنحها قرض بقيمة 1,9 مليار دولار على مدى أربع سنوات من اجل مساندة السياسات الاقتصادية بالبلاد، لكن الاتفاق تعطّل دون التمكن من حصول الموافقة لعرض البرنامج على مجلس إدارة الصندوق بعد تأجيله النظر في برنامج تونس الذي كان مقررا يوم 19 ديسمبر 2022..
يذكر أن محافظ البنك المركزي مروان العباسي كان قد أكد في وقت سابق أنّ الزيارة التي سيقوم بها فريق من صندوق النقد الدولي إلى تونس من 5 إلى 17 ديسمبر الجاري، تعدّ إشارة إيجابية لتقيم الدليل على إعادة التواصل بين الطرفين.
وأوضح العبّاسي في حوار مع "وات" أنّ “الزيارة ستتمّ في إطار المادّة الرابعة للصندوق المتعلقة بمراجعة أداء الاقتصاد التونسي وإصدار تقرير في الغرض”، مضيفا أن “المراجعة على أساس المادة الرابعة تقوم بها كل البلدان الأعضاء في الصندوق، بما في ذلك الاقتصادات القويّة على غرار الولايات المتحدة، ولا تعدّ تونس استثناء خاصة أنّها لم تقم بذلك منذ سنتين”.
وأشار إلى أنّ “الإصلاحات التي تمّت مناقشتها مع مؤسسة الإقراض الدولية تم تجسيدها وتطبيقها ضمن قانون المالية لسنة 2023، على غرار الترفيع في الأداء على القيمة المضافة للمهن الحرّة”، ملاحظا أنّ “هذه الإصلاحات أدّت إلى تحقيق مردودية على مستوى تحصيل العائدات الجبائية”.
وأوضح العباسي أنّ تونس كانت في أكتوبر 2022، تاريخ حصولها على موافقة الصندوق على برنامج تمويل ممدد بقيمة 1.9 مليار دولار على مستوى الخبراء، في وضع ما بعد أزمة وما سبّبته الحرب الروسية – الأوكرانية من ارتفاع لأسعار المحروقات.
والمواد الغذائية على مستوى السوق العالمية. غير أنّه ما بين أكتوبر 2022 وأكتوبر 2023 تقلّص عجز ميزان الدفوعات، فبلغ في نهاية 2022 حوالي 8.6 في المائة ليصل حاليا إلى مستوى 2.1 في المائة، مع توقّع عدم تجاوزه نسبة 4 في المائة في نهاية 2023. وهي نسبة عجز لم تتمكّن البلاد من تحقيقها منذ سنوات.
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
من المفترض أن يحل بتونس بداية من اليوم وفد من خبراء صندوق النقد الدولي، وسط شكوك حول تأجيل الزيارة المبرمجة منذ أسابيع، والتي تهدف لإجراء لمراجعة أداء الاقتصاد الوطني.
وتزامنت زيارة خبراء صندوق النقد مع تصريح لافت أدلى به وزير التربية محمد علي البوغديري لدى رده على تساؤلات النواب في جلسة عامة برلمانية مخصصة لمناقشة مهمة التربية بميزانية الدولة للعام المقبل، أشار فيها إلى أن صندوق النقد يشترط بشكل خفي وغير مباشر تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، لإمضاء الاتفاق المالي المعلق منذ أكتوبر 2022.
وقال:" تونس تدفع فاتورة مواقفها من القضية الفلسطينية..صندوق النقد الدولي يقطع عّنا القرض ويضع أمامنا شروطا منها رفع الدعم والتقليص من عدد الموظفين ..هذه شروط الواجهة ولكن ما وراءها أكبر بكثير وهي التطبيع مع الكيان الصهيوني.. ونحن لن نطّبع لا صلح ولا تفاوض في هذه النقطة.."
تصريح وزير التربية يأتي في وقت تراجعت فيه حكومة الحشاني عن التعويل - لأول مرة- على قرض صندوق النقد الدولي لتمويل ميزانية العام المقبل، عكس ما كان عليه الأمر في ميزانية العام الماضي التي تم إدراج تعبئة موارد من اتفاق مالي مع الصندوق بقيمة 1.9 مليار دولار على ثماني أقساط، لكن تأجيل إدارة الصندوق النظر في ملف تونس مرات عديدة حالت دون الحصول عليها..
وغاب صندوق النقد عن قائمة المؤسسات المالية المقرضة التي تعمل الحكومة على التعاون معها لتعبئة وارد مالية خارجية، علما أن مشروع ميزانية الدولة للعام المقبل تضمن التعويل على قروض خارجية تقارب 4ر14 مليار دينار. منها موارد بقيمة 38 مليون دولار من صندوق النقد العربي و400 مليون دولار من البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد..
وتخطط الحكومة في إطار التعاون الثنائي الى الحصول على 300 مليون دولار من الجزائر و 500 مليون دولار من المملكة العربية السعودية الى جانب تعبئة قروض أخرى لم تقدم بيانات عن مصدرها بقيمة 2ر3 مليار دينار.
اتفاق معلق.. والسبب مجهول
ولا يعلم لحد الآن السبب الحقيقي والأول لتأجيل إدارة صندوق النقد الحسم في مشروع الاتفاق المبدئي الذي توصل إليه خبراء الصندوق مع تونس ويقضي بتمويل قدره 1.9 مليار دولار مقابل تعهد الحكومة التونسية بإصلاحات مالية وهيكلية..
ويبدو أن تحفظ السلطات التونسية وخاصة رئاسة الجمهورية في ضمان تنفيذ بعض الإصلاحات منها أساسا التخلي عن دعم المواد الأساسية، حال دون إتمام الاتفاق.
غير أن التصريحات المتفائلة التي يصدرها بين الفينة والأخرى مسؤولو الصندوق والتي تعتبر مشيدة عموما بأداء الاقتصاد التونسي لا تعكس موقف سلبي تجاه تونس. لكن بعض الخبراء لا ينفون وجود ضغوطات داخلية ذات طابع سياسي في مجلس إدارة الصندوق الذي تهيمن عليه الدول الاقتصادية الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قد يكون لها تأثير على قرارات الصندوق..
وفي هذا السياق، كانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا قد أكدت في تصريح منسوب لها قبل شهر، وفي ردها على لها مدى التعاون مع تونس، "إن الوضع الاقتصادي في تونس مضطرب لكنّه أقل خطورة من الاضطرابات الأخرى الموجودة في شمال إفريقيا"، مُشيرة إلى أنّه "لا يزال بحاجة إلى إجراءات عاجلة لاستكمال الترتيبات المتعلقة بحزمة إنقاذ قيمتها 1.9 مليار دولار من البنك".
وأوضحت في مقابلة مع "اقتصاد الشرق بلومبرغ"، أن "إعادة هيكلة الديون ليست مطلوبة لأن البلاد ليست في وضع خطير بعد.. ومع ذلك كلما أسرعت الدولة في اتخاذ بعض التدابير لتعزيز وضعها المالي، وتعزيز أدائها الاقتصادي العام، كان ذلك أفضل"، لافتة إلى أنّ "تونس لا تحتاج إلى إعادة هيكلة بعد ولكن يجب أن تتحرك قريباً لدعم اقتصادها".
مؤشرات ايجابية ولكن ..
وكان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد ازعور، كشف قبل أسابيع خلال ندوة صحفيّة عقدها بمراكش لتقديم تقرير الصندوق بشأن آفاق الاقتصاد الإقليمي /الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أكتوبر 2023، أن فريقا من صندوق النقد الدولي سيزور تونس للنظر في آخر التطّورات الاقتصادية والمالية في البلاد في إطار المادة الرابعة.
واعتبر أزعور، في رد على سؤال لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، عن حظوظ تواصل برنامج التعاون المالي بين تونس والصندوق، المعلّق منذ أكتوبر 2022، أن التعاون متواصل وكذلك الدعم التقني، مفيدا أن برنامج الإصلاحات المقدم من طرف الحكومة التونسيّة كان تونسيا بحتا، مشيرا الى أن تونس في حاجة إلى مزيد تشديد سياستها النقدية لاحتواء التضخم، الذي يبقى رغم تراجعه في مستويات مرتفعة.
وكانت تونس وصندوق النقد الدولي توصلا في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء لمنحها قرض بقيمة 1,9 مليار دولار على مدى أربع سنوات من اجل مساندة السياسات الاقتصادية بالبلاد، لكن الاتفاق تعطّل دون التمكن من حصول الموافقة لعرض البرنامج على مجلس إدارة الصندوق بعد تأجيله النظر في برنامج تونس الذي كان مقررا يوم 19 ديسمبر 2022..
يذكر أن محافظ البنك المركزي مروان العباسي كان قد أكد في وقت سابق أنّ الزيارة التي سيقوم بها فريق من صندوق النقد الدولي إلى تونس من 5 إلى 17 ديسمبر الجاري، تعدّ إشارة إيجابية لتقيم الدليل على إعادة التواصل بين الطرفين.
وأوضح العبّاسي في حوار مع "وات" أنّ “الزيارة ستتمّ في إطار المادّة الرابعة للصندوق المتعلقة بمراجعة أداء الاقتصاد التونسي وإصدار تقرير في الغرض”، مضيفا أن “المراجعة على أساس المادة الرابعة تقوم بها كل البلدان الأعضاء في الصندوق، بما في ذلك الاقتصادات القويّة على غرار الولايات المتحدة، ولا تعدّ تونس استثناء خاصة أنّها لم تقم بذلك منذ سنتين”.
وأشار إلى أنّ “الإصلاحات التي تمّت مناقشتها مع مؤسسة الإقراض الدولية تم تجسيدها وتطبيقها ضمن قانون المالية لسنة 2023، على غرار الترفيع في الأداء على القيمة المضافة للمهن الحرّة”، ملاحظا أنّ “هذه الإصلاحات أدّت إلى تحقيق مردودية على مستوى تحصيل العائدات الجبائية”.
وأوضح العباسي أنّ تونس كانت في أكتوبر 2022، تاريخ حصولها على موافقة الصندوق على برنامج تمويل ممدد بقيمة 1.9 مليار دولار على مستوى الخبراء، في وضع ما بعد أزمة وما سبّبته الحرب الروسية – الأوكرانية من ارتفاع لأسعار المحروقات.
والمواد الغذائية على مستوى السوق العالمية. غير أنّه ما بين أكتوبر 2022 وأكتوبر 2023 تقلّص عجز ميزان الدفوعات، فبلغ في نهاية 2022 حوالي 8.6 في المائة ليصل حاليا إلى مستوى 2.1 في المائة، مع توقّع عدم تجاوزه نسبة 4 في المائة في نهاية 2023. وهي نسبة عجز لم تتمكّن البلاد من تحقيقها منذ سنوات.