مرة أخرى يكسر الشباب التونسي وأساسا التلاميذ والطلبة الفكرة السائدة وهي أنهم جيل استهلاكي و"سطحي" وغير مهتم بالشأن العام لكن الحشود والتحركات الكبيرة التي شاهدنا في الأيام الأخيرة والهبة العفوية التي أطلقها عموم التلاميذ والطلبة في مختلف المدارس والجامعات التونسية نصرة للقضية الفلسطينية أثبتت العكس.
ورغم محاولات "أدلجة" الشباب التونسي وحصره في زوايا معينة خلقت منه شخصية تميل إلى كل ما هو فعل غير جدي لكن تأتي مثل هذه المواقف واللحظات لتثبت العكس وتؤكد أن التلميذ والطالب والشاب التونسي يحمل هموم وآلام أخيه الفلسطيني ويخرج رافعا الشعارات ويهتف بصوت عال مدافعا على الحق الفلسطيني.
فالموقف الثابت من القضية الفلسطينية لم نشهده فقط عند الشخصيات الحقوقية والسياسية بل تم توريث الإيمان بالقضية الفلسطينية لأطفال تونس وشبابها عبر الزمن فهو الجيل الذي عايش كل تفاصيل القضية الفلسطينية وحفرت في ذاكرته أسماء أطفال ارتوت بدمائهم الطاهرة ارض فلسطين أطفال مثل الشهداء محمد الدرة، فارس عودة، وإيمان حجي وغيرهم من أطفال غزة وفلسطين الذين مازلنا نشاهد الى اليوم صورهم التي لن تمحى مهما مر عليها الزمن وهم يقصفون ويقتلون على يد الكيان الصهيوني.
فالشباب التونسي يعي تفاصيل القضية العربية الأولى، القضية الفلسطينية ويتذكر جيدا "أطفال الحجارة" هذه التسمية التي برزت خلال أحداث الانتفاضة الأولى عام 1987، بعد انتشار عدة صور لأطفال عزّل في المدن والقرى الفلسطينية، يحملون الحجارة مجتمعين في مواجهة الآليات العسكرية والرصاص الكثيف الذي كان يرد به جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وقال عبد اللطيف الحناشي الكاتب والمؤرخ أن ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي من صور صادمة وموجعة في الآن نفسه واغتيال الطفولة دون أي ذنب غذى روح التعاطف والإحساس بالمسؤولية ليس لدى عموم التونسيين فقط أو ما يعرف بالنخبة الحقوقية والسياسية والفكرية بل امتدت موجة التعاطف لتشمل الشباب التونسي والتلاميذ والطلبة لإحساسهم العميق بالقضية الفلسطينية وأبعادها القومية العربية ومن المفروض أن يكون هذا درسا للكيان الصهيوني ليعرف جديا أن جيلا جديدا ولد وتوارث همّ الشعب الفلسطيني ولن يقبل ويتراجع قيد أنملة في كل ما يخص الحق الفلسطيني.
وشدد الحناشي على أنه لا يوجد أقوى من الصور تأثيرا في النفوس وفي ذاكرة الشباب والإنسان لذلك رأينا العاطفة المطلقة و"الفزعة" التلمذية والطلابية نصرة لفلسطين.
من جانبه اعتبر سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم أن التّلاميذ قدموا على امتداد الأيّام الفارطة شواهد حيّة منعشة على ما هم عليه من وعي ونضج والتزام ومسؤوليّة، ومن قدرة على ابتكار أشكال تعبيريّة راقية لإبلاغ أصواتهم ومواقفهم وهذا يؤكد أنهّ رغم سنوات طويلة من العبث بمدرسة الجمهوريّة ومن التّعطيل المتعمّد للمرفق التّربويّ ومن المحاولات المحمومة لتخريب وعي النّاشئة عبر كلّ القنوات والوسائل المتاحة لم تكن كافية لإنتاج أجيال تائهة مائعة، بل إنّ العكس هو الذي حدث ويحدث، لأنّ الجينات التّونسيّة القرطاجيّة الصّامدة منذ قرون لازالت تُتَوارث بين الأجيال على نحو لا نكاد نجد له مثيلا.
وأضاف قاسم لـ"الصباح" انّ المشاهد التي تصلنا من كلّ جهات الجمهوريّة بلا استثناء، تؤكّد أنّ ناشئتنا لا تزال بألف خير، ولئن كان في هذا ما يثلج الصّدر ويبعث الأمل، فإنّ فيه أيضا ما يحمّلنا ويحمّل القائمين على شأن التّربية والتّعليم في بلادنا مسؤوليّة جسيمة، كمسؤوليّة توفير ما يحتاجه هذا الجيل الرّائع من تأطير، ومسؤوليّة منحه الآفاق الرّحبة التي يستحقّها، بعيدا عن كلّ أشكال الوصاية والتّسلّط، وعن كلّ الحسابات الشّخصيّة والفئويّة الضّيقة التي تجعل من بناء مدرسة المستقبل بوصلتها الوحيدة وغايتها الرّئيسيّة، حتى تعود مدرسة الجمهوريّة لتأدية دورها الحضاريّ.
وأكد رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم انه على امتداد السّنوات الأخيرة، مثّلت الأسرة التّونسيّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ والعديد من الهياكل والمؤسّسات والأفراد شبكة حماية ذادت عن ناشئتنا أمام جميع محاولات الاستلاب والتّهميش، وضمنت تشبّعها بالقيم الوطنيّة والإنسانيّة، وقد آن الأوان لمدرستنا أن تسترجع مكانتها وأن تتخلّص ممّا لحق بها من أدران، وكلّنا أمل في أن يكون الإصلاح القادم لمنظومة التّربية والتّعليم نقطة الانطلاق الحقيقيّة التي ستحقّق هذه الغاية الهامّة والمصيريّة.
جهاد الكلبوسي
تونس - الصباح
مرة أخرى يكسر الشباب التونسي وأساسا التلاميذ والطلبة الفكرة السائدة وهي أنهم جيل استهلاكي و"سطحي" وغير مهتم بالشأن العام لكن الحشود والتحركات الكبيرة التي شاهدنا في الأيام الأخيرة والهبة العفوية التي أطلقها عموم التلاميذ والطلبة في مختلف المدارس والجامعات التونسية نصرة للقضية الفلسطينية أثبتت العكس.
ورغم محاولات "أدلجة" الشباب التونسي وحصره في زوايا معينة خلقت منه شخصية تميل إلى كل ما هو فعل غير جدي لكن تأتي مثل هذه المواقف واللحظات لتثبت العكس وتؤكد أن التلميذ والطالب والشاب التونسي يحمل هموم وآلام أخيه الفلسطيني ويخرج رافعا الشعارات ويهتف بصوت عال مدافعا على الحق الفلسطيني.
فالموقف الثابت من القضية الفلسطينية لم نشهده فقط عند الشخصيات الحقوقية والسياسية بل تم توريث الإيمان بالقضية الفلسطينية لأطفال تونس وشبابها عبر الزمن فهو الجيل الذي عايش كل تفاصيل القضية الفلسطينية وحفرت في ذاكرته أسماء أطفال ارتوت بدمائهم الطاهرة ارض فلسطين أطفال مثل الشهداء محمد الدرة، فارس عودة، وإيمان حجي وغيرهم من أطفال غزة وفلسطين الذين مازلنا نشاهد الى اليوم صورهم التي لن تمحى مهما مر عليها الزمن وهم يقصفون ويقتلون على يد الكيان الصهيوني.
فالشباب التونسي يعي تفاصيل القضية العربية الأولى، القضية الفلسطينية ويتذكر جيدا "أطفال الحجارة" هذه التسمية التي برزت خلال أحداث الانتفاضة الأولى عام 1987، بعد انتشار عدة صور لأطفال عزّل في المدن والقرى الفلسطينية، يحملون الحجارة مجتمعين في مواجهة الآليات العسكرية والرصاص الكثيف الذي كان يرد به جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وقال عبد اللطيف الحناشي الكاتب والمؤرخ أن ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي من صور صادمة وموجعة في الآن نفسه واغتيال الطفولة دون أي ذنب غذى روح التعاطف والإحساس بالمسؤولية ليس لدى عموم التونسيين فقط أو ما يعرف بالنخبة الحقوقية والسياسية والفكرية بل امتدت موجة التعاطف لتشمل الشباب التونسي والتلاميذ والطلبة لإحساسهم العميق بالقضية الفلسطينية وأبعادها القومية العربية ومن المفروض أن يكون هذا درسا للكيان الصهيوني ليعرف جديا أن جيلا جديدا ولد وتوارث همّ الشعب الفلسطيني ولن يقبل ويتراجع قيد أنملة في كل ما يخص الحق الفلسطيني.
وشدد الحناشي على أنه لا يوجد أقوى من الصور تأثيرا في النفوس وفي ذاكرة الشباب والإنسان لذلك رأينا العاطفة المطلقة و"الفزعة" التلمذية والطلابية نصرة لفلسطين.
من جانبه اعتبر سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم أن التّلاميذ قدموا على امتداد الأيّام الفارطة شواهد حيّة منعشة على ما هم عليه من وعي ونضج والتزام ومسؤوليّة، ومن قدرة على ابتكار أشكال تعبيريّة راقية لإبلاغ أصواتهم ومواقفهم وهذا يؤكد أنهّ رغم سنوات طويلة من العبث بمدرسة الجمهوريّة ومن التّعطيل المتعمّد للمرفق التّربويّ ومن المحاولات المحمومة لتخريب وعي النّاشئة عبر كلّ القنوات والوسائل المتاحة لم تكن كافية لإنتاج أجيال تائهة مائعة، بل إنّ العكس هو الذي حدث ويحدث، لأنّ الجينات التّونسيّة القرطاجيّة الصّامدة منذ قرون لازالت تُتَوارث بين الأجيال على نحو لا نكاد نجد له مثيلا.
وأضاف قاسم لـ"الصباح" انّ المشاهد التي تصلنا من كلّ جهات الجمهوريّة بلا استثناء، تؤكّد أنّ ناشئتنا لا تزال بألف خير، ولئن كان في هذا ما يثلج الصّدر ويبعث الأمل، فإنّ فيه أيضا ما يحمّلنا ويحمّل القائمين على شأن التّربية والتّعليم في بلادنا مسؤوليّة جسيمة، كمسؤوليّة توفير ما يحتاجه هذا الجيل الرّائع من تأطير، ومسؤوليّة منحه الآفاق الرّحبة التي يستحقّها، بعيدا عن كلّ أشكال الوصاية والتّسلّط، وعن كلّ الحسابات الشّخصيّة والفئويّة الضّيقة التي تجعل من بناء مدرسة المستقبل بوصلتها الوحيدة وغايتها الرّئيسيّة، حتى تعود مدرسة الجمهوريّة لتأدية دورها الحضاريّ.
وأكد رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم انه على امتداد السّنوات الأخيرة، مثّلت الأسرة التّونسيّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ والعديد من الهياكل والمؤسّسات والأفراد شبكة حماية ذادت عن ناشئتنا أمام جميع محاولات الاستلاب والتّهميش، وضمنت تشبّعها بالقيم الوطنيّة والإنسانيّة، وقد آن الأوان لمدرستنا أن تسترجع مكانتها وأن تتخلّص ممّا لحق بها من أدران، وكلّنا أمل في أن يكون الإصلاح القادم لمنظومة التّربية والتّعليم نقطة الانطلاق الحقيقيّة التي ستحقّق هذه الغاية الهامّة والمصيريّة.