إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ستحد من استنزاف ميزانية الدولة والاحتياطي النقدي.. أكثر المواد استيرادا لتونس تشهد استقرارا في الأسواق العالمية

 

تونس- الصباح

سجلت أسعار القمح والحبوب، خلال اليومين الأخيرين، انخفاضا لتصل الى 237 دولارًا للطن الواحد، في حين شهدت أسعار النفط الخام بدورها انخفاضا ليستقر سعر برميل النفط عند 75 دولارًا، مع تسجيل تباطؤ في الاقتصاد الأمريكي والأوروبي والصيني مما يعني انخفاض الطلب العالمي على النفط وعلى المواد الخام، ما يفتح المجال لتونس لتستورد حاجياتها من هذه المواد بتكاليف أقل، وتوفر المزيد من العملات الأجنبية، وتحافظ على استقرار الدينار التونسي، وبالتالي ارتفاع أيام الاستيراد.

وبدأت أسعار القمح تشهد انخفاضا مع بداية شهر جوان الماضي، لتصل اليوم الى حدود 237 دولارا للطن، مقابل 254.17 دولار للطن خلال شهر أفريل الماضي، كما تراجعت على أساس سنوي بنسبة 45.5% ، كما انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 20 سنتا أي 0.3% إلى 75.21 دولار للبرميل، بعد أن استقرت على ارتفاع 0.8% يوم الجمعة الماضي. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا أي 0.3% مسجلا 70.41 دولار بعد أن أغلق مرتفعا 1.1% خلال مداولات سابقة.

ارتفاع نفقات تونس على المحروقات

وكان وزير الاقتصاد سمير سعيد قد كشف في تصريح سابق لـ"الصباح"، أن ارتفاع أسعار النفط والحبوب نتيجة الحرب الروسية-الأوكرانية، قد كلف ميزانية الدولة خسائر تقدّر بحوالي 1.7 مليار دولار، أي أكثر من 4 مليار دينار، في حين قدرها محافظ البنك المركزي مروان العباسي بأكثر من 5 مليار دينار، وتأتي هذه التقديرات، تزامنا مع تحذيرات غربية مفادها أن الحرب شرق أوروبا تهدد الأمن الغذائي والطاقي في غالبية أنحاء العالم.

بدوره كشف المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة فتحي الحنشي، مؤخرا، في تصريح لـ"الصباح"، عن ارتفاع "فاتورة" استهلاكنا من المحروقات لتتجاوز حاجز 10 مليار دينار، لافتا الى أهمية العمل في الفترة القادمة على دعم مشاريع الطاقات المتجددة، والتسريع في نسق الانتقال الطاقي، في مختلف المجالات، وذلك للحد من نفقات الدولة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في العالم، والتي تميزت بارتفاع أسعار الطاقة.

ويلقي ارتفاع أسعار النفط اليوم بظلاله على العديد من اقتصادات الدول، حيث أن ارتفاعها عن مستوى 75 دولارا، يرفع من حجم المصاريف، ويهدد بشكل مباشر احتياطي الدول من العملة الصعبة، وتونس ضمن الدول التي استنزفت مواردها المالية بسبب الارتفاع الفجئي لأسعار النفط عالميا. وكان صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له على هامش اجتماعات الربيع بواشنطن، قد توقع أن تنخفض أسعار النفط عالميا الى المستويات السائدة، إلا أنها شهدت ارتفاعا بلغ أكثر من 87 دولار عند التسليم خلال الأشهر القليلة الماضية.

وبدأت أسعار النفط، تشهد ارتفاعا لافتا الشهر الماضي تزامنا مع قرار أوبك+ بخفض الإنتاج، والذي من شأنه تقليص الإمدادات بالسوق العالمية، تزامنا مع المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة الذي من المرجح أن يضر بالطلب. ويترقب المستثمرون هذا الأسبوع مجموعة من التقارير حول التضخم والعرض والطلب بسوق النفط قد تحدد اتجاه السوق.

استقرار الأسعار عالميا

ويعتبر استقرار الأسعار عالمياً، أحد الأهداف التي تسعى إليها العديد من الدول والمؤسسات الاقتصادية. ويتعلق الأمر بالمحافظة على استقرار الأسعار في مختلف القطاعات الاقتصادية والعملات الوطنية بشكل مستدام، وذلك بهدف تحقيق التوازن في التجارة الدولية والنمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة.

وتعتبر مؤشرات الأسعار الاستهلاكية والتضخم من أهم العوامل المؤثرة في استقرار الأسعار عالمياً بعوامل مثل العرض والطلب على الموارد، التكنولوجيا، السياسات النقدية والمالية، والأحداث الجيوسياسية المختلفة. وتشكل المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أدوات رئيسية لتعزيز استقرار الأسعار عالمياً، وتعمل هذه المؤسسات على توفير الدعم المالي والمشورة الفنية للدول لتنفيذ سياسات اقتصادية مستدامة ومعايير شفافة لضمان استقرار الأسعار. علاوة على ذلك، تلعب الاتفاقيات والمنظمات الدولية دوراً هاماً في تعزيز استقرار الأسعار. على سبيل المثال، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومنظمة التجارة العالمية (WTO) تعملان على تعزيز التعاون الدولي في مجال السياسات الاقتصادية والتجارة لتحسين استقرار الأسعار.

ولا يمكن إغفال أهمية العولمة في استقرار الأسعار عالمياً، فمع زيادة التواصل والتداول الاقتصادي بين الدول، تزداد أيضاً أهمية التعاون وتبادل المعلومات للحفاظ على استقرار الأسعار.

بخلاصة، يُعتبر استقرار الأسعار عالمياً هدفاً مهماً يطمح العديد من الدول والمؤسسات لتحقيقه. ومن خلال الجهود المشتركة والتعاون على المستوى الدولي، يمكن تحقيق توازن اقتصادي مستدام ورفاهية للجميع.

انتعاشة مرتقبة في ميزانية الدولة

وإجمالا يبقى هبوط أسعار النفط عالميا الى حدود 75دولارا ، مفيدا لتونس، التي وجدت صعوبات كبيرة، خلال سنة 2022، بعد ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، ما خلف اضطرابات واسعة النطاق، أبرزها فقدان بعض أنواع المحروقات من السوق، بالإضافة إلى تأخر ملموس في تسليم الشحنات بسبب شروط بعض المؤسسات الأجنبية، والتي تطالب بالدفع الفوري عند التسليم خلافا لما جرت عليه العادة.

ويتزامن انخفاض أسعار النفط الى المستويات التي تتلاءم مع ميزانية تونس لسنة 2023، مع انخفاض أسعار القمح عالميا، بالإضافة الى ارتفاع أيام التوريد الى 98 يوما، مع ارتفاع ملحوظ في الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية ليصل الى 22.7 مليار دينار.

وجدير بالذكر، أن انخفاض هذه المواد الحيوية للاقتصاد التونسي، يعد جيدا في المدى المتوسط، حيث أن ميزانية 2023، اعتمدت على فرضيات عدة لأسعار برميل النفط على ألا تتجاوز 89 دولارًا للبرميل الواحد، واستقرارها عند 75 دولارا للفترة القادمة سيوفر مداخيل إضافية لميزانية الدولة، ويحد من استنزاف الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، وخاصة عملة الدولار التي تشهد نقصا في الأسواق العالمية، مما اضطر الأرجنتين منذ يومين الى سداد ديونها بعملة اليوان الصينية، وذلك بسبب تراجع السيولة العالمية لعملة الدولار، العملة الرئيسية لعديد الدول لخلاص مشترياتها من الأسواق العالمية.

 سفيان المهداوي

ستحد من استنزاف ميزانية الدولة والاحتياطي النقدي..   أكثر المواد استيرادا لتونس تشهد استقرارا في الأسواق العالمية

 

تونس- الصباح

سجلت أسعار القمح والحبوب، خلال اليومين الأخيرين، انخفاضا لتصل الى 237 دولارًا للطن الواحد، في حين شهدت أسعار النفط الخام بدورها انخفاضا ليستقر سعر برميل النفط عند 75 دولارًا، مع تسجيل تباطؤ في الاقتصاد الأمريكي والأوروبي والصيني مما يعني انخفاض الطلب العالمي على النفط وعلى المواد الخام، ما يفتح المجال لتونس لتستورد حاجياتها من هذه المواد بتكاليف أقل، وتوفر المزيد من العملات الأجنبية، وتحافظ على استقرار الدينار التونسي، وبالتالي ارتفاع أيام الاستيراد.

وبدأت أسعار القمح تشهد انخفاضا مع بداية شهر جوان الماضي، لتصل اليوم الى حدود 237 دولارا للطن، مقابل 254.17 دولار للطن خلال شهر أفريل الماضي، كما تراجعت على أساس سنوي بنسبة 45.5% ، كما انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 20 سنتا أي 0.3% إلى 75.21 دولار للبرميل، بعد أن استقرت على ارتفاع 0.8% يوم الجمعة الماضي. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا أي 0.3% مسجلا 70.41 دولار بعد أن أغلق مرتفعا 1.1% خلال مداولات سابقة.

ارتفاع نفقات تونس على المحروقات

وكان وزير الاقتصاد سمير سعيد قد كشف في تصريح سابق لـ"الصباح"، أن ارتفاع أسعار النفط والحبوب نتيجة الحرب الروسية-الأوكرانية، قد كلف ميزانية الدولة خسائر تقدّر بحوالي 1.7 مليار دولار، أي أكثر من 4 مليار دينار، في حين قدرها محافظ البنك المركزي مروان العباسي بأكثر من 5 مليار دينار، وتأتي هذه التقديرات، تزامنا مع تحذيرات غربية مفادها أن الحرب شرق أوروبا تهدد الأمن الغذائي والطاقي في غالبية أنحاء العالم.

بدوره كشف المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة فتحي الحنشي، مؤخرا، في تصريح لـ"الصباح"، عن ارتفاع "فاتورة" استهلاكنا من المحروقات لتتجاوز حاجز 10 مليار دينار، لافتا الى أهمية العمل في الفترة القادمة على دعم مشاريع الطاقات المتجددة، والتسريع في نسق الانتقال الطاقي، في مختلف المجالات، وذلك للحد من نفقات الدولة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في العالم، والتي تميزت بارتفاع أسعار الطاقة.

ويلقي ارتفاع أسعار النفط اليوم بظلاله على العديد من اقتصادات الدول، حيث أن ارتفاعها عن مستوى 75 دولارا، يرفع من حجم المصاريف، ويهدد بشكل مباشر احتياطي الدول من العملة الصعبة، وتونس ضمن الدول التي استنزفت مواردها المالية بسبب الارتفاع الفجئي لأسعار النفط عالميا. وكان صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له على هامش اجتماعات الربيع بواشنطن، قد توقع أن تنخفض أسعار النفط عالميا الى المستويات السائدة، إلا أنها شهدت ارتفاعا بلغ أكثر من 87 دولار عند التسليم خلال الأشهر القليلة الماضية.

وبدأت أسعار النفط، تشهد ارتفاعا لافتا الشهر الماضي تزامنا مع قرار أوبك+ بخفض الإنتاج، والذي من شأنه تقليص الإمدادات بالسوق العالمية، تزامنا مع المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة الذي من المرجح أن يضر بالطلب. ويترقب المستثمرون هذا الأسبوع مجموعة من التقارير حول التضخم والعرض والطلب بسوق النفط قد تحدد اتجاه السوق.

استقرار الأسعار عالميا

ويعتبر استقرار الأسعار عالمياً، أحد الأهداف التي تسعى إليها العديد من الدول والمؤسسات الاقتصادية. ويتعلق الأمر بالمحافظة على استقرار الأسعار في مختلف القطاعات الاقتصادية والعملات الوطنية بشكل مستدام، وذلك بهدف تحقيق التوازن في التجارة الدولية والنمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة.

وتعتبر مؤشرات الأسعار الاستهلاكية والتضخم من أهم العوامل المؤثرة في استقرار الأسعار عالمياً بعوامل مثل العرض والطلب على الموارد، التكنولوجيا، السياسات النقدية والمالية، والأحداث الجيوسياسية المختلفة. وتشكل المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أدوات رئيسية لتعزيز استقرار الأسعار عالمياً، وتعمل هذه المؤسسات على توفير الدعم المالي والمشورة الفنية للدول لتنفيذ سياسات اقتصادية مستدامة ومعايير شفافة لضمان استقرار الأسعار. علاوة على ذلك، تلعب الاتفاقيات والمنظمات الدولية دوراً هاماً في تعزيز استقرار الأسعار. على سبيل المثال، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومنظمة التجارة العالمية (WTO) تعملان على تعزيز التعاون الدولي في مجال السياسات الاقتصادية والتجارة لتحسين استقرار الأسعار.

ولا يمكن إغفال أهمية العولمة في استقرار الأسعار عالمياً، فمع زيادة التواصل والتداول الاقتصادي بين الدول، تزداد أيضاً أهمية التعاون وتبادل المعلومات للحفاظ على استقرار الأسعار.

بخلاصة، يُعتبر استقرار الأسعار عالمياً هدفاً مهماً يطمح العديد من الدول والمؤسسات لتحقيقه. ومن خلال الجهود المشتركة والتعاون على المستوى الدولي، يمكن تحقيق توازن اقتصادي مستدام ورفاهية للجميع.

انتعاشة مرتقبة في ميزانية الدولة

وإجمالا يبقى هبوط أسعار النفط عالميا الى حدود 75دولارا ، مفيدا لتونس، التي وجدت صعوبات كبيرة، خلال سنة 2022، بعد ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، ما خلف اضطرابات واسعة النطاق، أبرزها فقدان بعض أنواع المحروقات من السوق، بالإضافة إلى تأخر ملموس في تسليم الشحنات بسبب شروط بعض المؤسسات الأجنبية، والتي تطالب بالدفع الفوري عند التسليم خلافا لما جرت عليه العادة.

ويتزامن انخفاض أسعار النفط الى المستويات التي تتلاءم مع ميزانية تونس لسنة 2023، مع انخفاض أسعار القمح عالميا، بالإضافة الى ارتفاع أيام التوريد الى 98 يوما، مع ارتفاع ملحوظ في الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية ليصل الى 22.7 مليار دينار.

وجدير بالذكر، أن انخفاض هذه المواد الحيوية للاقتصاد التونسي، يعد جيدا في المدى المتوسط، حيث أن ميزانية 2023، اعتمدت على فرضيات عدة لأسعار برميل النفط على ألا تتجاوز 89 دولارًا للبرميل الواحد، واستقرارها عند 75 دولارا للفترة القادمة سيوفر مداخيل إضافية لميزانية الدولة، ويحد من استنزاف الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، وخاصة عملة الدولار التي تشهد نقصا في الأسواق العالمية، مما اضطر الأرجنتين منذ يومين الى سداد ديونها بعملة اليوان الصينية، وذلك بسبب تراجع السيولة العالمية لعملة الدولار، العملة الرئيسية لعديد الدول لخلاص مشترياتها من الأسواق العالمية.

 سفيان المهداوي