نكون معا هذه هي البداية، والبقاء معا هو التقدم، والعمل جنبا إلى جنب هو التطور.
هذه حقيقة، غابت عن السياسة الفرنسية..
لم تكن فرنسا، ولا أوروبا أن تنتصر في الحرب الكونية الثانية لولا مئات الآلاف من المجندين من شباب المستعمرات خاصة من بلدان المغرب العربي.
لم تكن لتنجح في إعادة بناء ما خربته الحرب وتدفع من جديد بمحرَكات النمو والتطوير لولا أولئك مئات الآلاف من العمال المهاجرين الذين استنجدت بهم..
لم تكن لتحقّق رقيا وتقدما لولا كذلك هؤلاء مئات الآلاف من حاملي الشهادات والكفاءات الذين يتم إغراؤهم بالهجرة إليها.
في المقابل، يبقى السَؤال ماذا قدمت فرنسا لأسر وأبناء هؤلاء الأبطال.
هنالك فوقية تسم ذلك السلوك الغربي تجاه الآخر، تعامل فوقي وفرضي غير منطقي وغير أخلاقي، قد يختلف بين حالة وأخرى.
في مفارقة عجيبة، في حركة تضامنية شهدتها فرنسا خلال الساعات الأخيرة، بدعوة المواطنين للتبرّع لصندوق لفائدة عائلة الضحية الشاب الجزائري القتيل نائل، بالمقابل وفي ردّ فعل سخيف وببادرة من اليمين المتطرف قامت حركة أخرى بالتبرع لفائدة رجل الشرطة الذي أطلق الرصاص والذي هو في حالة إيقاف ينتظر محاكمته.
جمعت عائلة الضحية القتيل مبلغا بحدود 150 ألف دينار تونسي فقط، في حين جمع الشرطي القاتل تبرعات تفوق الثلاث مليارات من مليماتنا!!!.
تدفع فرنسا بهذه السياسات والسلوكيات بنفسها اليوم إلى مخاض اجتماعي عسير، من الممكن أن يتطور إلى الأسوإ.
فالاحتجاجات التي شهدتها خلال الأيام الأخيرة امتدت لعشرات المدن والبلدات في مختلف أرجاء فرنسا.
يبقى السّؤال الحارق الذي يبرز كنقطة استفهام بحجم برج ايفيل: لماذا اتقدت الاحتجاجات فجأة كالنار في الهشيم؟
لماذا عجزت أجهزة الاستخبارات والرصد عن استشراف أحداث بهذه الخطورة ليس على النظام فحسب بل على صورة فرنسا في العالم ككلّ؟
عندما يتراكم عليك كل شيء، وتصل إلى نقطة لا تتحملها، احذر من القادم! ففي هذه النقطة يتم تغيير قدرك.
في آخر عملية استطلاع لتوجهات الرأي العام، اعتبر 62٪ من الفرنسيين أن بلادهم في تراجع، وفقًا لمسح أجراه معهد CSA .
هذا الشعور بالسقوط، الممزوج بالحنين إلى عظمة مفقودة، هو موضوع متكرر في فرنسا. من الشائع استحضار أمجاد المملكة والإمبراطورية الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر ونابليون. بالتأكيد، عاشت فرنسا فترات فخمة في ذلك الوقت. لكن هل كانت بقدر ما نعتقد؟
في سياق هذه المستجدّات الفرنسية، برز حوار وطني واسع أدلى في سياقه كلّ طرف سياسي، اجتماعي، اقتصادي، فكري، فلسفي بتقدير موقفه وتقديم قراءته لما حصل ولماذا؟، وكيف يكون الحلّ والتجاوز؟، هل في إعادة النظر في سياسات الدولة، في مراجعة البرامج والمخططات، في انتهاج سياسة إصلاح اجتماعي..
لكن الأهم أن الجميع توقفوا عند هذه الظاهرة الخطيرة المتمثّلة في التحاق أطفال بموجة الاحتجاجات والتخريب وتحميل الأولياء مسؤولية ذلك مع إعلان السلطات القضائية لحزمة من العقوبات بسنتين سجنا و30 ألف اورو غرامة لكلّ ولي طفل يتورّط في هذه الفوضى..
هذا أمر لم يلق إجماعا، ليقف الجميع عند أصل وسبب المشكل، والقناعة بأنه ليست مسؤولية العائلة وحدها، كما يريد توجيه ذلك بعض السياسيين، بل يعود المشكل إلى المدرسة ومنظومة التعليم الفرنسية التي لم تنجح في تربية هؤلاء الأطفال على قيم المواطنة وحبّ الوطن والحفاظ على مكتسباته..
انّه درس يعنينا كذلك، خاصة في ظلّ هذا الانهيار لأحد أهم مكاسب الدولة الوطنية "المدرسة الجمهورية" مصدر ثروة تونس وإشعاعها.
فالتقدم والحضارة هما نتيجة جهود ما نغرسه في العقول، لا ثرثرة سياسية وشعارات ترفع خدمة لأجندات ومصالح حزبية ضيقة.
يرويها: أبو بكر الصغير
نكون معا هذه هي البداية، والبقاء معا هو التقدم، والعمل جنبا إلى جنب هو التطور.
هذه حقيقة، غابت عن السياسة الفرنسية..
لم تكن فرنسا، ولا أوروبا أن تنتصر في الحرب الكونية الثانية لولا مئات الآلاف من المجندين من شباب المستعمرات خاصة من بلدان المغرب العربي.
لم تكن لتنجح في إعادة بناء ما خربته الحرب وتدفع من جديد بمحرَكات النمو والتطوير لولا أولئك مئات الآلاف من العمال المهاجرين الذين استنجدت بهم..
لم تكن لتحقّق رقيا وتقدما لولا كذلك هؤلاء مئات الآلاف من حاملي الشهادات والكفاءات الذين يتم إغراؤهم بالهجرة إليها.
في المقابل، يبقى السَؤال ماذا قدمت فرنسا لأسر وأبناء هؤلاء الأبطال.
هنالك فوقية تسم ذلك السلوك الغربي تجاه الآخر، تعامل فوقي وفرضي غير منطقي وغير أخلاقي، قد يختلف بين حالة وأخرى.
في مفارقة عجيبة، في حركة تضامنية شهدتها فرنسا خلال الساعات الأخيرة، بدعوة المواطنين للتبرّع لصندوق لفائدة عائلة الضحية الشاب الجزائري القتيل نائل، بالمقابل وفي ردّ فعل سخيف وببادرة من اليمين المتطرف قامت حركة أخرى بالتبرع لفائدة رجل الشرطة الذي أطلق الرصاص والذي هو في حالة إيقاف ينتظر محاكمته.
جمعت عائلة الضحية القتيل مبلغا بحدود 150 ألف دينار تونسي فقط، في حين جمع الشرطي القاتل تبرعات تفوق الثلاث مليارات من مليماتنا!!!.
تدفع فرنسا بهذه السياسات والسلوكيات بنفسها اليوم إلى مخاض اجتماعي عسير، من الممكن أن يتطور إلى الأسوإ.
فالاحتجاجات التي شهدتها خلال الأيام الأخيرة امتدت لعشرات المدن والبلدات في مختلف أرجاء فرنسا.
يبقى السّؤال الحارق الذي يبرز كنقطة استفهام بحجم برج ايفيل: لماذا اتقدت الاحتجاجات فجأة كالنار في الهشيم؟
لماذا عجزت أجهزة الاستخبارات والرصد عن استشراف أحداث بهذه الخطورة ليس على النظام فحسب بل على صورة فرنسا في العالم ككلّ؟
عندما يتراكم عليك كل شيء، وتصل إلى نقطة لا تتحملها، احذر من القادم! ففي هذه النقطة يتم تغيير قدرك.
في آخر عملية استطلاع لتوجهات الرأي العام، اعتبر 62٪ من الفرنسيين أن بلادهم في تراجع، وفقًا لمسح أجراه معهد CSA .
هذا الشعور بالسقوط، الممزوج بالحنين إلى عظمة مفقودة، هو موضوع متكرر في فرنسا. من الشائع استحضار أمجاد المملكة والإمبراطورية الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر ونابليون. بالتأكيد، عاشت فرنسا فترات فخمة في ذلك الوقت. لكن هل كانت بقدر ما نعتقد؟
في سياق هذه المستجدّات الفرنسية، برز حوار وطني واسع أدلى في سياقه كلّ طرف سياسي، اجتماعي، اقتصادي، فكري، فلسفي بتقدير موقفه وتقديم قراءته لما حصل ولماذا؟، وكيف يكون الحلّ والتجاوز؟، هل في إعادة النظر في سياسات الدولة، في مراجعة البرامج والمخططات، في انتهاج سياسة إصلاح اجتماعي..
لكن الأهم أن الجميع توقفوا عند هذه الظاهرة الخطيرة المتمثّلة في التحاق أطفال بموجة الاحتجاجات والتخريب وتحميل الأولياء مسؤولية ذلك مع إعلان السلطات القضائية لحزمة من العقوبات بسنتين سجنا و30 ألف اورو غرامة لكلّ ولي طفل يتورّط في هذه الفوضى..
هذا أمر لم يلق إجماعا، ليقف الجميع عند أصل وسبب المشكل، والقناعة بأنه ليست مسؤولية العائلة وحدها، كما يريد توجيه ذلك بعض السياسيين، بل يعود المشكل إلى المدرسة ومنظومة التعليم الفرنسية التي لم تنجح في تربية هؤلاء الأطفال على قيم المواطنة وحبّ الوطن والحفاظ على مكتسباته..
انّه درس يعنينا كذلك، خاصة في ظلّ هذا الانهيار لأحد أهم مكاسب الدولة الوطنية "المدرسة الجمهورية" مصدر ثروة تونس وإشعاعها.
فالتقدم والحضارة هما نتيجة جهود ما نغرسه في العقول، لا ثرثرة سياسية وشعارات ترفع خدمة لأجندات ومصالح حزبية ضيقة.