منذ أشهر طويلة وإيطاليا تبدي انشغالا كبيرا بتونس، ربما أكثر حتى من التونسيين أنفسهم.. وقد تجاوز هذا الاهتمام والانشغال منطق دولة تهب لمساعدة دولة صديقة ودعمها في ملف معين مثل ملف قرض صندوق النقد الدولي، الى بعض التصريحات المستفزّة والمنتهكة للسيادة حتى ولو افترضنا فيها حسن النوايا، فأنطونيو تاياني نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي طالما أثارت تصريحاته بشأن تونس ردود أفعال مستاءة حيث يعتبرها البعض منتهكة للسيادة وتخوض في شؤوننا الداخلية بشكل سافر ومستفّزا ..
حيث بدا اهتمام أنطونيو تاياني، السياسي الإيطالي المخضرم والضابط السابق في الجيش الإيطالي والرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، لافتا في علاقة بتونس وبمفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وحتى في علاقة بوضعها الداخلي وأزماتها.. وأن يُؤطّر الاهتمام الإيطالي بكونه نابع من رغبة اليمين الحاكم اليوم في قطع تدفقات الهجرة وذلك بإيجاد حلول في علاقة بقواعد انطلاق المهاجرين غير النظاميين باتجاه السواحل الإيطالية وتونس هي من بين أبرز قواعد تدفقات الهجرة.. ولكن هذا العذر لا يسمح بخرق بعض الأعراف الديبلوماسية والخوض في مسائل تعتبر داخلية أو تمس من مشاعر التونسيين مثل ذلك التصريح الذي قالته ميلوني ونقلته عنها صحيفة إيطالية ومفاده أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني طلبت من الاحتلال الإسرائيلي ودول أخرى إعانة تونس لمجابهة أزمتها الاقتصادية .
تصريحات مثيرة ومستفزّة لمشاعر السيادة
آخر التصريحات لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني، كانت قبل العيد حيث اعتبر انه من غير العادل رفع الدعم عن الخبز والمحروقات لأن ذلك سيؤثر على الاستقرار في تونس، وهذا التصريح لا يمكن قراءته خارج التدخل السافر في شأن داخلي.. حيث يتكلم وزير الخارجية الإيطالي ويصمت أغلب المسؤولين التونسيين بما في ذلك أعضاء الحكومة الذين يرفضون الإدلاء بتصريحات صحفية وبات الإعلام الوطني يستقي أخبار تونس من وكالات الأنباء الأجنبية وأبرزها "نوفا" الإيطالية !
مؤخرا قال أيضا أنطونيو تاياني إنه سيتحدث مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا حول "استقرار تونس" وفق تعبيره وذلك عشية زيارة لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني إلى تونس.
كما تحدث وزير الخارجية الإيطالي خلال أفريل الماضي في تصريح غريب، عن مخاطر زيادة الحضور الروسي والصيني في بلادنا معتبرا أن ذلك خطأ لا يجب أن يرتكبه الغرب قائلا حرفيا" "دعونا ألا نترك تونس في أيدي روسيا والصين" مشددا على الحاجة "إلى وجود سياسي ومالي للولايات المتحدة وأوروبا في البلد، واصفا وضع تونس بالمعقّد وأنه من الضروري تقديم مساعدات وفي نفس الوقت الضغط من أجل ما وصفه بإنجاز الإصلاحات الصحيحة في تونس وأن إيطاليا قررت تقديم استثمار بـ100 مليون أورو سيكون نصفها لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والنصف الآخر لشراء المنتوجات الإيطالية .
وفي مارس الماضي أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني على اهتمام سلطات بلاده بالوضع الاقتصادي الذي وصفه بالمتردي في تونس وقال تاياني، على هامش اجتماع لمجلس الشؤون الخارجية في بروكسل، إن مساعدة تونس تعني "المزيد من الاستقرار" مؤكدا أن "إيطاليا تقوم بدورها وعلى أوروبا أن تقوم بدورها أيضا" مشددا على ضرورة توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق تمويل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد.. مشيرا الى أن الأمر ليس سهلا ولكن من المصلحة العامة أن يكون هناك استقرار في بلد أساسي في شمال إفريقيا وهو الأقرب جغرافيا الى إيطاليا .
ويعتقد وزير الخارجية الإيطالي أن تمويل صندوق النقد لتونس سيضمن الاستقرار وان الوصول الى مرحلة الاستقرار سيمنع التطرّف الإسلامي على حدّ قوله من الظهور مرة أخرى في شمال إفريقيا قائلا 'دعونا لا نخطئ في ترك تونس بيد الإخوان المسلمين" وهذا التصريح لا يمكن تفسيره إلا في إطار التدخل في شأن سياسي داخلي وفي أزمة راهنة لها تأثير مباشر على سير العملية الديمقراطية المتعثرة في تونس .
ومهما بدت المواقف الإيطالية متعللة بالمحافظة على الاستقرار في تونس وبالتالي منع تدفق الهجرة الى سواحلها خاصة مع موجة الهجرة غير المسبوقة من دول جنوب الصحراء إلا أن ذلك لا يعطي الحق لوزير الخارجية الإيطالية حتى لا يفوّت مناسبة للحديث عن أمور في أغلبها تهم الشأن الداخلي التونسي في حين أن أغلب المسؤولين التونسيين ومنهم وزير الخارجية يتحصنون بالصمت ولا يفصحون عن نوايا الحكومة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.. في حين تتباين المواقف بشكل كبير بين ما تقوله الحكومة وما يريده رئيس الجمهورية قيس سعيد، هذا بالإضافة الى أن الإعلام الوطني لا يملك معلومة حول هذا الملف باستثناء ما تنشره صفحة الرئاسة أو بعض المواقع الأجنبية التي تحصل على المعلومة من مسؤولين تونسيين في حين يمتنع هؤلاء المسؤولون عن الإجابة في اغلب الأحيان ولا يتعاطون بشكل إيجابي مع الإعلام الوطني .
منية العرفاوي
تونس – الصباح
منذ أشهر طويلة وإيطاليا تبدي انشغالا كبيرا بتونس، ربما أكثر حتى من التونسيين أنفسهم.. وقد تجاوز هذا الاهتمام والانشغال منطق دولة تهب لمساعدة دولة صديقة ودعمها في ملف معين مثل ملف قرض صندوق النقد الدولي، الى بعض التصريحات المستفزّة والمنتهكة للسيادة حتى ولو افترضنا فيها حسن النوايا، فأنطونيو تاياني نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي طالما أثارت تصريحاته بشأن تونس ردود أفعال مستاءة حيث يعتبرها البعض منتهكة للسيادة وتخوض في شؤوننا الداخلية بشكل سافر ومستفّزا ..
حيث بدا اهتمام أنطونيو تاياني، السياسي الإيطالي المخضرم والضابط السابق في الجيش الإيطالي والرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، لافتا في علاقة بتونس وبمفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وحتى في علاقة بوضعها الداخلي وأزماتها.. وأن يُؤطّر الاهتمام الإيطالي بكونه نابع من رغبة اليمين الحاكم اليوم في قطع تدفقات الهجرة وذلك بإيجاد حلول في علاقة بقواعد انطلاق المهاجرين غير النظاميين باتجاه السواحل الإيطالية وتونس هي من بين أبرز قواعد تدفقات الهجرة.. ولكن هذا العذر لا يسمح بخرق بعض الأعراف الديبلوماسية والخوض في مسائل تعتبر داخلية أو تمس من مشاعر التونسيين مثل ذلك التصريح الذي قالته ميلوني ونقلته عنها صحيفة إيطالية ومفاده أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني طلبت من الاحتلال الإسرائيلي ودول أخرى إعانة تونس لمجابهة أزمتها الاقتصادية .
تصريحات مثيرة ومستفزّة لمشاعر السيادة
آخر التصريحات لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني، كانت قبل العيد حيث اعتبر انه من غير العادل رفع الدعم عن الخبز والمحروقات لأن ذلك سيؤثر على الاستقرار في تونس، وهذا التصريح لا يمكن قراءته خارج التدخل السافر في شأن داخلي.. حيث يتكلم وزير الخارجية الإيطالي ويصمت أغلب المسؤولين التونسيين بما في ذلك أعضاء الحكومة الذين يرفضون الإدلاء بتصريحات صحفية وبات الإعلام الوطني يستقي أخبار تونس من وكالات الأنباء الأجنبية وأبرزها "نوفا" الإيطالية !
مؤخرا قال أيضا أنطونيو تاياني إنه سيتحدث مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا حول "استقرار تونس" وفق تعبيره وذلك عشية زيارة لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني إلى تونس.
كما تحدث وزير الخارجية الإيطالي خلال أفريل الماضي في تصريح غريب، عن مخاطر زيادة الحضور الروسي والصيني في بلادنا معتبرا أن ذلك خطأ لا يجب أن يرتكبه الغرب قائلا حرفيا" "دعونا ألا نترك تونس في أيدي روسيا والصين" مشددا على الحاجة "إلى وجود سياسي ومالي للولايات المتحدة وأوروبا في البلد، واصفا وضع تونس بالمعقّد وأنه من الضروري تقديم مساعدات وفي نفس الوقت الضغط من أجل ما وصفه بإنجاز الإصلاحات الصحيحة في تونس وأن إيطاليا قررت تقديم استثمار بـ100 مليون أورو سيكون نصفها لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والنصف الآخر لشراء المنتوجات الإيطالية .
وفي مارس الماضي أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني على اهتمام سلطات بلاده بالوضع الاقتصادي الذي وصفه بالمتردي في تونس وقال تاياني، على هامش اجتماع لمجلس الشؤون الخارجية في بروكسل، إن مساعدة تونس تعني "المزيد من الاستقرار" مؤكدا أن "إيطاليا تقوم بدورها وعلى أوروبا أن تقوم بدورها أيضا" مشددا على ضرورة توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق تمويل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد.. مشيرا الى أن الأمر ليس سهلا ولكن من المصلحة العامة أن يكون هناك استقرار في بلد أساسي في شمال إفريقيا وهو الأقرب جغرافيا الى إيطاليا .
ويعتقد وزير الخارجية الإيطالي أن تمويل صندوق النقد لتونس سيضمن الاستقرار وان الوصول الى مرحلة الاستقرار سيمنع التطرّف الإسلامي على حدّ قوله من الظهور مرة أخرى في شمال إفريقيا قائلا 'دعونا لا نخطئ في ترك تونس بيد الإخوان المسلمين" وهذا التصريح لا يمكن تفسيره إلا في إطار التدخل في شأن سياسي داخلي وفي أزمة راهنة لها تأثير مباشر على سير العملية الديمقراطية المتعثرة في تونس .
ومهما بدت المواقف الإيطالية متعللة بالمحافظة على الاستقرار في تونس وبالتالي منع تدفق الهجرة الى سواحلها خاصة مع موجة الهجرة غير المسبوقة من دول جنوب الصحراء إلا أن ذلك لا يعطي الحق لوزير الخارجية الإيطالية حتى لا يفوّت مناسبة للحديث عن أمور في أغلبها تهم الشأن الداخلي التونسي في حين أن أغلب المسؤولين التونسيين ومنهم وزير الخارجية يتحصنون بالصمت ولا يفصحون عن نوايا الحكومة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.. في حين تتباين المواقف بشكل كبير بين ما تقوله الحكومة وما يريده رئيس الجمهورية قيس سعيد، هذا بالإضافة الى أن الإعلام الوطني لا يملك معلومة حول هذا الملف باستثناء ما تنشره صفحة الرئاسة أو بعض المواقع الأجنبية التي تحصل على المعلومة من مسؤولين تونسيين في حين يمتنع هؤلاء المسؤولون عن الإجابة في اغلب الأحيان ولا يتعاطون بشكل إيجابي مع الإعلام الوطني .