لا تبدو حظوظ الدفاع عن الموقوفين من بين السياسيين والتعريف بقضاياهم بعد حملة الإيقافات الممتدة لأكثر من 100 يوم حظوظا متساوية، فغياب المساواة في الدفاع عن كل المعتقلين كشف عن شكل من أشكال التمييز بين الشخصيات السياسية الموقوفة على خلفية القضايا المرفوعة ضدهم في إطار ما يسمى بـ"التامر على امن الدولة".
وإذ نجح النظام في "اصطياد خصومه السياسيين" على حد وصف هيئات الدفاع فقد فشلت المعارضة في تحريرهم بعد أن فرقت بين الملفات ووضعت أسبقية للبعض على حساب البعض الآخر.
ولم يعد التمييز بين الموقوفين مجرد ملاحظة عابرة بل تأكدت من خلال إصرار أحزاب على الانتصار لمجموعة بعينها والترويج لها إعلاميا وحقوقيا عبر نشر صورهم وقضاياهم دون البقية.
وفي واقع الأمر لا تزال المعارضة الوطنية تعزف نشازا سياسيا حيث لم تنجح الظروف الموضوعية منذ 25 جويلية 2021 في إيقاف نزيف التشتت داخل الأحزاب في وقت كان لزاما عليها التوحد بعد أن كشفت عن أهدافها المشتركة في إنهاء ما تصفه بـ "الانقلاب" وفي خلق ميزان قوي يعدل من كفة الشأن العام لمواجهة لحظة التدابير الاستثنائية.
وبقيت المعارضة بعيدة عن أي تأثير مع حفاظها على خط المناوشة السياسية ضد نظام سعيد بالتحركات الميدانية تارة والبيانات تارة أخرى دون أن تقدم الأحزاب بدائل مقنعة. وقد زاد الأمر سوءا مع بداية الإيقافات التي شملت قيادات الصف الأول من أمناء عامين ورؤساء أحزاب ومستقلين.
وسياسيا شكل التحرك المشترك بين جبهة الخلاص وتنسيقية الأحزاب الديمقراطية يوم 29مارس 2023 أمام وزارة العدل للمطالبة بسراح الموقوفين على خلفية ما بات يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة بارقة أمل لإعادة صياغة معارضة موحدة.
ونجحت وقفة قطبي المعارضة الوطنية في فك العزلة عن بعضها البعض بعد أن خيرت تنسيقية الأحزاب العمل بعيدا عن جبهة الخلاص ورفض أي تقارب معها، غير أن ذلك الأمر لم يتواصل بعد أن تجاوز المحتجون وقتها أزمتهم الإيديولوجية بتقديم التناقض الرئيس والمتمثل أساسا في رفض سياسيات سعيد عن التناقض الثانوي والقائم على خلافات قابلة للتجاوز.
وخرجت تنسيقية الأحزاب الديمقراطية كما جبهة المعارضة من دائرة الرفض والنفور إلى سياسة الحد الأدنى بعد أن اشترك جميعهم في رفع وصياغة ذات الشعارات في ظل غياب المعلومات الدقيقة عن ملف الإيقافات.
ولم يكن مطلب الإفراج عن المعتقلين المشترك الوحيد للمعارضة حيث تقاطعت مواقفهم في أكثر من محطة فقد اعتبر مثلا أمين عام حزب العمال حمة الهمامي "حملة الإيقافات والاعتقالات الأخيرة هي تصفية حسابات سياسية وهجوم من قيس سعيد على منتقديه تحت عنوان المحاسبة".
وأقر الهمامي "إن الأزمة السياسية في تونس أخذت منحى جديدا بالإيقافات وهو ما توقعه حزب العمال منذ فترة"، وفق تعبيره.
وأكد الهمامي "أن هذه الإيقافات لا يراد منها المحاسبة استجابة لمطالب الشعب إنما هي تصفية حسابات سياسية".
ولم يختلف موقف جبهة الخلاص عن منطوق حزب العمال حيث وصفت القيادية بجبهة الخلاص والنائبة السابقة بالبرلمان المنحل سميرة الشواشي "أن الاعتقالات والتحقيقات الجارية ترمي إلى التخويف والترويع والإبعاد عن مقاومة الانقلاب وأن ما يحصل منذ 25 جويلية هو امتحان يثبت الرسوخ في الديمقراطية أو عدم الرسوخ فيها وأن أي تخاذل في مقاومة الاعتقالات والانقلاب هو تخاذل في حق تونس والأجيال الحاضرة والتي ستأتي".
كما تطابقت دعوات العمل المشترك ونبذ الخلافات بين أقطاب المعارضة وتبنت جبهة الخلاص والحزب الجمهوري في ندوة سياسية مشتركة خلال شهر فيفري المنقضي الدعوة إلى تنظيم "مؤتمر وطني للمعارضة الديمقراطية"، وجاء هذا الموقف على لسان الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي(معتقل الآن بسجن المرناقية).
ووجد هذا المقترح تفاعلا مع رئيس جبهة الخلاص نجيب الشابي (يخضع غدا للتحقيق معه في قضية التآمر على أمن الدولة) حيث أكد انه من "واجب المعارضة توحيد الكلمة والصف من أجل تعديل علاقة القوة والوصول بها إلى نقطة التحول مما يجعل التغيير على رأس السلطة أمرا لا مفرا منه".
وأضاف أن "جبهة الخلاص ستستمر في حشد القوى في الداخل وفي مختلف المدن والعاصمة لتنظيم مظاهرات كبرى"، داعيا الأحزاب إلى "نبذ الخلافات إلى حين عودة الشرعية إلى البلاد".
كما تماهت مواقف تنسيقية الأحزاب وجبهة الخلاص في الدعوة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية واستفتاء 25جويلية الماضي حيث كان لهما دورا بارزا في إقناع الناخبين بعدم التوجه إلى صناديق الانتخابات والتشكيك في نتائج الانتخابات.
وعلى الرغم مما سبق فقد تراجعت أحزاب عن دعم مطلب الإفراج عن كل المساجين من السياسيين واكتفت بالترويج لقضايا وصور تهم 8 من المودعين السجن في قضايا التآمر والحال أن العدد الأصلي تجاوز 31شخصا.
كما أن إضرابات الجوع التي يخوضها كل من القياديين النهضويين الصحبي عتيق وأحمد المشرقي لم تكن محل نقاش أو تداول عند البعض من أحزاب المعارضة.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
لا تبدو حظوظ الدفاع عن الموقوفين من بين السياسيين والتعريف بقضاياهم بعد حملة الإيقافات الممتدة لأكثر من 100 يوم حظوظا متساوية، فغياب المساواة في الدفاع عن كل المعتقلين كشف عن شكل من أشكال التمييز بين الشخصيات السياسية الموقوفة على خلفية القضايا المرفوعة ضدهم في إطار ما يسمى بـ"التامر على امن الدولة".
وإذ نجح النظام في "اصطياد خصومه السياسيين" على حد وصف هيئات الدفاع فقد فشلت المعارضة في تحريرهم بعد أن فرقت بين الملفات ووضعت أسبقية للبعض على حساب البعض الآخر.
ولم يعد التمييز بين الموقوفين مجرد ملاحظة عابرة بل تأكدت من خلال إصرار أحزاب على الانتصار لمجموعة بعينها والترويج لها إعلاميا وحقوقيا عبر نشر صورهم وقضاياهم دون البقية.
وفي واقع الأمر لا تزال المعارضة الوطنية تعزف نشازا سياسيا حيث لم تنجح الظروف الموضوعية منذ 25 جويلية 2021 في إيقاف نزيف التشتت داخل الأحزاب في وقت كان لزاما عليها التوحد بعد أن كشفت عن أهدافها المشتركة في إنهاء ما تصفه بـ "الانقلاب" وفي خلق ميزان قوي يعدل من كفة الشأن العام لمواجهة لحظة التدابير الاستثنائية.
وبقيت المعارضة بعيدة عن أي تأثير مع حفاظها على خط المناوشة السياسية ضد نظام سعيد بالتحركات الميدانية تارة والبيانات تارة أخرى دون أن تقدم الأحزاب بدائل مقنعة. وقد زاد الأمر سوءا مع بداية الإيقافات التي شملت قيادات الصف الأول من أمناء عامين ورؤساء أحزاب ومستقلين.
وسياسيا شكل التحرك المشترك بين جبهة الخلاص وتنسيقية الأحزاب الديمقراطية يوم 29مارس 2023 أمام وزارة العدل للمطالبة بسراح الموقوفين على خلفية ما بات يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة بارقة أمل لإعادة صياغة معارضة موحدة.
ونجحت وقفة قطبي المعارضة الوطنية في فك العزلة عن بعضها البعض بعد أن خيرت تنسيقية الأحزاب العمل بعيدا عن جبهة الخلاص ورفض أي تقارب معها، غير أن ذلك الأمر لم يتواصل بعد أن تجاوز المحتجون وقتها أزمتهم الإيديولوجية بتقديم التناقض الرئيس والمتمثل أساسا في رفض سياسيات سعيد عن التناقض الثانوي والقائم على خلافات قابلة للتجاوز.
وخرجت تنسيقية الأحزاب الديمقراطية كما جبهة المعارضة من دائرة الرفض والنفور إلى سياسة الحد الأدنى بعد أن اشترك جميعهم في رفع وصياغة ذات الشعارات في ظل غياب المعلومات الدقيقة عن ملف الإيقافات.
ولم يكن مطلب الإفراج عن المعتقلين المشترك الوحيد للمعارضة حيث تقاطعت مواقفهم في أكثر من محطة فقد اعتبر مثلا أمين عام حزب العمال حمة الهمامي "حملة الإيقافات والاعتقالات الأخيرة هي تصفية حسابات سياسية وهجوم من قيس سعيد على منتقديه تحت عنوان المحاسبة".
وأقر الهمامي "إن الأزمة السياسية في تونس أخذت منحى جديدا بالإيقافات وهو ما توقعه حزب العمال منذ فترة"، وفق تعبيره.
وأكد الهمامي "أن هذه الإيقافات لا يراد منها المحاسبة استجابة لمطالب الشعب إنما هي تصفية حسابات سياسية".
ولم يختلف موقف جبهة الخلاص عن منطوق حزب العمال حيث وصفت القيادية بجبهة الخلاص والنائبة السابقة بالبرلمان المنحل سميرة الشواشي "أن الاعتقالات والتحقيقات الجارية ترمي إلى التخويف والترويع والإبعاد عن مقاومة الانقلاب وأن ما يحصل منذ 25 جويلية هو امتحان يثبت الرسوخ في الديمقراطية أو عدم الرسوخ فيها وأن أي تخاذل في مقاومة الاعتقالات والانقلاب هو تخاذل في حق تونس والأجيال الحاضرة والتي ستأتي".
كما تطابقت دعوات العمل المشترك ونبذ الخلافات بين أقطاب المعارضة وتبنت جبهة الخلاص والحزب الجمهوري في ندوة سياسية مشتركة خلال شهر فيفري المنقضي الدعوة إلى تنظيم "مؤتمر وطني للمعارضة الديمقراطية"، وجاء هذا الموقف على لسان الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي(معتقل الآن بسجن المرناقية).
ووجد هذا المقترح تفاعلا مع رئيس جبهة الخلاص نجيب الشابي (يخضع غدا للتحقيق معه في قضية التآمر على أمن الدولة) حيث أكد انه من "واجب المعارضة توحيد الكلمة والصف من أجل تعديل علاقة القوة والوصول بها إلى نقطة التحول مما يجعل التغيير على رأس السلطة أمرا لا مفرا منه".
وأضاف أن "جبهة الخلاص ستستمر في حشد القوى في الداخل وفي مختلف المدن والعاصمة لتنظيم مظاهرات كبرى"، داعيا الأحزاب إلى "نبذ الخلافات إلى حين عودة الشرعية إلى البلاد".
كما تماهت مواقف تنسيقية الأحزاب وجبهة الخلاص في الدعوة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية واستفتاء 25جويلية الماضي حيث كان لهما دورا بارزا في إقناع الناخبين بعدم التوجه إلى صناديق الانتخابات والتشكيك في نتائج الانتخابات.
وعلى الرغم مما سبق فقد تراجعت أحزاب عن دعم مطلب الإفراج عن كل المساجين من السياسيين واكتفت بالترويج لقضايا وصور تهم 8 من المودعين السجن في قضايا التآمر والحال أن العدد الأصلي تجاوز 31شخصا.
كما أن إضرابات الجوع التي يخوضها كل من القياديين النهضويين الصحبي عتيق وأحمد المشرقي لم تكن محل نقاش أو تداول عند البعض من أحزاب المعارضة.