إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد | لا مكان لأوكرانيا في الحلف الأطلسي!..

 

حلف الناتو يخذل زيلنكسي ويوجه له صفعة مؤكدا أن لا مكان لأوكرانيا في الحلف الأطلسي..، مفارقة عجيبة يقف عليها المتتبع لتطورات الحرب بين روسيا وأوكرانيا في ظل استماتة الغرب وسخائه اللامحدود في دعم كييف ماديا وعسكريا واستقبال رئيسها الممثل المسرحي السابق زيلنسكي في مختلف المحافل الدولية والإقليمية وفرض العقوبات المالية على الاقتصاد الروسي والدعوة لملاحقة الرئيس الروسي بوتين أمام الجنائية الدولية وحث أوكرانيا على مواصلة الحرب دون هوادة ومهما كانت التكاليف..، ولكن وفي المقابل فان الغرب ذاته بزعامة أمريكا وأوروبا يرفض انضمام أوكرانيا إلى مؤسساته سواء تعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي أو بالحلف الأطلسي والرفض ظل مقترنا بأن أوكرانيا لا تستجيب لشروط القبول في هذه المرحلة..، ولكن هذا الموقف قد لا يكون سوى الظاهر من أسباب الرفض في حرب لا يبدو أن هناك رغبة في الدفع لكبح جماحها أو التفاوض بشأن فرملتها والبحث عن حلول ديبلوماسية تهيئ الأرضية للسلام وتخفف أعباء هذه الحرب التي أثقلت كاهل مختلف شعوب العالم التي تدفع بطريقة أو بأخرى ثمن الحرب وتداعيات ندرة القمح والارتفاع غير المسبوق في المحروقات على أمنها الغذائي وسلمها الاجتماعية المهددة..

الرئيس الأوكراني زيلنسكي وبعد أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب ومناشداته وتوسلاته للغرب بقبول عضوية بلاده في الحلف الأطلسي أقر صراحة باستحالة تحقيق هذا الأمر قبل نهاية الحرب الراهنة، وقال الرئيس الأوكراني:"نتفهم أننا لن نصبح عضوا في الناتو ما دامت هذه الحرب مستمرة، ليس لأننا لا نريد ذلك بل لأن ذلك مستحيل..."، وفي ذلك إقرار متأخر بحقيقة معلومة طالما أنكرها زيلنسكي الممثل المغمور الذي قادته الصدفة إلى عالم السياسة والذي يكتشف ربما متأخرا الفارق بين الواقع السياسي وبين أوهام السياسة التي دفعته إلى الدخول في حرب مدمرة لا يريد لها مهندسها أن تنتهي قبل تحقيق أهداف حلفاء زيلنسكي وتحديدا واشنطن منها.. وربما كان زيلنسكي يتوهم أن انضمام بلاده للحلف الأطلسي مسألة محسومة بمجرد اندلاع الصراع مع روسيا، اعترافات زيلنسكي تأتي قبل نحو شهر من قمة الحلف الأطلسي المرتقبة في جويلية بالعاصمة الليتوانية فيلينيوس، ويبدو أن زيلنسكي بات مقتنعا أن أكثر ما يمكن أن يتوقعه من القمة مزيد المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا لمواصلة الحرب إلى أجل غير مسمى ...

وقد أكد الأمين العام للحلف الأطلسي رزنامة القمة القادمة للناتو وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، قبل يومين أن قمة حلف شمال الأطلسي المقررة في العاصمة الليتوانية فيلينوس ستكرس "خصوصا" لتقديم دعم ملموس إلى أوكرانيا.

وكان المستشار الألماني واضحا في ردوده على أسئلة الصحفيين بشأن احتمال انضمام أوكرانيا إلى الحلف من عدمه بالتأكيد على أن "ما سيحصل في فيلينوس قبل كل شيء هو تنظيم دعم ملموس لأوكرانيا في هذا الوضع، وأن القضية التي علينا أن نجيب عنها الآن هي الآتية: كيف علينا أن نُفهم بعضنا البعض أننا سنحافظ على هذا الدعم ما دام ذلك ضروريا"...، بما يوحي ضمنيا بأن مسألة التمويلات والسخاء الأوروبي إزاء أوكرانيا لم يعد أمرا يحظى بالإجماع بعد أن طال أمد الحرب ويبدو أن بعض الأطراف في دول الاتحاد الأوروبي باتت تطرح هذه المسألة والى متى يمكن أن تستمر التمويلات في ظل غياب أفق لإنهاء الصراع؟...

وهذا الموقف لا يعني بأي حال من الأحوال أن زيلنسكي الذي ظل يطالب بإلحاح في مختلف العواصم والمؤسسات الأوروبية بفتح الأبواب الموصدة أمام بلاده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي سيغيب عن القمة والأرجح أنه سيكون مجددا ضيف شرف في القمة لمخاطبة الرأي العام الدولي ولكن سيتعين عليه تخفيض توقعاته بشأن انضمام بلاده الفوري إلى الناتو لعدة اعتبارات ...

ويبدو واضحا من خلال تصريحات ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أن هناك انقساما واضحا ومعلنا بين أعضاء الحلف في شأن انضمام أوكرانيا...، وهذا التناقض الصارخ لدول الناتو بين سخائها في تمويل أوكرانيا لمواصلة الحرب وبين رفضها انضمام أوكرانيا للحلف يؤكد أن هناك محاذير، وأن هناك خطوطا حمراء في التعاطي مع هذه الحرب وأن الحلف لا يريد أن يكون في قيادة هذه الحرب ومواجهة روسيا بالنظر إلى أن ميثاق الناتو يقر في البند الخامس منه بان أي اعتداء على أي عضو من أعضاء الحلف بمثابة الاعتداء على كل أعضائه وهو أن حدثا سيؤدي حتما إلى وقوع المحظور حتى الآن وإلى الانسياق وراء اخطر السيناريوهات واستخدام ما لم يقع استخدامه حتى الآن من أسلحة واستفزاز روسيا ودفعها إلى الخيار النووي الذي نعتقد أنه السيناريو المستحيل لأنه سيكون وبالا على الجميع ولن يكون فيه خاسر ولا رابح.. ومع ذلك نقول أن لكل حرب مجانينها ولكل حرب حساباتها وما يمكن أن يبدو مستحيلا اليوم قد لا يكون كذلك مستقبلا..، وطالما ظل الصوت الوحيد المدوي هو صوت القنابل والصواريخ وطالما ظلت الحكمة غائبة وطالما ظلت لعبة الحسابات هي الطاغية فان كل السيناريوهات تبقى قائمة .

وفي انتظار ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث ميدانيا إلى غاية انعقاد قمة الناتو تستمر الحرب بين الجانبين ومعها تستمر الحملات الدعائية والحرب الكلامية وادعاء كل طرف التقدم ميدانيا على أرض المعارك، فان لغة الأرقام تشير إلى أن الدعم المالي والعسكري واللوجستي لأوكرانيا سيستمر والتقارير المسربة تؤكد أن ما حصلت عليه أوكرانيا في السنة الأولى من الحرب خلال 2022 يتجاوز ميزانية ايطاليا ...

وتبقى واشنطن الممول الأساسي لزيلنسكي والمزود الأهم للحليف الأوكراني بالمعدات العسكرية..، وتشير لغة الأرقام إلى أن أوكرانيا تلقت خلال حربها ضد روسيا أضخم مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة تفوق قيمتها 70مليار دولار.. وقد تجاوزت قيمة المدفوعات إلى أوكرانيا حجم الإنفاق العسكري السنوي لواشنطن خلال حربها في أفغانستان، من سنة 2001 إلى غاية 2010، بحسب معهد كييل للاقتصاد العالمي، وهذا ما يفسر تواتر الانتقادات داخل صفوف الجمهوريين أنفسهم بشأن حجم المساعدات والذين يعتبرون صراحة أنه يجب وقف هذا المساعدات التي أثقلت كاهل دافعي الضرائب... وربما يعتقد بايدن انه لن يخرج عن القاعدة التي تعتبر أن لكل رئيس أمريكي حربه والحرب الروسية الأوكرانية هي أيضا حربه التي ستضاف إلى سجله إذا ما أصر على خوض سباق الانتخابات الرئاسية في 2024 بعد تعثره وسقوطه أرضا خلال حفل تخرج دفعة من طلبة في أكاديمية القوات الجوية الأمريكية، أمام تسعمائة طالب... سقطة بايدن لم تكن الأولى ولكن يبدو أنها الأعنف... وليس من الواضح ما إذا ستدفع الرئيس الأمريكي إلى إعادة حساباته وأولوياته في المرحلة القادمة مع دخول الحرب نقطة اللاعودة على الأرجح...

اسيا العتروس

 

 

 

 

ممنوع من الحياد | لا مكان لأوكرانيا في الحلف الأطلسي!..

 

حلف الناتو يخذل زيلنكسي ويوجه له صفعة مؤكدا أن لا مكان لأوكرانيا في الحلف الأطلسي..، مفارقة عجيبة يقف عليها المتتبع لتطورات الحرب بين روسيا وأوكرانيا في ظل استماتة الغرب وسخائه اللامحدود في دعم كييف ماديا وعسكريا واستقبال رئيسها الممثل المسرحي السابق زيلنسكي في مختلف المحافل الدولية والإقليمية وفرض العقوبات المالية على الاقتصاد الروسي والدعوة لملاحقة الرئيس الروسي بوتين أمام الجنائية الدولية وحث أوكرانيا على مواصلة الحرب دون هوادة ومهما كانت التكاليف..، ولكن وفي المقابل فان الغرب ذاته بزعامة أمريكا وأوروبا يرفض انضمام أوكرانيا إلى مؤسساته سواء تعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي أو بالحلف الأطلسي والرفض ظل مقترنا بأن أوكرانيا لا تستجيب لشروط القبول في هذه المرحلة..، ولكن هذا الموقف قد لا يكون سوى الظاهر من أسباب الرفض في حرب لا يبدو أن هناك رغبة في الدفع لكبح جماحها أو التفاوض بشأن فرملتها والبحث عن حلول ديبلوماسية تهيئ الأرضية للسلام وتخفف أعباء هذه الحرب التي أثقلت كاهل مختلف شعوب العالم التي تدفع بطريقة أو بأخرى ثمن الحرب وتداعيات ندرة القمح والارتفاع غير المسبوق في المحروقات على أمنها الغذائي وسلمها الاجتماعية المهددة..

الرئيس الأوكراني زيلنسكي وبعد أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب ومناشداته وتوسلاته للغرب بقبول عضوية بلاده في الحلف الأطلسي أقر صراحة باستحالة تحقيق هذا الأمر قبل نهاية الحرب الراهنة، وقال الرئيس الأوكراني:"نتفهم أننا لن نصبح عضوا في الناتو ما دامت هذه الحرب مستمرة، ليس لأننا لا نريد ذلك بل لأن ذلك مستحيل..."، وفي ذلك إقرار متأخر بحقيقة معلومة طالما أنكرها زيلنسكي الممثل المغمور الذي قادته الصدفة إلى عالم السياسة والذي يكتشف ربما متأخرا الفارق بين الواقع السياسي وبين أوهام السياسة التي دفعته إلى الدخول في حرب مدمرة لا يريد لها مهندسها أن تنتهي قبل تحقيق أهداف حلفاء زيلنسكي وتحديدا واشنطن منها.. وربما كان زيلنسكي يتوهم أن انضمام بلاده للحلف الأطلسي مسألة محسومة بمجرد اندلاع الصراع مع روسيا، اعترافات زيلنسكي تأتي قبل نحو شهر من قمة الحلف الأطلسي المرتقبة في جويلية بالعاصمة الليتوانية فيلينيوس، ويبدو أن زيلنسكي بات مقتنعا أن أكثر ما يمكن أن يتوقعه من القمة مزيد المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا لمواصلة الحرب إلى أجل غير مسمى ...

وقد أكد الأمين العام للحلف الأطلسي رزنامة القمة القادمة للناتو وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، قبل يومين أن قمة حلف شمال الأطلسي المقررة في العاصمة الليتوانية فيلينوس ستكرس "خصوصا" لتقديم دعم ملموس إلى أوكرانيا.

وكان المستشار الألماني واضحا في ردوده على أسئلة الصحفيين بشأن احتمال انضمام أوكرانيا إلى الحلف من عدمه بالتأكيد على أن "ما سيحصل في فيلينوس قبل كل شيء هو تنظيم دعم ملموس لأوكرانيا في هذا الوضع، وأن القضية التي علينا أن نجيب عنها الآن هي الآتية: كيف علينا أن نُفهم بعضنا البعض أننا سنحافظ على هذا الدعم ما دام ذلك ضروريا"...، بما يوحي ضمنيا بأن مسألة التمويلات والسخاء الأوروبي إزاء أوكرانيا لم يعد أمرا يحظى بالإجماع بعد أن طال أمد الحرب ويبدو أن بعض الأطراف في دول الاتحاد الأوروبي باتت تطرح هذه المسألة والى متى يمكن أن تستمر التمويلات في ظل غياب أفق لإنهاء الصراع؟...

وهذا الموقف لا يعني بأي حال من الأحوال أن زيلنسكي الذي ظل يطالب بإلحاح في مختلف العواصم والمؤسسات الأوروبية بفتح الأبواب الموصدة أمام بلاده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي سيغيب عن القمة والأرجح أنه سيكون مجددا ضيف شرف في القمة لمخاطبة الرأي العام الدولي ولكن سيتعين عليه تخفيض توقعاته بشأن انضمام بلاده الفوري إلى الناتو لعدة اعتبارات ...

ويبدو واضحا من خلال تصريحات ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أن هناك انقساما واضحا ومعلنا بين أعضاء الحلف في شأن انضمام أوكرانيا...، وهذا التناقض الصارخ لدول الناتو بين سخائها في تمويل أوكرانيا لمواصلة الحرب وبين رفضها انضمام أوكرانيا للحلف يؤكد أن هناك محاذير، وأن هناك خطوطا حمراء في التعاطي مع هذه الحرب وأن الحلف لا يريد أن يكون في قيادة هذه الحرب ومواجهة روسيا بالنظر إلى أن ميثاق الناتو يقر في البند الخامس منه بان أي اعتداء على أي عضو من أعضاء الحلف بمثابة الاعتداء على كل أعضائه وهو أن حدثا سيؤدي حتما إلى وقوع المحظور حتى الآن وإلى الانسياق وراء اخطر السيناريوهات واستخدام ما لم يقع استخدامه حتى الآن من أسلحة واستفزاز روسيا ودفعها إلى الخيار النووي الذي نعتقد أنه السيناريو المستحيل لأنه سيكون وبالا على الجميع ولن يكون فيه خاسر ولا رابح.. ومع ذلك نقول أن لكل حرب مجانينها ولكل حرب حساباتها وما يمكن أن يبدو مستحيلا اليوم قد لا يكون كذلك مستقبلا..، وطالما ظل الصوت الوحيد المدوي هو صوت القنابل والصواريخ وطالما ظلت الحكمة غائبة وطالما ظلت لعبة الحسابات هي الطاغية فان كل السيناريوهات تبقى قائمة .

وفي انتظار ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث ميدانيا إلى غاية انعقاد قمة الناتو تستمر الحرب بين الجانبين ومعها تستمر الحملات الدعائية والحرب الكلامية وادعاء كل طرف التقدم ميدانيا على أرض المعارك، فان لغة الأرقام تشير إلى أن الدعم المالي والعسكري واللوجستي لأوكرانيا سيستمر والتقارير المسربة تؤكد أن ما حصلت عليه أوكرانيا في السنة الأولى من الحرب خلال 2022 يتجاوز ميزانية ايطاليا ...

وتبقى واشنطن الممول الأساسي لزيلنسكي والمزود الأهم للحليف الأوكراني بالمعدات العسكرية..، وتشير لغة الأرقام إلى أن أوكرانيا تلقت خلال حربها ضد روسيا أضخم مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة تفوق قيمتها 70مليار دولار.. وقد تجاوزت قيمة المدفوعات إلى أوكرانيا حجم الإنفاق العسكري السنوي لواشنطن خلال حربها في أفغانستان، من سنة 2001 إلى غاية 2010، بحسب معهد كييل للاقتصاد العالمي، وهذا ما يفسر تواتر الانتقادات داخل صفوف الجمهوريين أنفسهم بشأن حجم المساعدات والذين يعتبرون صراحة أنه يجب وقف هذا المساعدات التي أثقلت كاهل دافعي الضرائب... وربما يعتقد بايدن انه لن يخرج عن القاعدة التي تعتبر أن لكل رئيس أمريكي حربه والحرب الروسية الأوكرانية هي أيضا حربه التي ستضاف إلى سجله إذا ما أصر على خوض سباق الانتخابات الرئاسية في 2024 بعد تعثره وسقوطه أرضا خلال حفل تخرج دفعة من طلبة في أكاديمية القوات الجوية الأمريكية، أمام تسعمائة طالب... سقطة بايدن لم تكن الأولى ولكن يبدو أنها الأعنف... وليس من الواضح ما إذا ستدفع الرئيس الأمريكي إلى إعادة حساباته وأولوياته في المرحلة القادمة مع دخول الحرب نقطة اللاعودة على الأرجح...

اسيا العتروس