عاش بيت الشعر القيرواني مؤخرا حدثا ابداعيا وثقافيا استثنائيا من خلال استضافة الدكتور والسياسي ورجل القانون فتحي كميشة للاحتفاء بكتابه " مذكرات على طريق المستقبل ، رحلة محام عابر للقارات " بحضور عدد كبير من رواد البيت من شعراء واهل ثقافة وابداع وفكر غصت بهم القاعة وهو ما يعني ان بيت الشعر بالقيروان كسب رهان التأسيس لقاعدة جماهيرية عريضة شغوفة وعاشقة ومتابعة لكل ما له علاقة بالأدب والفكر والابداع الشعري الجاد وهو الامر الذي توقف عنده الإعلامي والديبلوماسي السابق الأستاذ عبدالحفيظ الهرقام عند تقديمه لهذا الكتاب القيم وفي ذلك أكثر من معنى ومغزى.
ففضاء بيت الشعر القيرواني بإدارة الشاعرة جميلة الماجري وكما أكد على ذلك الأستاذ عبدالحفيظ الهرقام الأنسب والأجمل لاحتضان هذا الحفل، بيت الشعر، هذا الصرح الثقافي الشامخ ، مفخرة أهل الإبداع في القيروان والذي يتعدى إشعاعه محيط مدينتنا لتصل أصداء نشاطه الحثيث إلى بقاع عدّة في العالم العربي وفِي العالم، هذا البيت الذي اعتبره حاضنة مملكة الشعر والأدب والفنون عموما في القيروان، الزاخرة بإبداعات أميراتها وأمرائها وهم كثر متوجها بتحية خالصة الى الشاعرة الملهمة جميلة الماجري مديرة بيت الشعر لما تبذله من جهود محمودة من أجل احتضان المبدعين ولا سيما الشباب منهم وتوسيع دائرة إشعاع هذا المنجز الثقافي الرائد.
قصة نجاح غير تقليدية
وكشف المحاضر انه عندما أرسل له الأستاذ فتحي كميشة النسخة الفرنسية والنسخة الانقليزية لكتابه : « Mémoires en quête d’avenir, le parcours d’un avocat itinérant » طالبا رأيي بشأن تعريبه لم يتردد لحظة في تشجيعه على ذلك قائلا في هذا السياق: واعتبر أن مختلف مراحل حياة فتحي كميشة ومسيرته المهنية المبهرة لحقيقة بأن يطلع عليها جمهور القراء باللغة العربية، ولا سيما الشباب منهم، لأن قصة نجاح فتحي كميشة الزاخرة بالدروس والعبر يمكن أن تكون مصدر إلهام للكثيرين، إضافة إلى أنّ سيرته الذاتية سيرة غير تقليدية ولا نمطية ولا هي «سيرة عن تطور شخص من الطفولة إلى الشيخوخة، وإنّما هي سيرة عن تطور فكره في المجال القانوني، فهذا الكتاب -والكلام للأستاذ عبد الحفيظ الهرقام - يعرض علامات بارزة في حياة فتحي كميشة بتعدد أوجهها ففتحي كميشة سينمائي ومثقف ورجل قانون ممتاز ذو صيت عالمي، تولى منصب الأمين العام لنظام التحكيم العربي - الأوروبي بباريس وتبوأ مكانة بارزة في مجال التحكيم على الصعيد الدولي قبل أن يرافع أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي ضمن فريق من كبار المحامين ورجال القانون في المستوى العالمي في النزاع الحدودي بين مملكة البحرين ودولة قطر، وقد جلبت مرافعته آنذاك الاهتمام حيث ركَّز فيها على نظرية عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار وهي نظرية على غاية الأهمية في تقدير رجال القانون بعد انقضاء العهد الاستعماري وبفضل ما اكتسبه فتحي كميشة من تجربة مهنية ثريّة وما حققه من إشعاع واسع على الصعيد الدولي تسنّى له أن ينتخب لدورتين متتاليتين ، وبشبه إجماع الدول ، عضوا بلجنة القانون الدولي للأمم المتحدة ، ومقرها جنيف وأن يختاره الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين لتأسيس محكمة دستورية في هذا البلد الشقيق، وقد كان أوّل أمين عام لها، وذلك قبل أن يترأّس مجلس العقوبات والمختص بمكافحة الفساد في إطار البنك الدولي في واشنطن، ليحطّ الرحال من جديد بعد هذه الرحلة الطويلة عبر عدة مدن وعواصم في العالم في القيروان ، فيما يشبه «استراحة المحارب»، وذلك برّا بوالديه وتعلقا منه بمسقط رأسه، حيث أنجز مشروعا استثماريا ضخما في المجال الفلاحي واقتنى دار الأجداد في حيّ الجامع ذات الطراز المعماري البديع ليتولى ترميمها في انتظار استغلالها في الميدان السياحي.
أليست هذه المسيرة المبهرة جديرة بأن تخلّد في كتاب؟
لم يخل فتحي كميشة بواجب الذاكرة ولم يُقَصِّر في حقّ أسرته وبني وطنه بإقدامه على مغامرة كتابة مذكراته. وفق كلمات المحاضر الذي خلص الى القول انه الى جانب حذق فن السرد وأناقة الأسلوب وجزالة اللفظ ودقّة التعبير، يتعيّن أن تكون سيرة الكاتب مثيرة للاهتمام، محفّزة إلى التأمّل والتفكير لاستخلاص ما تتضمنه من دروس وعبر.
ويرى الأستاذ عبدالحفيظ الهرقام من خلال هذا الكتاب أن فتحي كميشة نجح إلى حدّ كبير في هذه المغامرة التي قال عنها إنّها «فعل مترع بالمخاطر» ، مشيرا إلى أنّ البعض قد يرى فيما كتب «شيئا من النرجسية وتباهيا ببطولات»، وقد يكون ذلك صحيحا ، ملاحظا أن العودة إلى الوراء من خلال النظر في المرآة العاكسة لسرد الأحداث التي عاشها كانت في تقديره « ضرورة ملحة وفيها راحة للنفس للمضي قدما إلى الأمام.
شعر وموسيقى تخلل هذا اللقاء الادبي والفكري وقراءات شعرية للمبدع الكبير الشاعر محمد الغزي كما كان للموسيقى حضورها المتوهج من خلال الفنان معز بن سعيد الذي تجول بعوده عبر عدد من خوالد الموسيقى العربية.
محسن بن احمد
تونس- الصباح
عاش بيت الشعر القيرواني مؤخرا حدثا ابداعيا وثقافيا استثنائيا من خلال استضافة الدكتور والسياسي ورجل القانون فتحي كميشة للاحتفاء بكتابه " مذكرات على طريق المستقبل ، رحلة محام عابر للقارات " بحضور عدد كبير من رواد البيت من شعراء واهل ثقافة وابداع وفكر غصت بهم القاعة وهو ما يعني ان بيت الشعر بالقيروان كسب رهان التأسيس لقاعدة جماهيرية عريضة شغوفة وعاشقة ومتابعة لكل ما له علاقة بالأدب والفكر والابداع الشعري الجاد وهو الامر الذي توقف عنده الإعلامي والديبلوماسي السابق الأستاذ عبدالحفيظ الهرقام عند تقديمه لهذا الكتاب القيم وفي ذلك أكثر من معنى ومغزى.
ففضاء بيت الشعر القيرواني بإدارة الشاعرة جميلة الماجري وكما أكد على ذلك الأستاذ عبدالحفيظ الهرقام الأنسب والأجمل لاحتضان هذا الحفل، بيت الشعر، هذا الصرح الثقافي الشامخ ، مفخرة أهل الإبداع في القيروان والذي يتعدى إشعاعه محيط مدينتنا لتصل أصداء نشاطه الحثيث إلى بقاع عدّة في العالم العربي وفِي العالم، هذا البيت الذي اعتبره حاضنة مملكة الشعر والأدب والفنون عموما في القيروان، الزاخرة بإبداعات أميراتها وأمرائها وهم كثر متوجها بتحية خالصة الى الشاعرة الملهمة جميلة الماجري مديرة بيت الشعر لما تبذله من جهود محمودة من أجل احتضان المبدعين ولا سيما الشباب منهم وتوسيع دائرة إشعاع هذا المنجز الثقافي الرائد.
قصة نجاح غير تقليدية
وكشف المحاضر انه عندما أرسل له الأستاذ فتحي كميشة النسخة الفرنسية والنسخة الانقليزية لكتابه : « Mémoires en quête d’avenir, le parcours d’un avocat itinérant » طالبا رأيي بشأن تعريبه لم يتردد لحظة في تشجيعه على ذلك قائلا في هذا السياق: واعتبر أن مختلف مراحل حياة فتحي كميشة ومسيرته المهنية المبهرة لحقيقة بأن يطلع عليها جمهور القراء باللغة العربية، ولا سيما الشباب منهم، لأن قصة نجاح فتحي كميشة الزاخرة بالدروس والعبر يمكن أن تكون مصدر إلهام للكثيرين، إضافة إلى أنّ سيرته الذاتية سيرة غير تقليدية ولا نمطية ولا هي «سيرة عن تطور شخص من الطفولة إلى الشيخوخة، وإنّما هي سيرة عن تطور فكره في المجال القانوني، فهذا الكتاب -والكلام للأستاذ عبد الحفيظ الهرقام - يعرض علامات بارزة في حياة فتحي كميشة بتعدد أوجهها ففتحي كميشة سينمائي ومثقف ورجل قانون ممتاز ذو صيت عالمي، تولى منصب الأمين العام لنظام التحكيم العربي - الأوروبي بباريس وتبوأ مكانة بارزة في مجال التحكيم على الصعيد الدولي قبل أن يرافع أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي ضمن فريق من كبار المحامين ورجال القانون في المستوى العالمي في النزاع الحدودي بين مملكة البحرين ودولة قطر، وقد جلبت مرافعته آنذاك الاهتمام حيث ركَّز فيها على نظرية عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار وهي نظرية على غاية الأهمية في تقدير رجال القانون بعد انقضاء العهد الاستعماري وبفضل ما اكتسبه فتحي كميشة من تجربة مهنية ثريّة وما حققه من إشعاع واسع على الصعيد الدولي تسنّى له أن ينتخب لدورتين متتاليتين ، وبشبه إجماع الدول ، عضوا بلجنة القانون الدولي للأمم المتحدة ، ومقرها جنيف وأن يختاره الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين لتأسيس محكمة دستورية في هذا البلد الشقيق، وقد كان أوّل أمين عام لها، وذلك قبل أن يترأّس مجلس العقوبات والمختص بمكافحة الفساد في إطار البنك الدولي في واشنطن، ليحطّ الرحال من جديد بعد هذه الرحلة الطويلة عبر عدة مدن وعواصم في العالم في القيروان ، فيما يشبه «استراحة المحارب»، وذلك برّا بوالديه وتعلقا منه بمسقط رأسه، حيث أنجز مشروعا استثماريا ضخما في المجال الفلاحي واقتنى دار الأجداد في حيّ الجامع ذات الطراز المعماري البديع ليتولى ترميمها في انتظار استغلالها في الميدان السياحي.
أليست هذه المسيرة المبهرة جديرة بأن تخلّد في كتاب؟
لم يخل فتحي كميشة بواجب الذاكرة ولم يُقَصِّر في حقّ أسرته وبني وطنه بإقدامه على مغامرة كتابة مذكراته. وفق كلمات المحاضر الذي خلص الى القول انه الى جانب حذق فن السرد وأناقة الأسلوب وجزالة اللفظ ودقّة التعبير، يتعيّن أن تكون سيرة الكاتب مثيرة للاهتمام، محفّزة إلى التأمّل والتفكير لاستخلاص ما تتضمنه من دروس وعبر.
ويرى الأستاذ عبدالحفيظ الهرقام من خلال هذا الكتاب أن فتحي كميشة نجح إلى حدّ كبير في هذه المغامرة التي قال عنها إنّها «فعل مترع بالمخاطر» ، مشيرا إلى أنّ البعض قد يرى فيما كتب «شيئا من النرجسية وتباهيا ببطولات»، وقد يكون ذلك صحيحا ، ملاحظا أن العودة إلى الوراء من خلال النظر في المرآة العاكسة لسرد الأحداث التي عاشها كانت في تقديره « ضرورة ملحة وفيها راحة للنفس للمضي قدما إلى الأمام.
شعر وموسيقى تخلل هذا اللقاء الادبي والفكري وقراءات شعرية للمبدع الكبير الشاعر محمد الغزي كما كان للموسيقى حضورها المتوهج من خلال الفنان معز بن سعيد الذي تجول بعوده عبر عدد من خوالد الموسيقى العربية.