إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أمام تفاقم الظاهرة .. الأمن "يشن حربا" على المنحرفين.. ويطيح بـ13 عنصرا من مافيا البراكاجات

   

تونس-الصباح

سددت الادارة العامة للأمن الوطني والادارة العامة للأمن العمومي مؤخرا ضربات موجعة للمجرمين بعد نجاحها في الاطاحة بـ13 عنصرا يمثلون "مافيا البراكاجات" التي روعت  المارة على مدى اليومين الماضيين في مناطق مختلفة من البلاد وذلك في اعقاب عمليات هادفة تخللتها كمائن ومداهمات قبل احالتهم على انظار القضاء لمواصلة التحقيقات واتخاذ بقية الاجراءات القانونية في شأنهم.

حيث تمكنت دورية  مركز الأمن الوطني بسوسة في وقت وجيز من القبض على منحرفين عمدا إلى سلب امرأة هاتفها الجوال تحت طائلة الاعتداء بالعنف.

وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهما من أجل "السلب تحت طائلة الاعتداء بالعنف والمشاركة في ذلك والسكر الواضح واحداث الهرج بالطريق العام".

وفي ذات السياق تمكنت دورية أمنية دراجية تابعة لمنطقة الأمن الوطني بالمنزه  من الإطاحة بـ 4 أشخاص  حاولوا افتكاك هاتف جوال لطفل قاصر.

وبسماعهم اعترفوا بكل ما نسب إليهم، وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهم من أجل "افتكاك متاع الغير تحت التهديد."

كما أمكن لدورية تابعة لإدارة شرطة النجدة من الإطاحة بـ4 أشخاص حاولوا سلب شخصين لهواتفهما الجوالة تحت طائلة التهديد بسكين كبير الحجم.

وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بجميع الأطراف من أجل "محاولة السرقة والتهديد باستعمال سلاح أبيض وحمل ومسك سلاح أبيض بدون رخصة" .

كما تمكن أعوان الأمن التابعين لفرقة الشرطة العدلية بسيدي حسين  من القبض على شخصين عمدا الى سلب رجل هاتفه الجوال ومبلغ مالي ثم توليا الاعتداء عليه بالعنف الشديد، وقد تم استرجاع المسروق.

وبعرض هويتهما على الناظم الآلي تبين أن أحدهما محل 3 مناشير تفتيش من أجل "تكوين وفاق إجرامي يتعلق بالسرقة والعنف الشديد".

وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهما من أجل "تكوين وفاق قصد السلب باستعمال العنف الشديد بآلة حادة" ومواصلة الأبحاث معهما.

كما أمكن لأعوان دورية أمنية تابعة لفرقة الشرطة العدلية بباردو  من ضبط شخص على مستوى شارع 20 مارس بباردو يحمل كيسا كبير الحجم وقاطع أسلاك "كلاب" والذي بالتحري معه اعترف باقترافه عملية سرقة أنابيب نحاسية بأحد المنازل بالجهة ليتولى لاحقا بيعها لأحد معارفه بسوق العصر بمبلغ مالي قدره 10 دنانير للكلغ الواحد.، باستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ به من أجل "السرقة" والأبحاث متواصلة.

تفاقم الظاهرة..

للإشارة فإن ظاهرة "البراكاجات" استشرت خلال السنوات  الأخيرة واتسمت بتنظيم أفراد العصابات المحكم والممنهج والمجندر كما عرفت مشاركة العنصر النسائي في عمليات السطو والتي  تتم باستعمال الاسلحة البيضاء تحت التهديد بالعنف.

وكشفت الإدارة العامة لقوات الأمن الداخلي في وقت سابق أرقاما صادمة حيث تم تسجيل 55 ألفاً و700 عملية سرقة في مختلف أنواعها عام 2012، في مقابل 49 ألف عمليّة سرقة خلال عام 2018، أما عدد عمليات السطو باستعمال القوة أو “البراكاجات”، فإنها في حدود 5500 براكاج في السنة، وبنسبة 40 في المائة من جملة الجرائم المسجلة سنة  2019 أي20 في المائة منها في تونس الكبرى.    

مبادرة تشريعية..

وأمام تفاقم ظاهرة السرقة لا سيما البراكاجات تقدمت بعض الكتل بالبرلمان المنحل بعدة مبادرات تشريعية على غرار حركة النهضة التي اعلنت في وقت سابق عن تقدمها بمبادرة تشريعية لتنقيح الفصول 53 و259 و260 و261 من المجلة الجزائية والمتعلقة بجرائم السرقات أو ما يعرف بـ"البراكاجات.

وذكرت كتلة النهضة أن تقديم هذه المبادرة، يعود لتنامي موجة الغضب ومطالبة العديد من الضحايا وعائلاتهم بضرورة تدخل المشرع للتشديد في العقوبات، ما جعل من الضروري إدخال بعض التنقيحات على المجلة الجزائية، مشيرة إلى أن تونس تحتل المرتبة 10 عربيا و53 عالميا بخصوص تطور جرائم الاعتداء على الجسد البشري.

ولاحظت، في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بنص المبادرة، أن تصاعد جرائم البراكاجات، "يعود إلى التغييرات الاجتماعية والتربوية والثقافية والأمنية، على غرار الفقر والانقطاع المبكر عن التعليم وتزايد عدد مستعملي المخدرات".

واقترحت الكتلة، بخصوص الفصل 53 من المجلة الجزائية، إضافة فقرة لهذا الفصل تنص على أنه "يمنع التخفيف في جرائم السرقات باستعمال السلاح".

واقترحت تنقيح الفصل 259 من المجلة، الذي ينص على أنه "يعاقب بالسجن، بقية العمر، مرتكب السرقة الواقعة مع توفر الأمور الخمسة الآتية"، عبر تعديل المطات 1 و3 و4 و5 لتصبح كما يلي:- أولا: استعمال السلاح الذي يؤدي للقتل أو العنف الشديد أو التهديد بالعنف الشديد للواقعة له السرقة أو لأقاربه. - ثالثا: وقوعها نهارا أو ليلا.

- رابعا: من فرد أو عدة أفراد.

- خامسا: حمل المجرم أو المجرمين أو واحد من المجموعة سلاحا ظاهرا أو خفيا.

أما بخصوص الفصل 160، فقد اقترحت الكتلة تعديله لينص على أنه "يعاقب بالسجن، مدة عشرين سنة، مرتكب السرقة باستعمال أحد الأمرين الأولين المقررة بالفصل 259 أو الحامل أو الحاملين للسلاح ظاهرا أو خفيا".

كما تضمنت المبادرة الترفيع في عقوبة السجن من 12 إلى 15 سنة الواردة في الفصل 261 بتعديله ليصبح نصه "يعاقب بالسجن مدة خمسة عشر عاما مرتكب السرقة الواقعة بتوافر الأمور الثلاثة الأخيرة من الفصل 259".

آلاف الملفات القضائية..

وللاشارة فإن القضايا التي بت فيها القضاء خلال السنتين القضائيتين 2014-2015 و2015-2016 بلغت 33217 قضية  سرقة مجردة (18972 – 14245) فيما بلغت قضايا السرقة الموصوفة 5965 قضية سرقة موصوفة (2834 -3131) وبلغ العدد الجملي للقضايا التي تم البت فيها في السرقة الموصوفة والمجردة 39182 قضية خلال الفترة المذكورة وفق احصائية رسمية تحصلت عليها "الصباح".

 السرقة حاجة أم وسيلة؟

أمام الكم الهائل من ملفات السرقة التي يتم البت فيها سنويا والجرائم التي يرتكبها اللصوص لافتكاك متاع الغير والتي تصل حد القتل ما يدفع الى التساؤل عن السبب الذي يدفع بإنسان الى إزهاق روح من اجل بعض النقود أو هاتف أو شيء ليس على ملكه وحول هذا السؤال أجابنا الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد الذي بين في قراءته أن السرقة تعتبر من أقدم "المهن" التي عرفتها البشرية  في العالم لكن في مجتمعنا وظرفيتنا هناك ما يشجع عليها ويدفع لها.. فحين يرتبط الوضع الاقتصادي الصعب بضعف ثقافة العمل وانتشار ثقافة التواكل وحين يكون بلدنا مرتعا لبعض شبكات الجريمة المنظمة تصبح السرقة هي الوجه الآخر للازمة الاقتصادية والقيمية والاجتماعية التي تعيشها تونس.

وبين بالحاج محمد انه عوض أن يكون الانتقال الديمقراطي مناخا للسعي والعمل والبناء يتحول إلى سياق للتواكل والابتزاز وتصبح السرقة أسهل الطرق للارتزاق حتى لمن هم في صحة جيدة إذ يرفض البعض العمل رغم أنه قادر على ذلك ويفضل السرقة على العمل نظرا لانتشار ثقافة التواكل والكسل والبحث عن الربح بأقل مجهود ممكن. وبالتالي تعتبر السرقة  ليست ظاهرة مرتبطة بالحالة الاقتصادية والعجز البدني فقط بل هي مرتبطة أكثر بالمناخ والمزاج العام.

ويقول بالحاج محمد إن علاقة التونسي بالمال علاقة متناقضة فكريا ونفسيا واجتماعيا، ما بين الزهد به أخلاقيا، والطمع به عمليا، فالمال يحدد المنزلة الاجتماعية ما بين الغني والفقير، ويرتبط المال بالثقافة كالكرم والجود والبخل والحسد وبالروحانيات كالنعمة الإلهية، لان المال يمثل بالنسبة إلى الفرد والجماعة مظهرا من مظاهر الحياة الاقتصادية فقط، بل يمثل أيضا كل مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية التي تعكس سيكولوجية الفرد والجماعة.

ان حب المال، أو ما يسمى أحيانا بالنزعة المادية، من أهم خصائص أهل المدن وهم يختلفون فيها عن البدو اختلافا واضحا. فالبدو يحبون المادة، ولكنهم لا يحبونها لذاتها بل لكي يتكرموا بها على الناس فينالوا المكانة العالية والسمعة الحسنة بينهم.أما أهل المدن فيسيرون على مبدأ آخر هو أن "القرش الابيض ينفع في اليوم الأسود" فالقرش هو عصب الحياة في المدن، حيث يستطيع الانسان به أن يشبع حاجاته المتنوعة، ويضمن مستقبله، ويقترب الى الحكام، ويحيط نفسه بالمظاهر التي تجلب الجاه والنفوذ وباعتبار أن جمعه بالمجهود مضن يلتجئ البعض للسرقة.

تجرأ المواطن على الدولة..

مع تراجع سطوة الدولة وجبروتها السابق ومع عدم قدرة مؤسساتها ما بعد الثورة على التكيف مع هذا الواقع الجديد تجرأ عليها المواطن كما تجرؤوا على غيرهم من المواطنين وهذا يعكس حالة من الوعي الجماعي البدائي الذي يرى في الدولة عدوا وفي الامتثال للقوانين عقوبة أو استنقاصا وهو وعي جماعي ما قبل حداثي ويكفي أن نقارن وضعنا مع أوضاع شعوب أخرى لترى حجم الفجوة في الوعي فاليابانيون والالمانيون بعد الحرب العالمية الثانية وجدوا بلدانهم ركاما وحولوها في ظرف قصير إلى دول رائدة ونحن ورثنا دولة قوية ندفعها دفعا  كل من موقعه كي تكون دولة فاشلة وهنا يكمن الفرق.

مفيدة القيزاني

أمام تفاقم الظاهرة .. الأمن "يشن حربا" على المنحرفين.. ويطيح بـ13 عنصرا من مافيا البراكاجات

   

تونس-الصباح

سددت الادارة العامة للأمن الوطني والادارة العامة للأمن العمومي مؤخرا ضربات موجعة للمجرمين بعد نجاحها في الاطاحة بـ13 عنصرا يمثلون "مافيا البراكاجات" التي روعت  المارة على مدى اليومين الماضيين في مناطق مختلفة من البلاد وذلك في اعقاب عمليات هادفة تخللتها كمائن ومداهمات قبل احالتهم على انظار القضاء لمواصلة التحقيقات واتخاذ بقية الاجراءات القانونية في شأنهم.

حيث تمكنت دورية  مركز الأمن الوطني بسوسة في وقت وجيز من القبض على منحرفين عمدا إلى سلب امرأة هاتفها الجوال تحت طائلة الاعتداء بالعنف.

وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهما من أجل "السلب تحت طائلة الاعتداء بالعنف والمشاركة في ذلك والسكر الواضح واحداث الهرج بالطريق العام".

وفي ذات السياق تمكنت دورية أمنية دراجية تابعة لمنطقة الأمن الوطني بالمنزه  من الإطاحة بـ 4 أشخاص  حاولوا افتكاك هاتف جوال لطفل قاصر.

وبسماعهم اعترفوا بكل ما نسب إليهم، وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهم من أجل "افتكاك متاع الغير تحت التهديد."

كما أمكن لدورية تابعة لإدارة شرطة النجدة من الإطاحة بـ4 أشخاص حاولوا سلب شخصين لهواتفهما الجوالة تحت طائلة التهديد بسكين كبير الحجم.

وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بجميع الأطراف من أجل "محاولة السرقة والتهديد باستعمال سلاح أبيض وحمل ومسك سلاح أبيض بدون رخصة" .

كما تمكن أعوان الأمن التابعين لفرقة الشرطة العدلية بسيدي حسين  من القبض على شخصين عمدا الى سلب رجل هاتفه الجوال ومبلغ مالي ثم توليا الاعتداء عليه بالعنف الشديد، وقد تم استرجاع المسروق.

وبعرض هويتهما على الناظم الآلي تبين أن أحدهما محل 3 مناشير تفتيش من أجل "تكوين وفاق إجرامي يتعلق بالسرقة والعنف الشديد".

وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهما من أجل "تكوين وفاق قصد السلب باستعمال العنف الشديد بآلة حادة" ومواصلة الأبحاث معهما.

كما أمكن لأعوان دورية أمنية تابعة لفرقة الشرطة العدلية بباردو  من ضبط شخص على مستوى شارع 20 مارس بباردو يحمل كيسا كبير الحجم وقاطع أسلاك "كلاب" والذي بالتحري معه اعترف باقترافه عملية سرقة أنابيب نحاسية بأحد المنازل بالجهة ليتولى لاحقا بيعها لأحد معارفه بسوق العصر بمبلغ مالي قدره 10 دنانير للكلغ الواحد.، باستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ به من أجل "السرقة" والأبحاث متواصلة.

تفاقم الظاهرة..

للإشارة فإن ظاهرة "البراكاجات" استشرت خلال السنوات  الأخيرة واتسمت بتنظيم أفراد العصابات المحكم والممنهج والمجندر كما عرفت مشاركة العنصر النسائي في عمليات السطو والتي  تتم باستعمال الاسلحة البيضاء تحت التهديد بالعنف.

وكشفت الإدارة العامة لقوات الأمن الداخلي في وقت سابق أرقاما صادمة حيث تم تسجيل 55 ألفاً و700 عملية سرقة في مختلف أنواعها عام 2012، في مقابل 49 ألف عمليّة سرقة خلال عام 2018، أما عدد عمليات السطو باستعمال القوة أو “البراكاجات”، فإنها في حدود 5500 براكاج في السنة، وبنسبة 40 في المائة من جملة الجرائم المسجلة سنة  2019 أي20 في المائة منها في تونس الكبرى.    

مبادرة تشريعية..

وأمام تفاقم ظاهرة السرقة لا سيما البراكاجات تقدمت بعض الكتل بالبرلمان المنحل بعدة مبادرات تشريعية على غرار حركة النهضة التي اعلنت في وقت سابق عن تقدمها بمبادرة تشريعية لتنقيح الفصول 53 و259 و260 و261 من المجلة الجزائية والمتعلقة بجرائم السرقات أو ما يعرف بـ"البراكاجات.

وذكرت كتلة النهضة أن تقديم هذه المبادرة، يعود لتنامي موجة الغضب ومطالبة العديد من الضحايا وعائلاتهم بضرورة تدخل المشرع للتشديد في العقوبات، ما جعل من الضروري إدخال بعض التنقيحات على المجلة الجزائية، مشيرة إلى أن تونس تحتل المرتبة 10 عربيا و53 عالميا بخصوص تطور جرائم الاعتداء على الجسد البشري.

ولاحظت، في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بنص المبادرة، أن تصاعد جرائم البراكاجات، "يعود إلى التغييرات الاجتماعية والتربوية والثقافية والأمنية، على غرار الفقر والانقطاع المبكر عن التعليم وتزايد عدد مستعملي المخدرات".

واقترحت الكتلة، بخصوص الفصل 53 من المجلة الجزائية، إضافة فقرة لهذا الفصل تنص على أنه "يمنع التخفيف في جرائم السرقات باستعمال السلاح".

واقترحت تنقيح الفصل 259 من المجلة، الذي ينص على أنه "يعاقب بالسجن، بقية العمر، مرتكب السرقة الواقعة مع توفر الأمور الخمسة الآتية"، عبر تعديل المطات 1 و3 و4 و5 لتصبح كما يلي:- أولا: استعمال السلاح الذي يؤدي للقتل أو العنف الشديد أو التهديد بالعنف الشديد للواقعة له السرقة أو لأقاربه. - ثالثا: وقوعها نهارا أو ليلا.

- رابعا: من فرد أو عدة أفراد.

- خامسا: حمل المجرم أو المجرمين أو واحد من المجموعة سلاحا ظاهرا أو خفيا.

أما بخصوص الفصل 160، فقد اقترحت الكتلة تعديله لينص على أنه "يعاقب بالسجن، مدة عشرين سنة، مرتكب السرقة باستعمال أحد الأمرين الأولين المقررة بالفصل 259 أو الحامل أو الحاملين للسلاح ظاهرا أو خفيا".

كما تضمنت المبادرة الترفيع في عقوبة السجن من 12 إلى 15 سنة الواردة في الفصل 261 بتعديله ليصبح نصه "يعاقب بالسجن مدة خمسة عشر عاما مرتكب السرقة الواقعة بتوافر الأمور الثلاثة الأخيرة من الفصل 259".

آلاف الملفات القضائية..

وللاشارة فإن القضايا التي بت فيها القضاء خلال السنتين القضائيتين 2014-2015 و2015-2016 بلغت 33217 قضية  سرقة مجردة (18972 – 14245) فيما بلغت قضايا السرقة الموصوفة 5965 قضية سرقة موصوفة (2834 -3131) وبلغ العدد الجملي للقضايا التي تم البت فيها في السرقة الموصوفة والمجردة 39182 قضية خلال الفترة المذكورة وفق احصائية رسمية تحصلت عليها "الصباح".

 السرقة حاجة أم وسيلة؟

أمام الكم الهائل من ملفات السرقة التي يتم البت فيها سنويا والجرائم التي يرتكبها اللصوص لافتكاك متاع الغير والتي تصل حد القتل ما يدفع الى التساؤل عن السبب الذي يدفع بإنسان الى إزهاق روح من اجل بعض النقود أو هاتف أو شيء ليس على ملكه وحول هذا السؤال أجابنا الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد الذي بين في قراءته أن السرقة تعتبر من أقدم "المهن" التي عرفتها البشرية  في العالم لكن في مجتمعنا وظرفيتنا هناك ما يشجع عليها ويدفع لها.. فحين يرتبط الوضع الاقتصادي الصعب بضعف ثقافة العمل وانتشار ثقافة التواكل وحين يكون بلدنا مرتعا لبعض شبكات الجريمة المنظمة تصبح السرقة هي الوجه الآخر للازمة الاقتصادية والقيمية والاجتماعية التي تعيشها تونس.

وبين بالحاج محمد انه عوض أن يكون الانتقال الديمقراطي مناخا للسعي والعمل والبناء يتحول إلى سياق للتواكل والابتزاز وتصبح السرقة أسهل الطرق للارتزاق حتى لمن هم في صحة جيدة إذ يرفض البعض العمل رغم أنه قادر على ذلك ويفضل السرقة على العمل نظرا لانتشار ثقافة التواكل والكسل والبحث عن الربح بأقل مجهود ممكن. وبالتالي تعتبر السرقة  ليست ظاهرة مرتبطة بالحالة الاقتصادية والعجز البدني فقط بل هي مرتبطة أكثر بالمناخ والمزاج العام.

ويقول بالحاج محمد إن علاقة التونسي بالمال علاقة متناقضة فكريا ونفسيا واجتماعيا، ما بين الزهد به أخلاقيا، والطمع به عمليا، فالمال يحدد المنزلة الاجتماعية ما بين الغني والفقير، ويرتبط المال بالثقافة كالكرم والجود والبخل والحسد وبالروحانيات كالنعمة الإلهية، لان المال يمثل بالنسبة إلى الفرد والجماعة مظهرا من مظاهر الحياة الاقتصادية فقط، بل يمثل أيضا كل مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية التي تعكس سيكولوجية الفرد والجماعة.

ان حب المال، أو ما يسمى أحيانا بالنزعة المادية، من أهم خصائص أهل المدن وهم يختلفون فيها عن البدو اختلافا واضحا. فالبدو يحبون المادة، ولكنهم لا يحبونها لذاتها بل لكي يتكرموا بها على الناس فينالوا المكانة العالية والسمعة الحسنة بينهم.أما أهل المدن فيسيرون على مبدأ آخر هو أن "القرش الابيض ينفع في اليوم الأسود" فالقرش هو عصب الحياة في المدن، حيث يستطيع الانسان به أن يشبع حاجاته المتنوعة، ويضمن مستقبله، ويقترب الى الحكام، ويحيط نفسه بالمظاهر التي تجلب الجاه والنفوذ وباعتبار أن جمعه بالمجهود مضن يلتجئ البعض للسرقة.

تجرأ المواطن على الدولة..

مع تراجع سطوة الدولة وجبروتها السابق ومع عدم قدرة مؤسساتها ما بعد الثورة على التكيف مع هذا الواقع الجديد تجرأ عليها المواطن كما تجرؤوا على غيرهم من المواطنين وهذا يعكس حالة من الوعي الجماعي البدائي الذي يرى في الدولة عدوا وفي الامتثال للقوانين عقوبة أو استنقاصا وهو وعي جماعي ما قبل حداثي ويكفي أن نقارن وضعنا مع أوضاع شعوب أخرى لترى حجم الفجوة في الوعي فاليابانيون والالمانيون بعد الحرب العالمية الثانية وجدوا بلدانهم ركاما وحولوها في ظرف قصير إلى دول رائدة ونحن ورثنا دولة قوية ندفعها دفعا  كل من موقعه كي تكون دولة فاشلة وهنا يكمن الفرق.

مفيدة القيزاني