تشكل الفلسفة الإطار الذي يمكن للإنسان من خلاله فهم العالم والتصرف في حياته الخاصة.
إنها توفر الأدوات التي يمكنه من خلالها اكتشاف الحقيقة واستخدام عقله لتحسين حياته .
في أيامنا هذه أصبحت الفلسفة ظاهرة جماهيرية.
إنها موجودة في كل مكان: في الدوريات والإنترنت والمنتديات والتلفزيون وحتى فضاءات المقاهي. أصبح الفيلسوف نفسه لا يفلت من النجومية الإعلامية. علاوة على ذلك، غالبًا ما تتم دعوته للتحدث عن مواضيع ليست ضمن اختصاصه المباشر: كالسياسة والاجتماع والاقتصاد، وعلم النفس، والمناخ، وما إلى ذلك.
رغم أنه بالنسبة للبعض، الفلسفة منفصلة عن الحياة، إنها ليست أكثر من تحليل للغة، تكهنات فارغة عن المجهول، لعبة فكرية عقيمة.
لهذا السبب، يعتقد معظم الناس أن الفلسفة مضيعة للوقت.
في الفلسفة، يتميّز السياسي عن مجال المعرفة والجماليات ولكن أيضًا الأخلاق، في الواقع، يتعلق الأمر بالسلوك البشري في بعده الجماعي كنشاط اجتماعي سياسي بصلة فن أو علم الحكم.
أصبح في تونس اليوم الكثير من فلاسفتنا معنيين بالشأن السياسي، كيوسف الصديق ومازري الحداد ومحمد محجوب وسمية المستيري وفتحي المسكيني وآمنة بلحاج يحي وحذامي محجوب وكذلك الأستاذ المميز فتحي التريكي، مع الإشارة قبل ذلك الى أن رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي خريج فلسفة .
كشف د. التركي في تصريح له عن موقف ذكر فيه أن: "السلطة تخاف من الفلاسفة" .
الإجابة بديهية واضحة، لأنّ الفلاسفة يقودون بالعقل، هم الوحيدون القادرون على أن يكونوا اجتماعيين لأنهم كانوا هم أنفسهم مصلحين خاصين بأنفسهم وبذواتهم .
فالمفكر الفيلسوف هو الوسيط الذي لا غنى عنه في بناء الدولة، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يجلب النظام إلى المدينة لأنه مسكون به وبداخله .
فاجأ التريكي الجميع سنة 1984 بإصدار كتابه "الفلاسفة والحرب"، كأنه يعلن حضوره وخريطة الطريق التي أسسها لنسقه الفكري الموصولة أساسا بإشكاليات العنف والهيمنة والتبعية والحرب، وهي إشكاليات متقاربة في جوهرها، تشترك فيما بينها من حيث قيامها على مبدأ القوة والقهر.
كما فأجا قبل فترة الرأي العام السياسي بموقف لم يسايره فيه حتى معارضي رئيس الجمهورية بالقول إن: "السلفية الجهادية لها بصمات واضحة في دستور (2022) وأن لحزب التحرير يد في صياغته "!.
لكن يبقى الأهم أن التريكي نفسه يؤسّس بفكره وفلسفته تصوَرا جديدا للمسألة الديمقراطية إذ في محاضرة كان ألقاها السنة الماضية عن "التفكير في الديمقراطيّة اليوم"، نظّمها "معهد تونس للفلسفة وكرسي الأيسسكو للعيش المشترك"، اقترح ما أسماه "الديمقراطية النشيطة" التي هي في منظوره نتاجٌ للانتفاضات الثورية في تونس، مؤكداً أن تصورات الديمقراطية في العالم تتجه حاليا نحو هذا النوع من الديمقراطية وهي "الديمقراطية التشاركية والتداولية".
إن السلطة بما تحمله من قوة ونفوذ وقدرة على تحقيق الأفكار والمشروعات النظرية في الواقع قد أغرت وأغوت العديد من الفلاسفة ليقاربوا صنعة السياسيين.
مفكران في عظمة كانط أو فيشته اعترفا ضمنيًا بمخاطر العمل الفلسفي على العمل السياسي، قام جدل طويل حول ذلك، بالنسبة لسلطة الدولة والأمير، من التحدث الفلسفي، من خلال تأطير الإطار النظري الذي يمكن للأخير أن ينتشر فيه بحرية .
فتاريخ الفلسفة وتطورها مستقلان عن الزمانية السياسية، كما أنّ أفضل الحالات أن يستأنس السياسي بالمفكر الفيلسوف ولنا في تجربة الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران أكبر مثال على ذلك، إذ غالبا ما كان يبدأ يومه بجلسة فطور الصباح مع مفكرين فلاسفة على غرار ايلي فيزل وجاك اطالي .
عين الحكمة أن تدعو الآخر بألّا يسير أمامك، فقد لا يتبعك، ولا يسير خلفك فقد لا تقوده، بل يسير بجانبك ليكون صديقك .
يرويها: أبوبكر الصغير
تشكل الفلسفة الإطار الذي يمكن للإنسان من خلاله فهم العالم والتصرف في حياته الخاصة.
إنها توفر الأدوات التي يمكنه من خلالها اكتشاف الحقيقة واستخدام عقله لتحسين حياته .
في أيامنا هذه أصبحت الفلسفة ظاهرة جماهيرية.
إنها موجودة في كل مكان: في الدوريات والإنترنت والمنتديات والتلفزيون وحتى فضاءات المقاهي. أصبح الفيلسوف نفسه لا يفلت من النجومية الإعلامية. علاوة على ذلك، غالبًا ما تتم دعوته للتحدث عن مواضيع ليست ضمن اختصاصه المباشر: كالسياسة والاجتماع والاقتصاد، وعلم النفس، والمناخ، وما إلى ذلك.
رغم أنه بالنسبة للبعض، الفلسفة منفصلة عن الحياة، إنها ليست أكثر من تحليل للغة، تكهنات فارغة عن المجهول، لعبة فكرية عقيمة.
لهذا السبب، يعتقد معظم الناس أن الفلسفة مضيعة للوقت.
في الفلسفة، يتميّز السياسي عن مجال المعرفة والجماليات ولكن أيضًا الأخلاق، في الواقع، يتعلق الأمر بالسلوك البشري في بعده الجماعي كنشاط اجتماعي سياسي بصلة فن أو علم الحكم.
أصبح في تونس اليوم الكثير من فلاسفتنا معنيين بالشأن السياسي، كيوسف الصديق ومازري الحداد ومحمد محجوب وسمية المستيري وفتحي المسكيني وآمنة بلحاج يحي وحذامي محجوب وكذلك الأستاذ المميز فتحي التريكي، مع الإشارة قبل ذلك الى أن رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي خريج فلسفة .
كشف د. التركي في تصريح له عن موقف ذكر فيه أن: "السلطة تخاف من الفلاسفة" .
الإجابة بديهية واضحة، لأنّ الفلاسفة يقودون بالعقل، هم الوحيدون القادرون على أن يكونوا اجتماعيين لأنهم كانوا هم أنفسهم مصلحين خاصين بأنفسهم وبذواتهم .
فالمفكر الفيلسوف هو الوسيط الذي لا غنى عنه في بناء الدولة، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يجلب النظام إلى المدينة لأنه مسكون به وبداخله .
فاجأ التريكي الجميع سنة 1984 بإصدار كتابه "الفلاسفة والحرب"، كأنه يعلن حضوره وخريطة الطريق التي أسسها لنسقه الفكري الموصولة أساسا بإشكاليات العنف والهيمنة والتبعية والحرب، وهي إشكاليات متقاربة في جوهرها، تشترك فيما بينها من حيث قيامها على مبدأ القوة والقهر.
كما فأجا قبل فترة الرأي العام السياسي بموقف لم يسايره فيه حتى معارضي رئيس الجمهورية بالقول إن: "السلفية الجهادية لها بصمات واضحة في دستور (2022) وأن لحزب التحرير يد في صياغته "!.
لكن يبقى الأهم أن التريكي نفسه يؤسّس بفكره وفلسفته تصوَرا جديدا للمسألة الديمقراطية إذ في محاضرة كان ألقاها السنة الماضية عن "التفكير في الديمقراطيّة اليوم"، نظّمها "معهد تونس للفلسفة وكرسي الأيسسكو للعيش المشترك"، اقترح ما أسماه "الديمقراطية النشيطة" التي هي في منظوره نتاجٌ للانتفاضات الثورية في تونس، مؤكداً أن تصورات الديمقراطية في العالم تتجه حاليا نحو هذا النوع من الديمقراطية وهي "الديمقراطية التشاركية والتداولية".
إن السلطة بما تحمله من قوة ونفوذ وقدرة على تحقيق الأفكار والمشروعات النظرية في الواقع قد أغرت وأغوت العديد من الفلاسفة ليقاربوا صنعة السياسيين.
مفكران في عظمة كانط أو فيشته اعترفا ضمنيًا بمخاطر العمل الفلسفي على العمل السياسي، قام جدل طويل حول ذلك، بالنسبة لسلطة الدولة والأمير، من التحدث الفلسفي، من خلال تأطير الإطار النظري الذي يمكن للأخير أن ينتشر فيه بحرية .
فتاريخ الفلسفة وتطورها مستقلان عن الزمانية السياسية، كما أنّ أفضل الحالات أن يستأنس السياسي بالمفكر الفيلسوف ولنا في تجربة الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران أكبر مثال على ذلك، إذ غالبا ما كان يبدأ يومه بجلسة فطور الصباح مع مفكرين فلاسفة على غرار ايلي فيزل وجاك اطالي .
عين الحكمة أن تدعو الآخر بألّا يسير أمامك، فقد لا يتبعك، ولا يسير خلفك فقد لا تقوده، بل يسير بجانبك ليكون صديقك .