إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إلى اللقاء رمضان

 

بقلم: مصدّق الشّريف(*)

*يودّع المستمعون البرنامج وقد تدنّت نسبة وعيهم ولم تتسرّب إلى عقولهم إلاّ الأفكار السّطحية

 

انتهت أيام رمضان، فلا تسمع على طرف أغلب الألسنة إلاّ الجملة التالية: "انتهى رمضان ولم يدم شيء".

كلاّ وألف كلاّ. سيدوم كلّ ما عشناه في هذا الشهر ويعمر إلى ما لا نهاية له. لم نغيّر ما بأنفسنا ولم نقطع الصّلة بما دأبنا عليه من سلوك نمارسه كلّ أيام رمضان بتعاقب السّنين والقرون. بل إنّ كل أعمال اليد والرّجل والفم والكذب والنفاق والتّطفيف في الميزان والتّكاسل في ساعة العمل باقية ولن تمرّ. لم نحترم قانون الطرقات. احتكرنا السّلع. صُحنا في وجه نسائنا وأبنائنا وفي وجه كلّ من يعترضنا. السّب والشّتم في الطّريق، نوقف حركة المرور ونعربد. نُنفق ما لا طاقة لنا به، نبذّر، نُسرف. خرجنا من مقرّ العمل قبل إتمام ساعاته لنقوم بفسحة في الأسواق علّنا نقتل الوقت أو لنرتمي في المسجد قبل أذان صلاة الظهر والعصر لننعم بالرّاحة والاستلقاء: الأضواء مبثوثة من كلّ جانب، المدفأة في الشتاء، المكيّف في الصيف،كلّها تدغدغ أجفاننا فتأخذنا السّنة ثم الكرى وقد ننام ويرتفع شخيرنا.

أتحسبون أن نُترك سدى؟ ما لكم كيف تحكمون؟ هيهات هيهات أن تكون صفحة أعمال شهر رمضان قد طُويت من دون رجعة أو أنّها ذهبت كالزّبد جفاء. كلاّ وألف كلاّ، فإنّ ما ألحقنا به أنفسنا وذوينا وكلّ فئات شعبنا من أضرار وخسائر مادّية ومعنوية لا تُحصى ولا تُعد ستكون لها تبعات ويا لها من تبعاتǃ يزداد فقرنا ويعظم جهلنا ونمدّ أيدينا ككلّ مرّة للأجنبي وللمستعمر فيساوماننا على سيادتنا وكرامتنا وعزة بلادنا ومناعتها.

جلس كثيرون أمام المصدح وتكلّموا ساعات كلاما لا يسمن ولا يغني من جوع. كنّا ميّالين إلى الثرثرة ولا نزال. نشجّع على القيل والقال. في كثير من الأحيان يودّع المستمعون البرنامج وقد تدنّت نسبة وعيهم ولم تحصل لهم أيّة فائدة ولم تتسرّب إلى عقولهم إلاّ الأفكار السّطحية. لقد تحوّلت معظم البرامج الإذاعية والتلفزية في هذا الشهر المعظم للحديث عن ملء البطون ومزيد اللهفة وراء شهواتنا.

إنّها لعمري فواتير تنتظرنا وسنقوم بدفعها كلّها. ستأتي الفواتير وستكون أعباؤها ثقيلة نئنّ بحملها وتشفق من أوزارها الأجيال القادمة.

صحيح أنّ كلّ الأوقات في زوال. ولكنّ مظاهر التّخلف تترك تبعاتها على مدى السّنين وإنّ مخلّفاتها لن تبور.

أسئلة تؤرق أولي الألباب: متى سنرتقي فكريا ووجدانيا حتى لا نبتعد عن حقيقة فرض الصوم وأهدافه السامية؟ إلى متى سيظّل الاستعداد لشهر رمضان استعداد المقبلين على حرب أو مجاعة إذ لا حديث عندنا إلاّ عن التّزود ثم التّزود؟ إلى متى سيظلّ هذا الشهر شهر الكسل والخمول؟ إلى متى سنبقى نخرق القوانين ونترك لأهوائنا الطريق فسيحة في حين نغيّب العقل باسم الصوم؟ إلى متى سيبقى سلوكنا المعوجّ مباحا باسم الصّوم وباسم رمضان الفضيل؟

  • أستاذ متقاعد
إلى اللقاء رمضان

 

بقلم: مصدّق الشّريف(*)

*يودّع المستمعون البرنامج وقد تدنّت نسبة وعيهم ولم تتسرّب إلى عقولهم إلاّ الأفكار السّطحية

 

انتهت أيام رمضان، فلا تسمع على طرف أغلب الألسنة إلاّ الجملة التالية: "انتهى رمضان ولم يدم شيء".

كلاّ وألف كلاّ. سيدوم كلّ ما عشناه في هذا الشهر ويعمر إلى ما لا نهاية له. لم نغيّر ما بأنفسنا ولم نقطع الصّلة بما دأبنا عليه من سلوك نمارسه كلّ أيام رمضان بتعاقب السّنين والقرون. بل إنّ كل أعمال اليد والرّجل والفم والكذب والنفاق والتّطفيف في الميزان والتّكاسل في ساعة العمل باقية ولن تمرّ. لم نحترم قانون الطرقات. احتكرنا السّلع. صُحنا في وجه نسائنا وأبنائنا وفي وجه كلّ من يعترضنا. السّب والشّتم في الطّريق، نوقف حركة المرور ونعربد. نُنفق ما لا طاقة لنا به، نبذّر، نُسرف. خرجنا من مقرّ العمل قبل إتمام ساعاته لنقوم بفسحة في الأسواق علّنا نقتل الوقت أو لنرتمي في المسجد قبل أذان صلاة الظهر والعصر لننعم بالرّاحة والاستلقاء: الأضواء مبثوثة من كلّ جانب، المدفأة في الشتاء، المكيّف في الصيف،كلّها تدغدغ أجفاننا فتأخذنا السّنة ثم الكرى وقد ننام ويرتفع شخيرنا.

أتحسبون أن نُترك سدى؟ ما لكم كيف تحكمون؟ هيهات هيهات أن تكون صفحة أعمال شهر رمضان قد طُويت من دون رجعة أو أنّها ذهبت كالزّبد جفاء. كلاّ وألف كلاّ، فإنّ ما ألحقنا به أنفسنا وذوينا وكلّ فئات شعبنا من أضرار وخسائر مادّية ومعنوية لا تُحصى ولا تُعد ستكون لها تبعات ويا لها من تبعاتǃ يزداد فقرنا ويعظم جهلنا ونمدّ أيدينا ككلّ مرّة للأجنبي وللمستعمر فيساوماننا على سيادتنا وكرامتنا وعزة بلادنا ومناعتها.

جلس كثيرون أمام المصدح وتكلّموا ساعات كلاما لا يسمن ولا يغني من جوع. كنّا ميّالين إلى الثرثرة ولا نزال. نشجّع على القيل والقال. في كثير من الأحيان يودّع المستمعون البرنامج وقد تدنّت نسبة وعيهم ولم تحصل لهم أيّة فائدة ولم تتسرّب إلى عقولهم إلاّ الأفكار السّطحية. لقد تحوّلت معظم البرامج الإذاعية والتلفزية في هذا الشهر المعظم للحديث عن ملء البطون ومزيد اللهفة وراء شهواتنا.

إنّها لعمري فواتير تنتظرنا وسنقوم بدفعها كلّها. ستأتي الفواتير وستكون أعباؤها ثقيلة نئنّ بحملها وتشفق من أوزارها الأجيال القادمة.

صحيح أنّ كلّ الأوقات في زوال. ولكنّ مظاهر التّخلف تترك تبعاتها على مدى السّنين وإنّ مخلّفاتها لن تبور.

أسئلة تؤرق أولي الألباب: متى سنرتقي فكريا ووجدانيا حتى لا نبتعد عن حقيقة فرض الصوم وأهدافه السامية؟ إلى متى سيظّل الاستعداد لشهر رمضان استعداد المقبلين على حرب أو مجاعة إذ لا حديث عندنا إلاّ عن التّزود ثم التّزود؟ إلى متى سيظلّ هذا الشهر شهر الكسل والخمول؟ إلى متى سنبقى نخرق القوانين ونترك لأهوائنا الطريق فسيحة في حين نغيّب العقل باسم الصوم؟ إلى متى سيبقى سلوكنا المعوجّ مباحا باسم الصّوم وباسم رمضان الفضيل؟

  • أستاذ متقاعد