إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المغاربي والمصري والخليجي.. "الآخر العربي" ضحية الاحكام المسبقة في الدراما العربية

 

تونس- الصباح

رب ضارة نافعة ما حدث مع الفنانة شيرين التي كانت مؤخرا موضوع موقف ساخر في برنامج تلفزيوني سعودي كوميدي حيث تم التهكم على وضعها الصحي والنفسي في الفترة الاخيرة ( عاشت انفصالا صعبا عن زوجها تناولته وسائل الاعلام بكامل تفاصيله) . فهذا  الموقف الساخر يمكن أن يفتح المجال أمام طرح قضية نعتقد أنها لا تخلو من أهمية وهي نوعية ظهور التونسي والمغاربي عموما والخليجي والمصري وكل الجنسيات العربية في أعمال درامية عربية. فالدراما العربية مازالت تمارس العنصرية ضد كل ما هو خارج البلد المنتج، اي ذلك الآخر العربي. ومازلنا إلى اليوم وفي  القرن الحادي والعشرين ورغم التطور التكنولوجي وعالم الانترنيت الذي ازال المسافات بين الناس تحت رحمة الاحكام المسبقة.

 فالرجل الخليجي مثلا لا يظهر في عمل عربي آخر إلا بشكل كاريكاتوري. فهو مثلا الثري جدا والذي لا هم له إلا اشباع رغباته الحسية. في المقابل يقدم  الانسان التونسي أو المغاربي ( المغرب والجزائر وموريتانيا أما المواطن الليبي فهو يقدم بشكل آخر لكن يبقى اسير  صورة نمطية وافكار مسبقة)، على أنه شخصية  بلا هوية وهو في نظر صناع الدارما  العرب في مصر أو في الخليج هو ذلك الانسان المتفسخ المتفرنس الذي لا مرجعيات حقيقية لديه. المواطن المصري هو بدوره ضحية الاحكام المسبقة في الدراما العربية وهو كثيرا ما يقدم في صورة الانسان البسيط الباحث عن المصلحة والكائن العفوي الى درجة السذاجة.

ورغم أن الدراما العربية هي بالأساس منغلقة على الذات، حيث ينحصر اهتمام كل بلد على همومه الخاصة،  فإن الفرص القليلة التي يحدث فيها انفتاح على ذلك  الآخر العربي تكون موسومة بالأحكام المسبقة، وحتى العنصرية.

ولنا أن نشير مثلا إلى أن المسألة ليست جديدة وهي متواصلة منذ عقود دون أن يدفع ذلك إلى التفكير في  خطورتها على العلاقات بين الشعوب العربية وعلى نوعية نظرة هذا للآخر في نفس المجموعة البشرية التي يفترض أنها تنتمي لنفس التاريخ وتوحدها اللغة.

فقد ارتبط مثلا ظهور الانسان السوداني في الأعمال المصرية  في بدايات الدراما، بدور الحارس أو الخادم وكأن السودان لا تنتج غيرهم أو لا ترسل غيرهم  إلى خارج الحدود.  ولا نعتقد أنه قد حصلت تطورات كبيرة في علاقة بالموضوع. فالدراما العربية مازالت تراوح مكانها رغم دخول رأس المال الخليجي والعربي عموما في المجال. فنفس العقلية مازالت سائدة ومازالت الدراما تعكس ما يحدث على أرض الواقع من تباعد من قلة معرفة هذا بالآخر. 

العربي موضوع صورة نمطية عند العرب وعند الغرب

ونعتقد أنه قبل أن نطالب المنتجين الأجانب سواء في السينما أو في التلفزيون بتغيير الصورة النمطية  التي يظهر عليها الانسان العربي في اعمالهم الفنية، حيث كثيرا ما ترتبط صورة العربي في الاعمال الغربية والأمريكية بالخصوص باللصوصية والتهريب والارهاب، فإنه علينا أن نغير نظرتنا إلى أنفسنا في أعمالنا. فالدارما التلفزيونية العربية لا تساعد بالمرة في  التخلص من الأحكام المسبقة ولا تساعد على تقريب المسافات بين العرب، بل تزيد في تكريس كل ما ترسب من افكار خاطئة ونابعة عن ضعف المنسوب الثقافي، ذلك الذي يجعلك تصنف الناس في خانة من الخانات وانت واثق من نفسك  دون أن تعرف شيئا عن حقيقتهم. ماذا فعلت الدراما العربية مثلا كي تكسر الصور النمطية المتوارثة عن ذلك العربي الآخر وماذا نعرف نحن عن تاريخ هذ البلد العربي وعن ثقافته؟؟ بالتأكيد ليس الشيء الكثير.

والغريب في الأمر أن بعض صناع الكوميديا يمعنون في استعمال  هذه الصور النمطية لاثارة الضحك وعادي جدا أن يتقبل الجمهور هذا الأمر وأن يضحك على مشهد يظهر فيه انسان خليجي في صورة نمطية لا علاقة لها بالواقع في عمل مصري أو تونسي أو جزائري أو غيره وعادي أن يظهر انسان تونسي في عمل عربي في مشهد منفر يحقر من شخصيته،  لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمرأة  التي يستنجد بها – ما عدا الفنانات اللواتي فرضن أنفسهن بعد جهد كبير-  في ادوار نمطية مكرسة للأحكام المسبقة.

ونعتقد أنه من المخجل اليوم أن يتواصل نفس اسلوب التفكير، في فترة اصبح فيها  من السهل التعرف إلى ثقافة الأخر بفضل سهولة التواصل وتقلص المسافات بفضل الثورة التكنولوجية لوسائل الاعلام والاتصال.

والمؤسف أننا لا نعمل على توظيف الدراما التلفزيونية، التي لها تأثير كبير في الجماهير، في مقاومة الأحكام المسبقة وقبول ذلك الآخر العربي الذي نكتشف مع الأيام ورغم كل ما يقال عن التاريخ المشترك واللغة المشتركة والقواسم المشتركة الأخرى ان غربته في المساحة العربية  لعلها أشد وأقسى مما هي عليه في مكان آخر.

حياة السايب

المغاربي والمصري والخليجي.. "الآخر العربي" ضحية الاحكام المسبقة في  الدراما العربية

 

تونس- الصباح

رب ضارة نافعة ما حدث مع الفنانة شيرين التي كانت مؤخرا موضوع موقف ساخر في برنامج تلفزيوني سعودي كوميدي حيث تم التهكم على وضعها الصحي والنفسي في الفترة الاخيرة ( عاشت انفصالا صعبا عن زوجها تناولته وسائل الاعلام بكامل تفاصيله) . فهذا  الموقف الساخر يمكن أن يفتح المجال أمام طرح قضية نعتقد أنها لا تخلو من أهمية وهي نوعية ظهور التونسي والمغاربي عموما والخليجي والمصري وكل الجنسيات العربية في أعمال درامية عربية. فالدراما العربية مازالت تمارس العنصرية ضد كل ما هو خارج البلد المنتج، اي ذلك الآخر العربي. ومازلنا إلى اليوم وفي  القرن الحادي والعشرين ورغم التطور التكنولوجي وعالم الانترنيت الذي ازال المسافات بين الناس تحت رحمة الاحكام المسبقة.

 فالرجل الخليجي مثلا لا يظهر في عمل عربي آخر إلا بشكل كاريكاتوري. فهو مثلا الثري جدا والذي لا هم له إلا اشباع رغباته الحسية. في المقابل يقدم  الانسان التونسي أو المغاربي ( المغرب والجزائر وموريتانيا أما المواطن الليبي فهو يقدم بشكل آخر لكن يبقى اسير  صورة نمطية وافكار مسبقة)، على أنه شخصية  بلا هوية وهو في نظر صناع الدارما  العرب في مصر أو في الخليج هو ذلك الانسان المتفسخ المتفرنس الذي لا مرجعيات حقيقية لديه. المواطن المصري هو بدوره ضحية الاحكام المسبقة في الدراما العربية وهو كثيرا ما يقدم في صورة الانسان البسيط الباحث عن المصلحة والكائن العفوي الى درجة السذاجة.

ورغم أن الدراما العربية هي بالأساس منغلقة على الذات، حيث ينحصر اهتمام كل بلد على همومه الخاصة،  فإن الفرص القليلة التي يحدث فيها انفتاح على ذلك  الآخر العربي تكون موسومة بالأحكام المسبقة، وحتى العنصرية.

ولنا أن نشير مثلا إلى أن المسألة ليست جديدة وهي متواصلة منذ عقود دون أن يدفع ذلك إلى التفكير في  خطورتها على العلاقات بين الشعوب العربية وعلى نوعية نظرة هذا للآخر في نفس المجموعة البشرية التي يفترض أنها تنتمي لنفس التاريخ وتوحدها اللغة.

فقد ارتبط مثلا ظهور الانسان السوداني في الأعمال المصرية  في بدايات الدراما، بدور الحارس أو الخادم وكأن السودان لا تنتج غيرهم أو لا ترسل غيرهم  إلى خارج الحدود.  ولا نعتقد أنه قد حصلت تطورات كبيرة في علاقة بالموضوع. فالدراما العربية مازالت تراوح مكانها رغم دخول رأس المال الخليجي والعربي عموما في المجال. فنفس العقلية مازالت سائدة ومازالت الدراما تعكس ما يحدث على أرض الواقع من تباعد من قلة معرفة هذا بالآخر. 

العربي موضوع صورة نمطية عند العرب وعند الغرب

ونعتقد أنه قبل أن نطالب المنتجين الأجانب سواء في السينما أو في التلفزيون بتغيير الصورة النمطية  التي يظهر عليها الانسان العربي في اعمالهم الفنية، حيث كثيرا ما ترتبط صورة العربي في الاعمال الغربية والأمريكية بالخصوص باللصوصية والتهريب والارهاب، فإنه علينا أن نغير نظرتنا إلى أنفسنا في أعمالنا. فالدارما التلفزيونية العربية لا تساعد بالمرة في  التخلص من الأحكام المسبقة ولا تساعد على تقريب المسافات بين العرب، بل تزيد في تكريس كل ما ترسب من افكار خاطئة ونابعة عن ضعف المنسوب الثقافي، ذلك الذي يجعلك تصنف الناس في خانة من الخانات وانت واثق من نفسك  دون أن تعرف شيئا عن حقيقتهم. ماذا فعلت الدراما العربية مثلا كي تكسر الصور النمطية المتوارثة عن ذلك العربي الآخر وماذا نعرف نحن عن تاريخ هذ البلد العربي وعن ثقافته؟؟ بالتأكيد ليس الشيء الكثير.

والغريب في الأمر أن بعض صناع الكوميديا يمعنون في استعمال  هذه الصور النمطية لاثارة الضحك وعادي جدا أن يتقبل الجمهور هذا الأمر وأن يضحك على مشهد يظهر فيه انسان خليجي في صورة نمطية لا علاقة لها بالواقع في عمل مصري أو تونسي أو جزائري أو غيره وعادي أن يظهر انسان تونسي في عمل عربي في مشهد منفر يحقر من شخصيته،  لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمرأة  التي يستنجد بها – ما عدا الفنانات اللواتي فرضن أنفسهن بعد جهد كبير-  في ادوار نمطية مكرسة للأحكام المسبقة.

ونعتقد أنه من المخجل اليوم أن يتواصل نفس اسلوب التفكير، في فترة اصبح فيها  من السهل التعرف إلى ثقافة الأخر بفضل سهولة التواصل وتقلص المسافات بفضل الثورة التكنولوجية لوسائل الاعلام والاتصال.

والمؤسف أننا لا نعمل على توظيف الدراما التلفزيونية، التي لها تأثير كبير في الجماهير، في مقاومة الأحكام المسبقة وقبول ذلك الآخر العربي الذي نكتشف مع الأيام ورغم كل ما يقال عن التاريخ المشترك واللغة المشتركة والقواسم المشتركة الأخرى ان غربته في المساحة العربية  لعلها أشد وأقسى مما هي عليه في مكان آخر.

حياة السايب