علّمنا التاريخ أنه ثمة حروبٌ عديدة انتصر فيها طرف على طرف آخر، ليس لأنّه كان الأقل ارتكابا للأخطاء، بل لأنّه كان الأطول نفسا حتى النهاية.
فالمرء قد يعرف كيف يصل وإلى أين، لكن الأهم: ما الذي يخطط للهدف الذي يرغب في الوصول إليه !.
فجأة عاد الصراع من جديد الى السودان بحرب بين جنرالين، حليفي الأمس ليعلو صوت البنادق فوق كلّ الأصوات ويضع حدّا لعملية سياسية غايتها تسليم الحكم من قبل العسكريين الى المدنيين .
لا حديث في كلّ وسائل الإعلام العالمية إلا عن هذين القائدين السودانيين البرهان وديقلو أو حميديتي .
من المفارقات أنّه في أعقاب الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق عمر البشير في انقلاب عسكري عام 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الجماهيرية، تولى مجلس عسكري الحكم، كان جميع أعضائه من داخل قيادة المؤسسة العسكرية باستثناء "حميديتي" الذي لم ينتم أو يرتبط بالجيش، رغم أنه يحمل رتبة فريق أول بقرار من الرئيس المنقلَب عليه البشير نفسه .
لهذا بدت كلّ مواقفه خلال الفترة الأخيرة متمايزة الى حدّ ما عن قيادات المجلس العسكري خاصة بعد تأسيس وتولّيه قيادة قوات الدعم السريع التي هي بمثابة جيش مواز والتي نجحت في استتباب الأمن والسلم في عدّة مناطق متمرّدة ساخنة بالسّودان .
كان "حميديتي" ينتقد قيادة المجلس العسكري وعلى رأسه عبد الفتاح البرهان، بل طالب بإعادة الحكم للمدنيين، وقال أيضا إنه يؤيد مطالب المتظاهرين المناصرين للديمقراطية وإعادة الحكم لهم .
بالتالي فأساس الخلاف بين العسكريين اليوم والذي أدى الى هذه المعارك التي تنذر بحرب أهلية، سياسي وليس عسكريًّا، سببه تباين في تقدير الموقف من المرحلة الراهنة التي يعيشها السودان، إضافة طبعا وممّا لا شكّ فيه، الى محاولة قوى سياسية أخرى تعديل الاتفاق الإطاري وإدخال مشاركين جدد في تقاسم الحكم .
زرت السودان قبل أشهر قليلة، لأكتشف عظمة بلد يزخر بكلّ ثروات الأرض من أنهار وبحيرات ضخمة من المياه الى مساحات شاسعة تفوق الخيال من الأراضي الزراعية، الى المناجم الغنية بالمعادن بما في ذلك الذهب الذي يوفّر منها حتى في ظلّ هذه الظروف 42 طنا سنويا كلّها تحت تصرّف "حميدتي" .
مكنتني هذه الزيارة من مقابلات واجتماعات مع عدد من القيادات العليا السودانية من ذلك لقاءان خاصان على انفراد وعشاء خاص مع نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان ديقلو "حميديتي" .
ينتمي "حميديتي" الى قبيلة "الرزيقات" العربية تقطن إقليم دارفور غرب السودان، عاش فترة شبابه في تجارة الإبل بين ليبيا ومالي وتشاد كما تولى من خلال مليشياته حماية القوافل التجارية من قطاع الطرق في مناطق سيطرة قبيلته العربية .
ذاع صيته وكسب شعبية كبيرة في صفوف الشعب السوداني وحتى النخب والقوى السياسية، وقد جنى ثروة كبيرة في التسعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي دفع البشير إلى تقريبه، خاصة أنه كان يقود مليشيا كبيرة لحماية القوافل التجارية.
تسيطر قوات "حميديتي" على مناطق زراعية غنية إضافة الى عدد من مناجم الذهب تحديدا في دارفور .
كان محور الحديث في هذه اللقاءات أوضاع السودان والتحديات التي يواجهها وما هي الأطراف الدولية التي تتربّص به وأسرار أخرى خطيرة .
فاجأني "حميديتي" بما يكنّه من شعور محبة خاصة جدا لتونس وللتونسيين ومعرفته بأنّ قبائل سودانية لها أصول تونسية، وهي أساسا عرش "المثاليث" باعتبار أنّ إحدى أهم المناطق بالبلاد وهي "دارفور" من اكتشاف رحالة تونسي اسمه محمد بن عمر التونسي أصيل جهة قفصة ستار للمنطقة سنة 1803 .
عندما التقيت أمير وشيخ القبائل العربية بالسودان أكد لي هذا الأمر و حدثتي عن اسرار كثيرة بعلاقة التونسيين بالسودان والروابط العائلية والقبلية بينهم .
من حكمة حياة المرء في هذه الحياة انّه إذا لم يستطع أن يفعل أشياء عظيمة، فليفعل أشياء مفاجئة حتى لو كانت صادمة بطرق عظيمة.
يرويها: أبوبكر الصغير
علّمنا التاريخ أنه ثمة حروبٌ عديدة انتصر فيها طرف على طرف آخر، ليس لأنّه كان الأقل ارتكابا للأخطاء، بل لأنّه كان الأطول نفسا حتى النهاية.
فالمرء قد يعرف كيف يصل وإلى أين، لكن الأهم: ما الذي يخطط للهدف الذي يرغب في الوصول إليه !.
فجأة عاد الصراع من جديد الى السودان بحرب بين جنرالين، حليفي الأمس ليعلو صوت البنادق فوق كلّ الأصوات ويضع حدّا لعملية سياسية غايتها تسليم الحكم من قبل العسكريين الى المدنيين .
لا حديث في كلّ وسائل الإعلام العالمية إلا عن هذين القائدين السودانيين البرهان وديقلو أو حميديتي .
من المفارقات أنّه في أعقاب الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق عمر البشير في انقلاب عسكري عام 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الجماهيرية، تولى مجلس عسكري الحكم، كان جميع أعضائه من داخل قيادة المؤسسة العسكرية باستثناء "حميديتي" الذي لم ينتم أو يرتبط بالجيش، رغم أنه يحمل رتبة فريق أول بقرار من الرئيس المنقلَب عليه البشير نفسه .
لهذا بدت كلّ مواقفه خلال الفترة الأخيرة متمايزة الى حدّ ما عن قيادات المجلس العسكري خاصة بعد تأسيس وتولّيه قيادة قوات الدعم السريع التي هي بمثابة جيش مواز والتي نجحت في استتباب الأمن والسلم في عدّة مناطق متمرّدة ساخنة بالسّودان .
كان "حميديتي" ينتقد قيادة المجلس العسكري وعلى رأسه عبد الفتاح البرهان، بل طالب بإعادة الحكم للمدنيين، وقال أيضا إنه يؤيد مطالب المتظاهرين المناصرين للديمقراطية وإعادة الحكم لهم .
بالتالي فأساس الخلاف بين العسكريين اليوم والذي أدى الى هذه المعارك التي تنذر بحرب أهلية، سياسي وليس عسكريًّا، سببه تباين في تقدير الموقف من المرحلة الراهنة التي يعيشها السودان، إضافة طبعا وممّا لا شكّ فيه، الى محاولة قوى سياسية أخرى تعديل الاتفاق الإطاري وإدخال مشاركين جدد في تقاسم الحكم .
زرت السودان قبل أشهر قليلة، لأكتشف عظمة بلد يزخر بكلّ ثروات الأرض من أنهار وبحيرات ضخمة من المياه الى مساحات شاسعة تفوق الخيال من الأراضي الزراعية، الى المناجم الغنية بالمعادن بما في ذلك الذهب الذي يوفّر منها حتى في ظلّ هذه الظروف 42 طنا سنويا كلّها تحت تصرّف "حميدتي" .
مكنتني هذه الزيارة من مقابلات واجتماعات مع عدد من القيادات العليا السودانية من ذلك لقاءان خاصان على انفراد وعشاء خاص مع نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان ديقلو "حميديتي" .
ينتمي "حميديتي" الى قبيلة "الرزيقات" العربية تقطن إقليم دارفور غرب السودان، عاش فترة شبابه في تجارة الإبل بين ليبيا ومالي وتشاد كما تولى من خلال مليشياته حماية القوافل التجارية من قطاع الطرق في مناطق سيطرة قبيلته العربية .
ذاع صيته وكسب شعبية كبيرة في صفوف الشعب السوداني وحتى النخب والقوى السياسية، وقد جنى ثروة كبيرة في التسعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي دفع البشير إلى تقريبه، خاصة أنه كان يقود مليشيا كبيرة لحماية القوافل التجارية.
تسيطر قوات "حميديتي" على مناطق زراعية غنية إضافة الى عدد من مناجم الذهب تحديدا في دارفور .
كان محور الحديث في هذه اللقاءات أوضاع السودان والتحديات التي يواجهها وما هي الأطراف الدولية التي تتربّص به وأسرار أخرى خطيرة .
فاجأني "حميديتي" بما يكنّه من شعور محبة خاصة جدا لتونس وللتونسيين ومعرفته بأنّ قبائل سودانية لها أصول تونسية، وهي أساسا عرش "المثاليث" باعتبار أنّ إحدى أهم المناطق بالبلاد وهي "دارفور" من اكتشاف رحالة تونسي اسمه محمد بن عمر التونسي أصيل جهة قفصة ستار للمنطقة سنة 1803 .
عندما التقيت أمير وشيخ القبائل العربية بالسودان أكد لي هذا الأمر و حدثتي عن اسرار كثيرة بعلاقة التونسيين بالسودان والروابط العائلية والقبلية بينهم .
من حكمة حياة المرء في هذه الحياة انّه إذا لم يستطع أن يفعل أشياء عظيمة، فليفعل أشياء مفاجئة حتى لو كانت صادمة بطرق عظيمة.