لا يوجد اختلاف في أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى، بل أن هذه القضية تمثل بوصفها قضية استعمار قضية كل الأحرار في العالم خاصة وأن الكيان الصهيوني يمارس أبشع أساليب التمييز العنصري و التطهير العرقي . وهذه الأهمية إلى جانب تفاوت القوى بين الحركة الصهيونية والاشقاء الفلسطينيين تجعل كل معني بالقضية الفلسطينية يرحب بكل موقف داعم ومساند للنضال الفلسطيني. ويزداد الترحيب حين يتعلق الأمر بدولة في حجم إيران لسببين هامين على الأقل. هناك عامل الثقل الإستراتيجي لهذه الدولة ذات الإسهام الكبير في الثقافة الإسلامية وهناك خاصة ما يعنيه هذا الانتقال بعد أن كانت إيران البهلوية تناصر بشكل سافر ومستفز الكيان. ولعل اعتقاد هذا التحول هو الذي جعل الملايين من المسلمين يستبشرون بما أبداه قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد انتصار الثورة الإيرانية من حماس واضح للقضية الفلسطينية وخاصة من اعتبارهم أن مدينة القدس هي عقدة الصراع العربي- الصهيوني. لم يقف الأشقاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية عند رفع الشعار بل اردفوا ذلك بالإعلان عن تنظيم عدد من الفعاليات السنوية التي تحتفي بالقدس وتدعو للزحف من أجل تحريرها. ولكن بعد ما يفوق الأربعين عاما على رفع هذه الشعارات يبدو من الضروري التساؤل عن المنجز خاصة وأن السياسة هي بالأساس إنجازات ونتائج ولاشك أن ذلك لا يخفى على قادة طهران الذين يحققون مكاسب لافتة في مستوى فرض بلادهم كقوة إقليمية وازنة ومؤثرة. يبدو أن هذا النزوع هو بيت القصيد في تقييم السياسات الإيرانية تجاه القدس خاصة وفلسطين عموما. لا يوجد تأثير إيراني واضح وايجابي في ما يتعلق بالتصدي لسياسات تهويد القدس وتقطيع اوصالها بالاستيطان والسياسات الصهيونية. في المقابل أصبحت القدس ورقة سياسية و دعائية توظفه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في العالم العربي خصوصا. يكفي أن نستحضر المعلقات الاشهارية العملاقة التي حملت في الأيام الفارطة رسائل عن القدس من المركز الثقافي الإيراني بتونس واحتلت نقاطا استراتيجية في العاصمة وعدد من المدن. قد تكون هذه خطوة بسيطة تعقبها خطوات أخرى في طريق التطلع إلى مزيد التأثير في الساحة السياسية و الثقافية في تونس وهو تطلع لا تخفيه طهران التي وظفت ورقة القدس لتشكل محورا ادعت أنه محور المقاومة في حين أنه يمثل محور ضرب تماسك المجتمعات ووحدة الدول. بدعوى دعم المنتسبين للمذهب الشيعي في الدول العربية أعادت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إحياء الحلم الذي قامت عليه الدولة الفارسية منذ قرون والذي يقوم على تغليب القومية الفارسية على كامل المنطقة. لا تعوزنا الأدلة في هذا الصدد إذ يكفي الوقوف عند سياسات إيران مع دول الخليج العربي وأيضا دعمها لنظام بشار الأسد لأسباب طائفية ومذهبية وضربها ، بواسطة حزب الله، لوحدة الدولة في لبنان للتأكد من أن القدس ليست لدى طهران الا شعارا وتعلة لتحقيق أهداف أخرى لا يمكن إلا أن تزيد المسافة بيننا وبين القدس تباعدا واتساعا.
*باحث في الحضارة الإسلامية
بقلم:شاكر الشرفي(*)
لا يوجد اختلاف في أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى، بل أن هذه القضية تمثل بوصفها قضية استعمار قضية كل الأحرار في العالم خاصة وأن الكيان الصهيوني يمارس أبشع أساليب التمييز العنصري و التطهير العرقي . وهذه الأهمية إلى جانب تفاوت القوى بين الحركة الصهيونية والاشقاء الفلسطينيين تجعل كل معني بالقضية الفلسطينية يرحب بكل موقف داعم ومساند للنضال الفلسطيني. ويزداد الترحيب حين يتعلق الأمر بدولة في حجم إيران لسببين هامين على الأقل. هناك عامل الثقل الإستراتيجي لهذه الدولة ذات الإسهام الكبير في الثقافة الإسلامية وهناك خاصة ما يعنيه هذا الانتقال بعد أن كانت إيران البهلوية تناصر بشكل سافر ومستفز الكيان. ولعل اعتقاد هذا التحول هو الذي جعل الملايين من المسلمين يستبشرون بما أبداه قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد انتصار الثورة الإيرانية من حماس واضح للقضية الفلسطينية وخاصة من اعتبارهم أن مدينة القدس هي عقدة الصراع العربي- الصهيوني. لم يقف الأشقاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية عند رفع الشعار بل اردفوا ذلك بالإعلان عن تنظيم عدد من الفعاليات السنوية التي تحتفي بالقدس وتدعو للزحف من أجل تحريرها. ولكن بعد ما يفوق الأربعين عاما على رفع هذه الشعارات يبدو من الضروري التساؤل عن المنجز خاصة وأن السياسة هي بالأساس إنجازات ونتائج ولاشك أن ذلك لا يخفى على قادة طهران الذين يحققون مكاسب لافتة في مستوى فرض بلادهم كقوة إقليمية وازنة ومؤثرة. يبدو أن هذا النزوع هو بيت القصيد في تقييم السياسات الإيرانية تجاه القدس خاصة وفلسطين عموما. لا يوجد تأثير إيراني واضح وايجابي في ما يتعلق بالتصدي لسياسات تهويد القدس وتقطيع اوصالها بالاستيطان والسياسات الصهيونية. في المقابل أصبحت القدس ورقة سياسية و دعائية توظفه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في العالم العربي خصوصا. يكفي أن نستحضر المعلقات الاشهارية العملاقة التي حملت في الأيام الفارطة رسائل عن القدس من المركز الثقافي الإيراني بتونس واحتلت نقاطا استراتيجية في العاصمة وعدد من المدن. قد تكون هذه خطوة بسيطة تعقبها خطوات أخرى في طريق التطلع إلى مزيد التأثير في الساحة السياسية و الثقافية في تونس وهو تطلع لا تخفيه طهران التي وظفت ورقة القدس لتشكل محورا ادعت أنه محور المقاومة في حين أنه يمثل محور ضرب تماسك المجتمعات ووحدة الدول. بدعوى دعم المنتسبين للمذهب الشيعي في الدول العربية أعادت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إحياء الحلم الذي قامت عليه الدولة الفارسية منذ قرون والذي يقوم على تغليب القومية الفارسية على كامل المنطقة. لا تعوزنا الأدلة في هذا الصدد إذ يكفي الوقوف عند سياسات إيران مع دول الخليج العربي وأيضا دعمها لنظام بشار الأسد لأسباب طائفية ومذهبية وضربها ، بواسطة حزب الله، لوحدة الدولة في لبنان للتأكد من أن القدس ليست لدى طهران الا شعارا وتعلة لتحقيق أهداف أخرى لا يمكن إلا أن تزيد المسافة بيننا وبين القدس تباعدا واتساعا.