إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منية العرفاوي ومحمد بوغلاب.. أيّ رسالة من التتبعات المتكررة ؟

 

بقلم: شكري بن عيسى (*)

للمرة الثالثة على التوالي لمنية العرفاوي والثانية لمحمد بوغلاب يتم استنطاق وبحث لدى فرقة القرجاني بعد شكايات تقدم بها عضو الحكومة المكلف بالشؤون الدينية على خلفية مقالات واعمال صحفية تحقيقية قام بها الصحفيين بجريدة الصباح للاولى وبراديو ماد للثاني. والمثير للغرابة ليس تعدد الاستدعاءات والاستنطاقات فقط بل تعمد ترك المعنيين وفق احد المحامين لساعات بعد الاستنطاق لاستشارة النيابة العمومية بشكل مخالف للعرف والتقاليد في الصدد.

والامر بالفعل مثير للدهشة حول رسالة السلطة وهدفها من هكذا ممارسات خلناها انقرضت بعد ثورة رسخت حرية التعبير، ولا شك ان خطورته تتزايد بتعلقه بوظفية المستجوبين الصحفية القائمة على كشف الحقيقة واعلام المواطن ومحاسبة المسؤول، ليصل الامر الى تهديد لسلطة القلم والكلمة والتعبير بوجه عام.

جملة من الاستفهامات تطرح نفسها في الصدد لمحاولة النفاذ وتفكيك مرامي السلطة واهدافها.

 ماذا كان يستوجب على منية العرفاوي ومحمد بوغلاب فعله حين تأكدهم من وجود اخلالات ترتقي لشبهات فساد جلية بالنسبة لوزير الشؤون الدينية ؟؟

هل كان يستوجب على محمد بوغلاب في وضع انسان سيارته تم غصبها من السلطة وتقديمها "هدية" لوزير" وقد جاءه يستجير ان يلبس رداء الشيطان ويصمت على الباطل ؟؟

هل كان على منية العرفاوي وقد تحققت من تجاوزات ومحاباة في اقدس موسم (موسم الحج) ان تلبس رداء الصمت المخزي وتنام قريرة العين ؟؟

فهل سيدوسون الرسالة والوظيفة الاعلامية والمصلحة العامة والحقيقة والحق والعدل ومساءلة التجاوزات والفساد وينافقون انفسهم والمجتمع والوطن والتاريخ ؟؟

وأيّ لعنة ستلحقهم ان داسوا رؤوسهم في التراب وصموا اذانهم وصمتوا واقتصدوا حبرهم عن الباطل ؟؟

المصيبة ان الوزير المعني هو وزير الوعظ والخطب العصماء والمأتمن على شؤون الدين الخاصة بالشعب والدولة المفترض فيه النصاعة والتسيير الرشيد والحق وان لا يقترب الباطل فقط بل شعاب الشبهات ايا كان مأتاها وايا كانت تفصيلية او صغيره وذلك وفق تعاليم دينية صريحة اساسية ؟؟

ثلاثة اسابيع بالنسبة لمنية واسبوعان لمحمد والاستنطاقات يمينا وشمالا وكأنّ المعنيين من اهل السوابق او ارتكبوا اشنع الجرائم لمجرد كتابة مقال لمنية وقراءة كرونيك لمحمد !!

والانكى والادهى هو التنكيل بعد البحث بترك المعنيين ساعات طويلة في انتظار قرار النيابة العمومية معدّل اربع ساعات كاملة في كل مرّة !!

"ضرب صارخ لحقوق الصحفيين" و"ضرب صارخ لابسط ابجديات حسن المعاملة" وفق محامي العرفاوي رافع العريبي !!

ولا ندري الحقيقة لماذا انتظرت النيابة العمومية كل هذا الوقت في زمن الصوم والحرارة المرتفعة والحال ان المعنيين لم يفعلوا سوى القيام بمهنتهم ولهم هيئات تحريرية تتثبت وتراجع عملهم بما يعني ان عملهم وفق الضوابط والمعايير المهنية وزيادة فهم صحفيين لهم اماكن عمل معلومة وعناوين ثابتة ولا يمثلون ايّ خطر على النظام العام والمجتمع ؟؟!!

اللهم بداعي التنكيل والتشفي أو بداعي وجود ضغوط مباشرة قويّة جعلت الامر محل اضطراب وقراءة في العواقب وفق موازين القوى !

الحقيقة ان الامر من الخطورة بمكان فالصحفيين قاما بعمل مهني واضح الضوابط فالثاني بوغلاب تم حجز السيارة بعدما اثاره حولها بما يعني صدق ما رواه وما علّق عنه وكان يستوجب مكافأته لانه بلّغ عن شبهات فساد واعاد الاعتبار والكرامة لشخص مقهور كما كان يستوجب محاسبة الوزير او في الحد الادنى تجميده عن النشاط الحكومي !

والأولى منية اكّد ما نشرته بيان ثابت من نقابة الشؤون الدينية حول وجود اخلالات جلية قد ترتقي للفساد وكان ايضا يستوجب منذ شهور مساءلة الوزير جزائيا ومحاسبته ومجازاتها هي عن جرأتها وصدقها وتحملها المسؤولية في كشف كل تلك الاخلالات الجسيمة في حق العباد والدين والقيم والوطن !

عن ماذا تبحث الدولة بهكذا تنكيل وما هي رسالتها خاصة وان الامور سليمة للصحفيين فهل اصبح للوزير حصانة وقدسية لا يمكن بموجبها نقده ومساءلته ؟؟

هل الرسالة هي تكميم الافواه وارعاب كل من يكتب كلمة يشكك فيها في المسؤول الحكومي او الرئيس ؟؟

الاغلب بل المنطقي ان هذا صحيح لان المستجوبين ينتمون لقطاع يمثل سلطة وله وزن داخلي وخارجي دولي سياسي ومدني وحتى اممي والضرب في حصن هام هو بالتوازي لارعاب البقية وترهيبهم بان الجميع معني بالرسالة وهنا خطورة الامر !

الثابت ان مصادرة حق الصحفيين والتعبير بصفة عامة انطلق منذ 25 جويلية واليوم يمثل منعرجا خطيرا مع رفع النسق ومع تحدي جسم صحفي بكل قوته بان الاتجاه تم تثبيته وجعله سياسة النظام خاصة مع اطباق "المرسوم" 54 (وضعت مرسوم بين ظفرين لانه لا تتوفر فيه شروط المرسوم) ليصبح الكل مترددا مرتبكا خائفا وحتى مرعوبا لان الاحتفاظ والايداع بالسجن صار كل يوم وكل ساعة وكل حين !!

لا ندري في المقابل الى متى ستسكت القوى الحية والمدافعة عن الحقوق اذا سقط هذا الدرع الاخير في حماية بقية الحقوق والكرامة والعدالة !!

يبدو ان الامر يستفحل في العمق وفي كل الاتجاهات ولا غنى عن حالة طوارىء عامة لمواجهته فالسلطة لا تؤمن بالخصم والاجسام الوسيطة ومن يعارضها او ينقدها او يحاسبها فهي تراها اعداء يجب التخلص منها او في الحد الادنى اسكاتها نهائيا حتى لا يبقى سوى صوتها و"رمزها الاوحد" و"الناطقين باسمه" !!

(*) باحث في القانون العام وفي الفلسفة السياسية المعاصرة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

منية العرفاوي ومحمد بوغلاب.. أيّ رسالة من التتبعات المتكررة ؟

 

بقلم: شكري بن عيسى (*)

للمرة الثالثة على التوالي لمنية العرفاوي والثانية لمحمد بوغلاب يتم استنطاق وبحث لدى فرقة القرجاني بعد شكايات تقدم بها عضو الحكومة المكلف بالشؤون الدينية على خلفية مقالات واعمال صحفية تحقيقية قام بها الصحفيين بجريدة الصباح للاولى وبراديو ماد للثاني. والمثير للغرابة ليس تعدد الاستدعاءات والاستنطاقات فقط بل تعمد ترك المعنيين وفق احد المحامين لساعات بعد الاستنطاق لاستشارة النيابة العمومية بشكل مخالف للعرف والتقاليد في الصدد.

والامر بالفعل مثير للدهشة حول رسالة السلطة وهدفها من هكذا ممارسات خلناها انقرضت بعد ثورة رسخت حرية التعبير، ولا شك ان خطورته تتزايد بتعلقه بوظفية المستجوبين الصحفية القائمة على كشف الحقيقة واعلام المواطن ومحاسبة المسؤول، ليصل الامر الى تهديد لسلطة القلم والكلمة والتعبير بوجه عام.

جملة من الاستفهامات تطرح نفسها في الصدد لمحاولة النفاذ وتفكيك مرامي السلطة واهدافها.

 ماذا كان يستوجب على منية العرفاوي ومحمد بوغلاب فعله حين تأكدهم من وجود اخلالات ترتقي لشبهات فساد جلية بالنسبة لوزير الشؤون الدينية ؟؟

هل كان يستوجب على محمد بوغلاب في وضع انسان سيارته تم غصبها من السلطة وتقديمها "هدية" لوزير" وقد جاءه يستجير ان يلبس رداء الشيطان ويصمت على الباطل ؟؟

هل كان على منية العرفاوي وقد تحققت من تجاوزات ومحاباة في اقدس موسم (موسم الحج) ان تلبس رداء الصمت المخزي وتنام قريرة العين ؟؟

فهل سيدوسون الرسالة والوظيفة الاعلامية والمصلحة العامة والحقيقة والحق والعدل ومساءلة التجاوزات والفساد وينافقون انفسهم والمجتمع والوطن والتاريخ ؟؟

وأيّ لعنة ستلحقهم ان داسوا رؤوسهم في التراب وصموا اذانهم وصمتوا واقتصدوا حبرهم عن الباطل ؟؟

المصيبة ان الوزير المعني هو وزير الوعظ والخطب العصماء والمأتمن على شؤون الدين الخاصة بالشعب والدولة المفترض فيه النصاعة والتسيير الرشيد والحق وان لا يقترب الباطل فقط بل شعاب الشبهات ايا كان مأتاها وايا كانت تفصيلية او صغيره وذلك وفق تعاليم دينية صريحة اساسية ؟؟

ثلاثة اسابيع بالنسبة لمنية واسبوعان لمحمد والاستنطاقات يمينا وشمالا وكأنّ المعنيين من اهل السوابق او ارتكبوا اشنع الجرائم لمجرد كتابة مقال لمنية وقراءة كرونيك لمحمد !!

والانكى والادهى هو التنكيل بعد البحث بترك المعنيين ساعات طويلة في انتظار قرار النيابة العمومية معدّل اربع ساعات كاملة في كل مرّة !!

"ضرب صارخ لحقوق الصحفيين" و"ضرب صارخ لابسط ابجديات حسن المعاملة" وفق محامي العرفاوي رافع العريبي !!

ولا ندري الحقيقة لماذا انتظرت النيابة العمومية كل هذا الوقت في زمن الصوم والحرارة المرتفعة والحال ان المعنيين لم يفعلوا سوى القيام بمهنتهم ولهم هيئات تحريرية تتثبت وتراجع عملهم بما يعني ان عملهم وفق الضوابط والمعايير المهنية وزيادة فهم صحفيين لهم اماكن عمل معلومة وعناوين ثابتة ولا يمثلون ايّ خطر على النظام العام والمجتمع ؟؟!!

اللهم بداعي التنكيل والتشفي أو بداعي وجود ضغوط مباشرة قويّة جعلت الامر محل اضطراب وقراءة في العواقب وفق موازين القوى !

الحقيقة ان الامر من الخطورة بمكان فالصحفيين قاما بعمل مهني واضح الضوابط فالثاني بوغلاب تم حجز السيارة بعدما اثاره حولها بما يعني صدق ما رواه وما علّق عنه وكان يستوجب مكافأته لانه بلّغ عن شبهات فساد واعاد الاعتبار والكرامة لشخص مقهور كما كان يستوجب محاسبة الوزير او في الحد الادنى تجميده عن النشاط الحكومي !

والأولى منية اكّد ما نشرته بيان ثابت من نقابة الشؤون الدينية حول وجود اخلالات جلية قد ترتقي للفساد وكان ايضا يستوجب منذ شهور مساءلة الوزير جزائيا ومحاسبته ومجازاتها هي عن جرأتها وصدقها وتحملها المسؤولية في كشف كل تلك الاخلالات الجسيمة في حق العباد والدين والقيم والوطن !

عن ماذا تبحث الدولة بهكذا تنكيل وما هي رسالتها خاصة وان الامور سليمة للصحفيين فهل اصبح للوزير حصانة وقدسية لا يمكن بموجبها نقده ومساءلته ؟؟

هل الرسالة هي تكميم الافواه وارعاب كل من يكتب كلمة يشكك فيها في المسؤول الحكومي او الرئيس ؟؟

الاغلب بل المنطقي ان هذا صحيح لان المستجوبين ينتمون لقطاع يمثل سلطة وله وزن داخلي وخارجي دولي سياسي ومدني وحتى اممي والضرب في حصن هام هو بالتوازي لارعاب البقية وترهيبهم بان الجميع معني بالرسالة وهنا خطورة الامر !

الثابت ان مصادرة حق الصحفيين والتعبير بصفة عامة انطلق منذ 25 جويلية واليوم يمثل منعرجا خطيرا مع رفع النسق ومع تحدي جسم صحفي بكل قوته بان الاتجاه تم تثبيته وجعله سياسة النظام خاصة مع اطباق "المرسوم" 54 (وضعت مرسوم بين ظفرين لانه لا تتوفر فيه شروط المرسوم) ليصبح الكل مترددا مرتبكا خائفا وحتى مرعوبا لان الاحتفاظ والايداع بالسجن صار كل يوم وكل ساعة وكل حين !!

لا ندري في المقابل الى متى ستسكت القوى الحية والمدافعة عن الحقوق اذا سقط هذا الدرع الاخير في حماية بقية الحقوق والكرامة والعدالة !!

يبدو ان الامر يستفحل في العمق وفي كل الاتجاهات ولا غنى عن حالة طوارىء عامة لمواجهته فالسلطة لا تؤمن بالخصم والاجسام الوسيطة ومن يعارضها او ينقدها او يحاسبها فهي تراها اعداء يجب التخلص منها او في الحد الادنى اسكاتها نهائيا حتى لا يبقى سوى صوتها و"رمزها الاوحد" و"الناطقين باسمه" !!

(*) باحث في القانون العام وفي الفلسفة السياسية المعاصرة