إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أفردته لجنة النظام الداخلي بباب كامل .. هكذا سيراقب البرلمان الحكومة في ظل اكراهات دستور 2022

 

 

 ـ لائحة اللوم مشروطة بتركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم

تونس: الصباح

واصل مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو النظر في مشروع نظامه الداخلي، وتضمن هذا المشروع المعروض على التصويت جملة من الأحكام التي تضبط الدور الرقابي للمجلس على الحكومة، وهي تختلف كثيرا عما كان عليه في الأمر قبل 25 جويلية 2021 ومرد ذلك أن الدستور الجديد قلص بشكل لافت من صلاحيات المجلس، وخاصة صلاحيات الرقابة على السلطة التنفيذية، إذ أنه أوكل صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية بصفة صريحة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم وليس لمجلس نواب الشعب حيث نص الفصل 85 منه على ما يلي:"يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ ميزانية الدولة".  واكتفى الدستور بالإشارة في القسم المخصص للحكومة وتحديدا في الفصل 114 إلى أنه: "لأعضاء الحكومة الحق في الحضور بمجلس نواب الشعب وبالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سواء في إطار الجلسة العامة أو في إطار اللجان ولكل نائب بمجلس نواب الشعب أو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية ويمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يدعو الحكومة أو عضوا من الحكومة للحوار معها حول السياسة التي اتبعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها"..  وحتى لائحة اللوم ضد الحكومة فلا يستطيع مجلس نواب الشعب توجيهها بمفرده بل يجب أن تكون العريضة بمعية المجلس الوطني للجهات والأقاليم وشروطها عسيرة جدا..  

وفي مشروع النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب المعروض على التصويت، ورغم إكراهات الدستور الجديد، نجد أن لجنة النظام الداخلي التي يترأسها النائب عماد أولاد جبريل أفردت مسألة مراقبة العمل الحكومي بباب كامل وهو الباب السادس، وتكون هذه الرقابة  من خلال الأسئلة الكتابية والأسئلة الشفاهية وجلسات الحوار مع الحكومة ولائحة اللوم التي يمكن للمجلس النيابي والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين توجيهها ضد الحكومة، ولم تتقيد اللجنة بما أتاحه الدستور بصفة صريحة من أدوار رقابية للمجلس النيابي بمفرده أو بمعية مجلس الجهات والأقاليم وإنما أجازت في مشروعها لمختلف اللجان البرلمانية القارة أن تكلف بناء على طلب من رئيسها وبعد موافقة مكتب اللجنة أو ثلث أعضائها عضوين أو أكثر بمهمة متابعة تطبيق نص تشريعي معين تمت المصادقة عليه من قبل تلك اللجنة وهو ما يعني أن دور اللجان لا يتوقف عند دراسة المشاريع والمقترحات المعروضة على أنظارها وإنما يمتد إلى ما بعد صدور القوانين والنصوص التطبيقية لها، ولعل اللجنة بهذا المقترح أرادت تلافي ما حصل في السابق مع الكثير من القوانين التي مررها المجلس النيابي لكنها لم تطبق بالشكل المطلوب  أو لم تر النور بسبب عدم إصدار أوامرها التطبيقية ومن بين هذه النصوص نشير على سبيل الذكر لا الحصر إلى مجلة الجماعات المحلية.

وجاء في تقرير اللجنة أن الوظيفة الرقابية للبرلمان تهدف إلى تحسين الأداء الحكومي والسياسات العمومية المتبعة في جميع القطاعات وحوكمة التصرف في المال العام بما يضمن تلبية مطالب المواطنين واحتياجاتهم وخدمة الصالح العام. وتمارس هذه الرقابة عبر آليات متعددة تتمثل أساسا في إمكانية توجيه لائحة لوم ضد الحكومة أو تقديم أسئلة شفاهية وكتابية فضلا عن تنظيم جلسات الحوار مع الحكومة.

لائحة اللوم مشروطة

ففي ما يتعلق بتوجيه لائحة اللوم ضد الحكومة، فنص مشروع النظام الداخلي المعروض على تصويت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب على أنه يمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين توجيه هذه اللائحة، ولكن لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة خلال حالة الاستثناء وخلال المدة الرئاسية الوقتية، ولم يأت مشروع النظام الداخلي على إجراءات لائحة اللوم وذلك لأنه أحال مقتضيات تطبيق الفصل المتعلق بلائحة اللوم على القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي اعتبره بعض النواب خلال جلستهم العامة من الأولويات التشريعية التي يجب على المجلس النظر فيها مباشرة بعد مصادقته على نظامه الداخلي. ويذكر أن الدستور أتاح للمجلسين معا إمكانية معارضة الحكومة في مواصلة تحمل مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم إذا تبين لهما أنها تخالف السياسة العامة للدولة والاختيارات الأساسية المنصوص عليها بالدستور ولا يمكن تقديم لائحة لوم إلا إذا كانت معللة وممضاة من قبل نصف أعضاء مجلس نواب الشعب ونصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم ولا يقع الاقتراع عليها إلا بعد مضي ثمان وأربعين ساعة على تقديمها ويقبل رئيس الجمهورية استقالة الحكومة التي يقدمها رئيسها إذا وقعت المصادقة على لائحة لوم بأغلبية الثلثين لأعضاء المجلسين مجتمعين، ويمكن لرئيس الجمهورية إذا تم توجيه لائحة لوم ثانية للحكومة أثناء نفس المدة النيابية إما أن يقبل استقالة الحكومة أو أن يحل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو إحداهما.

حوار  كل 45 يوما

وفي ما يتعلق بجلسات الحوار مع الحكومة فنص مشروع النظام الداخلي على أن يخصّص المجلس جلسة دورية  للحوار مع الحكومة أو عضوا منها حول السياسة التي يتم إتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها مرة كل 45 يوما على الأقل  وكلّما دعت الحاجة بطلب من المكتب أو بأغلبية أعضاء المجلس وتفتتح جلسات الحوار بعرض يقدّمه عضو الحكومة، ثمّ يتولّى الإجابة عن أسئلة النواب تباعا وله حقّ طلب إمهاله مدة لإعداد الردود.
أما بالنسبة إلى الأسئلة الكتابية والتي تعتبر من بين آليات العمل الرقابي على الحكومة فقد نص مشروع النظام الداخلي على أنه لكل عضو أو أكثر التقدم إلى أعضاء من الحكومة أو عن طريق رئيس مجلس نواب الشعب  بأسئلة كتابية في صيغة موجزة ودقيقة ولا تتضمن معطيات شخصية طبقا للتشريع المتعلق بحماية المعطيات الشخصية وتودع الأسئلة بالتطبيقة الالكترونية المعدة للغرض وبعد التثبت من احترام الشروط الشكلية يحيل مكتب المجلس السؤال الكتابي على الحكومة في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تلقيه. ويتعين على الحكومة موافاة رئيس المجلس بجواب في صيغة الكترونية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ تلقيها السؤال و يسلم رئيس المجلس نسخة من الجواب إلى العضو المعني ويأذن بنشر السؤال والجواب الكتابي للحكومة بالرائد الرسمي لمداولات مجلس نواب الشعب وعلى الموقع الالكتروني للمجلس ويمكن لأي عضو تقدّم بأسئلة كتابية أن يسحبها قبل إحالتها ويأذن رئيس المجلس بالإعلان عن الأسئلة التي تجيب عنها الحكومة بنشرها على الموقع الالكتروني للمجلس.

ويبدو من خلال هذه الصياغة أن لجنة النظام الداخلي استخلصت الدروس مما حصل في المجلس النيابي السابق حيث تعلل العديد من الوزراء بعدم الرد على أسئلة النواب بحماية المعطيات الشخصية.
وبالنسبة إلى الأسئلة الشفاهية فقد نص مشروع اللجنة في الفصل 132 على أن الجلسات العامة المخصصة للأسئلة الشفاهية يبرمجها مكتب المجلس يوم الاثنين من كل أسبوع وله بصفة استثنائية إمكانية برمجتها في جلسات عامة أخرى، و لكل عضو أن يتقدم خلال جلسة عامّة بأسئلة شفاهية لأعضاء الحكومة على أن يوجّه إعلاما كتابيا إلى رئيس المجلس يبيّن فيه موضوع أسئلته وعضو الحكومة المعني بالإجابة وتحديد من ينوبه في صورة تعذر الحضور في الجلسة المبرمجة لطرح السؤال. ويتم إعلام الحكومة بمواضيع الأسئلة وموعد الجلسة العامة المخصصة للإجابة عنها على أن تكون في أجل أقصاه شهر، وخلافا لما كان عليه الوضع في السابق عملت اللجنة على ضبط مدة طرح السؤال وهي لا تتجاوز عشر دقائق ومدة إجابة عضو الحكومة عنه وهي لا تتجاوز عشر دقائق ويحق للنائب التعقيب لمدة لا تتجاوز خمس دقائق وإذا تغيب النائب صاحب السؤال أو من ينوبه لطرحه فإنه يعاقب بحرمانه من توجيه سؤال شفاهي في ما تبقى من الدورة النيابية ولكن عندما يتعلق الأمر بغياب عضو الحكومة دون اعتذار وتحديد موعد لاحق فيقع نشر هذه المعلومة على الموقع الرسمي للمجلس.

تقليص الدور الرقابي

مقارنة بالمجلس النيابي السابق نجد أن الدور الرقابي للبرلمان تقلص إذ كان العمل الرقابي للمجلس النيابي على الحكومة ينطلق من خلال منح الثقة للحكومة أو لأحد أعضائها ولكن بدستور 2022 تم تجريد المجلس النيابي من هذه المهمة، وكان المجلس يعقد للغرض جلسة عامة ويتولى رئيس الحكومة المكلف تقديم عرض موجز لبرنامج عمل حكومته ولأعضاء حكومته المقترحة ثم تحال الكلمة بعد ذلك لأعضاء المجلس في حدود الوقت المخصص للنقاش العام في تلك الجلسة وبعد انتهاء النقاش العام يتولى رئيس الحكومة المكلف التعقيب على مداخلات النواب، ومن النقائص التي كانت موجودة في النظام الداخلي للمجلس النيابي السابق هو أن رئيس الحكومة المكلف غير مجبر على الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها عليه النواب وكل ما في الأمر أنه يتفاعل معهم لترفع الجلسة ثم تستأنف في نفس اليوم للتصويت على الثقة بتصويت وحيد على كامل أعضاء الحكومة والمهمة المسندة لكل عضو ويشترط لنيل ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء، وإذا تقرر إدخال تحوير على الحكومة التي نالت ثقة المجلس إما بضم عضو جديد أو أكثر أو بتكليف عضو بغير المهمة التي نال الثقة بخصوصها فإن ذلك يتطلب عرض الموضوع على المجلس النيابي لطلب نيل الثقة وفي جلسة عامة يفسر رئيس الحكومة للنواب سبب التحوير ويقدم العضو أو الأعضاء المقترح ضمهم للحكومة وفي التحوير يتم التصويت على الثقة بتصويت منفرد لكل عضو وفي المهمة المسندة له ونفس الشيء يشترط لنيل ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء. كما كانت من صلاحيات المجلس النيابي التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها وهو ما حدث مع حكومة الحبيب الصيد حيث قررت الأغلبية البرلمانية المتكونة آن ذاك من نداء تونس والنهضة والاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس سحب الثقة من  الحكومة. 

سعيدة بوهلال

 

أفردته لجنة النظام الداخلي بباب كامل  ..  هكذا سيراقب البرلمان  الحكومة  في ظل اكراهات دستور 2022

 

 

 ـ لائحة اللوم مشروطة بتركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم

تونس: الصباح

واصل مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو النظر في مشروع نظامه الداخلي، وتضمن هذا المشروع المعروض على التصويت جملة من الأحكام التي تضبط الدور الرقابي للمجلس على الحكومة، وهي تختلف كثيرا عما كان عليه في الأمر قبل 25 جويلية 2021 ومرد ذلك أن الدستور الجديد قلص بشكل لافت من صلاحيات المجلس، وخاصة صلاحيات الرقابة على السلطة التنفيذية، إذ أنه أوكل صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية بصفة صريحة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم وليس لمجلس نواب الشعب حيث نص الفصل 85 منه على ما يلي:"يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ ميزانية الدولة".  واكتفى الدستور بالإشارة في القسم المخصص للحكومة وتحديدا في الفصل 114 إلى أنه: "لأعضاء الحكومة الحق في الحضور بمجلس نواب الشعب وبالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سواء في إطار الجلسة العامة أو في إطار اللجان ولكل نائب بمجلس نواب الشعب أو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية ويمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يدعو الحكومة أو عضوا من الحكومة للحوار معها حول السياسة التي اتبعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها"..  وحتى لائحة اللوم ضد الحكومة فلا يستطيع مجلس نواب الشعب توجيهها بمفرده بل يجب أن تكون العريضة بمعية المجلس الوطني للجهات والأقاليم وشروطها عسيرة جدا..  

وفي مشروع النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب المعروض على التصويت، ورغم إكراهات الدستور الجديد، نجد أن لجنة النظام الداخلي التي يترأسها النائب عماد أولاد جبريل أفردت مسألة مراقبة العمل الحكومي بباب كامل وهو الباب السادس، وتكون هذه الرقابة  من خلال الأسئلة الكتابية والأسئلة الشفاهية وجلسات الحوار مع الحكومة ولائحة اللوم التي يمكن للمجلس النيابي والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين توجيهها ضد الحكومة، ولم تتقيد اللجنة بما أتاحه الدستور بصفة صريحة من أدوار رقابية للمجلس النيابي بمفرده أو بمعية مجلس الجهات والأقاليم وإنما أجازت في مشروعها لمختلف اللجان البرلمانية القارة أن تكلف بناء على طلب من رئيسها وبعد موافقة مكتب اللجنة أو ثلث أعضائها عضوين أو أكثر بمهمة متابعة تطبيق نص تشريعي معين تمت المصادقة عليه من قبل تلك اللجنة وهو ما يعني أن دور اللجان لا يتوقف عند دراسة المشاريع والمقترحات المعروضة على أنظارها وإنما يمتد إلى ما بعد صدور القوانين والنصوص التطبيقية لها، ولعل اللجنة بهذا المقترح أرادت تلافي ما حصل في السابق مع الكثير من القوانين التي مررها المجلس النيابي لكنها لم تطبق بالشكل المطلوب  أو لم تر النور بسبب عدم إصدار أوامرها التطبيقية ومن بين هذه النصوص نشير على سبيل الذكر لا الحصر إلى مجلة الجماعات المحلية.

وجاء في تقرير اللجنة أن الوظيفة الرقابية للبرلمان تهدف إلى تحسين الأداء الحكومي والسياسات العمومية المتبعة في جميع القطاعات وحوكمة التصرف في المال العام بما يضمن تلبية مطالب المواطنين واحتياجاتهم وخدمة الصالح العام. وتمارس هذه الرقابة عبر آليات متعددة تتمثل أساسا في إمكانية توجيه لائحة لوم ضد الحكومة أو تقديم أسئلة شفاهية وكتابية فضلا عن تنظيم جلسات الحوار مع الحكومة.

لائحة اللوم مشروطة

ففي ما يتعلق بتوجيه لائحة اللوم ضد الحكومة، فنص مشروع النظام الداخلي المعروض على تصويت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب على أنه يمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين توجيه هذه اللائحة، ولكن لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة خلال حالة الاستثناء وخلال المدة الرئاسية الوقتية، ولم يأت مشروع النظام الداخلي على إجراءات لائحة اللوم وذلك لأنه أحال مقتضيات تطبيق الفصل المتعلق بلائحة اللوم على القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي اعتبره بعض النواب خلال جلستهم العامة من الأولويات التشريعية التي يجب على المجلس النظر فيها مباشرة بعد مصادقته على نظامه الداخلي. ويذكر أن الدستور أتاح للمجلسين معا إمكانية معارضة الحكومة في مواصلة تحمل مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم إذا تبين لهما أنها تخالف السياسة العامة للدولة والاختيارات الأساسية المنصوص عليها بالدستور ولا يمكن تقديم لائحة لوم إلا إذا كانت معللة وممضاة من قبل نصف أعضاء مجلس نواب الشعب ونصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم ولا يقع الاقتراع عليها إلا بعد مضي ثمان وأربعين ساعة على تقديمها ويقبل رئيس الجمهورية استقالة الحكومة التي يقدمها رئيسها إذا وقعت المصادقة على لائحة لوم بأغلبية الثلثين لأعضاء المجلسين مجتمعين، ويمكن لرئيس الجمهورية إذا تم توجيه لائحة لوم ثانية للحكومة أثناء نفس المدة النيابية إما أن يقبل استقالة الحكومة أو أن يحل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو إحداهما.

حوار  كل 45 يوما

وفي ما يتعلق بجلسات الحوار مع الحكومة فنص مشروع النظام الداخلي على أن يخصّص المجلس جلسة دورية  للحوار مع الحكومة أو عضوا منها حول السياسة التي يتم إتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها مرة كل 45 يوما على الأقل  وكلّما دعت الحاجة بطلب من المكتب أو بأغلبية أعضاء المجلس وتفتتح جلسات الحوار بعرض يقدّمه عضو الحكومة، ثمّ يتولّى الإجابة عن أسئلة النواب تباعا وله حقّ طلب إمهاله مدة لإعداد الردود.
أما بالنسبة إلى الأسئلة الكتابية والتي تعتبر من بين آليات العمل الرقابي على الحكومة فقد نص مشروع النظام الداخلي على أنه لكل عضو أو أكثر التقدم إلى أعضاء من الحكومة أو عن طريق رئيس مجلس نواب الشعب  بأسئلة كتابية في صيغة موجزة ودقيقة ولا تتضمن معطيات شخصية طبقا للتشريع المتعلق بحماية المعطيات الشخصية وتودع الأسئلة بالتطبيقة الالكترونية المعدة للغرض وبعد التثبت من احترام الشروط الشكلية يحيل مكتب المجلس السؤال الكتابي على الحكومة في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تلقيه. ويتعين على الحكومة موافاة رئيس المجلس بجواب في صيغة الكترونية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ تلقيها السؤال و يسلم رئيس المجلس نسخة من الجواب إلى العضو المعني ويأذن بنشر السؤال والجواب الكتابي للحكومة بالرائد الرسمي لمداولات مجلس نواب الشعب وعلى الموقع الالكتروني للمجلس ويمكن لأي عضو تقدّم بأسئلة كتابية أن يسحبها قبل إحالتها ويأذن رئيس المجلس بالإعلان عن الأسئلة التي تجيب عنها الحكومة بنشرها على الموقع الالكتروني للمجلس.

ويبدو من خلال هذه الصياغة أن لجنة النظام الداخلي استخلصت الدروس مما حصل في المجلس النيابي السابق حيث تعلل العديد من الوزراء بعدم الرد على أسئلة النواب بحماية المعطيات الشخصية.
وبالنسبة إلى الأسئلة الشفاهية فقد نص مشروع اللجنة في الفصل 132 على أن الجلسات العامة المخصصة للأسئلة الشفاهية يبرمجها مكتب المجلس يوم الاثنين من كل أسبوع وله بصفة استثنائية إمكانية برمجتها في جلسات عامة أخرى، و لكل عضو أن يتقدم خلال جلسة عامّة بأسئلة شفاهية لأعضاء الحكومة على أن يوجّه إعلاما كتابيا إلى رئيس المجلس يبيّن فيه موضوع أسئلته وعضو الحكومة المعني بالإجابة وتحديد من ينوبه في صورة تعذر الحضور في الجلسة المبرمجة لطرح السؤال. ويتم إعلام الحكومة بمواضيع الأسئلة وموعد الجلسة العامة المخصصة للإجابة عنها على أن تكون في أجل أقصاه شهر، وخلافا لما كان عليه الوضع في السابق عملت اللجنة على ضبط مدة طرح السؤال وهي لا تتجاوز عشر دقائق ومدة إجابة عضو الحكومة عنه وهي لا تتجاوز عشر دقائق ويحق للنائب التعقيب لمدة لا تتجاوز خمس دقائق وإذا تغيب النائب صاحب السؤال أو من ينوبه لطرحه فإنه يعاقب بحرمانه من توجيه سؤال شفاهي في ما تبقى من الدورة النيابية ولكن عندما يتعلق الأمر بغياب عضو الحكومة دون اعتذار وتحديد موعد لاحق فيقع نشر هذه المعلومة على الموقع الرسمي للمجلس.

تقليص الدور الرقابي

مقارنة بالمجلس النيابي السابق نجد أن الدور الرقابي للبرلمان تقلص إذ كان العمل الرقابي للمجلس النيابي على الحكومة ينطلق من خلال منح الثقة للحكومة أو لأحد أعضائها ولكن بدستور 2022 تم تجريد المجلس النيابي من هذه المهمة، وكان المجلس يعقد للغرض جلسة عامة ويتولى رئيس الحكومة المكلف تقديم عرض موجز لبرنامج عمل حكومته ولأعضاء حكومته المقترحة ثم تحال الكلمة بعد ذلك لأعضاء المجلس في حدود الوقت المخصص للنقاش العام في تلك الجلسة وبعد انتهاء النقاش العام يتولى رئيس الحكومة المكلف التعقيب على مداخلات النواب، ومن النقائص التي كانت موجودة في النظام الداخلي للمجلس النيابي السابق هو أن رئيس الحكومة المكلف غير مجبر على الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها عليه النواب وكل ما في الأمر أنه يتفاعل معهم لترفع الجلسة ثم تستأنف في نفس اليوم للتصويت على الثقة بتصويت وحيد على كامل أعضاء الحكومة والمهمة المسندة لكل عضو ويشترط لنيل ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء، وإذا تقرر إدخال تحوير على الحكومة التي نالت ثقة المجلس إما بضم عضو جديد أو أكثر أو بتكليف عضو بغير المهمة التي نال الثقة بخصوصها فإن ذلك يتطلب عرض الموضوع على المجلس النيابي لطلب نيل الثقة وفي جلسة عامة يفسر رئيس الحكومة للنواب سبب التحوير ويقدم العضو أو الأعضاء المقترح ضمهم للحكومة وفي التحوير يتم التصويت على الثقة بتصويت منفرد لكل عضو وفي المهمة المسندة له ونفس الشيء يشترط لنيل ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء. كما كانت من صلاحيات المجلس النيابي التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها وهو ما حدث مع حكومة الحبيب الصيد حيث قررت الأغلبية البرلمانية المتكونة آن ذاك من نداء تونس والنهضة والاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس سحب الثقة من  الحكومة. 

سعيدة بوهلال