إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تكثف الاستحقاقات القادمة .. هل يغطي المسار الانتخابي على المسار السياسي وينهى دور الأحزاب؟

 

تونس-الصباح

مازال المسار الانتخابي يحافظ على زخمه داخل اجندا هيئة الانتخابات وذلك في إطار استعدادها لبقية المحطات الأخرى كانتخابات الأقاليم والجهات والانتخابات البلدية.

واعتبر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أمس الخميس أنّ المراسيم الرئاسية عدد 8 و9 و10 الصادرة في 8 مارس 2023 نظمت المادة الانتخابية.

وبيّن بوعسكر خلال استضافته على إذاعة "اكسبريس أف أم" أنّه إضافة إلى الانتخابات البلدية، سيتم تنظيم انتخابات محلية مباشرة تكون هي القاعدة الأولى لمجلس محلي ثم مجلس جهوي فإقليم وصولا المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وحتى يتجنب الكثافة الانتخابية لفت بوعسكر إلى وجود 3 سيناريوهات تتمثل إما في تنظيم الانتخابات البلدية أولا أو الانتخابات المحلية أولا أو تنظيمهما بالتزامن.

وبرر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هذه السيناريوهات "أنّ الجانب الإيجابي في جمع الاستحقاقات الانتخابية هو تقليص الكلفة"، غير أنّ ذلك “قد يكون سببا في إرباك ولخبطة الناخبين”، حسب رأيه.

وشكل "وابل" الانتخابات التشريعية بدورتيها وموضوع الاستفتاء الشعبي على دستور جويلية 2022 مدخلا للتساؤل حول جدوى ما تبقى من المسار القادم في ظل تزايد أعداد المقاطعين أو أولئك الذين خيروا العزوف عن زيارة صناديق الاقتراع وهو ما كشفته الأرقام والنسب المصرح بها، مما ولّد خوفا من مزيد نفور التونسيين في علاقتهم بالاقتراع والإدلاء بأصواتهم في اختيار ممثليهم وطنيا وجهويا.

فقد أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر بعيد التشريعية أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 11.2%، أي ما يمثّل مليونًا و25 ألف ناخب من مجموع 9 ملايين و163 ألفًا مسجلين باللوائح الانتخابية وكانت الهيئة ذكرت قبل ذلك أن نسبة الإقبال بلغت 8.8%، وهي الأضعف في الانتخابات التونسية منذ الثورة.

وارتفعت وتيرة التخوف أكثر بعد أن غطى المسار الانتخابي على المسار السياسي واضر به بما أحال عددا واسعا من الأحزاب على الهامش وغيب أغلبيتها عن الحراك المسجل في بلادنا بما أعطى انطباعا بإمكانية إنهاء الوسائط الحزبية وتعويضها بكيانات فردية ومستقلة بدل العائلات السياسية من اليمين إلى اليسار.

وإذ تبدو هكذا قراءة موغلة في التشاؤم فان واقع القانون الانتخابي قد يحمل المتابعين للشأن العام إلى هذه الرؤية بعد أن اظهر القانون الجديد أسبقية التصويت على الأفراد بدل التصويت على القائمات وإصرار النظام على تثبيت هذا التمشي رغم نداءات الموالاة والمعارضة على حد السواء.

فقد عبر مثلا  أمين عام حركة تونس إلى الأمام (موالاة) عبيد البريكي في وقت سابق أنّ هناك مآخذ كثيرة في القانون الانتخابي الجديد، وفيها ما يرتقي إلى التناقض مع دستور 25 جويلية، على حد تعبيره.

وتابع  البريكي أنّ من بين هذه المآخذ هي "مسألة التناصف، كما أنّ نظام الاقتراع على الأفراد موجود في العالم بأسره وفيه إيجابيات، لكن ما هو موقع الأحزاب في الفترة القادمة؟"، وفق تساؤله.

وشكك البعض، من متابعي الشأن العام، في الصبغة التخريبية لنظام التصويت على الأفراد وتأثيره بشكل مباشر على الأحزاب وهو ما أظهره على الأقل والى حد الآن التراجع الملموس لتواجد الأحزاب في البرلمان وهزيمة بعضها أمام مترشحين مستقلين بعدد من الدوائر الانتخابية.

كما لم تخرج كثافة العمليات الانتخابية من دائرة التشكيك حيث يرى جزء من التونسيين أن ما تعيشه البلاد من سلسلة انتخابية قد تندرج في إطار تنفير الناخب من المشاركة في عملية التصويت وهو ما سيدخل الشك في شرعية ما سيفرزه صندوق الاقتراع لاحقا سواء كان برلمانا أو مجالس جهوية أو إقليمية.

وعلى عكس السنوات الماضية فقد تغلب المسار الانتخابي على المسار  السياسي حيث لم يعد بمقدور الأحزاب التحكم في المشهد العام والمشاركة فيه بكثافة كما كان الأمر بين 2011/2021 اثر استحكام سلطة 25جويلية على مجرى الأحداث القانونية والانتخابية بحثا عن انسجام مع رؤيتها المعلنة منذ ديسمبر 2021 في إطار خريطة طريق فرضها رئيس الدولة على الجميع ووفق رزنامة مكثفة تنتهي بانتخاب مجالس الأقاليم والجهات.

خليل الحناشي

   بعد تكثف الاستحقاقات القادمة .. هل يغطي المسار الانتخابي على المسار السياسي وينهى دور الأحزاب؟

 

تونس-الصباح

مازال المسار الانتخابي يحافظ على زخمه داخل اجندا هيئة الانتخابات وذلك في إطار استعدادها لبقية المحطات الأخرى كانتخابات الأقاليم والجهات والانتخابات البلدية.

واعتبر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أمس الخميس أنّ المراسيم الرئاسية عدد 8 و9 و10 الصادرة في 8 مارس 2023 نظمت المادة الانتخابية.

وبيّن بوعسكر خلال استضافته على إذاعة "اكسبريس أف أم" أنّه إضافة إلى الانتخابات البلدية، سيتم تنظيم انتخابات محلية مباشرة تكون هي القاعدة الأولى لمجلس محلي ثم مجلس جهوي فإقليم وصولا المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وحتى يتجنب الكثافة الانتخابية لفت بوعسكر إلى وجود 3 سيناريوهات تتمثل إما في تنظيم الانتخابات البلدية أولا أو الانتخابات المحلية أولا أو تنظيمهما بالتزامن.

وبرر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هذه السيناريوهات "أنّ الجانب الإيجابي في جمع الاستحقاقات الانتخابية هو تقليص الكلفة"، غير أنّ ذلك “قد يكون سببا في إرباك ولخبطة الناخبين”، حسب رأيه.

وشكل "وابل" الانتخابات التشريعية بدورتيها وموضوع الاستفتاء الشعبي على دستور جويلية 2022 مدخلا للتساؤل حول جدوى ما تبقى من المسار القادم في ظل تزايد أعداد المقاطعين أو أولئك الذين خيروا العزوف عن زيارة صناديق الاقتراع وهو ما كشفته الأرقام والنسب المصرح بها، مما ولّد خوفا من مزيد نفور التونسيين في علاقتهم بالاقتراع والإدلاء بأصواتهم في اختيار ممثليهم وطنيا وجهويا.

فقد أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر بعيد التشريعية أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 11.2%، أي ما يمثّل مليونًا و25 ألف ناخب من مجموع 9 ملايين و163 ألفًا مسجلين باللوائح الانتخابية وكانت الهيئة ذكرت قبل ذلك أن نسبة الإقبال بلغت 8.8%، وهي الأضعف في الانتخابات التونسية منذ الثورة.

وارتفعت وتيرة التخوف أكثر بعد أن غطى المسار الانتخابي على المسار السياسي واضر به بما أحال عددا واسعا من الأحزاب على الهامش وغيب أغلبيتها عن الحراك المسجل في بلادنا بما أعطى انطباعا بإمكانية إنهاء الوسائط الحزبية وتعويضها بكيانات فردية ومستقلة بدل العائلات السياسية من اليمين إلى اليسار.

وإذ تبدو هكذا قراءة موغلة في التشاؤم فان واقع القانون الانتخابي قد يحمل المتابعين للشأن العام إلى هذه الرؤية بعد أن اظهر القانون الجديد أسبقية التصويت على الأفراد بدل التصويت على القائمات وإصرار النظام على تثبيت هذا التمشي رغم نداءات الموالاة والمعارضة على حد السواء.

فقد عبر مثلا  أمين عام حركة تونس إلى الأمام (موالاة) عبيد البريكي في وقت سابق أنّ هناك مآخذ كثيرة في القانون الانتخابي الجديد، وفيها ما يرتقي إلى التناقض مع دستور 25 جويلية، على حد تعبيره.

وتابع  البريكي أنّ من بين هذه المآخذ هي "مسألة التناصف، كما أنّ نظام الاقتراع على الأفراد موجود في العالم بأسره وفيه إيجابيات، لكن ما هو موقع الأحزاب في الفترة القادمة؟"، وفق تساؤله.

وشكك البعض، من متابعي الشأن العام، في الصبغة التخريبية لنظام التصويت على الأفراد وتأثيره بشكل مباشر على الأحزاب وهو ما أظهره على الأقل والى حد الآن التراجع الملموس لتواجد الأحزاب في البرلمان وهزيمة بعضها أمام مترشحين مستقلين بعدد من الدوائر الانتخابية.

كما لم تخرج كثافة العمليات الانتخابية من دائرة التشكيك حيث يرى جزء من التونسيين أن ما تعيشه البلاد من سلسلة انتخابية قد تندرج في إطار تنفير الناخب من المشاركة في عملية التصويت وهو ما سيدخل الشك في شرعية ما سيفرزه صندوق الاقتراع لاحقا سواء كان برلمانا أو مجالس جهوية أو إقليمية.

وعلى عكس السنوات الماضية فقد تغلب المسار الانتخابي على المسار  السياسي حيث لم يعد بمقدور الأحزاب التحكم في المشهد العام والمشاركة فيه بكثافة كما كان الأمر بين 2011/2021 اثر استحكام سلطة 25جويلية على مجرى الأحداث القانونية والانتخابية بحثا عن انسجام مع رؤيتها المعلنة منذ ديسمبر 2021 في إطار خريطة طريق فرضها رئيس الدولة على الجميع ووفق رزنامة مكثفة تنتهي بانتخاب مجالس الأقاليم والجهات.

خليل الحناشي