يستعد التيار الديمقراطي لخوض غمار مؤتمره الثالث المقرر لأيام 28/29/30افريل الجاري بجهة الحمامات وسط أزمة داخلية عصفت بتركيبة الحزب وتراجع مكشوف لأداء التيار في ظل وضع سياسي هش فرضته تدابير الإجراءات الاستثنائية اثر سعيها الواضح لإنهاء جميع أشكال الوساطات من نقابات وأحزاب وإعلام.
ولئن غابت أحزاب كثيرة عن المشهد واستكان بعضها إلى حالة الوهن فان أخرى عادت لتتحسس طريق العودة عبر إعادة ترتيب بيتها الداخلي بالدعوة إلى مؤتمرات جهوية لقياس امتدادها جهويا وتحضيرا لمؤتمر وطني يقيها شر الانهيار من الداخل.
وعلى غرار العديد من الأحزاب لم يكن التيار بمعزل عن "تسونامي" الاستقالات التي ضربت الساحة الحزبية دون استثناء ورغم محاولات "التطبيب السياسي" لتفادي التفكك إلا أن ذلك لم يفلح في ظل خطوط متوازية ومتصارعة أحيانا.
تيار الانتهازية
لم تكن استقالة النائب الأسبق رضا الزّغمي 14اكنوبر 2021 إلا ردة فعل على انتشار الانتهازية داخل الحزب، وشكلت استقالة الرجل ابرز حدث سياسي في ذلك اليوم .
فقد أعلن الزغمي في تدوينة له عن استقالته من المكتب السياسي لحزب التيار الديمقراطي ومن كلّ الهياكل التّسييرية للحزب .
وأرجع المستقيل أسباب الانسحاب من الحزب "إلى تراجع التيار الديمقراطي عن مبادئه التي أسّس لأجلها فبعد أن راهن على أخلقة العمل السياسي ووضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب وكذلك وضع مصلحة الحزب فوق مصلحة الأشخاص، لكن بعد انتخابات 2019، ظهرت مجموعة من الأفراد في الحزب تريد التموقع في الحكومة والسلطة أكثر من تنفيذ برنامج الحزب”.
استقالة الزغمي ليست بالحدث الطارئ على التيار حيث قدمها لهياكل الحزب في وقت سابق وأساسا بعد أن تحولت قيادات الصف الأول للتيار إلى دعامة لتفعيل الفصل 80 أو ما يصفه الخصوم "بدعوة الانقلاب" التي نشطها أساسا المؤسس محمد عبو والنائب سامية عبو ودافعوا عن خيارات التفعيل على أمل إنهاء حالات الفساد والتهريج الحاصل داخل الحياة البرلمانية والسياسية عموما.
وعلى الرغم من توصيفات الزغمي فان الحزب لم ينجح في كبح جماح بعض من قياداته ليعيش التيار زلزال استقالات 5من ابرز قياداته يوم 20 ديسمبر 2022 يتقدمهم الأمين العام السابق غازي الشواشي ونائب الأمين العام محمد الحامدي بالإضافة إلى كل من مجدي الكرباعي وشكري الجلاصي وحامد الماطري.
ويتفق العديد من التياريين على أن حزبهم لم يكن سوى رهينة عند أقلية قيادية حيث تم استعمال التيار الديمقراطي وشعبيته وبقية قياداته "كدروع بشرية" لتحسين شروط التفاوض مع الحكومات السابقة سواء مع حكومة الحبيب الجملي أو الياس الفخفاخ الذي مكن التيار من عدد مهم من الحقائب مع تعيين محمد عبو في خطة وزارية متقدمة وبصلاحيات مفتوحة في حكومة الرئيس الأولى.
القلاع الحصينة… من الداخل
بداية انفجار التيار من الداخل قادته تسريبات النائب السابق ورئيس كتلتها بالبرلمان المنحل محمد عمار الذي كشف عن تدخل قصر قرطاج في تسيير بعض الكتل سيما تلك الساعية للإطاحة برئيس مجلس نواب الشعب المنحل الراشد الغنوشي لتنتهي على إثرها علاقة الحزب برئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي محاولة لتجاوز هذه الوضعية سارعت الكتلة الديمقراطية حينها بسحب الثقة من محمد عمار، وبعد اخذ ورد أعلن النائب يوم 15 جويلية 2021 عن استقالته النهائية من الكتلة ومن حزب التيار الديمقراطي.
وكتب عمار في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي إلى أنه يعلن استقالته من الحزب والكتلة الديمقراطية “لأنه لم يعد يعرف الحزب الذي كان أحد مؤسسيه سنة 2013”.
وبرر النائب أن خطوته هذه هي نتيجة باستجوابه "حول مسائل تهم الوطن والمواطن منها المساعي التي بذلتها مؤخرا لمحاولة المساعدة في جلب التلاقيح بغية إنقاذ الأرواح” .
ليرد النائب عن التيار الديمقراطي، ورئيس الكتلة الديمقراطية، نعمان العش، في تصريح لـ"إكسبراس أف أم"، أن الحزب “لم يتلقّ بعد استقالة محمد عمار مكتوبة ومعللة” مبينا أن الحزب “قام باستجواب محمد عمار بسبب خرقه للنظام الداخلي الذي ينظم عمل الحزب وكذلك لعدم احترامه لقرارات الهياكل".
فوضى المواقف
على غرار العديد من الأطراف السياسية عاش الحزب فوضى المواقف، فبعد أن بارك تحركات قيس سعيد وبرر لها، انتهى تفهم التيار الديمقراطي للإجراءات الاستثنائية للرئيس ليتحول إلى إدانة واسعة وذلك بعد منع النائب عن الكتل الديمقراطية أنور بالشاهد من السفر إلى خارج البلاد ليتحول الحزب إلى معارض شرس لسياسات ساكن قرطاج .
ونجح التيار في تفعيل خيار المعارضة اثر توليفة سياسية جمعته مع حزب العمال والتكتل والحزب الجمهوري وحزب القطب لتشكل تنسيقية الأحزاب الديمقراطية إلى جانب جبهة الخلاص الوطني جدار صد أمام انتخابات واستفتاء الرئيس من خلال تكثيف التحركات الميدانية أو الحضور الإعلامي.
الاستعدادات
وكشف الأمين العام للتيار نبيل الحجي في تصريح مقتضب لـ"الصباح" "إن الحزب بصدد وضع اللمسات الأخيرة قبل انطلاق أشغال المؤتمر حيث سيكون تاريخ 14افريل آخر محطة انتخابية جهوية للتيار".
وأضاف الحجي انه من المنتظر أن تحتضن تونس العاصمة افتتاح الأشغال على ان تتواصل الاعمال باحد النزل بالحمامات حيث النقاشات المعمقة والتصويت على اللوائح والانطلاق في عملية التصويت لانتخاب امين عام جديد وبقية الاعضاء.
وعن امكانية ترشحه للامانة العامة اكد الحجي انه لم يفكر بعد في الموضوع على اعتبار أن تركيزه منصب على إنجاح المؤتمرات الجهوية والمؤتمر الوطني بالدرجة الأولى".
فهل يجدد التيار الديمقراطي نفسه من خلال مؤتمره القادم أم انه سيكون مجرد مرحلة عابرة لا جديد فيها؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
يستعد التيار الديمقراطي لخوض غمار مؤتمره الثالث المقرر لأيام 28/29/30افريل الجاري بجهة الحمامات وسط أزمة داخلية عصفت بتركيبة الحزب وتراجع مكشوف لأداء التيار في ظل وضع سياسي هش فرضته تدابير الإجراءات الاستثنائية اثر سعيها الواضح لإنهاء جميع أشكال الوساطات من نقابات وأحزاب وإعلام.
ولئن غابت أحزاب كثيرة عن المشهد واستكان بعضها إلى حالة الوهن فان أخرى عادت لتتحسس طريق العودة عبر إعادة ترتيب بيتها الداخلي بالدعوة إلى مؤتمرات جهوية لقياس امتدادها جهويا وتحضيرا لمؤتمر وطني يقيها شر الانهيار من الداخل.
وعلى غرار العديد من الأحزاب لم يكن التيار بمعزل عن "تسونامي" الاستقالات التي ضربت الساحة الحزبية دون استثناء ورغم محاولات "التطبيب السياسي" لتفادي التفكك إلا أن ذلك لم يفلح في ظل خطوط متوازية ومتصارعة أحيانا.
تيار الانتهازية
لم تكن استقالة النائب الأسبق رضا الزّغمي 14اكنوبر 2021 إلا ردة فعل على انتشار الانتهازية داخل الحزب، وشكلت استقالة الرجل ابرز حدث سياسي في ذلك اليوم .
فقد أعلن الزغمي في تدوينة له عن استقالته من المكتب السياسي لحزب التيار الديمقراطي ومن كلّ الهياكل التّسييرية للحزب .
وأرجع المستقيل أسباب الانسحاب من الحزب "إلى تراجع التيار الديمقراطي عن مبادئه التي أسّس لأجلها فبعد أن راهن على أخلقة العمل السياسي ووضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب وكذلك وضع مصلحة الحزب فوق مصلحة الأشخاص، لكن بعد انتخابات 2019، ظهرت مجموعة من الأفراد في الحزب تريد التموقع في الحكومة والسلطة أكثر من تنفيذ برنامج الحزب”.
استقالة الزغمي ليست بالحدث الطارئ على التيار حيث قدمها لهياكل الحزب في وقت سابق وأساسا بعد أن تحولت قيادات الصف الأول للتيار إلى دعامة لتفعيل الفصل 80 أو ما يصفه الخصوم "بدعوة الانقلاب" التي نشطها أساسا المؤسس محمد عبو والنائب سامية عبو ودافعوا عن خيارات التفعيل على أمل إنهاء حالات الفساد والتهريج الحاصل داخل الحياة البرلمانية والسياسية عموما.
وعلى الرغم من توصيفات الزغمي فان الحزب لم ينجح في كبح جماح بعض من قياداته ليعيش التيار زلزال استقالات 5من ابرز قياداته يوم 20 ديسمبر 2022 يتقدمهم الأمين العام السابق غازي الشواشي ونائب الأمين العام محمد الحامدي بالإضافة إلى كل من مجدي الكرباعي وشكري الجلاصي وحامد الماطري.
ويتفق العديد من التياريين على أن حزبهم لم يكن سوى رهينة عند أقلية قيادية حيث تم استعمال التيار الديمقراطي وشعبيته وبقية قياداته "كدروع بشرية" لتحسين شروط التفاوض مع الحكومات السابقة سواء مع حكومة الحبيب الجملي أو الياس الفخفاخ الذي مكن التيار من عدد مهم من الحقائب مع تعيين محمد عبو في خطة وزارية متقدمة وبصلاحيات مفتوحة في حكومة الرئيس الأولى.
القلاع الحصينة… من الداخل
بداية انفجار التيار من الداخل قادته تسريبات النائب السابق ورئيس كتلتها بالبرلمان المنحل محمد عمار الذي كشف عن تدخل قصر قرطاج في تسيير بعض الكتل سيما تلك الساعية للإطاحة برئيس مجلس نواب الشعب المنحل الراشد الغنوشي لتنتهي على إثرها علاقة الحزب برئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي محاولة لتجاوز هذه الوضعية سارعت الكتلة الديمقراطية حينها بسحب الثقة من محمد عمار، وبعد اخذ ورد أعلن النائب يوم 15 جويلية 2021 عن استقالته النهائية من الكتلة ومن حزب التيار الديمقراطي.
وكتب عمار في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي إلى أنه يعلن استقالته من الحزب والكتلة الديمقراطية “لأنه لم يعد يعرف الحزب الذي كان أحد مؤسسيه سنة 2013”.
وبرر النائب أن خطوته هذه هي نتيجة باستجوابه "حول مسائل تهم الوطن والمواطن منها المساعي التي بذلتها مؤخرا لمحاولة المساعدة في جلب التلاقيح بغية إنقاذ الأرواح” .
ليرد النائب عن التيار الديمقراطي، ورئيس الكتلة الديمقراطية، نعمان العش، في تصريح لـ"إكسبراس أف أم"، أن الحزب “لم يتلقّ بعد استقالة محمد عمار مكتوبة ومعللة” مبينا أن الحزب “قام باستجواب محمد عمار بسبب خرقه للنظام الداخلي الذي ينظم عمل الحزب وكذلك لعدم احترامه لقرارات الهياكل".
فوضى المواقف
على غرار العديد من الأطراف السياسية عاش الحزب فوضى المواقف، فبعد أن بارك تحركات قيس سعيد وبرر لها، انتهى تفهم التيار الديمقراطي للإجراءات الاستثنائية للرئيس ليتحول إلى إدانة واسعة وذلك بعد منع النائب عن الكتل الديمقراطية أنور بالشاهد من السفر إلى خارج البلاد ليتحول الحزب إلى معارض شرس لسياسات ساكن قرطاج .
ونجح التيار في تفعيل خيار المعارضة اثر توليفة سياسية جمعته مع حزب العمال والتكتل والحزب الجمهوري وحزب القطب لتشكل تنسيقية الأحزاب الديمقراطية إلى جانب جبهة الخلاص الوطني جدار صد أمام انتخابات واستفتاء الرئيس من خلال تكثيف التحركات الميدانية أو الحضور الإعلامي.
الاستعدادات
وكشف الأمين العام للتيار نبيل الحجي في تصريح مقتضب لـ"الصباح" "إن الحزب بصدد وضع اللمسات الأخيرة قبل انطلاق أشغال المؤتمر حيث سيكون تاريخ 14افريل آخر محطة انتخابية جهوية للتيار".
وأضاف الحجي انه من المنتظر أن تحتضن تونس العاصمة افتتاح الأشغال على ان تتواصل الاعمال باحد النزل بالحمامات حيث النقاشات المعمقة والتصويت على اللوائح والانطلاق في عملية التصويت لانتخاب امين عام جديد وبقية الاعضاء.
وعن امكانية ترشحه للامانة العامة اكد الحجي انه لم يفكر بعد في الموضوع على اعتبار أن تركيزه منصب على إنجاح المؤتمرات الجهوية والمؤتمر الوطني بالدرجة الأولى".
فهل يجدد التيار الديمقراطي نفسه من خلال مؤتمره القادم أم انه سيكون مجرد مرحلة عابرة لا جديد فيها؟