إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

طالبت ببرلمان تونسي.. المؤرخ رضا التليلي يدعو إلى استخلاص الدروس من مظاهرة 9 أفريل 1938

مظاهرة 9 أفريل 1938 أول مظاهرة حصل فيها اصطدام مباشر مع القوات المسلحة الفرنسية ومع الـ"جندرمة"

تونس-الصباح

تحيي تونس اليوم ذكرى أحداث 9 أفريل 1938 وهي حسب رأي المؤرخ رضا التليلي مناسبة هامة لاستخلاص الدروس. ففي تصريح لـ"الصباح" أشار التليلي مدير مؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية إلى أنه عند الحديث عن هذه الذكرى لابد من التأكيد على جملة من الملاحظات، وتتمثل الملاحظة الأولى في أن مظاهرة 9 أفريل كانت أكبر مظاهرة على الإطلاق منذ دخول الحماية، أما الخاصية الثانية لهذه المظاهرة فتتمثل في أنها كانت شعبية إذ شاركت فيها مختلف الفئات من نساء ورجال وشباب، وليس هذا فقط، بل أنها كانت أول مظاهرة وطنية بالمعنى الصحيح لعبارة وطنية إذ أنها مفعمة بالبعد الوطني وشارك فيها الجميع من أجل مقاومة الاستعمار الفرنسي، كما أنها تعتبر من أهم المظاهرات التي تحمل رسالة من أجل الدفاع عن الهوية الثقافية الوطنية.

ومن الميزات الأخرى لمظاهرة 9 أفريل حسب قول المؤرخ أنها رغم تأطير الحزب الحر الدستوري التونسي والدور الذي لعبه علي البلهوان فإنها في آخر الأمر كانت مظاهرة عفوية إذ لم تكن هناك في البداية شعارات للمظاهرة كما أن الطبقة السياسية التحقت بها فيما بعد.

ولاحظ التليلي أنه من الناحية التحديثية فإن مظاهرة 9 أفريل 1938 كانت مظاهرة شبابية خلافا للمظاهرات التي سبقتها والتي غالبا ما كان يشارك فيها كبار السن وشيوخ القرى لكن هذه المرة فقد اتخذت صبغة شبابية غير معهودة تماما وهو ما يدل على أن الطبقة السياسية تغيرت وأن الخطاب السياسي بدوره تغير وأن المشروع السياسي الوطني أخذ في التطور.

قوة الشارع

ومن الميزات الأخرى لمظاهرة 9 أفريل حسب ما بينه المؤرخ رضا التليلي أنها فاجأت الاستعمار الفرنسي لأول مرة بقوة الشارع فالشعب التونسي افتك يومها الشارع وهو ما جعل المستعمر يتفطن إلى تلك القوة الشعبية غير المنتظرة وغير المعهودة ليس في تونس فقط بل أنه لم يعهدها في بقية البلدان المستعمرة، وفسر محدثنا أنه بالعودة إلى الوثائق الأرشيفية وخاصة وثائق المخابرات الفرنسية في تلك الفترة يمكن الإشارة إلى أن المخابرات لم تتنبأ بأن تكون المظاهرة على ذلك النحو.

وأضاف التليلي أن هناك ملاحظة أخرى لا بد من ذكرها وهي أن المظاهرة كان لها الأثر الكبير في كل أنحاء البلاد دون استثناء وهذا لأنها جمعت كل الأطياف السياسية والفكرية والثقافية فهي مظاهرة وطنية بامتياز وما كان يمكن لأي كان أن يقول إنها إحدى مشاريعه السياسية الخاصة، أو نظرته الدينية الخاصة، وهي مسألة على غاية من الأهمية حسب رأيه، لأنه من النادر جدا أن نجد مظاهرة تشارك فيها كل الفئات وليس هناك فيها انتصار لفريق سياسي على فريق آخر وهذه الخاصية بدورها فاجأت المستعمر الفرنسي كثيرا، إذ أن المستعمر اعتقد في البداية أنها ستكون مظاهرة نخبوية ولم يتصور رؤية مثل ذلك الوعي الشعبي الذي تجاوز التأطير السياسي. ولاحظ أن تونس في الوقت الحاضر في حاجة إلى هذا النوع من المظاهرات.

وبين أنه من الميزات الأخرى لمظاهرة 9 أفريل أنها أول مظاهرة حصل فيها اصطدام مباشر مع القوات المسلحة الفرنسية ومع الجندرمة. وذكر أنه حصل لاحقا صدام سنة 1947 ولكنه لم يكن بنفس الدرجة والوزن والحجم.

أبعاد رمزية

ويرى المؤرخ رضا التليلي أنه لو أردنا استخراج بطاقة تعريف للمظاهرة الحاشدة التي تمت يوم 9 أفريل فإنه لا بد من ذكر خصوصياتها الأخرى سواء من الناحية السياسية أو الرمزية، وفسر أنه من الناحية السياسية فإن مطلب المظاهرة هو برلمان تونسي وذكر أنه من المهم أن نضع هذا المطلب في سياقه التاريخي إذ أنه رفع سنة 1938 والتي تعني نهاية حكم الجبهة الشعبية ووعودها الانتخابية في فرنسا وقابلها دخول الفكر الفاشي شيئا فشيئا سواء في ألمانيا أو إيطاليا أو اسبانيا وكانت هناك بداية توسع لهذا الفكر في المتوسط حيث بدأ يفتك القوة السياسية والإيديولوجية وكان هناك نوع من التخبط في أوروبا ككل ومنها فرنسا، وأضاف أن المظاهرة طالبت السلط الفرنسية الاستعمارية بأن تطبق جزء من الوعود التي تقدمت بها سنة 1936 في عهد حكم الجبهة الشعبية وتتمثل هذه الوعود في أن يختار الشعب من يمثله، وبالتالي جاء مطلب البرلمان في وضع جيوسياسي معين، وكان يعتبر مطلبا ثوريا في تلك الفترة، إذ تعتبر تمثيلية الشعب في البرلمان تمثيلية حقيقية آن ذاك من المطالب التي يمكن وصفها بالثورية.

الفكر السياسي

ويرى المؤرخ رضا التليلي، أن مطلب برلمان تونسي مستقل الذي تم رفعه في أفريل 1938 هو عبارة عن بداية تاريخ سياسي متكامل للثورة، وفسر أن قضية البرلمان هي قضية محورية في الفكر السياسي لتونس، وعندما يطالب الشعب بالبرلمان فهذا يعني مطالبته بدستور وبتمثيلية حقيقية مباشرة، وقد أعطى هذا المطلب للثقافة السياسية التونسية بعدا كبيرا تواصل حتى بعد الاستقلال إذ كثيرا ما ترددت بعد الاستقلال عبارة لا استقلال دون برلمان.

وذكر أنه إضافة إلى هذا البعد، فإن مطلب البرلمان هو من المطالب الرمزية التي تعنى بالهوية والشخصية الوطنية وتعتبر أحداث 1938 حسب رأيه من أكثر المداخل لإذكاء الشعور بالوطنية من خلال الهوية الثقافية والسياسية وهو ما يعني أنه حتى في الوقت الراهن فإن المطلب الرمزي في بعض الحالات يمكن أن يكون له تأثير أكبر بكثير من المطالب المادية.

وأضاف الجامعي قائلا: "إننا في تونس اليوم نفتقر إلى ذلك الطابع الرمزي نظرا لعدم عمق الفكر الديمقراطي التونسي، إذ تكاد الهوية السياسية لتونس أن تندثر، وهناك حاجة ملحة إلى إعادة تأسيس هوية فكرية سياسية تستلهم وتستخلص العبر والدروس من التاريخ".

وبين أنه للأسف الشديد هناك ضعف وعي بالدروس المستخلصة من التاريخ ولهذا السبب هناك في كل مرة إعادة لنفس الأخطاء وهذا فيه هدر للجهود، وبين أن الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي تحدث في كتابه الجديد عن الفرص المهدورة وهو محق في وصفه هذا، لأنة في تونس هناك إعادة لنفس الأخطاء السياسية وإعادة لنفس المرجعية التي تكاد تكون خارجة عن المسار التاريخي المستقبلي.

وأضاف التليلي أنه عند إعادة قراءة أحداث أفريل 1938 فإن أهم الدروس المستخلصة وأولها أنه لا يمكن أن يحدث أي تغيير إذا لم يكن هناك التفاف حقيقي بين الفئات الشعبية حول المطالب، أما الدرس الثاني فهو أن الطبقة السياسية والأحزاب لا تكون بالضرورة هي الطرف المؤسس، فالأحزاب يمكن أن تشارك لكن من المهم جدا أن ينبع الفكر السياسي من خارج الأحزاب، ويتمثل الدرس الثالث حسب قوله في مطلب التمثيلية الحقيقية التي تعبر عن رغبات جميع الفئات لا التمثيلية الإيديولوجية. ولاحظ الجامعي أن مطلب التمثيلية لم يتحقق، وحتى خلال العشرية الماضية فإن البرلمان لا يعبر عن تمثيلية حقيقية، ونفس الشيء بالنسبة إلى البرلمان الحالي لأن أغلبية التحالف الاجتماعي غير ممثلة في المجلس النيابي الجديد إذ هناك دائما الأقلية السياسية فقط هي الممثلة، في حين أن المطلوب هو أن يكون هناك تمثيل للأغلبية الاجتماعية المتكونة من نقابات الأعراف ونقابات العمال ومختلف المنظمات المهنية للمحامين والمهندسين والصحفيين وغيرها من المهن، فمطلب أحداث 8 و9 أفريل يستخلص منه درس تمثيلية الأغلبية.

إحياء الذاكرة

وخلص المؤرخ رضا التليلي إلى التأكيد على ضرورة إحياء الذاكرة الوطنية والتعاطي مع الأحداث بكل جدية سواء من أجل بناء ذاكرة فاعلة من خلال الاستثمار في المتاحف والبرامج الثقافية والتعليمية أو النسج على منوال ما تم في السابق حيث كانت هناك الكثير من الحملات بهدف تحسين الوعي لدى التونسيين على غرار حملات رفع الأمية، واقترح محدثنا تنظيم حملات لرفع الوعي بالذاكرة الوطنية.

وعن سؤال حول رأيه في الدعوات للتظاهر يوم 9 أفريل بين الجامعي أنه من المفروض أن المظاهرة التي يتم تنظيمها لإحياء ذكرى أحداث 9 أفريل تصدر عن رئيس الجمهورية ومن المفروض أن المشاركة فيها لا تقتصر على أنصار رئيس الجمهورية لأن الهدف منها هو تأسيس الذاكرة الوطنية، لذلك يجب أن يكون هناك نداء لكل فئات الشعب، ولا بد أن تكون المشاركة فيها مفتوحة لجميع القوى السياسية والمنظمات الوطنية، وبالتالي لا تكون هذه المظاهرة مظاهرة حزب واحد أو اتجاه معين لأن الذاكرة الوطنية لا يمثلها شخص فقط أو حزب واحد أو تيار سياسي بعينه بل تمثلها كل الفئات.

سعيدة بوهلال

 

طالبت ببرلمان تونسي.. المؤرخ رضا التليلي يدعو إلى استخلاص الدروس من مظاهرة 9 أفريل 1938

مظاهرة 9 أفريل 1938 أول مظاهرة حصل فيها اصطدام مباشر مع القوات المسلحة الفرنسية ومع الـ"جندرمة"

تونس-الصباح

تحيي تونس اليوم ذكرى أحداث 9 أفريل 1938 وهي حسب رأي المؤرخ رضا التليلي مناسبة هامة لاستخلاص الدروس. ففي تصريح لـ"الصباح" أشار التليلي مدير مؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية إلى أنه عند الحديث عن هذه الذكرى لابد من التأكيد على جملة من الملاحظات، وتتمثل الملاحظة الأولى في أن مظاهرة 9 أفريل كانت أكبر مظاهرة على الإطلاق منذ دخول الحماية، أما الخاصية الثانية لهذه المظاهرة فتتمثل في أنها كانت شعبية إذ شاركت فيها مختلف الفئات من نساء ورجال وشباب، وليس هذا فقط، بل أنها كانت أول مظاهرة وطنية بالمعنى الصحيح لعبارة وطنية إذ أنها مفعمة بالبعد الوطني وشارك فيها الجميع من أجل مقاومة الاستعمار الفرنسي، كما أنها تعتبر من أهم المظاهرات التي تحمل رسالة من أجل الدفاع عن الهوية الثقافية الوطنية.

ومن الميزات الأخرى لمظاهرة 9 أفريل حسب قول المؤرخ أنها رغم تأطير الحزب الحر الدستوري التونسي والدور الذي لعبه علي البلهوان فإنها في آخر الأمر كانت مظاهرة عفوية إذ لم تكن هناك في البداية شعارات للمظاهرة كما أن الطبقة السياسية التحقت بها فيما بعد.

ولاحظ التليلي أنه من الناحية التحديثية فإن مظاهرة 9 أفريل 1938 كانت مظاهرة شبابية خلافا للمظاهرات التي سبقتها والتي غالبا ما كان يشارك فيها كبار السن وشيوخ القرى لكن هذه المرة فقد اتخذت صبغة شبابية غير معهودة تماما وهو ما يدل على أن الطبقة السياسية تغيرت وأن الخطاب السياسي بدوره تغير وأن المشروع السياسي الوطني أخذ في التطور.

قوة الشارع

ومن الميزات الأخرى لمظاهرة 9 أفريل حسب ما بينه المؤرخ رضا التليلي أنها فاجأت الاستعمار الفرنسي لأول مرة بقوة الشارع فالشعب التونسي افتك يومها الشارع وهو ما جعل المستعمر يتفطن إلى تلك القوة الشعبية غير المنتظرة وغير المعهودة ليس في تونس فقط بل أنه لم يعهدها في بقية البلدان المستعمرة، وفسر محدثنا أنه بالعودة إلى الوثائق الأرشيفية وخاصة وثائق المخابرات الفرنسية في تلك الفترة يمكن الإشارة إلى أن المخابرات لم تتنبأ بأن تكون المظاهرة على ذلك النحو.

وأضاف التليلي أن هناك ملاحظة أخرى لا بد من ذكرها وهي أن المظاهرة كان لها الأثر الكبير في كل أنحاء البلاد دون استثناء وهذا لأنها جمعت كل الأطياف السياسية والفكرية والثقافية فهي مظاهرة وطنية بامتياز وما كان يمكن لأي كان أن يقول إنها إحدى مشاريعه السياسية الخاصة، أو نظرته الدينية الخاصة، وهي مسألة على غاية من الأهمية حسب رأيه، لأنه من النادر جدا أن نجد مظاهرة تشارك فيها كل الفئات وليس هناك فيها انتصار لفريق سياسي على فريق آخر وهذه الخاصية بدورها فاجأت المستعمر الفرنسي كثيرا، إذ أن المستعمر اعتقد في البداية أنها ستكون مظاهرة نخبوية ولم يتصور رؤية مثل ذلك الوعي الشعبي الذي تجاوز التأطير السياسي. ولاحظ أن تونس في الوقت الحاضر في حاجة إلى هذا النوع من المظاهرات.

وبين أنه من الميزات الأخرى لمظاهرة 9 أفريل أنها أول مظاهرة حصل فيها اصطدام مباشر مع القوات المسلحة الفرنسية ومع الجندرمة. وذكر أنه حصل لاحقا صدام سنة 1947 ولكنه لم يكن بنفس الدرجة والوزن والحجم.

أبعاد رمزية

ويرى المؤرخ رضا التليلي أنه لو أردنا استخراج بطاقة تعريف للمظاهرة الحاشدة التي تمت يوم 9 أفريل فإنه لا بد من ذكر خصوصياتها الأخرى سواء من الناحية السياسية أو الرمزية، وفسر أنه من الناحية السياسية فإن مطلب المظاهرة هو برلمان تونسي وذكر أنه من المهم أن نضع هذا المطلب في سياقه التاريخي إذ أنه رفع سنة 1938 والتي تعني نهاية حكم الجبهة الشعبية ووعودها الانتخابية في فرنسا وقابلها دخول الفكر الفاشي شيئا فشيئا سواء في ألمانيا أو إيطاليا أو اسبانيا وكانت هناك بداية توسع لهذا الفكر في المتوسط حيث بدأ يفتك القوة السياسية والإيديولوجية وكان هناك نوع من التخبط في أوروبا ككل ومنها فرنسا، وأضاف أن المظاهرة طالبت السلط الفرنسية الاستعمارية بأن تطبق جزء من الوعود التي تقدمت بها سنة 1936 في عهد حكم الجبهة الشعبية وتتمثل هذه الوعود في أن يختار الشعب من يمثله، وبالتالي جاء مطلب البرلمان في وضع جيوسياسي معين، وكان يعتبر مطلبا ثوريا في تلك الفترة، إذ تعتبر تمثيلية الشعب في البرلمان تمثيلية حقيقية آن ذاك من المطالب التي يمكن وصفها بالثورية.

الفكر السياسي

ويرى المؤرخ رضا التليلي، أن مطلب برلمان تونسي مستقل الذي تم رفعه في أفريل 1938 هو عبارة عن بداية تاريخ سياسي متكامل للثورة، وفسر أن قضية البرلمان هي قضية محورية في الفكر السياسي لتونس، وعندما يطالب الشعب بالبرلمان فهذا يعني مطالبته بدستور وبتمثيلية حقيقية مباشرة، وقد أعطى هذا المطلب للثقافة السياسية التونسية بعدا كبيرا تواصل حتى بعد الاستقلال إذ كثيرا ما ترددت بعد الاستقلال عبارة لا استقلال دون برلمان.

وذكر أنه إضافة إلى هذا البعد، فإن مطلب البرلمان هو من المطالب الرمزية التي تعنى بالهوية والشخصية الوطنية وتعتبر أحداث 1938 حسب رأيه من أكثر المداخل لإذكاء الشعور بالوطنية من خلال الهوية الثقافية والسياسية وهو ما يعني أنه حتى في الوقت الراهن فإن المطلب الرمزي في بعض الحالات يمكن أن يكون له تأثير أكبر بكثير من المطالب المادية.

وأضاف الجامعي قائلا: "إننا في تونس اليوم نفتقر إلى ذلك الطابع الرمزي نظرا لعدم عمق الفكر الديمقراطي التونسي، إذ تكاد الهوية السياسية لتونس أن تندثر، وهناك حاجة ملحة إلى إعادة تأسيس هوية فكرية سياسية تستلهم وتستخلص العبر والدروس من التاريخ".

وبين أنه للأسف الشديد هناك ضعف وعي بالدروس المستخلصة من التاريخ ولهذا السبب هناك في كل مرة إعادة لنفس الأخطاء وهذا فيه هدر للجهود، وبين أن الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي تحدث في كتابه الجديد عن الفرص المهدورة وهو محق في وصفه هذا، لأنة في تونس هناك إعادة لنفس الأخطاء السياسية وإعادة لنفس المرجعية التي تكاد تكون خارجة عن المسار التاريخي المستقبلي.

وأضاف التليلي أنه عند إعادة قراءة أحداث أفريل 1938 فإن أهم الدروس المستخلصة وأولها أنه لا يمكن أن يحدث أي تغيير إذا لم يكن هناك التفاف حقيقي بين الفئات الشعبية حول المطالب، أما الدرس الثاني فهو أن الطبقة السياسية والأحزاب لا تكون بالضرورة هي الطرف المؤسس، فالأحزاب يمكن أن تشارك لكن من المهم جدا أن ينبع الفكر السياسي من خارج الأحزاب، ويتمثل الدرس الثالث حسب قوله في مطلب التمثيلية الحقيقية التي تعبر عن رغبات جميع الفئات لا التمثيلية الإيديولوجية. ولاحظ الجامعي أن مطلب التمثيلية لم يتحقق، وحتى خلال العشرية الماضية فإن البرلمان لا يعبر عن تمثيلية حقيقية، ونفس الشيء بالنسبة إلى البرلمان الحالي لأن أغلبية التحالف الاجتماعي غير ممثلة في المجلس النيابي الجديد إذ هناك دائما الأقلية السياسية فقط هي الممثلة، في حين أن المطلوب هو أن يكون هناك تمثيل للأغلبية الاجتماعية المتكونة من نقابات الأعراف ونقابات العمال ومختلف المنظمات المهنية للمحامين والمهندسين والصحفيين وغيرها من المهن، فمطلب أحداث 8 و9 أفريل يستخلص منه درس تمثيلية الأغلبية.

إحياء الذاكرة

وخلص المؤرخ رضا التليلي إلى التأكيد على ضرورة إحياء الذاكرة الوطنية والتعاطي مع الأحداث بكل جدية سواء من أجل بناء ذاكرة فاعلة من خلال الاستثمار في المتاحف والبرامج الثقافية والتعليمية أو النسج على منوال ما تم في السابق حيث كانت هناك الكثير من الحملات بهدف تحسين الوعي لدى التونسيين على غرار حملات رفع الأمية، واقترح محدثنا تنظيم حملات لرفع الوعي بالذاكرة الوطنية.

وعن سؤال حول رأيه في الدعوات للتظاهر يوم 9 أفريل بين الجامعي أنه من المفروض أن المظاهرة التي يتم تنظيمها لإحياء ذكرى أحداث 9 أفريل تصدر عن رئيس الجمهورية ومن المفروض أن المشاركة فيها لا تقتصر على أنصار رئيس الجمهورية لأن الهدف منها هو تأسيس الذاكرة الوطنية، لذلك يجب أن يكون هناك نداء لكل فئات الشعب، ولا بد أن تكون المشاركة فيها مفتوحة لجميع القوى السياسية والمنظمات الوطنية، وبالتالي لا تكون هذه المظاهرة مظاهرة حزب واحد أو اتجاه معين لأن الذاكرة الوطنية لا يمثلها شخص فقط أو حزب واحد أو تيار سياسي بعينه بل تمثلها كل الفئات.

سعيدة بوهلال