مثّل خبر اعادة العلاقات الايرانية السعودية الحدث الأبرز في العالم خلال شهر مارس .وبالتأكيد سيكون الحدث الأبرز في العام كله بعد اعادة فتح السفارتين وتفعيل الاتفاقيات المشتركة العالقة وأهمها الاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب الموقعة منذ 1998.
ويأتي القرار المشترك لاستئناف العلاقات البلدين والتي قطعت منذ 2016 و قبلها عقود من التوتّر المستمرّ في وقت يمرّ في العالم بتحوّلات كبيرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما أنتجته من أزمة مالية فرضت أحلافا دولية جديدة لن تكون كسابقاتها .
ويمكن للتقارب بين إيران والسعودية أن يلقي بثقله على كل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط ، بينما توسّع الصين نفوذها في هذه المنطقة التي يتجاهلها الأمريكيون و التي ينظرون اليها على أنهّا غنيمة وأن علاقاتها بدولها تخضع لفلسفة افعل و لا تفعل .
لكن ذاك زمن ولّى حيث لم تعد لواشنطن اليد الطولى في المنطقة وخرجت منظمة"أوبك" على سيطرتها. وتجسّد ذلك خاصة حينما رفضت السعودية في أكتوبر 2022 رفع انتاج النفط بغرض خفض الأسعار في السوق وعدّ ذلك انتصارا من المملكة لروسيا في حربها على أوكرانيا.
وقد ذكّر هذا القرار بالقرار الذي اتخذته السعودية والدول العربية المنتجة للنفط سنة 1973 بتعليقها عمليات تصدير النفط للولايات المتحدة الأمريكية ولأوروبا بسبب ما أعتبر انحيازا واضحا من هاته القوى لصالح اسرائيل في حربها مع العرب.
وقد قوبل القرار بتصريح للرئيس الأمريكي جو بايدن حينما قال " إن السعودية ستواجه عواقب عدم استجابتها للطلب الأمريكي برفع الإنتاج للنفط بغرض خفض الأسعار في السوق"مضيفا أنّ الوقت قد حان "لإعادة التفكير" في علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، معللاً ذلك بأن المملكة قد دخلت في شراكة مع روسيا لخفض إنتاج النفط، بعد جهود مكثفة من البيت الأبيض لمنع مثل هذا القرار.
الرابحون والخاسرون
من المؤكّد أن ّ هذا التقارب الايراني السعودي أو اعلان النوايا كما يصفه عدد من الملاحظين سينتج رابحون وخاسرون .حيث سيحاول الخاسرون التقليل من خسارتهم فيما سيسعى الرابحون لجني أكبر قدر من الأرباح .
ويأتي على قائمة الخاسرين الولايات المتحدة الأمريكية التي تجد نفسها مضطرة للدفاع عن مصالحها في المنطقة والتي لم ينازعها فيها أحد منذ حرب الخليج الأولى وتحوّلها للعب دور الحامي للدول الخليجية من الجنون الايراني والخطر العراقي في عهد صدام. وهي مهمة من المستحيل التخلّي عنها في الوقت الراهن نظرا لحجم الانتشار العسكري الأمريكي في دول الخليج .لكنّ المهمةّ ستكون صعبة في المحافظة على المصالح الاقتصادية كاملة بدخول لاعبين آخرين من القوى العظمى والذي سيعبّد لهم التقارب الايراني السعودي الطريق كالصين وروسيا الحليفين الكبيرين لإيران .وهما يعدّان أكبر الرابحين. وقد بدأت مؤشرات ذلك تظهر بقوة خاصة على مستوى العلاقات الصينية السعودية بعد توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين في ديسمبر 2022 والتي تم بمقتضاها توقيع اتفاقيات بقيمة 30 مليار دولار خلال الزيارة التاريخية للرئيس الصيني الى الرياض في 8 ديسمبر 2022 وهي التي تسببت في غضب أمريكي ووصف البيت الأبيض الزيارة بأنها "مثال على محاولات بكين بسط نفوذها في أنحاء العالم".
وقد شارك بعدها الرئيس الصيني في 3قمم تباعا هي القمة السعودية الصينية والقمة الصينية الخليجية والقمة الصينية العربية بحضور أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية.
وهي رسالة واضحةوجهتها الرياض إلى الولايات المتحدة مفادها أنها عازمة على المُضي قُدُما في جهودها لتنويع شركائها، حتى لو تطلب الأمر التعاون مع خصوم الولايات المتحدة في قضايا ومسائل طالما ظلت حكرا على الدبلوماسية الأمريكية.
وتبقى ايران الرابح الأكبر من هذا التقارب حيث سيمكنها ذلك من فكّ العزلة عليها خليجيا في ظل معاناة طهران من عجز شهري في الموازنة يبلغ مليار دولار تقريبا.
كما يمكّن التعاون بين الرياض وطهران منحهما سيطرة أكبر على أسعار النفط، حيث يُشكِّلان معا 35.5% من احتياطيات أوبك النفطية، لذا يُعَدُّ استقرار الأسعار أمرا حيويا لاقتصادَيْ البلدين ودافعا مهما للتعاون بينهما. لكن من المهم الإشارة إلى أنه بالنسبة إلى إيران تحديدا، فإن الاستفادة الكاملة من هذه المصالحة يتطلب تخفيف العقوبات الغربية، وهو ما يعني المُضي قُدُما في جهود إحياء الاتفاق النووي وهي الورقة القوية التي تمسكها الولايات المتحدة الأمريكية وحدها دون سواها.
أمّا الرياض فإنها تأمل من وراء التطبيع الكامل للعلاقات مع ايران في ضمان أمنها وتفادي التدخل العسكري والضربات الصاروخية خاصة على حقول النفط وتريد المملكة الحد من الوجود الايراني في اليمن وتفادي الصواريخ الايرانية التي تضرب بها من هناك و تجنّب سيناريو الهجمات الدامية على المنشآت النفطية لشركة أرامكو السعودية في بقيق وخريص التي حدثت في سبتمبر 2019، والتي شكّلت منطلقا لتفكير القيادة السعودية بضرورة اعادة التفكير في تحالفاتها الأمنية وعدم جدوى الاعتماد الحصري على التحالف مع الولايات المتحدة، لهذا تسعى من وراء هذا التقارب الى تنويع شركائها الأمنيين والعسكريين، بما في ذلك تعزيز تعاونها الأمني مع الصين وروسيا.
سويسرا عرّاب المصالحة
اعلان النوايا أو التقارب الايراني السعودي الذي احتضنته الصين في شهر مارس الفارط والذي عدّه ملاحظون تبشير بشرق أوسط جديد لم يكن وليد اللحظة السياسية وانما كان نتيجة لعمل كبير استمر منذ 2016 تاريخ قطع العلاقات بين البلدين .قامت بها أطراف أخرى ولعبت دور الوساطة في الحفاظ على مصالح البلدين .وتأتي سويسرا على رأس القائمة و هيب التي كان حضورها لافتا في الحدّ من تداعيات الصراع السعودي الايراني وقد عهدت اليها الدولتان منذ العام 2017 بتفويض القوة الحامية للمصالح. وفي عام 2018، دخل هذا التفويض حيز التنفيذ.
والاتفاق يقضي بأن تمثل السفارة السويسرية في الرياض المصالح الإيرانية في السعودية وأن تتكفل السفارة السويسرية في طهران برعاية المصالح السعودية في إيران.
وقد علّقت الحكومة السويسرية حينها على الاتفاق بالقول "لسويسرا تاريخ طويل في تمثيل المصالح الأجنبية بما يشمل الخدمات القنصلية الجزئية، وفي بعض الأحيان المهام الدبلوماسية في الدول التي قطعت العلاقات فيما بينهما إذا طلبت الدول المعنية ذلك".
وقد لعبت التمثيليّات السويسرية في الرياض وطهران، دورا كبيرا في التفاوض بين الدولتين على امتداد السنوات الفارطة .ومن المنتظر أن يكون هذا الدور أكبر و بصوت مسموع أكثر خلال الأشهر القادمة و التي ستشهد مفاوضات مباشرة بين المسؤولين الايرانيين و السعوديين حول فتح السفارات
التقارب المستحيل
رغم المؤشرات الدالة على أنّ البلدين في طريقهما لطيّ خلافات الماضي والمضيّ نحو تحالف استراتيجي اقليمي بدعم من دول كالصين وروسيا وسويسرا وعدد من الدول الخليجية التي لم تعد متحمّسة لاعتبار الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الاقتصادي والعسكري فانّ تاريخ البلدين البعيد و المتوسّط سيقف حجر عثرة في طريق هذا التقارب ولا يكفي حماس القيادات الايرانية السعودية فالصراع الأهمّ والذي من المستحيل تجاوزه هو الصراع الديني حيث يقف الشعبان على طرفا نقيض و يمثلان قطبين يجراّن ورائهما دول كثيرة يشكلان الحلف السنّي الذي تتبناه السعودية مقابل الحلف الشيعي الذي تتزعمه ايران .
ومن هنا نفهم التململ الواضح بين الشعوب الخليجية والعربية من المدّ الشيعي والذي تصرفه عليه طهران الأموال الكثيرة في شكل هبات واستثمارات وبرامج وصل صداها للعمق الافريقي .
وفي المحصّلة فان تماهي الديني بالسياسي في علاقة ايران بالسعودية ودول الخليج يتمّ الان تجاهله ومن المنتظر أن تحذو البحرين وعمان والكويت حذو المملكة السعودية وستقوم بتطبيع العلاقة مع ايران لكنّ باعتقادنا أنّ هذا التطبيع لن يتجاوز المؤتمرات الصحفية و الصور التذكارية لا للاعتبارات التي التاريخية و الدينية التي ذكرنا فحسب وانمّا للتدخّل المباشر المنتظر من الولايات المتحدة الأمريكية و الذي بدأت ملامحه في الظهور حيث ستسعى واشنطن بكل ما أوتيت من قوّة لعدم زحزحتها عن كرسي الزعامة في الخليج العربي كما أنها من المستحيل أن تترك حليفها التاريخي اسرائيل محاصرة بين داخل هذا الحلف .
بقلم:د.ريم بالخذيري
مثّل خبر اعادة العلاقات الايرانية السعودية الحدث الأبرز في العالم خلال شهر مارس .وبالتأكيد سيكون الحدث الأبرز في العام كله بعد اعادة فتح السفارتين وتفعيل الاتفاقيات المشتركة العالقة وأهمها الاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب الموقعة منذ 1998.
ويأتي القرار المشترك لاستئناف العلاقات البلدين والتي قطعت منذ 2016 و قبلها عقود من التوتّر المستمرّ في وقت يمرّ في العالم بتحوّلات كبيرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما أنتجته من أزمة مالية فرضت أحلافا دولية جديدة لن تكون كسابقاتها .
ويمكن للتقارب بين إيران والسعودية أن يلقي بثقله على كل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط ، بينما توسّع الصين نفوذها في هذه المنطقة التي يتجاهلها الأمريكيون و التي ينظرون اليها على أنهّا غنيمة وأن علاقاتها بدولها تخضع لفلسفة افعل و لا تفعل .
لكن ذاك زمن ولّى حيث لم تعد لواشنطن اليد الطولى في المنطقة وخرجت منظمة"أوبك" على سيطرتها. وتجسّد ذلك خاصة حينما رفضت السعودية في أكتوبر 2022 رفع انتاج النفط بغرض خفض الأسعار في السوق وعدّ ذلك انتصارا من المملكة لروسيا في حربها على أوكرانيا.
وقد ذكّر هذا القرار بالقرار الذي اتخذته السعودية والدول العربية المنتجة للنفط سنة 1973 بتعليقها عمليات تصدير النفط للولايات المتحدة الأمريكية ولأوروبا بسبب ما أعتبر انحيازا واضحا من هاته القوى لصالح اسرائيل في حربها مع العرب.
وقد قوبل القرار بتصريح للرئيس الأمريكي جو بايدن حينما قال " إن السعودية ستواجه عواقب عدم استجابتها للطلب الأمريكي برفع الإنتاج للنفط بغرض خفض الأسعار في السوق"مضيفا أنّ الوقت قد حان "لإعادة التفكير" في علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، معللاً ذلك بأن المملكة قد دخلت في شراكة مع روسيا لخفض إنتاج النفط، بعد جهود مكثفة من البيت الأبيض لمنع مثل هذا القرار.
الرابحون والخاسرون
من المؤكّد أن ّ هذا التقارب الايراني السعودي أو اعلان النوايا كما يصفه عدد من الملاحظين سينتج رابحون وخاسرون .حيث سيحاول الخاسرون التقليل من خسارتهم فيما سيسعى الرابحون لجني أكبر قدر من الأرباح .
ويأتي على قائمة الخاسرين الولايات المتحدة الأمريكية التي تجد نفسها مضطرة للدفاع عن مصالحها في المنطقة والتي لم ينازعها فيها أحد منذ حرب الخليج الأولى وتحوّلها للعب دور الحامي للدول الخليجية من الجنون الايراني والخطر العراقي في عهد صدام. وهي مهمة من المستحيل التخلّي عنها في الوقت الراهن نظرا لحجم الانتشار العسكري الأمريكي في دول الخليج .لكنّ المهمةّ ستكون صعبة في المحافظة على المصالح الاقتصادية كاملة بدخول لاعبين آخرين من القوى العظمى والذي سيعبّد لهم التقارب الايراني السعودي الطريق كالصين وروسيا الحليفين الكبيرين لإيران .وهما يعدّان أكبر الرابحين. وقد بدأت مؤشرات ذلك تظهر بقوة خاصة على مستوى العلاقات الصينية السعودية بعد توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين في ديسمبر 2022 والتي تم بمقتضاها توقيع اتفاقيات بقيمة 30 مليار دولار خلال الزيارة التاريخية للرئيس الصيني الى الرياض في 8 ديسمبر 2022 وهي التي تسببت في غضب أمريكي ووصف البيت الأبيض الزيارة بأنها "مثال على محاولات بكين بسط نفوذها في أنحاء العالم".
وقد شارك بعدها الرئيس الصيني في 3قمم تباعا هي القمة السعودية الصينية والقمة الصينية الخليجية والقمة الصينية العربية بحضور أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية.
وهي رسالة واضحةوجهتها الرياض إلى الولايات المتحدة مفادها أنها عازمة على المُضي قُدُما في جهودها لتنويع شركائها، حتى لو تطلب الأمر التعاون مع خصوم الولايات المتحدة في قضايا ومسائل طالما ظلت حكرا على الدبلوماسية الأمريكية.
وتبقى ايران الرابح الأكبر من هذا التقارب حيث سيمكنها ذلك من فكّ العزلة عليها خليجيا في ظل معاناة طهران من عجز شهري في الموازنة يبلغ مليار دولار تقريبا.
كما يمكّن التعاون بين الرياض وطهران منحهما سيطرة أكبر على أسعار النفط، حيث يُشكِّلان معا 35.5% من احتياطيات أوبك النفطية، لذا يُعَدُّ استقرار الأسعار أمرا حيويا لاقتصادَيْ البلدين ودافعا مهما للتعاون بينهما. لكن من المهم الإشارة إلى أنه بالنسبة إلى إيران تحديدا، فإن الاستفادة الكاملة من هذه المصالحة يتطلب تخفيف العقوبات الغربية، وهو ما يعني المُضي قُدُما في جهود إحياء الاتفاق النووي وهي الورقة القوية التي تمسكها الولايات المتحدة الأمريكية وحدها دون سواها.
أمّا الرياض فإنها تأمل من وراء التطبيع الكامل للعلاقات مع ايران في ضمان أمنها وتفادي التدخل العسكري والضربات الصاروخية خاصة على حقول النفط وتريد المملكة الحد من الوجود الايراني في اليمن وتفادي الصواريخ الايرانية التي تضرب بها من هناك و تجنّب سيناريو الهجمات الدامية على المنشآت النفطية لشركة أرامكو السعودية في بقيق وخريص التي حدثت في سبتمبر 2019، والتي شكّلت منطلقا لتفكير القيادة السعودية بضرورة اعادة التفكير في تحالفاتها الأمنية وعدم جدوى الاعتماد الحصري على التحالف مع الولايات المتحدة، لهذا تسعى من وراء هذا التقارب الى تنويع شركائها الأمنيين والعسكريين، بما في ذلك تعزيز تعاونها الأمني مع الصين وروسيا.
سويسرا عرّاب المصالحة
اعلان النوايا أو التقارب الايراني السعودي الذي احتضنته الصين في شهر مارس الفارط والذي عدّه ملاحظون تبشير بشرق أوسط جديد لم يكن وليد اللحظة السياسية وانما كان نتيجة لعمل كبير استمر منذ 2016 تاريخ قطع العلاقات بين البلدين .قامت بها أطراف أخرى ولعبت دور الوساطة في الحفاظ على مصالح البلدين .وتأتي سويسرا على رأس القائمة و هيب التي كان حضورها لافتا في الحدّ من تداعيات الصراع السعودي الايراني وقد عهدت اليها الدولتان منذ العام 2017 بتفويض القوة الحامية للمصالح. وفي عام 2018، دخل هذا التفويض حيز التنفيذ.
والاتفاق يقضي بأن تمثل السفارة السويسرية في الرياض المصالح الإيرانية في السعودية وأن تتكفل السفارة السويسرية في طهران برعاية المصالح السعودية في إيران.
وقد علّقت الحكومة السويسرية حينها على الاتفاق بالقول "لسويسرا تاريخ طويل في تمثيل المصالح الأجنبية بما يشمل الخدمات القنصلية الجزئية، وفي بعض الأحيان المهام الدبلوماسية في الدول التي قطعت العلاقات فيما بينهما إذا طلبت الدول المعنية ذلك".
وقد لعبت التمثيليّات السويسرية في الرياض وطهران، دورا كبيرا في التفاوض بين الدولتين على امتداد السنوات الفارطة .ومن المنتظر أن يكون هذا الدور أكبر و بصوت مسموع أكثر خلال الأشهر القادمة و التي ستشهد مفاوضات مباشرة بين المسؤولين الايرانيين و السعوديين حول فتح السفارات
التقارب المستحيل
رغم المؤشرات الدالة على أنّ البلدين في طريقهما لطيّ خلافات الماضي والمضيّ نحو تحالف استراتيجي اقليمي بدعم من دول كالصين وروسيا وسويسرا وعدد من الدول الخليجية التي لم تعد متحمّسة لاعتبار الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الاقتصادي والعسكري فانّ تاريخ البلدين البعيد و المتوسّط سيقف حجر عثرة في طريق هذا التقارب ولا يكفي حماس القيادات الايرانية السعودية فالصراع الأهمّ والذي من المستحيل تجاوزه هو الصراع الديني حيث يقف الشعبان على طرفا نقيض و يمثلان قطبين يجراّن ورائهما دول كثيرة يشكلان الحلف السنّي الذي تتبناه السعودية مقابل الحلف الشيعي الذي تتزعمه ايران .
ومن هنا نفهم التململ الواضح بين الشعوب الخليجية والعربية من المدّ الشيعي والذي تصرفه عليه طهران الأموال الكثيرة في شكل هبات واستثمارات وبرامج وصل صداها للعمق الافريقي .
وفي المحصّلة فان تماهي الديني بالسياسي في علاقة ايران بالسعودية ودول الخليج يتمّ الان تجاهله ومن المنتظر أن تحذو البحرين وعمان والكويت حذو المملكة السعودية وستقوم بتطبيع العلاقة مع ايران لكنّ باعتقادنا أنّ هذا التطبيع لن يتجاوز المؤتمرات الصحفية و الصور التذكارية لا للاعتبارات التي التاريخية و الدينية التي ذكرنا فحسب وانمّا للتدخّل المباشر المنتظر من الولايات المتحدة الأمريكية و الذي بدأت ملامحه في الظهور حيث ستسعى واشنطن بكل ما أوتيت من قوّة لعدم زحزحتها عن كرسي الزعامة في الخليج العربي كما أنها من المستحيل أن تترك حليفها التاريخي اسرائيل محاصرة بين داخل هذا الحلف .