إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ورقة اقتصادية | عدوى "الإصلاحات المشروطة"

 

تونس-الصباح

لم يعد صندوق النقد الدولي، الجهة المالية المانحة الوحيدة التي تشترط إصلاحات على تونس مقابل منحها تمويلات جديدة، فيبدو أن فرض حزمة من الشروط من قبل عدد من الدول والمؤسسات المالية التي تتعامل معها بلادنا أصبح ظاهرة  سرعان ما استشرت مؤخرا لتقف سدا منيعا لتدفق أي تمويلات خارجية على تونس، مما عمق من أزمتها المالية نحو الأسوأ، وهي التي تعول على الاقتراض الخارجي لتغطية العجز الحاصل بميزانيتها العمومية.  

تصريح وزير الخارجية الايطالي الذي شرح فيه مقترح بلاده لمساعدة تونس، والذي يشترط دعمها ماليا بقيمة تصل إلى 300 مليون يورو مقابل إجراء إصلاحات فعلية، في الحقيقة لم يكن القرار الأول في هذا الاتجاه، فقد سبقه منذ شهر جانفي المنقضي الموقف السعودي الذي أثاره وزير المالية السعودي، خلال منتدى دافوس والذي عبر من خلاله عن رفض المملكة السعودية الدفع بمزيد من المساعدات أو المنح المالية لحلفائها دون إجراء تلك الدول لإصلاحات اقتصادية، بما يؤكد أن التعاون المالي الثنائي بين تونس وعدد من البلدان الصديقة والشقيقة تغير لتصبح عملية الاقتراض مشروطة بإصلاحات...

وفي نفس السياق، -ولو ببعض الاختلاف في المنظومة الشرطية الجديدة-، أبدت العديد من المنظمات الدولية والمؤسسات المانحة مواقفها من تونس في ما يتعلق بالأحداث الأخيرة التي جدت في البلاد وأهمها قرار رئيس الجمهورية تنظيم الهجرة غير الشرعية لأفارقة جنوب الصحراء في اتجاه وقف دعمها المالي لتونس، لتتوسع عدوى "الإصلاحات المشروطة" في صفوف الجهات المانحة التي تتعامل معها تونس ماليا وتدعمها منذ سنوات..

وبغض النظر عن طبيعة الشروط المعلنة مقابل التمويل، فان تونس تعول كثيرا، على الاقتراض الخارجي لتعبئة موارد جديدة حددتها هذه السنة فقط، بقيمة 14.85 مليار دينار، أي ما يعادل 4.75 مليار دولار، لتغطية عجز الميزانية العمومية المقدر بـ 7.49 مليار دينار..، حسب ما ضمنته في قانون المالية لسنة 2023..

وحتى تتخلص تونس تدريجيا من براثن الاقتراض الخارجي والشروط والاملاءات المصاحبة له، على الدولة تنويع مصادرها التمويلية ودفع التقليدية منها والتي دأبت لسنوات على الاستفادة منها على غرار التصدير عبر استعادة نشاط الفسفاط إلى نسقه الطبيعي، وتأمين الإنتاج وإن لزم الأمر تحت إشراف الجيش الوطني وعبر فرض قرارات ردعية تقطع مع كل مظاهر التعطيل في الحوض المنجمي، فضلا عن تحفيز التونسيين بالخارج لتحويل أموالهم إلى البنوك التونسية بالعملة الصعبة، دون نسيان الاهتمام أكثر بالسياحة عبر إنجاح المواسم السياحية مستقبلا.

 

وفاء بن محمد

ورقة اقتصادية    |  عدوى "الإصلاحات المشروطة"

 

تونس-الصباح

لم يعد صندوق النقد الدولي، الجهة المالية المانحة الوحيدة التي تشترط إصلاحات على تونس مقابل منحها تمويلات جديدة، فيبدو أن فرض حزمة من الشروط من قبل عدد من الدول والمؤسسات المالية التي تتعامل معها بلادنا أصبح ظاهرة  سرعان ما استشرت مؤخرا لتقف سدا منيعا لتدفق أي تمويلات خارجية على تونس، مما عمق من أزمتها المالية نحو الأسوأ، وهي التي تعول على الاقتراض الخارجي لتغطية العجز الحاصل بميزانيتها العمومية.  

تصريح وزير الخارجية الايطالي الذي شرح فيه مقترح بلاده لمساعدة تونس، والذي يشترط دعمها ماليا بقيمة تصل إلى 300 مليون يورو مقابل إجراء إصلاحات فعلية، في الحقيقة لم يكن القرار الأول في هذا الاتجاه، فقد سبقه منذ شهر جانفي المنقضي الموقف السعودي الذي أثاره وزير المالية السعودي، خلال منتدى دافوس والذي عبر من خلاله عن رفض المملكة السعودية الدفع بمزيد من المساعدات أو المنح المالية لحلفائها دون إجراء تلك الدول لإصلاحات اقتصادية، بما يؤكد أن التعاون المالي الثنائي بين تونس وعدد من البلدان الصديقة والشقيقة تغير لتصبح عملية الاقتراض مشروطة بإصلاحات...

وفي نفس السياق، -ولو ببعض الاختلاف في المنظومة الشرطية الجديدة-، أبدت العديد من المنظمات الدولية والمؤسسات المانحة مواقفها من تونس في ما يتعلق بالأحداث الأخيرة التي جدت في البلاد وأهمها قرار رئيس الجمهورية تنظيم الهجرة غير الشرعية لأفارقة جنوب الصحراء في اتجاه وقف دعمها المالي لتونس، لتتوسع عدوى "الإصلاحات المشروطة" في صفوف الجهات المانحة التي تتعامل معها تونس ماليا وتدعمها منذ سنوات..

وبغض النظر عن طبيعة الشروط المعلنة مقابل التمويل، فان تونس تعول كثيرا، على الاقتراض الخارجي لتعبئة موارد جديدة حددتها هذه السنة فقط، بقيمة 14.85 مليار دينار، أي ما يعادل 4.75 مليار دولار، لتغطية عجز الميزانية العمومية المقدر بـ 7.49 مليار دينار..، حسب ما ضمنته في قانون المالية لسنة 2023..

وحتى تتخلص تونس تدريجيا من براثن الاقتراض الخارجي والشروط والاملاءات المصاحبة له، على الدولة تنويع مصادرها التمويلية ودفع التقليدية منها والتي دأبت لسنوات على الاستفادة منها على غرار التصدير عبر استعادة نشاط الفسفاط إلى نسقه الطبيعي، وتأمين الإنتاج وإن لزم الأمر تحت إشراف الجيش الوطني وعبر فرض قرارات ردعية تقطع مع كل مظاهر التعطيل في الحوض المنجمي، فضلا عن تحفيز التونسيين بالخارج لتحويل أموالهم إلى البنوك التونسية بالعملة الصعبة، دون نسيان الاهتمام أكثر بالسياحة عبر إنجاح المواسم السياحية مستقبلا.

 

وفاء بن محمد