إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم | معارك المقابر ..!.

 

بقلم: أبوبكر الصغير

ليست المقابر في حقيقة الأمر إلاّ مدنا صامتة لموتى أسكناهم فيها .

سمتها المساواة الكاملة، الجميع في حفر حتى لو تمّ تزيين وتجميل المظهر الخارجي للقبر .

العلاقة التي تقيمها المدينة مع الموت، هي علاقة التقليد، لأن المقبرة تعكس المدينة عندما تؤكد جوهرها الحاضن للأجساد البشرية حتى لو كانت دون روح، وهي تستمر في الاستجابة لما يشكل أولا أساس مدننا، الإرادة البشرية لاحتلال مساحات من الأرض ولبناء حدود، ولإصلاح مكان (قبر) بشكل دائم مع إدخال مثال معماري أو منظر طبيعي. ومع ذلك، فيما يتعلق بهذه المتانة في الصلة والتواصل، سواء كنا أحياء أم أمواتا، فنحن جميعا سكان محفوفون بالمخاطر في مدننا.

مدفوعون بغريزة عمل الإنسان القابل للتكرار، باعتبار أن المدينة لديها دعوة لإعادة بناء نفسها، من خلال ديمومة تتجاوز دورة الحياة والموت المتجددة باستمرار، حيث يمر بها الأحياء والأموات.

رفضت السلطات الجزائرية في عدّة مناسبات زيارة زعيم الطائفة اليهودية في فرنسا، الحاخام حاييم كورسيه، بعد فشل محاولته الأولى التي كانت في شهر أوت من السنة المنصرمة، عندما حاول القدوم  إليها، ضمن الوفد الذي كان يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون .

الحاخام  حاييم كورسيه يرفع اليوم لواء إعادة تأهيل المقابر اليهودية في الجزائر، التي يقول إنها في حالة سيئة، وهي مقابر تعرف في الجزائر بالمقابر المسيحية (الفرنسية) وتعكف على صيانتها الكنيسة الكاثوليكية بالتعاون مع كل من السفارة الفرنسية والسلطات الجزائرية، وهو المنفذ الذي يحاول من خلاله الحاخام تكرار محاولة زيارته للجزائر، التي يبدو أنها مستعصية بالنسبة إليه، بالنظر لمواقفه الداعمة لإسرائيل وهو أمر لا تقبله الجزائر بما يجعله يتقاطع مع المغني الفرنسي اليهودي ذي الأصول الجزائرية أنريكو ماسياس، الذي لا يزال يحلم بزيارة الجزائر من دون أن يتمكن من ذلك، عكس المغني الآخر من بني جلدته، جاك برال، الذي تمكن مؤخرا من زيارة مسقط رأسه في تلمسان والذي يختلف مع الحاخام كورسيه وماسياس في دعم جرائم الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين .

التقى الحاخام حاييم وزيرة الخارجية الفرنسية لإعادة طرح ملف مقابر اليهود في الجزائر، كتبت الوزيرة  تغريدة على حسابها في “تويتر” بعد هذا اللقاء، أنه تم “تبادل أطراف الحديث حول معاداة السامية، وكذا ما تعلق بوضعية قبور الأشخاص الذين كانوا يدينون بالديانة اليهودية، والمدفونين في المقابر الفرنسية في الجزائر".

مقابر المسلمين بفرنسا تشهد هي الأخرى عمليات تخريب واعتداءات على مدار السنة، الأمر الذي أصبح يشكّل كابوسا مؤلما للجاليات المسلمة .

لطالما أولت الأنثروبولوجيا أهمية كبيرة للممارسات والأماكن الجنائزية (المقابر) كدليل على الثوابت البشرية والخصوصيات الثقافية .

كما يجد علم الآثار والنقوش وعلم التاريخ في المقابر والمدافن  (الأهرامات) مصادر مادية للمعلومات عن حياة المجتمعات الأقدم وتغيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية  .

بالنسبة للعلوم الدينية، هذه الأشياء هي جزء من أنظمة الفكر والعمل التي تعطيها معنى وتوثق في المقابل.

بالنسبة للفلسفة الحديثة وعلم الاجتماع، يمكن النظر إلى المقابر على أنها "مدن صامتة".

أما في عالم السياسة فهي بقدر ما تخلد رموزا ومعاني ودلالات لأحداث ومحطات تاريخية في مسارات الشعوب، فهي كذلك مصدر الهام واستلهام (المقبرة الأمريكية) لعظمة انجاز (انتصار في حرب) وخلود موقف كمعركة مقبرة الجلاز (7 نوفمبر 1911 ) التي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى في صفوف التونسيين .

أعود لموضوع اليهود مع المقابر، هنالك روايات تنقلها بعض المصادر حول قيام بعض العائلات اليهودية من

أصول تونسية هاجرت للإقامة والعيش في الدولة العبرية   بتكليف "جماعات" تفتح قبور أجدادها في مقبرة "بورجل" في طريق المطار لنقل الرفاة ودفنها في إسرائيل !!.

تدفع هذه العائلات مبالغ مهمة جدا بعشرات الملايين من أجل تحقيق هذه الرغبة  !!.

بقيت ولاتزال هذه القضية مسكوتا عنها .

عندما لا ندري معنى العيش في هذه الحياة، كيف يمكننا أن نعرف ما هو الموت!؟.

قد تكون الحياة الحقيقية موجودة في مكان آخر .

إذ لا حقيقة نتعامل معها وكأنها الوهم.. مثل الموت

حكاياتهم  |  معارك المقابر ..!.

 

بقلم: أبوبكر الصغير

ليست المقابر في حقيقة الأمر إلاّ مدنا صامتة لموتى أسكناهم فيها .

سمتها المساواة الكاملة، الجميع في حفر حتى لو تمّ تزيين وتجميل المظهر الخارجي للقبر .

العلاقة التي تقيمها المدينة مع الموت، هي علاقة التقليد، لأن المقبرة تعكس المدينة عندما تؤكد جوهرها الحاضن للأجساد البشرية حتى لو كانت دون روح، وهي تستمر في الاستجابة لما يشكل أولا أساس مدننا، الإرادة البشرية لاحتلال مساحات من الأرض ولبناء حدود، ولإصلاح مكان (قبر) بشكل دائم مع إدخال مثال معماري أو منظر طبيعي. ومع ذلك، فيما يتعلق بهذه المتانة في الصلة والتواصل، سواء كنا أحياء أم أمواتا، فنحن جميعا سكان محفوفون بالمخاطر في مدننا.

مدفوعون بغريزة عمل الإنسان القابل للتكرار، باعتبار أن المدينة لديها دعوة لإعادة بناء نفسها، من خلال ديمومة تتجاوز دورة الحياة والموت المتجددة باستمرار، حيث يمر بها الأحياء والأموات.

رفضت السلطات الجزائرية في عدّة مناسبات زيارة زعيم الطائفة اليهودية في فرنسا، الحاخام حاييم كورسيه، بعد فشل محاولته الأولى التي كانت في شهر أوت من السنة المنصرمة، عندما حاول القدوم  إليها، ضمن الوفد الذي كان يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون .

الحاخام  حاييم كورسيه يرفع اليوم لواء إعادة تأهيل المقابر اليهودية في الجزائر، التي يقول إنها في حالة سيئة، وهي مقابر تعرف في الجزائر بالمقابر المسيحية (الفرنسية) وتعكف على صيانتها الكنيسة الكاثوليكية بالتعاون مع كل من السفارة الفرنسية والسلطات الجزائرية، وهو المنفذ الذي يحاول من خلاله الحاخام تكرار محاولة زيارته للجزائر، التي يبدو أنها مستعصية بالنسبة إليه، بالنظر لمواقفه الداعمة لإسرائيل وهو أمر لا تقبله الجزائر بما يجعله يتقاطع مع المغني الفرنسي اليهودي ذي الأصول الجزائرية أنريكو ماسياس، الذي لا يزال يحلم بزيارة الجزائر من دون أن يتمكن من ذلك، عكس المغني الآخر من بني جلدته، جاك برال، الذي تمكن مؤخرا من زيارة مسقط رأسه في تلمسان والذي يختلف مع الحاخام كورسيه وماسياس في دعم جرائم الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين .

التقى الحاخام حاييم وزيرة الخارجية الفرنسية لإعادة طرح ملف مقابر اليهود في الجزائر، كتبت الوزيرة  تغريدة على حسابها في “تويتر” بعد هذا اللقاء، أنه تم “تبادل أطراف الحديث حول معاداة السامية، وكذا ما تعلق بوضعية قبور الأشخاص الذين كانوا يدينون بالديانة اليهودية، والمدفونين في المقابر الفرنسية في الجزائر".

مقابر المسلمين بفرنسا تشهد هي الأخرى عمليات تخريب واعتداءات على مدار السنة، الأمر الذي أصبح يشكّل كابوسا مؤلما للجاليات المسلمة .

لطالما أولت الأنثروبولوجيا أهمية كبيرة للممارسات والأماكن الجنائزية (المقابر) كدليل على الثوابت البشرية والخصوصيات الثقافية .

كما يجد علم الآثار والنقوش وعلم التاريخ في المقابر والمدافن  (الأهرامات) مصادر مادية للمعلومات عن حياة المجتمعات الأقدم وتغيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية  .

بالنسبة للعلوم الدينية، هذه الأشياء هي جزء من أنظمة الفكر والعمل التي تعطيها معنى وتوثق في المقابل.

بالنسبة للفلسفة الحديثة وعلم الاجتماع، يمكن النظر إلى المقابر على أنها "مدن صامتة".

أما في عالم السياسة فهي بقدر ما تخلد رموزا ومعاني ودلالات لأحداث ومحطات تاريخية في مسارات الشعوب، فهي كذلك مصدر الهام واستلهام (المقبرة الأمريكية) لعظمة انجاز (انتصار في حرب) وخلود موقف كمعركة مقبرة الجلاز (7 نوفمبر 1911 ) التي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى في صفوف التونسيين .

أعود لموضوع اليهود مع المقابر، هنالك روايات تنقلها بعض المصادر حول قيام بعض العائلات اليهودية من

أصول تونسية هاجرت للإقامة والعيش في الدولة العبرية   بتكليف "جماعات" تفتح قبور أجدادها في مقبرة "بورجل" في طريق المطار لنقل الرفاة ودفنها في إسرائيل !!.

تدفع هذه العائلات مبالغ مهمة جدا بعشرات الملايين من أجل تحقيق هذه الرغبة  !!.

بقيت ولاتزال هذه القضية مسكوتا عنها .

عندما لا ندري معنى العيش في هذه الحياة، كيف يمكننا أن نعرف ما هو الموت!؟.

قد تكون الحياة الحقيقية موجودة في مكان آخر .

إذ لا حقيقة نتعامل معها وكأنها الوهم.. مثل الموت