... دخلوا علينا. ناموا في فراشنا. يتحكمون فيما يجب أن نأكل وألاّ نأكل، وفي ما يجب أن نلبس ولا نلبس. يُملون علينا شروطهم.يُلقنوننا طرق تدريس أبناءنا. يجبروننا على إعطاء الأولوية لهذه اللغة وتهميش الأخرى... يعطوننا دروسا في الديمقراطية وكيفيّة التعاطي معها، مع من نمارسها ومع من نغض الطرف عنها.يقرّرون عنّا من ننتدب في الوظيفة العمومية ومن ننتدب في القطاع العام والخاص. يتدخلون تدخلا سافرا في ترتيب الأجور والمنحوالحرمان من الترفيع فيهالسنوات. يرغموننا على أن نفتح أبوابنا لدول وجهات تناصب العداء لأشقائنا. يقتلون أبنائنا، ييتّمون أطفالنا، يثكلون نساءنا ويهدّدوننا إن طوعت لنا أنفسنا استقبال أشقائنا أو مدّ يد المساعدة لهم.
لا يبالون إن تركونا ننتظر مصير ملفات تناسوها شهورا أو حتى أعواما. يسوفوننا، يزدرون منا، ينظرون إلينا شزرا وفي كثير من الأوقات لا ينظرون إلينا... يعلموننا سرّا وجهرا أنّنا غير موجودين في جدولهم اليومي. لا يقرؤون لنا أيّ حساب، ولو مثقال حبّة من خردل...
من هؤلاء؟ وكيف يصنعون بنا هذا كله؟ هؤلاء هم الغرب. هي الدّول التي استعمرتنا سابقا بجيشها وعتادها الحربيّ واليوم تضعنا تحت إمرتها على الأصعدة كلّها.أما كيف يصنعون بنا هذا كله فالجواب "أسهل منه لا يوجد": نحن ولا أحد غيرنا سمحنا لأياديهمالطولىبأن تبطش بنا يمنة ويسرة...
نعم، نحن الذين كنّا سببا في وجودهم. جعلناهم سادتنا وكبراءنا وتركنا لهم الباب مفتوحا على مصراعيه ليظلمونا في وضح النهار ويستبيحون مقدّساتنا وسيادتنا صباحا مساء. نحن تركناهم في طغيانهم مستمرّينفرحين منتشين لأننا راضون بأوضاعنا ونائمون ملء جفوننا.
لماذا حالنا مزر ومهين؟ لماذا هذا كلّه؟ لأنّ أغلبنا لا يعمل، نعم لا يعملǃ
نحن لا نحبّ العمل. بيننا وبين العمل كره، بغضاء. نعمل باللّسان دون توقف. أما أيادينا فقد عطّلناها وبترناها وأدخلناها في إجازة، في راحة، في تقاعد مدى الحياة وربما حتى بعد الممات. نعم، نحن الذين لا نفتأ نردّد فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها. ولكن في الحقيقة لو استفتى أغلبنا أنفسهم لوجدنا أكثرنا أكبر الخائنين لها.
نحن خائنون لأنّنا نذهب إلى العمل، هذا إنذهبنا، وقد أمتنا ضمائرنا ومشاعرنا وأحاسيسنا بضرورة القيام بالواجب وأداء الرسالة. لا نؤثر العمل على أنانيّتنا المفرطة. لا نقضي حاجة المواطن دون أن نتركه ينتظر الساعات والأيام والشهور وربما الأعوام، إذن فنحن لا نحبّ بلادنا.لا نعير اهتماما لأن يكون الأجر الذي سنتقاضاه في آخر اليوم أو الشهر حلالا طيبا نكسبه بعرق جبيننا وكدّ يميننا.
نعم، نحن بقينا على مرّ الدّهر نطالب بتعليم عموميّ وثقافة وطنيّة وجامعة شعبيّة ولكنّنا لم نستمت من أجل ذلك. لم نتحمل مسؤوليّتنا في تجسيد ما نردّد.من مواقعنا كان بإمكاننا أن نؤسّس مدرسة عمومية. باجتهادنا وعزيمتنا كان باستطاعتنا نشر الثقافة الوطنية وترسيخ الجامعة الشعبيّة.
مؤسّساتنا وشركاتنا ومواطن العمل تبقى عندنا موصدة شهورا أو تُفتح دون إنتاج ولا إنتاجية... حسبناه أمرا هيّنا ولم نقرأ عواقبه.ثم نستجدي، لا باسم رئيس الدّولة أوباسم رئيس الحكومة أو باسم الوزير،وإنما باسم تونس التي جعلناها صاغرة مهانة... يحصل ذلك ونرضى به وقد رددّنا ولا نزال:
بلادي وإن جارت علي عزيزة *** وأهلي وإن ظلموني كرام
العالم كلّه بأناسه ومخلوقاته وبحوره ومحيطاته وجباله وسيوله وأوديته سمع أن بلادنا تنتظر منذ أكثر من عام موافقة صندوق النقد الدولي على إقراضنا.ولكن لو أنّ ما وقع من لقاءات ونداءات ومفاوضات ومراسلات عُوّض بمجهودات جبّارة دخلت بيوتنا ومدارسنا وكلّياتنا ووسائل إعلامنا وجابت شوارعنا في كلّ مكان من بلادنا تحثّ على العمل والاجتهاد والتفكير والنّقد واعمال "المادة الشخماء" لأنه لا إمام سوى العقل في سبيل بلادنا وأولادنا،لا من أجل رئيسها أو رئيسة حكومتها أو أيّ كان فهم طال الزمن أم قصر ذاهبون، لكنّا أسودا.ما عدا ذلك هراء في هراء.ونحن كنّا نعدّ للاستعمار ووكلائه جنّات عرضها السماوات والأرض ولا نزال.
مصدّق الشّريف
... دخلوا علينا. ناموا في فراشنا. يتحكمون فيما يجب أن نأكل وألاّ نأكل، وفي ما يجب أن نلبس ولا نلبس. يُملون علينا شروطهم.يُلقنوننا طرق تدريس أبناءنا. يجبروننا على إعطاء الأولوية لهذه اللغة وتهميش الأخرى... يعطوننا دروسا في الديمقراطية وكيفيّة التعاطي معها، مع من نمارسها ومع من نغض الطرف عنها.يقرّرون عنّا من ننتدب في الوظيفة العمومية ومن ننتدب في القطاع العام والخاص. يتدخلون تدخلا سافرا في ترتيب الأجور والمنحوالحرمان من الترفيع فيهالسنوات. يرغموننا على أن نفتح أبوابنا لدول وجهات تناصب العداء لأشقائنا. يقتلون أبنائنا، ييتّمون أطفالنا، يثكلون نساءنا ويهدّدوننا إن طوعت لنا أنفسنا استقبال أشقائنا أو مدّ يد المساعدة لهم.
لا يبالون إن تركونا ننتظر مصير ملفات تناسوها شهورا أو حتى أعواما. يسوفوننا، يزدرون منا، ينظرون إلينا شزرا وفي كثير من الأوقات لا ينظرون إلينا... يعلموننا سرّا وجهرا أنّنا غير موجودين في جدولهم اليومي. لا يقرؤون لنا أيّ حساب، ولو مثقال حبّة من خردل...
من هؤلاء؟ وكيف يصنعون بنا هذا كله؟ هؤلاء هم الغرب. هي الدّول التي استعمرتنا سابقا بجيشها وعتادها الحربيّ واليوم تضعنا تحت إمرتها على الأصعدة كلّها.أما كيف يصنعون بنا هذا كله فالجواب "أسهل منه لا يوجد": نحن ولا أحد غيرنا سمحنا لأياديهمالطولىبأن تبطش بنا يمنة ويسرة...
نعم، نحن الذين كنّا سببا في وجودهم. جعلناهم سادتنا وكبراءنا وتركنا لهم الباب مفتوحا على مصراعيه ليظلمونا في وضح النهار ويستبيحون مقدّساتنا وسيادتنا صباحا مساء. نحن تركناهم في طغيانهم مستمرّينفرحين منتشين لأننا راضون بأوضاعنا ونائمون ملء جفوننا.
لماذا حالنا مزر ومهين؟ لماذا هذا كلّه؟ لأنّ أغلبنا لا يعمل، نعم لا يعملǃ
نحن لا نحبّ العمل. بيننا وبين العمل كره، بغضاء. نعمل باللّسان دون توقف. أما أيادينا فقد عطّلناها وبترناها وأدخلناها في إجازة، في راحة، في تقاعد مدى الحياة وربما حتى بعد الممات. نعم، نحن الذين لا نفتأ نردّد فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها. ولكن في الحقيقة لو استفتى أغلبنا أنفسهم لوجدنا أكثرنا أكبر الخائنين لها.
نحن خائنون لأنّنا نذهب إلى العمل، هذا إنذهبنا، وقد أمتنا ضمائرنا ومشاعرنا وأحاسيسنا بضرورة القيام بالواجب وأداء الرسالة. لا نؤثر العمل على أنانيّتنا المفرطة. لا نقضي حاجة المواطن دون أن نتركه ينتظر الساعات والأيام والشهور وربما الأعوام، إذن فنحن لا نحبّ بلادنا.لا نعير اهتماما لأن يكون الأجر الذي سنتقاضاه في آخر اليوم أو الشهر حلالا طيبا نكسبه بعرق جبيننا وكدّ يميننا.
نعم، نحن بقينا على مرّ الدّهر نطالب بتعليم عموميّ وثقافة وطنيّة وجامعة شعبيّة ولكنّنا لم نستمت من أجل ذلك. لم نتحمل مسؤوليّتنا في تجسيد ما نردّد.من مواقعنا كان بإمكاننا أن نؤسّس مدرسة عمومية. باجتهادنا وعزيمتنا كان باستطاعتنا نشر الثقافة الوطنية وترسيخ الجامعة الشعبيّة.
مؤسّساتنا وشركاتنا ومواطن العمل تبقى عندنا موصدة شهورا أو تُفتح دون إنتاج ولا إنتاجية... حسبناه أمرا هيّنا ولم نقرأ عواقبه.ثم نستجدي، لا باسم رئيس الدّولة أوباسم رئيس الحكومة أو باسم الوزير،وإنما باسم تونس التي جعلناها صاغرة مهانة... يحصل ذلك ونرضى به وقد رددّنا ولا نزال:
بلادي وإن جارت علي عزيزة *** وأهلي وإن ظلموني كرام
العالم كلّه بأناسه ومخلوقاته وبحوره ومحيطاته وجباله وسيوله وأوديته سمع أن بلادنا تنتظر منذ أكثر من عام موافقة صندوق النقد الدولي على إقراضنا.ولكن لو أنّ ما وقع من لقاءات ونداءات ومفاوضات ومراسلات عُوّض بمجهودات جبّارة دخلت بيوتنا ومدارسنا وكلّياتنا ووسائل إعلامنا وجابت شوارعنا في كلّ مكان من بلادنا تحثّ على العمل والاجتهاد والتفكير والنّقد واعمال "المادة الشخماء" لأنه لا إمام سوى العقل في سبيل بلادنا وأولادنا،لا من أجل رئيسها أو رئيسة حكومتها أو أيّ كان فهم طال الزمن أم قصر ذاهبون، لكنّا أسودا.ما عدا ذلك هراء في هراء.ونحن كنّا نعدّ للاستعمار ووكلائه جنّات عرضها السماوات والأرض ولا نزال.