انطلق يوم أمس الأربعاء 8 فيفري الجاري بقاعات السينما التونسية عرض فيلم "أشكال" للمخرج التونسي يوسف الشابي.وهو أول فيلم روائي طويل له،من إنتاج تونسي قطري فرنسي مشترك ومن بطولة الثنائي فاطمة وصايفي في دور يحمل اسمها ومحمد حسين قريع في دور "بطل" وشارك في التمثيل كلّ من رامي هرابي الذي أدى دور الرجل المتخفي، إلى جانب نبيل الطرابلسي وبحري الرحالي.
وكتب السيناريو كل من يوسف الشابي وفرانسوا ميشال الغريني.
تدور أحداث الفيلم على مدى 92 دقيقة حيث تحمل كاميرا المخرج المتفرّج وتتجول به بين طوابق حضائر البناءات المهجورة في حي "شبحيّ" بمنطقة حدائق قرطاج بالعاصمة أين توقفت أشغال البناء إبان الثورة مباشرة لشبهات فساد ألقت بضلالها على الحي الراقي حديث النشأة.
وبين حضائر البناء المهجورة تلك، يُضرم حارس عمارة في جسده النار،لتبدأ بالتالي أولى مشاهد الفيلم باكتشاف الجثة المتفحمة لتنطلق أطوار التحقيق من طرف "فاطمة" و"بطل"،فيظنّ المتفرج بأنه سيكون أمام أحداث واقعية ينقلها فيلما بوليسيا يحاول كشف الحقيقة إن كانت الحادثة تتعلق بجريمة قتل أو عملية انتحار، فأركان الجريمة تبدو غامضة ولا قرائن ملموسة بإمكانها فكّ اللغز والإجابة عن أسئلة المُحقّقين من الشرطة.
وما إن يكاد يُغلق الملف وتُطوى صفحاته وتُصنف الحادثة على أنها عملية انتحار وبالتالي تنفرج العقدة، حتى تُثار أخرى باكتشاف جثة ثانية محترقة ثم جثتين ثم جثث ليكتشف المتفرّج أنه أمام عالم خيالي غرائبي عندما ينتهي الفيلم بمشاهد تتجاوز حدود المنطق والعقل.
فالفيلم ليس إلا مراوحة بين الواقع والخيال العلميوالرعب في إخراج محكم وتسلسل للأحداث بطريقة مشوقة وذلك من خلال مشاهد تارة واقعية مثل تلك التي دارت في مراكز الشرطة أو التحقيق مع الناس وشهود عيان من عمال الحضائر أو من خلال تجول "فاطمة" و"بطل" بين أنهج الحي والعودة إلى أماكن الأحداثبين الحين والآخر. وتارة أخرى توثيقية حيث تم توظيف مشاهد حرق أشخاص لأنفسهم بعضها تحيل ذاكرتك إلى الأيام الأولى من الثورة وطورا آخر ترى مشاهد خيالية أبرزها المشهد الأخير تضمن لقطات سريالية لموجة حرق للأجساد لأشخاص في عراء تام يتوجهون إلى كومة من الأطياف المحترقة.
أما الحوارات التي جمعت بين رجال الشرطة فهي تُعيد في حقيقة الأمر المتفرج إلى حقيقة موجودة في جانب من الإدارة الأمنية في تونس التي تُحيك ملفاتها تحت وطأة المؤامرات وملفات الفساد فتُظهر عنصر الصراع والمواجهة بين الأمني الصادق و"النظيف" والأمني المرتشي والمتورط في طمس الحقائق وتحويل وجهتها وغلق الملفات في لمح البصر تحت الضغط والتهديد.
الفيلم قليل الثرثرة والكلام، فأغلب المشاهد عبرت عنها حركات كاميراالمخرجles mouvements de caméra، ومن خلالها تمّ اختيار زوايا تصوير ترجمت عنوان الفيلم ألا وهو "أشكال"، فتارة يُخيل للمتفرج أنه هو من يحمل الكاميرا ليكتشف الأمكنة فتلتقط عيناه أشكال هندسية في الحي "الشبحي" كالمربع أو المستطيل أو شبه المنحرف أو أعمدة البناءات وشبابيكها المقفرة المنعدمة من أية حياة غير روائح الموت حرقا.
وظّف المخرج يوسف الشابي العديد من الـ "أشكال" أو بالأحرى خطط التصوير السينمائي plans de tournage المتمثلة في مختلف وضعيات الكاميرا les mouvements de caméra وكيفية تحريكها وفي زوايا التصويرangles de prise de vue التي أمكن من خلالها جميعها أي خطط التصوير أن تنقل أحيانا للمتفرج الأحاسيس الدرامية وأحيانا أخرى مشاهد عامة عادية وأخرى تُعبرعن مشاهد إنسانية في مواضع ما وأخرى تنقل الحالة النفسية للبطلة "فاطمة"plan rapproché أو gros plan وهي تصارع من أجل كشف الحقيقة لتنتهي في حالة من الصدمة وعدم الاستيعاب إن كانت ما تراه مجرد تخيلات أم حقيقة في مشهد الحرق الجماعي وغيرها من المشاهد الواقعية أو الخيالية.
الكثير من المشاهد صُوّرت في العتمة البناءات المهجورة وظلامها يتخللها بعض من الضوء يوحي توظيفه في عدد منها بأن هناك أمل بانفراج العقدة ولكن لحظات ويتحول المشهد إلى مأساة ودراما جديدة، فالضوء لم يكن سواء لهيب النارلحادثة حرق جديدة.
محرك كل تلك الأحداث شخصية متخفية تُغطي رأسها وتتحرك بغرابة، تظهر من حين لآخر فور ظهورها قد يتوقع المتفرج حدوث كارثة فتصيب التوقعات أحيانا وتفشل أحيانا أخرى وهنا كانت الحبكة السينمائية للمخرج ما يهم نسق سير الأحداث.
يتحدث المخرج يوسف الشابي في إحدى مقابلاته الصحفية الترويجية (التي تم تضمينها بالملف الصحفي للفيلم)عن رؤيته السينمائية للفيلم فيقول "منذ البداية كانت هناك رغبة في أن أقدم فيلما من النوع البوليسي، وهي محاولة نادرة في تونس. السينما التونسية ظلت تعالج المواضيع بشكل سطحي".
ويبيّن"لطالما كنت منتبها للإمكانات التي تملكها السينما التونسية وخاصة في العاصمة تونس. من هذا المنظور اخترت أن أجرب عدة دوافع وأرى كيف تتفاعل مع المشهد التونسي. هذا ما يعطيني مسافة في علاقة بالمجتمع وبما أريد أن أقوله".
ويُضيف الشابي "قبل شهرين من تصوير أشكال نصحني المنتج الذي أعمل معه أن أشاهد ثانية فيلم "Cure" للمخرج "Kiyoshi Kurosawa "، وأعتقد أنه يوجد أثر ذلك في الفيلم. من أجل ذلك كان لزاما علي وقبل أن أغوص في كل ما هو بوليسي وعجائبي أن ألتقط الدوافع التاريخية المرتبطة بتونس. ليس فقط كموضوع للعمل وإنما كمصدر للخيال".
وأول تلك الدوافع التي تحدث عنها يوسف الشابي أسباب اختيار مكان التصوير وهو حدائق قرطاج في صورته البعيدة عن صورة تونس، إذ يقول إن العديد من العناصر المتواجدة في ذلك الحي جعلته يُفكر "في فيلم بوليسي أو الخيال العلمي. خاصة ذلك التضاد الكبير بين الفارغ جدا والهائل جدّا.."
أما عن اختيار الشخصيات والأبطال يوضح يوسف الشابي قائلا عن شخصية "بطل" "هو نتاج خالص لعهد بن علي، تدرج في السلم الوظيفي عبر طاعته للأوامر، دون أن ينسى أن يستفيد من موقعه. هو أحد المسؤولين عن استشراء الفساد. محمد قريع أحبه كثيرا وأعرفه من وقت طويل".
ويضيف "لقد شارك في فلمي القصير الأول وقد كتبت فيلم أشكال وكان من ضمن من فكرت فيهم أثناء ذلك. أتذكر أن أول دور ناجح تقمصه كان دور الساذج في فيلم "خرمة" للمخرج جيلاني السعدي. ثم إن قريع ظل طويلا حبيس دور المهرج. علينا الاعتراف بكونه شخص مضحك ولكنه يملك في نظري وجها فريدا له قدرات كبيرة في التراجيديا".
أما بالنسبة لفاطمة وصايفي يقول يوسف الشابي "هي في الأصل راقصة وأستاذة رقص. التقيتها من سنوات شركة انتاج كنت أتعامل معها. لقد كانت حاضرة في الفيلم لتصوير مشهد راقص. كنت أبحث عن ممثلة تتكلم الإيطالية وكان هذا حالها. لقد شدني وجهها، طاقتها، لكن المشروع لم يتم للأسف. لقد كتبت أشكال وأنا أفكر فيها ولقد حمل قريّع فاطمة نحو الأعلى في أداءها. لقد شكّلا ثنائيا جيدا. في الفيلم وفي مكان التصوير عموما".
ليؤكد بالتالي أنه تعمد أن يجمع بين ممثل متمرس وشخص لا علاقة له بالتمثيل من قبل، فيقول "نعم، وحرصت على أن يكون عمال الحضيرة هم من يجسدون دور العمال في الفيلم، أعتقد أن كلا من "بطل" و"فاطمة" ينتميان إلى الخيال. أما الباقي فهو الحقيقة. أعتقد أن ذلك مهما ليكون الفيلم راسخا أو منتم إلى الحي".
أما عن اختيار عنوان "أشكال"، يوضح يوسف الشابي "في اللغة العربية هي صيغة الجمع لكلمة شكل، يتم استخدامه للحديث عن شكل الهيكل وأنماط الثوب، سجادة، أو حتى شكل شخص ما أو حتى ظله. وهي كلمة تستعمل ضمن مصطلحات العمارة. الكلمة موجودة أيضا في ما يمكن ترجمته إلى "من الأشكال والألوان". والذي يصف التنوع. وفرة الأشكال وكثرتها".
ويُوضح "فكرت في البداية أن يكون العنوان باللغة الإنقليزية "Shapes" على سبيل المثال لكن الترجمة العربية تبدو جيدة وبما أنه فيلم تونسي بدا لي أن اللغة العربية أفضل".
يُذكر أن فيلم "أشكال" للمخرج التونسي يوسف الشابي قُدم في عرضه العالمي الأول في إطار "قسم نصف شهر المخرجين" في الدورة 75 لمهرجان "كان" السينمائي في فرنسا التي جرى تنظيمها في شهر ماي 2022وحصل العمل على دعم من صندوق البحر الأحمر السينمائي، كما حصد الجائزة الكبرى لمهرجان مونبلييه للسينما المتوسطية في فرنسا .وفاز الفيلم أيضًا بجائزتي النقاد وأفضل موسيقى، وذلك بعد حصوله على عدة جوائز في تظاهرات سينمائية أخرى.
وبالتوازي مع حضوره في مهرجان مونبلييه، شارك الفيلم الروائي الطويل للشابي في مسابقة مهرجان طوكيو السينمائي الدولي في دورته الخامسة والثلاثين.
كما حصد الفيلم العديد من الجوائز الأخرى من بينها جائزة النقاد في مهرجان "نوشاتال" في سويسرا وجائزة أفضل فيلم في مهرجان السينما بالبوسفور في تركيا، كما حصل على تنويه خاص في مهرجان نامور.
إيمان عبد اللطيف
تونس– الصباح
انطلق يوم أمس الأربعاء 8 فيفري الجاري بقاعات السينما التونسية عرض فيلم "أشكال" للمخرج التونسي يوسف الشابي.وهو أول فيلم روائي طويل له،من إنتاج تونسي قطري فرنسي مشترك ومن بطولة الثنائي فاطمة وصايفي في دور يحمل اسمها ومحمد حسين قريع في دور "بطل" وشارك في التمثيل كلّ من رامي هرابي الذي أدى دور الرجل المتخفي، إلى جانب نبيل الطرابلسي وبحري الرحالي.
وكتب السيناريو كل من يوسف الشابي وفرانسوا ميشال الغريني.
تدور أحداث الفيلم على مدى 92 دقيقة حيث تحمل كاميرا المخرج المتفرّج وتتجول به بين طوابق حضائر البناءات المهجورة في حي "شبحيّ" بمنطقة حدائق قرطاج بالعاصمة أين توقفت أشغال البناء إبان الثورة مباشرة لشبهات فساد ألقت بضلالها على الحي الراقي حديث النشأة.
وبين حضائر البناء المهجورة تلك، يُضرم حارس عمارة في جسده النار،لتبدأ بالتالي أولى مشاهد الفيلم باكتشاف الجثة المتفحمة لتنطلق أطوار التحقيق من طرف "فاطمة" و"بطل"،فيظنّ المتفرج بأنه سيكون أمام أحداث واقعية ينقلها فيلما بوليسيا يحاول كشف الحقيقة إن كانت الحادثة تتعلق بجريمة قتل أو عملية انتحار، فأركان الجريمة تبدو غامضة ولا قرائن ملموسة بإمكانها فكّ اللغز والإجابة عن أسئلة المُحقّقين من الشرطة.
وما إن يكاد يُغلق الملف وتُطوى صفحاته وتُصنف الحادثة على أنها عملية انتحار وبالتالي تنفرج العقدة، حتى تُثار أخرى باكتشاف جثة ثانية محترقة ثم جثتين ثم جثث ليكتشف المتفرّج أنه أمام عالم خيالي غرائبي عندما ينتهي الفيلم بمشاهد تتجاوز حدود المنطق والعقل.
فالفيلم ليس إلا مراوحة بين الواقع والخيال العلميوالرعب في إخراج محكم وتسلسل للأحداث بطريقة مشوقة وذلك من خلال مشاهد تارة واقعية مثل تلك التي دارت في مراكز الشرطة أو التحقيق مع الناس وشهود عيان من عمال الحضائر أو من خلال تجول "فاطمة" و"بطل" بين أنهج الحي والعودة إلى أماكن الأحداثبين الحين والآخر. وتارة أخرى توثيقية حيث تم توظيف مشاهد حرق أشخاص لأنفسهم بعضها تحيل ذاكرتك إلى الأيام الأولى من الثورة وطورا آخر ترى مشاهد خيالية أبرزها المشهد الأخير تضمن لقطات سريالية لموجة حرق للأجساد لأشخاص في عراء تام يتوجهون إلى كومة من الأطياف المحترقة.
أما الحوارات التي جمعت بين رجال الشرطة فهي تُعيد في حقيقة الأمر المتفرج إلى حقيقة موجودة في جانب من الإدارة الأمنية في تونس التي تُحيك ملفاتها تحت وطأة المؤامرات وملفات الفساد فتُظهر عنصر الصراع والمواجهة بين الأمني الصادق و"النظيف" والأمني المرتشي والمتورط في طمس الحقائق وتحويل وجهتها وغلق الملفات في لمح البصر تحت الضغط والتهديد.
الفيلم قليل الثرثرة والكلام، فأغلب المشاهد عبرت عنها حركات كاميراالمخرجles mouvements de caméra، ومن خلالها تمّ اختيار زوايا تصوير ترجمت عنوان الفيلم ألا وهو "أشكال"، فتارة يُخيل للمتفرج أنه هو من يحمل الكاميرا ليكتشف الأمكنة فتلتقط عيناه أشكال هندسية في الحي "الشبحي" كالمربع أو المستطيل أو شبه المنحرف أو أعمدة البناءات وشبابيكها المقفرة المنعدمة من أية حياة غير روائح الموت حرقا.
وظّف المخرج يوسف الشابي العديد من الـ "أشكال" أو بالأحرى خطط التصوير السينمائي plans de tournage المتمثلة في مختلف وضعيات الكاميرا les mouvements de caméra وكيفية تحريكها وفي زوايا التصويرangles de prise de vue التي أمكن من خلالها جميعها أي خطط التصوير أن تنقل أحيانا للمتفرج الأحاسيس الدرامية وأحيانا أخرى مشاهد عامة عادية وأخرى تُعبرعن مشاهد إنسانية في مواضع ما وأخرى تنقل الحالة النفسية للبطلة "فاطمة"plan rapproché أو gros plan وهي تصارع من أجل كشف الحقيقة لتنتهي في حالة من الصدمة وعدم الاستيعاب إن كانت ما تراه مجرد تخيلات أم حقيقة في مشهد الحرق الجماعي وغيرها من المشاهد الواقعية أو الخيالية.
الكثير من المشاهد صُوّرت في العتمة البناءات المهجورة وظلامها يتخللها بعض من الضوء يوحي توظيفه في عدد منها بأن هناك أمل بانفراج العقدة ولكن لحظات ويتحول المشهد إلى مأساة ودراما جديدة، فالضوء لم يكن سواء لهيب النارلحادثة حرق جديدة.
محرك كل تلك الأحداث شخصية متخفية تُغطي رأسها وتتحرك بغرابة، تظهر من حين لآخر فور ظهورها قد يتوقع المتفرج حدوث كارثة فتصيب التوقعات أحيانا وتفشل أحيانا أخرى وهنا كانت الحبكة السينمائية للمخرج ما يهم نسق سير الأحداث.
يتحدث المخرج يوسف الشابي في إحدى مقابلاته الصحفية الترويجية (التي تم تضمينها بالملف الصحفي للفيلم)عن رؤيته السينمائية للفيلم فيقول "منذ البداية كانت هناك رغبة في أن أقدم فيلما من النوع البوليسي، وهي محاولة نادرة في تونس. السينما التونسية ظلت تعالج المواضيع بشكل سطحي".
ويبيّن"لطالما كنت منتبها للإمكانات التي تملكها السينما التونسية وخاصة في العاصمة تونس. من هذا المنظور اخترت أن أجرب عدة دوافع وأرى كيف تتفاعل مع المشهد التونسي. هذا ما يعطيني مسافة في علاقة بالمجتمع وبما أريد أن أقوله".
ويُضيف الشابي "قبل شهرين من تصوير أشكال نصحني المنتج الذي أعمل معه أن أشاهد ثانية فيلم "Cure" للمخرج "Kiyoshi Kurosawa "، وأعتقد أنه يوجد أثر ذلك في الفيلم. من أجل ذلك كان لزاما علي وقبل أن أغوص في كل ما هو بوليسي وعجائبي أن ألتقط الدوافع التاريخية المرتبطة بتونس. ليس فقط كموضوع للعمل وإنما كمصدر للخيال".
وأول تلك الدوافع التي تحدث عنها يوسف الشابي أسباب اختيار مكان التصوير وهو حدائق قرطاج في صورته البعيدة عن صورة تونس، إذ يقول إن العديد من العناصر المتواجدة في ذلك الحي جعلته يُفكر "في فيلم بوليسي أو الخيال العلمي. خاصة ذلك التضاد الكبير بين الفارغ جدا والهائل جدّا.."
أما عن اختيار الشخصيات والأبطال يوضح يوسف الشابي قائلا عن شخصية "بطل" "هو نتاج خالص لعهد بن علي، تدرج في السلم الوظيفي عبر طاعته للأوامر، دون أن ينسى أن يستفيد من موقعه. هو أحد المسؤولين عن استشراء الفساد. محمد قريع أحبه كثيرا وأعرفه من وقت طويل".
ويضيف "لقد شارك في فلمي القصير الأول وقد كتبت فيلم أشكال وكان من ضمن من فكرت فيهم أثناء ذلك. أتذكر أن أول دور ناجح تقمصه كان دور الساذج في فيلم "خرمة" للمخرج جيلاني السعدي. ثم إن قريع ظل طويلا حبيس دور المهرج. علينا الاعتراف بكونه شخص مضحك ولكنه يملك في نظري وجها فريدا له قدرات كبيرة في التراجيديا".
أما بالنسبة لفاطمة وصايفي يقول يوسف الشابي "هي في الأصل راقصة وأستاذة رقص. التقيتها من سنوات شركة انتاج كنت أتعامل معها. لقد كانت حاضرة في الفيلم لتصوير مشهد راقص. كنت أبحث عن ممثلة تتكلم الإيطالية وكان هذا حالها. لقد شدني وجهها، طاقتها، لكن المشروع لم يتم للأسف. لقد كتبت أشكال وأنا أفكر فيها ولقد حمل قريّع فاطمة نحو الأعلى في أداءها. لقد شكّلا ثنائيا جيدا. في الفيلم وفي مكان التصوير عموما".
ليؤكد بالتالي أنه تعمد أن يجمع بين ممثل متمرس وشخص لا علاقة له بالتمثيل من قبل، فيقول "نعم، وحرصت على أن يكون عمال الحضيرة هم من يجسدون دور العمال في الفيلم، أعتقد أن كلا من "بطل" و"فاطمة" ينتميان إلى الخيال. أما الباقي فهو الحقيقة. أعتقد أن ذلك مهما ليكون الفيلم راسخا أو منتم إلى الحي".
أما عن اختيار عنوان "أشكال"، يوضح يوسف الشابي "في اللغة العربية هي صيغة الجمع لكلمة شكل، يتم استخدامه للحديث عن شكل الهيكل وأنماط الثوب، سجادة، أو حتى شكل شخص ما أو حتى ظله. وهي كلمة تستعمل ضمن مصطلحات العمارة. الكلمة موجودة أيضا في ما يمكن ترجمته إلى "من الأشكال والألوان". والذي يصف التنوع. وفرة الأشكال وكثرتها".
ويُوضح "فكرت في البداية أن يكون العنوان باللغة الإنقليزية "Shapes" على سبيل المثال لكن الترجمة العربية تبدو جيدة وبما أنه فيلم تونسي بدا لي أن اللغة العربية أفضل".
يُذكر أن فيلم "أشكال" للمخرج التونسي يوسف الشابي قُدم في عرضه العالمي الأول في إطار "قسم نصف شهر المخرجين" في الدورة 75 لمهرجان "كان" السينمائي في فرنسا التي جرى تنظيمها في شهر ماي 2022وحصل العمل على دعم من صندوق البحر الأحمر السينمائي، كما حصد الجائزة الكبرى لمهرجان مونبلييه للسينما المتوسطية في فرنسا .وفاز الفيلم أيضًا بجائزتي النقاد وأفضل موسيقى، وذلك بعد حصوله على عدة جوائز في تظاهرات سينمائية أخرى.
وبالتوازي مع حضوره في مهرجان مونبلييه، شارك الفيلم الروائي الطويل للشابي في مسابقة مهرجان طوكيو السينمائي الدولي في دورته الخامسة والثلاثين.
كما حصد الفيلم العديد من الجوائز الأخرى من بينها جائزة النقاد في مهرجان "نوشاتال" في سويسرا وجائزة أفضل فيلم في مهرجان السينما بالبوسفور في تركيا، كما حصل على تنويه خاص في مهرجان نامور.