إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ضربة جديدة لموارد الدولة .. خط أنبوب غاز جديد مباشر بين الجزائر وإيطاليا وتونس خارج الحسابات...

 

تونس-الصباح

في أقل من سنة تقريبا، كان توجه الجزائر الى الترفيع في صادراتها من الغاز باتجاه ايطاليا عبر أنبوب الغاز الجزائري العابر للبلاد التونسية، بما سيكون له تبعات ايجابية لصالح الجانب التونسي في ما يخص الترفيع في نصيبها من قيمة مداخيله، واستبشرت بذلك الأوساط التونسية وبالمطلب الذي كانت قد تقدمت به الجزائر الى الجانب الايطالي تحديدا في شهر أفريل من السنة المنقضية.

وكان الاتفاق غير المعلن آنذاك والمزمع تفعيله يهدف الى زيادة الصادرات الجزائرية من الغاز بنحو 50 بالمائة، وهي التي تسجل على مستوى المبادلات التجارية مع ايطاليا ما يناهز الـ16 مليار دولار، كما ينص الاتفاق على تعزيز الجزائر صادراتها إلى إيطاليا بما بين 9 و10 مليارات متر مكعب، والحال ان ايطاليا كانت قد استوردت خلال 2021 نحو 21 مليار متر مكعب من الغاز مقارنة بـ29 مليار متر مكعب من الغاز الروسي ...

 لكن اليوم على ما يبدو تغير توجه الجزائر كليا نحو اتفاق أثقل بكثير من تعديل الاتفاقية القديمة الخاصة بأنبوب الغاز الجزائري العابر للبلاد التونسية، من خلال إرساء مشروع يتعلق بخط أنابيب جديد لنقل الهيدروجين من الجزائر إلى روما دون المرور بتونس ..

وهذا المشروع يتنزل ضمن عدد من الاتفاقيات التي جرى توقيعها بين شركتي سوناطراك الجزائرية وإيني الإيطالية، كما تعنى المذكرة بزيادة قدرة نقل الغاز الحالية، فضلا عن التوقيع على مذكرة تفاهم حول التعاون التكنولوجي لخفض حرق الغاز وتقليل الانبعاثات..

تونس خارج الحسابات

وكانت تونس قبل فترة قد أثارت بعض التصريحات الرسمية من الجانب الجزائري وحتى التونسي بتعديل اتفاقية أنبوب الغاز الجزائري العابر للبلاد التونسية باتجاه الترفيع في نصيبها من الغاز الطبيعي، في إطار طلب رسمي وجهته الى الجزائر، إلا أن وزيرة الصناعة والطاقة نائلة القنجي نفت ذلك نهائيا، رغم تأكيده من قبل مواقع جزائرية قريبة من الحكومة ومن المصادر الرسمية الجزائرية.

وتزامنت الأخبار المتداولة وقتها بشأن طلب تونس، مع تأكيد الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الجزائرية" سوناطراك" توفيق هكار، أن شركتهم مستعدة لتزويد أوروبا بكميات إضافية من الغاز، تحديدا من الفائض المتوفر لديها عبر خط أنابيب "ترانزميد" الذي يربط الجزائر بإيطاليا ويعبر البلاد التونسية.

كما ذهب في هذا الاتجاه العديد من المراقبين في الشأن العام للبلاد وللتطورات الأخيرة -التي يشهدها العالم عموما ونخص بالذكر الحرب الروسية الأوكرانية-، الى أن نفي الحكومة التونسية على لسان احد أعضائها ماهو إلا إقرار بصعوبة توفير إمدادات إضافية من الغاز الى أوروبا عن طريق ايطاليا وبالتالي فلن تستفيد تونس من هذه التطورات وهو ما يؤكد تراجع طلبها..

من جهة ثانية يرى عدد هام من خبراء الشأن الطاقي والمالي انه من الضروري أن تتحلى تونس باليقظة في ظل تغير المشهد العالمي اليوم حتى تستغل كل الفرص التي ستوفرها هذه الحرب لصالحها على غرار مسالة توجيه إمدادات الغاز الجزائري نحو أوروبا واستقطاب الاستثمارات الروسية والأوروبية إليها وغيرها من الفرص الأخرى..

وعلى هذا الأساس، تكون بذاك تونس قد تجاوزت فرصة ثمينة في قطاع الطاقة بإمكانية دخولها في هذا المشروع الجزائري الايطالي باعتبارها نقطة ربط هامة جغرافيا، وخرجت بالتالي من حسابات الجانبين على مستوى الاستثمارات في هذا المجال وهي التي تعول كثيرا على الدعم المالي الثنائي في مثل هذا النوع من المشاريع ..

كما أنها لم تجد خيطا للاستفادة من الغاز الجزائري خاصة وأن الجزائر تعتبر اليوم رابع أكبر بلد في العالم من حيث إنتاج الغاز، وهو ما يعادل 3.37 بالمائة، بينما تنتج روسيا أكثر من 16 بالمائة من الإنتاج العالمي، مما يؤكد أهمية إمدادات الجزائر من الغاز الطبيعي مع تغير المشهد العالمي مستقبلا.

كما تستفيد تونس اليوم من الأنبوب الجزائري –الايطالي العابر للبلاد التونسية بإتاوة تناهز الـ5.25 % وهي نسبة محينة بعد الترفيع فيها منذ سنة 2019 في إطار قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية مبرمة بين تونس والجانب الإيطالي المتمثل في مجمع "إيني" والمتعلقة بالتصرف في أنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية..

ويعتبر هذا الأنبوب جزءا من منظومة نقل عبر الأنابيب لتصدير الغاز الجزائري نحو إيطاليا تمتد على 2500 كلم، منها 370 كلم في التراب التونسي وتبلغ سعة النقل 34 مليار متر مكعب سنويا.

أنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية

وتكتسي هذه الاتفاقية أهمية بالغة بالنسبة للجانب التونسي نظرا لدور الأنبوب في تأمين تزويد البلاد بالغاز الطبيعي إذ يوفر ما يناهز الـ66% من الاستهلاك الوطني، كما بلغ حجم الغاز الطبيعي الجزائري خلال سنة 2021 حدود الـ978 ألف طن مكافئ نفط؛ منها 88 % تم استهلاكها عينيا من طرف الشركة التونسية للكهرباء والغاز والبقية تم تصديرها نقدا.

وفي هذا الإطار، تم التفاوض مع الجانب الإيطالي والتمديد في الاستغلال لمدة 10 سنوات بمقتضى القانون عدد 63 لسنة 2019، علما أنه بالإضافة إلى المحافظة على الإتاوة تم الاتفاق على معلوم جديد لكراء سعة النقل بـ143 مليون دولار للعشر سنوات وتحمل الجانب الإيطالي كلفة الاستثمارات والصيانة ومصاريف الشركات التابعة ...

وبالرغم من أهمية هذه الاتفاقية على مستوى قدرتها على توفير كميات هامة من الغاز لتونس، إلا أن الدولة لم تستفد منها بالقدر الكافي ولم تعمل على تطويرها وتعديلها حسب التغيرات الأخيرة، باستثناء الزيادة الوحيدة في نسبة الإتاوة، كما ضيعت تونس فرصة مشاركتها في المشاريع الجديدة على غرار المشروع الجديد ويبقى السبب الأكبر هو ضعف الديبلوماسية التونسية تجاه الجانب الجزائري والايطالي.  

وفاء بن محمد

ضربة جديدة لموارد الدولة ..  خط أنبوب غاز جديد مباشر بين الجزائر وإيطاليا وتونس خارج الحسابات...

 

تونس-الصباح

في أقل من سنة تقريبا، كان توجه الجزائر الى الترفيع في صادراتها من الغاز باتجاه ايطاليا عبر أنبوب الغاز الجزائري العابر للبلاد التونسية، بما سيكون له تبعات ايجابية لصالح الجانب التونسي في ما يخص الترفيع في نصيبها من قيمة مداخيله، واستبشرت بذلك الأوساط التونسية وبالمطلب الذي كانت قد تقدمت به الجزائر الى الجانب الايطالي تحديدا في شهر أفريل من السنة المنقضية.

وكان الاتفاق غير المعلن آنذاك والمزمع تفعيله يهدف الى زيادة الصادرات الجزائرية من الغاز بنحو 50 بالمائة، وهي التي تسجل على مستوى المبادلات التجارية مع ايطاليا ما يناهز الـ16 مليار دولار، كما ينص الاتفاق على تعزيز الجزائر صادراتها إلى إيطاليا بما بين 9 و10 مليارات متر مكعب، والحال ان ايطاليا كانت قد استوردت خلال 2021 نحو 21 مليار متر مكعب من الغاز مقارنة بـ29 مليار متر مكعب من الغاز الروسي ...

 لكن اليوم على ما يبدو تغير توجه الجزائر كليا نحو اتفاق أثقل بكثير من تعديل الاتفاقية القديمة الخاصة بأنبوب الغاز الجزائري العابر للبلاد التونسية، من خلال إرساء مشروع يتعلق بخط أنابيب جديد لنقل الهيدروجين من الجزائر إلى روما دون المرور بتونس ..

وهذا المشروع يتنزل ضمن عدد من الاتفاقيات التي جرى توقيعها بين شركتي سوناطراك الجزائرية وإيني الإيطالية، كما تعنى المذكرة بزيادة قدرة نقل الغاز الحالية، فضلا عن التوقيع على مذكرة تفاهم حول التعاون التكنولوجي لخفض حرق الغاز وتقليل الانبعاثات..

تونس خارج الحسابات

وكانت تونس قبل فترة قد أثارت بعض التصريحات الرسمية من الجانب الجزائري وحتى التونسي بتعديل اتفاقية أنبوب الغاز الجزائري العابر للبلاد التونسية باتجاه الترفيع في نصيبها من الغاز الطبيعي، في إطار طلب رسمي وجهته الى الجزائر، إلا أن وزيرة الصناعة والطاقة نائلة القنجي نفت ذلك نهائيا، رغم تأكيده من قبل مواقع جزائرية قريبة من الحكومة ومن المصادر الرسمية الجزائرية.

وتزامنت الأخبار المتداولة وقتها بشأن طلب تونس، مع تأكيد الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الجزائرية" سوناطراك" توفيق هكار، أن شركتهم مستعدة لتزويد أوروبا بكميات إضافية من الغاز، تحديدا من الفائض المتوفر لديها عبر خط أنابيب "ترانزميد" الذي يربط الجزائر بإيطاليا ويعبر البلاد التونسية.

كما ذهب في هذا الاتجاه العديد من المراقبين في الشأن العام للبلاد وللتطورات الأخيرة -التي يشهدها العالم عموما ونخص بالذكر الحرب الروسية الأوكرانية-، الى أن نفي الحكومة التونسية على لسان احد أعضائها ماهو إلا إقرار بصعوبة توفير إمدادات إضافية من الغاز الى أوروبا عن طريق ايطاليا وبالتالي فلن تستفيد تونس من هذه التطورات وهو ما يؤكد تراجع طلبها..

من جهة ثانية يرى عدد هام من خبراء الشأن الطاقي والمالي انه من الضروري أن تتحلى تونس باليقظة في ظل تغير المشهد العالمي اليوم حتى تستغل كل الفرص التي ستوفرها هذه الحرب لصالحها على غرار مسالة توجيه إمدادات الغاز الجزائري نحو أوروبا واستقطاب الاستثمارات الروسية والأوروبية إليها وغيرها من الفرص الأخرى..

وعلى هذا الأساس، تكون بذاك تونس قد تجاوزت فرصة ثمينة في قطاع الطاقة بإمكانية دخولها في هذا المشروع الجزائري الايطالي باعتبارها نقطة ربط هامة جغرافيا، وخرجت بالتالي من حسابات الجانبين على مستوى الاستثمارات في هذا المجال وهي التي تعول كثيرا على الدعم المالي الثنائي في مثل هذا النوع من المشاريع ..

كما أنها لم تجد خيطا للاستفادة من الغاز الجزائري خاصة وأن الجزائر تعتبر اليوم رابع أكبر بلد في العالم من حيث إنتاج الغاز، وهو ما يعادل 3.37 بالمائة، بينما تنتج روسيا أكثر من 16 بالمائة من الإنتاج العالمي، مما يؤكد أهمية إمدادات الجزائر من الغاز الطبيعي مع تغير المشهد العالمي مستقبلا.

كما تستفيد تونس اليوم من الأنبوب الجزائري –الايطالي العابر للبلاد التونسية بإتاوة تناهز الـ5.25 % وهي نسبة محينة بعد الترفيع فيها منذ سنة 2019 في إطار قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية مبرمة بين تونس والجانب الإيطالي المتمثل في مجمع "إيني" والمتعلقة بالتصرف في أنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية..

ويعتبر هذا الأنبوب جزءا من منظومة نقل عبر الأنابيب لتصدير الغاز الجزائري نحو إيطاليا تمتد على 2500 كلم، منها 370 كلم في التراب التونسي وتبلغ سعة النقل 34 مليار متر مكعب سنويا.

أنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية

وتكتسي هذه الاتفاقية أهمية بالغة بالنسبة للجانب التونسي نظرا لدور الأنبوب في تأمين تزويد البلاد بالغاز الطبيعي إذ يوفر ما يناهز الـ66% من الاستهلاك الوطني، كما بلغ حجم الغاز الطبيعي الجزائري خلال سنة 2021 حدود الـ978 ألف طن مكافئ نفط؛ منها 88 % تم استهلاكها عينيا من طرف الشركة التونسية للكهرباء والغاز والبقية تم تصديرها نقدا.

وفي هذا الإطار، تم التفاوض مع الجانب الإيطالي والتمديد في الاستغلال لمدة 10 سنوات بمقتضى القانون عدد 63 لسنة 2019، علما أنه بالإضافة إلى المحافظة على الإتاوة تم الاتفاق على معلوم جديد لكراء سعة النقل بـ143 مليون دولار للعشر سنوات وتحمل الجانب الإيطالي كلفة الاستثمارات والصيانة ومصاريف الشركات التابعة ...

وبالرغم من أهمية هذه الاتفاقية على مستوى قدرتها على توفير كميات هامة من الغاز لتونس، إلا أن الدولة لم تستفد منها بالقدر الكافي ولم تعمل على تطويرها وتعديلها حسب التغيرات الأخيرة، باستثناء الزيادة الوحيدة في نسبة الإتاوة، كما ضيعت تونس فرصة مشاركتها في المشاريع الجديدة على غرار المشروع الجديد ويبقى السبب الأكبر هو ضعف الديبلوماسية التونسية تجاه الجانب الجزائري والايطالي.  

وفاء بن محمد