سياسة البنك المركزي في التحكم في التضخم غير كافية والمعالجة الميدانية الأنجع
تونس-الصباح
بعد الارتفاع التاريخي في نسبة التضخم لشهر نوفمبر المنقضي ليصل إلى 9.8 بالمائة، يتوقع أن تشهد العديد من القطاعات الاقتصادية تغيرا كبيرا في قادم الأيام باعتبار ارتباطها الوطيد بنسبة التضخم خاصة في ما يتعلق بارتفاع الأسعار في العديد من السلع والخدمات اليومية لحياة التونسي.
وابرز تداعيات ارتفاع نسبة التضخم المباشرة إقرار ترفيعات جديدة في نسبة الفائدة المديرية باعتبار أن معالجة التضخم والتحكم فيه يكون عن طريق الزيادة في الفائدة المحددة من قبل البنك المركزي في الوقت الحالي بـ 7.25 بالمائة بعد أن تم الترفيع فيها بـ25 نقطة أساسية في إطار كبح جماح التضخم الذي بلغ مستويات عالية جدا لم تشهدها تونس منذ عقود...
لتدخل بذلك البلاد في حلقة إقرار في الزيادات المتتالية في جل القطاعات الاقتصادية كأبرز الحلول الترقيعية التي دأبت عليها الدولة دون الوقوف عند ضرورة إيجاد حلول جذرية، وقد ارجع العديد من الخبراء في الشأن الاقتصادي هذا المسار إلى السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي والتي ترسخ مثل هذه القرارات بصفة مستمرة..
حيث أكد المدير العام المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم في تصريح سابق لـ "الصباح" أن سياسات البنك المركزي التونسي لوحدها غير كافية للحد من ارتفاع التضخم، والذي خرج عن السيطرة في كافة دول العالم منذ جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن هناك عديد الدول بدأت تعاني من آفة التضخم، على غرار تركيا والتي نجد فيها نسبة مرتفعة من التضخم، انضمت إليها دول أوروبا منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية.
كما بين سويلم انه وبالرغم من اتجاه البنوك المركزية لجميع هذه الدول إلى خيار رفع نسبة الفائدة المديرية، في خطوة منها لإعادة التوازن إلى اقتصادها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا بعد أن شهدت ارتفاعا لافتا في نسب التضخم بصفة متواصلة وهو ما أثر سلبا على اقتصادها، لافتا إلى ضرورة أن يعمل البنك المركزي بالتنسيق مع الحكومة على وضع حد لارتفاع التضخم في البلاد من خلال الضغط على الأسعار وفق آليات محددة.
وأضاف سويلم بأنه من الخطورة اليوم فقدان الدولة السيطرة على التضخم بعد ارتفاعه المتواصل من 8.2٪ خلال شهر جويلية الماضي ليصل غالى مستوى 9.1% - وها هو اليوم في آخر الإحصائيات يصل إلى 9.8 بالمائة-، مشيرا إلى أن تدخل البنك المركزي برفع نسبة الفائدة ليس كافيا للسيطرة على التضخم، مما يستوجب على جميع الأطراف في الدولة التدخل، ووضع حد لأخطر آفة تهدد الدول وهي"آفة التضخم"، حسب تعبيره.
والاهم حسب الخبير في السياسة النقدية هو التحكم والسيطرة على مسالك التوزيع والبيع لتحديد سعر البيع أولا والعمل في مرحلة ثانية على رفع الدعم عن بعض المواد، التي تستنزف الاحتياطي النقدي للبلاد، مشددا على ضرورة تكاتف جميع الأطراف الفاعلة في الدولة لرسم سياسات عامة جديدة للحد من ارتفاع التضخم في المستقبل القريب.
وفي نفس الاتجاه، ذهب العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي إلى التحذير من تداعيات اللجوء إلى رفع نسبة الفائدة المديرية من قبل البنك المركزي في كل مرة تسجل فيها نسبة التضخم ارتفاعا جديدا، باعتبار أن ذلك سيؤثر بشكل لافت على المؤسسات والأفراد على حد سواء، وسيخلق حالة من الركود الاقتصادي طويل الأمد.
كما أن الترفيع مجددا في نسبة الفائدة سيخلف مخاوف جدية، وصفها الخبير الاقتصادي آرام بلحاج في تصريحات إعلامية بمثابة العملية الانتحارية، معتبرا انه من الضروري القيام بدراسة أعمق لأي قرار يتعلق برفع نسبة الفائدة المديرية مستقبلا، خاصة وانه من شأن ذلك، أن يحد من القدرة الشرائية للتونسيين، وأيضا يحد من نشاط المؤسسات التونسية.
وكان آخر ترفيع في سعر الفائدة المديرية التي اقرها البنك المركزي في شهر أكتوبر المنقضي بـ25 نقطة أساسية لتبلغ 7.25 في المائة، كما قرر البنك "الترفيع في نسبتي الإيداع والقرض الهامشي لمدة 24 ساعة لتبلغ 6.25 في المائة و8.25 في المائة على التوالي، مع مواصلة توخي الحيطة في ما يخص التطورات القادمة لنسبة التضخم"، كما قرر البنك المركزي أيضا "الترفيع في نسبة الفائدة على الادخار بـ25 نقطة أساسية لتبلغ 6.25 في المائة"، وكانت آخر زيادة في سعر الفائدة الرئيسية 75 نقطة أساس، وأقرها البنك المركزي في ماي الماضي، بعد أن لامس التضخم معدل 8% .
أما في ما يخص نسبة التضخم، فقد عرفت منذ يومين ارتفاعا تاريخيا بعد بلوغها الـ 9.8 بالمائة، مع توقعات بان تصل الرقمين في الأشهر المقبلة بالنظر إلى الظرف الاقتصادي الراهن التي تعيش عل وقعه البلاد.
وفاء بن محمد
سياسة البنك المركزي في التحكم في التضخم غير كافية والمعالجة الميدانية الأنجع
تونس-الصباح
بعد الارتفاع التاريخي في نسبة التضخم لشهر نوفمبر المنقضي ليصل إلى 9.8 بالمائة، يتوقع أن تشهد العديد من القطاعات الاقتصادية تغيرا كبيرا في قادم الأيام باعتبار ارتباطها الوطيد بنسبة التضخم خاصة في ما يتعلق بارتفاع الأسعار في العديد من السلع والخدمات اليومية لحياة التونسي.
وابرز تداعيات ارتفاع نسبة التضخم المباشرة إقرار ترفيعات جديدة في نسبة الفائدة المديرية باعتبار أن معالجة التضخم والتحكم فيه يكون عن طريق الزيادة في الفائدة المحددة من قبل البنك المركزي في الوقت الحالي بـ 7.25 بالمائة بعد أن تم الترفيع فيها بـ25 نقطة أساسية في إطار كبح جماح التضخم الذي بلغ مستويات عالية جدا لم تشهدها تونس منذ عقود...
لتدخل بذلك البلاد في حلقة إقرار في الزيادات المتتالية في جل القطاعات الاقتصادية كأبرز الحلول الترقيعية التي دأبت عليها الدولة دون الوقوف عند ضرورة إيجاد حلول جذرية، وقد ارجع العديد من الخبراء في الشأن الاقتصادي هذا المسار إلى السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي والتي ترسخ مثل هذه القرارات بصفة مستمرة..
حيث أكد المدير العام المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم في تصريح سابق لـ "الصباح" أن سياسات البنك المركزي التونسي لوحدها غير كافية للحد من ارتفاع التضخم، والذي خرج عن السيطرة في كافة دول العالم منذ جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن هناك عديد الدول بدأت تعاني من آفة التضخم، على غرار تركيا والتي نجد فيها نسبة مرتفعة من التضخم، انضمت إليها دول أوروبا منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية.
كما بين سويلم انه وبالرغم من اتجاه البنوك المركزية لجميع هذه الدول إلى خيار رفع نسبة الفائدة المديرية، في خطوة منها لإعادة التوازن إلى اقتصادها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا بعد أن شهدت ارتفاعا لافتا في نسب التضخم بصفة متواصلة وهو ما أثر سلبا على اقتصادها، لافتا إلى ضرورة أن يعمل البنك المركزي بالتنسيق مع الحكومة على وضع حد لارتفاع التضخم في البلاد من خلال الضغط على الأسعار وفق آليات محددة.
وأضاف سويلم بأنه من الخطورة اليوم فقدان الدولة السيطرة على التضخم بعد ارتفاعه المتواصل من 8.2٪ خلال شهر جويلية الماضي ليصل غالى مستوى 9.1% - وها هو اليوم في آخر الإحصائيات يصل إلى 9.8 بالمائة-، مشيرا إلى أن تدخل البنك المركزي برفع نسبة الفائدة ليس كافيا للسيطرة على التضخم، مما يستوجب على جميع الأطراف في الدولة التدخل، ووضع حد لأخطر آفة تهدد الدول وهي"آفة التضخم"، حسب تعبيره.
والاهم حسب الخبير في السياسة النقدية هو التحكم والسيطرة على مسالك التوزيع والبيع لتحديد سعر البيع أولا والعمل في مرحلة ثانية على رفع الدعم عن بعض المواد، التي تستنزف الاحتياطي النقدي للبلاد، مشددا على ضرورة تكاتف جميع الأطراف الفاعلة في الدولة لرسم سياسات عامة جديدة للحد من ارتفاع التضخم في المستقبل القريب.
وفي نفس الاتجاه، ذهب العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي إلى التحذير من تداعيات اللجوء إلى رفع نسبة الفائدة المديرية من قبل البنك المركزي في كل مرة تسجل فيها نسبة التضخم ارتفاعا جديدا، باعتبار أن ذلك سيؤثر بشكل لافت على المؤسسات والأفراد على حد سواء، وسيخلق حالة من الركود الاقتصادي طويل الأمد.
كما أن الترفيع مجددا في نسبة الفائدة سيخلف مخاوف جدية، وصفها الخبير الاقتصادي آرام بلحاج في تصريحات إعلامية بمثابة العملية الانتحارية، معتبرا انه من الضروري القيام بدراسة أعمق لأي قرار يتعلق برفع نسبة الفائدة المديرية مستقبلا، خاصة وانه من شأن ذلك، أن يحد من القدرة الشرائية للتونسيين، وأيضا يحد من نشاط المؤسسات التونسية.
وكان آخر ترفيع في سعر الفائدة المديرية التي اقرها البنك المركزي في شهر أكتوبر المنقضي بـ25 نقطة أساسية لتبلغ 7.25 في المائة، كما قرر البنك "الترفيع في نسبتي الإيداع والقرض الهامشي لمدة 24 ساعة لتبلغ 6.25 في المائة و8.25 في المائة على التوالي، مع مواصلة توخي الحيطة في ما يخص التطورات القادمة لنسبة التضخم"، كما قرر البنك المركزي أيضا "الترفيع في نسبة الفائدة على الادخار بـ25 نقطة أساسية لتبلغ 6.25 في المائة"، وكانت آخر زيادة في سعر الفائدة الرئيسية 75 نقطة أساس، وأقرها البنك المركزي في ماي الماضي، بعد أن لامس التضخم معدل 8% .
أما في ما يخص نسبة التضخم، فقد عرفت منذ يومين ارتفاعا تاريخيا بعد بلوغها الـ 9.8 بالمائة، مع توقعات بان تصل الرقمين في الأشهر المقبلة بالنظر إلى الظرف الاقتصادي الراهن التي تعيش عل وقعه البلاد.