إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

على هامش زيارة الدبيبة الى تونس .. هل يصلح الحاليون ما أفسده السابقون؟

بقلم:د.ريم بالخذيري

شكلّت زيارة رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة صحبة وفد وزاري رفيع المستوى الى تونس الحدث هذا الأسبوع رغم أنها لم تلقى حظّها اعلاميا كما يجب بسبب الانشغال بكأس العالم ومشاركة بلادنا فيه . وفي الوقت الذي فشل فيه منتخبنا التونسي في بلوغ الدور الثاني من المونديال كان قصر الحكومة بالقصبة يحتضن المؤتمر الصحفي بين رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودنّ ورئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة للإعلان عن عدد هام من القرارات والاتفاقيات التي ستصلح ما أفسده السابقون في البلدين وتعيد العلاقات الى مستوى الشراكة الاقتصادية الكاملة كما كانت قبل 2011.

شراكة كاملة أفسدتها الثورات.. !!

شهدت العلاقات الليبية التونسية الليبية في سنوات 2008و2009 و2010 أوجها وكان التناغم السياسي بين البلدين حافزا مهما لتعزيز الشراكة الاقتصادية التي عادت بالنفع على البلدين حتى غدا الاقتصاد التونسي يتنفّس برئتين احداهما في تونس والأخرى في ليبيا وكذلك الحال بالنسبة للاقتصاد الليبي.

وبالرجوع الى ما قبل 2011 فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين تونس وليبيا 3.5 مليار دينار ليبي (900 مليون دولار) هذا فضلا عن استفادة أكثر من 200 ألف عامل تونسي يشتغلون بليبيا وضعفهم ينتقلون شهريا بين البلدين للتداوي وللسياحة وللتبضّع. وقد فقد البلدان هذه الثروة بحلول سنة 2011 حيث خسرت تونس على سبيل المثال قرابة خمسة مليارات دولار منذ 2010، اضافة الى إغلاق مئات الشركات التونسية أو انتقالها إلى بلدان أخرى.

ومن المعلوم أن ليبيا هي ثاني شريك اقتصادي لتونس بعد الاتحاد الأوروبي بحجم مبادلات تفوق 500 مليون دولارا، كما بلغت تحويلات العمال الذين يشتغلون في ليبيا قبل سنة 2010 نحو 60 مليون دينار تونسي في الشهر .

وأكد هذا تقرير للبنك الدولي صادر في 2021 حيث أكّد أن تونس تخسر نحو 800 مليون دولار سنويا كتأثير مباشر للأزمة الليبية بين استثمارات وصادرات، وشملت هذه الخسائر، وفقًا للدراسة رقم معاملات المؤسسات التونسية المستثمرة في ليبيا والمصدرة والمؤسسات غير المرتبطة اقتصاديًا بصفة مباشرة مع ليبيا بسبب غياب مناخ الاستثمار على المستوى الإقليمي. وقبل التوتر السياسي الأخير بين البلدين وغلق الحدود في شهر جويلية الماضي قادت منظمات الأعمال المشتركة جهودا كبيرا من أجل تنظيم تظاهرات اقتصادية وتجارية بهدف إعادة التعاون بين البلدين إلى مستويات ما قبل عام 2010.

وقد فشلت كل الجهود من البلدين في انعاش التبادل التجاري طوال السنوات الفارطة أو تمّ افشالها من هذا الطرف أو ذاك بسبب الاختيارات السياسية الخاطئة من الجانبين .وبسبب الايديولوجيا التي مارستها الحكومات التونسية المتعاقبة وجوبهت بمواقف متصلبة من الحكومات الليبية وهو ما أدّى الى تأزّم العلاقات بين الجارين .ودخلت العلاقات المتوهجة على مرّ التاريخ في مرحلة موت سريري وأغلقت الحدود أكثر ممّا فتحت وتضررت بالتالي ولايات الجنوب التي كانت تعتمد أساسا على المبادلات التجارية بين البلدين.

أفلح ان صدق.. !!

رئيس الحكومة الليبية خلال زيارته أعلن عن قرار بلاده بسداد ديون المصحات التونسية والتي تبلغ حوالي 250مليون دينار. فضلا عن رفع كل القيود الجمركية بين البلدين .وقد اتفق الطرفان على :

* تسوية الديون المستحقة على الدولة الليبية في قطاعات الصحة، الكهرباء، والطيران المدني

*تدشين خط الشحن البحري الذي يبدأ في شهر ديسمبر 2022

*بدء إجراءات توحيد المتطلبات الجمركية في معبر رأس جدير، مع اقتراب افتتاح البوابات بالمعبر

*قرار بإلغاء جميع القيود المفروضة على حركة السلع بين البلدين لدعم التبادل التجاري المشترك

*إطلاق الخطوات التمهيدية لإنشاء المنطقة الاقتصادية رأس جدير

*تشكيل فريق مشترك بين البلدين لمراجعة ما يعرف بالأسماء المتشابهة لإزالة غير المطلوبين

*تفعيل اللجنة العليا التونسية الليبية المتوقفة منذ 2009، بعودة انعقاد اجتماعاتها

*مناقشة المجالات الفنية والثقافية بين البلدين وأهمية عودة النشاط لها من جديد

*تفعيل التعاون بين وزارتي العدل لاستمرار التشاور وحل مشكلة "غرف التحكيم"

هي بالفعل قرارات ثورية ستعيد للعلاقات التونسية الليبية وهجها وزخمها التاريخي غير أن الحذر واجب والافراط في التفاؤل غير مرغوب خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تجرى محادثات بهذا الشأن ويتم اطلاق وعود لا تتحقق خاصة من الجانب الليبي. ونحن نتذكّر الزيارة التي أدّاها رئيس الحكومة السابق هشام المشيشيفي ماي 2021 والاتفاقيات الضخمة التي حدثت مع رئيس الحكومة نفسه عبد الحميد الدبيبة ولم ينفّذ منها شيئا .

تونس وليبيا يعيشان نفس المصير ولابدّ من الوعي بهذا ومتابعته يوميا من طرف المسؤولين في البلدين فلا خلاص لنا ولهم سوى بمزيد من اللحمة والتقارب الاقتصادي والسياسي.

 

على هامش زيارة الدبيبة الى تونس .. هل يصلح الحاليون ما أفسده السابقون؟

بقلم:د.ريم بالخذيري

شكلّت زيارة رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة صحبة وفد وزاري رفيع المستوى الى تونس الحدث هذا الأسبوع رغم أنها لم تلقى حظّها اعلاميا كما يجب بسبب الانشغال بكأس العالم ومشاركة بلادنا فيه . وفي الوقت الذي فشل فيه منتخبنا التونسي في بلوغ الدور الثاني من المونديال كان قصر الحكومة بالقصبة يحتضن المؤتمر الصحفي بين رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودنّ ورئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة للإعلان عن عدد هام من القرارات والاتفاقيات التي ستصلح ما أفسده السابقون في البلدين وتعيد العلاقات الى مستوى الشراكة الاقتصادية الكاملة كما كانت قبل 2011.

شراكة كاملة أفسدتها الثورات.. !!

شهدت العلاقات الليبية التونسية الليبية في سنوات 2008و2009 و2010 أوجها وكان التناغم السياسي بين البلدين حافزا مهما لتعزيز الشراكة الاقتصادية التي عادت بالنفع على البلدين حتى غدا الاقتصاد التونسي يتنفّس برئتين احداهما في تونس والأخرى في ليبيا وكذلك الحال بالنسبة للاقتصاد الليبي.

وبالرجوع الى ما قبل 2011 فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين تونس وليبيا 3.5 مليار دينار ليبي (900 مليون دولار) هذا فضلا عن استفادة أكثر من 200 ألف عامل تونسي يشتغلون بليبيا وضعفهم ينتقلون شهريا بين البلدين للتداوي وللسياحة وللتبضّع. وقد فقد البلدان هذه الثروة بحلول سنة 2011 حيث خسرت تونس على سبيل المثال قرابة خمسة مليارات دولار منذ 2010، اضافة الى إغلاق مئات الشركات التونسية أو انتقالها إلى بلدان أخرى.

ومن المعلوم أن ليبيا هي ثاني شريك اقتصادي لتونس بعد الاتحاد الأوروبي بحجم مبادلات تفوق 500 مليون دولارا، كما بلغت تحويلات العمال الذين يشتغلون في ليبيا قبل سنة 2010 نحو 60 مليون دينار تونسي في الشهر .

وأكد هذا تقرير للبنك الدولي صادر في 2021 حيث أكّد أن تونس تخسر نحو 800 مليون دولار سنويا كتأثير مباشر للأزمة الليبية بين استثمارات وصادرات، وشملت هذه الخسائر، وفقًا للدراسة رقم معاملات المؤسسات التونسية المستثمرة في ليبيا والمصدرة والمؤسسات غير المرتبطة اقتصاديًا بصفة مباشرة مع ليبيا بسبب غياب مناخ الاستثمار على المستوى الإقليمي. وقبل التوتر السياسي الأخير بين البلدين وغلق الحدود في شهر جويلية الماضي قادت منظمات الأعمال المشتركة جهودا كبيرا من أجل تنظيم تظاهرات اقتصادية وتجارية بهدف إعادة التعاون بين البلدين إلى مستويات ما قبل عام 2010.

وقد فشلت كل الجهود من البلدين في انعاش التبادل التجاري طوال السنوات الفارطة أو تمّ افشالها من هذا الطرف أو ذاك بسبب الاختيارات السياسية الخاطئة من الجانبين .وبسبب الايديولوجيا التي مارستها الحكومات التونسية المتعاقبة وجوبهت بمواقف متصلبة من الحكومات الليبية وهو ما أدّى الى تأزّم العلاقات بين الجارين .ودخلت العلاقات المتوهجة على مرّ التاريخ في مرحلة موت سريري وأغلقت الحدود أكثر ممّا فتحت وتضررت بالتالي ولايات الجنوب التي كانت تعتمد أساسا على المبادلات التجارية بين البلدين.

أفلح ان صدق.. !!

رئيس الحكومة الليبية خلال زيارته أعلن عن قرار بلاده بسداد ديون المصحات التونسية والتي تبلغ حوالي 250مليون دينار. فضلا عن رفع كل القيود الجمركية بين البلدين .وقد اتفق الطرفان على :

* تسوية الديون المستحقة على الدولة الليبية في قطاعات الصحة، الكهرباء، والطيران المدني

*تدشين خط الشحن البحري الذي يبدأ في شهر ديسمبر 2022

*بدء إجراءات توحيد المتطلبات الجمركية في معبر رأس جدير، مع اقتراب افتتاح البوابات بالمعبر

*قرار بإلغاء جميع القيود المفروضة على حركة السلع بين البلدين لدعم التبادل التجاري المشترك

*إطلاق الخطوات التمهيدية لإنشاء المنطقة الاقتصادية رأس جدير

*تشكيل فريق مشترك بين البلدين لمراجعة ما يعرف بالأسماء المتشابهة لإزالة غير المطلوبين

*تفعيل اللجنة العليا التونسية الليبية المتوقفة منذ 2009، بعودة انعقاد اجتماعاتها

*مناقشة المجالات الفنية والثقافية بين البلدين وأهمية عودة النشاط لها من جديد

*تفعيل التعاون بين وزارتي العدل لاستمرار التشاور وحل مشكلة "غرف التحكيم"

هي بالفعل قرارات ثورية ستعيد للعلاقات التونسية الليبية وهجها وزخمها التاريخي غير أن الحذر واجب والافراط في التفاؤل غير مرغوب خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تجرى محادثات بهذا الشأن ويتم اطلاق وعود لا تتحقق خاصة من الجانب الليبي. ونحن نتذكّر الزيارة التي أدّاها رئيس الحكومة السابق هشام المشيشيفي ماي 2021 والاتفاقيات الضخمة التي حدثت مع رئيس الحكومة نفسه عبد الحميد الدبيبة ولم ينفّذ منها شيئا .

تونس وليبيا يعيشان نفس المصير ولابدّ من الوعي بهذا ومتابعته يوميا من طرف المسؤولين في البلدين فلا خلاص لنا ولهم سوى بمزيد من اللحمة والتقارب الاقتصادي والسياسي.

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews