الانتحار والإدمان على المخدرات والهجرة السرية كلها ظواهر اجتماعية هي بمثابة ردة فعل الأفراد عن العنف المسلط عليهم من المجتمع والدولة وهو سلوك اضطراري وحل العاجز الذي اختار الهروب من واقعه المأزوم فهو عنف في مقابل عنف آخر إلا أنه عنف غير موجه نحو الآخر وإنما مسلط على الذات المتعبة والمعنفة رمزيا وماديا غايته إيصال رسالة للمجتمع والدولة وللمسؤول السياسي مفادها أن هذا الفرد قد سئم الحياة ومل من الوعود والخيارات والسياسات الفاشلة وهو اليوم بقراره فك ارتباطه مع الجميع وكسر القيد الذي كان يربطه ويشده إلى هذا الوطن قد اختار الحل الفردي المكلف والهروب إلى عالم آخر.
الانتحار والحرقة هما الوجه الآخر لردة فعل الأفراد عن عنف الدولة وتنكرها لأبنائها وتخليها عن مرافقة العاجزين منهم عن إيجاد الحلول لمشاكلهم وسواء كان الحل لحالة العجز انتحارا أو هجرة سرية فهو يكرس خيار إنهاء الحياة بإرادة منفردة والتخلص من حالة العجز من دون حاجة إلى معونة الدولة وتدخلها والانسحاب من الواقع المعيش في صمت وهدوء بعد أن فقد الأمل في الحل القريب وفي المستقبل وهي ظاهرة قد أنتجت ظاهرة جديدة هي صناعة ثقافة الخلاص الفردي بدل الجماعي والبحث عن الحل من خارج دائرة الدولة والحل الجماعي الذي تضعه الحكومات والسياسات الرسمية وأنتجت ثقافة التطبيع مع الانتحار الموت المباشر ومع الحرقة الموت المتوقع والمحتمل .
نحن اليوم أمام جيل يعيش حالة من الانفجار في الآمال والتطلعات وحالة من الانتظارات والأحلام سقفها عال جدا في مقابل عائلة عاجزة ويأسرها القصور وعدم القدرة على تلبية وتحقيق كل هذه الأماني والرغائب بعد أن أصبحت المدرسة والتعلم غير ضامنين لتحقيق السلم الأهلي والمصعد الاجتماعي وبعد أن فقدت المدرسة دورها في تزويد الأفراد بالمهارات والمعارف اللازمة لمواجهة الحياة وتحولت إلى محطة عبثية وهدر للوقت وتحولت الى مجال لصناعة سلوك الإدمان والانخراط في عالم الإجرام وشبكات الجريمة المنظمة وهو مسار خطير يؤدي في النهاية إلى فقدان الأمل في الحياة وفك الارتباط مع الدولة والشعور بأن الوطن لم يعد يوفر فرصا للحياة وقد تحول إلى فضاء يصعب فيه العيش وحصول القناعة بأن الأمل والمستقبل متوفران في مكان آخر وضمن بديل آخر يوفر العيش الكريم المفقود نتيجة غياب أفق الانفراج الذي من المفروض أن يوجد لدى الدولة وحلها الجماعي الذي كانت دولة الاستقلال توفره من خلال مصعد المدرسة والتشغيل في الوظيفة العمومية والقطاع العمومي.
المشكلة أن الفرد التونسي اليوم لم يعد تتوفر له حلول ممكنة وخيارات متاحة غير الإدمان على المخدرات لإلهاء النفس وتحويل وجهة الاهتمام وتأجيل الصدمة الاجتماعية أو الانتحار وإنهاء الحياة بهدوء وفي صمت أو الانخراط في جماعات الإجرام من سرقة ونشل وبراكاجات لافتكاك ما عند الغير وكل ما لم يقدر على توفيره والحصول عليه بالطرق المشروعة لقناعته بأن الذي يفتكه هو حقه الذي يقتسمه مع غيره القادر على تعويضه لأنه يمتلك وضعا اجتماعيا أفضل منه .
الهروب من الحياة والواقع نحو عوالم أخرى وهمية ومخيلة وحالمة هو التعبير الواضح عن أزمة الدولة وأزمة المجتمع وأزمة المدرسة وأزمة العائلة وأزمة النخب وأزمة الأفكار والسياسات البالية القديمة الفاقدة لحلول مشكلات العصر ولجيل هذا الزمان وأزمة مجتمع غير قادر على تأمين الاستقرار النفسي والاجتماعي لأفراده وعاجز عن احتضان الحلم بغد أفضل لجيل كامل وإقناعه بأن الحل الجماعي ما زال ممكنا و قائما في وطنهم وأن المستقبل ممكن في ظله .
جيل هو ضحية ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية هشة وخيارات فاشلة ومنظومات عاجزة عن حماية ومرافقة وتأطير هذا الجيل الذي جاء في الزمن الخاطئ ..
جيل يواجه واقعا قاسيا ومجتمعا عليلا ودولة مأزومة وحياة صعبة ومعقدة ولا خيار ولا حل أمامه إلا في الهروب منه ..
بقلم نوفل سلامة
الانتحار والإدمان على المخدرات والهجرة السرية كلها ظواهر اجتماعية هي بمثابة ردة فعل الأفراد عن العنف المسلط عليهم من المجتمع والدولة وهو سلوك اضطراري وحل العاجز الذي اختار الهروب من واقعه المأزوم فهو عنف في مقابل عنف آخر إلا أنه عنف غير موجه نحو الآخر وإنما مسلط على الذات المتعبة والمعنفة رمزيا وماديا غايته إيصال رسالة للمجتمع والدولة وللمسؤول السياسي مفادها أن هذا الفرد قد سئم الحياة ومل من الوعود والخيارات والسياسات الفاشلة وهو اليوم بقراره فك ارتباطه مع الجميع وكسر القيد الذي كان يربطه ويشده إلى هذا الوطن قد اختار الحل الفردي المكلف والهروب إلى عالم آخر.
الانتحار والحرقة هما الوجه الآخر لردة فعل الأفراد عن عنف الدولة وتنكرها لأبنائها وتخليها عن مرافقة العاجزين منهم عن إيجاد الحلول لمشاكلهم وسواء كان الحل لحالة العجز انتحارا أو هجرة سرية فهو يكرس خيار إنهاء الحياة بإرادة منفردة والتخلص من حالة العجز من دون حاجة إلى معونة الدولة وتدخلها والانسحاب من الواقع المعيش في صمت وهدوء بعد أن فقد الأمل في الحل القريب وفي المستقبل وهي ظاهرة قد أنتجت ظاهرة جديدة هي صناعة ثقافة الخلاص الفردي بدل الجماعي والبحث عن الحل من خارج دائرة الدولة والحل الجماعي الذي تضعه الحكومات والسياسات الرسمية وأنتجت ثقافة التطبيع مع الانتحار الموت المباشر ومع الحرقة الموت المتوقع والمحتمل .
نحن اليوم أمام جيل يعيش حالة من الانفجار في الآمال والتطلعات وحالة من الانتظارات والأحلام سقفها عال جدا في مقابل عائلة عاجزة ويأسرها القصور وعدم القدرة على تلبية وتحقيق كل هذه الأماني والرغائب بعد أن أصبحت المدرسة والتعلم غير ضامنين لتحقيق السلم الأهلي والمصعد الاجتماعي وبعد أن فقدت المدرسة دورها في تزويد الأفراد بالمهارات والمعارف اللازمة لمواجهة الحياة وتحولت إلى محطة عبثية وهدر للوقت وتحولت الى مجال لصناعة سلوك الإدمان والانخراط في عالم الإجرام وشبكات الجريمة المنظمة وهو مسار خطير يؤدي في النهاية إلى فقدان الأمل في الحياة وفك الارتباط مع الدولة والشعور بأن الوطن لم يعد يوفر فرصا للحياة وقد تحول إلى فضاء يصعب فيه العيش وحصول القناعة بأن الأمل والمستقبل متوفران في مكان آخر وضمن بديل آخر يوفر العيش الكريم المفقود نتيجة غياب أفق الانفراج الذي من المفروض أن يوجد لدى الدولة وحلها الجماعي الذي كانت دولة الاستقلال توفره من خلال مصعد المدرسة والتشغيل في الوظيفة العمومية والقطاع العمومي.
المشكلة أن الفرد التونسي اليوم لم يعد تتوفر له حلول ممكنة وخيارات متاحة غير الإدمان على المخدرات لإلهاء النفس وتحويل وجهة الاهتمام وتأجيل الصدمة الاجتماعية أو الانتحار وإنهاء الحياة بهدوء وفي صمت أو الانخراط في جماعات الإجرام من سرقة ونشل وبراكاجات لافتكاك ما عند الغير وكل ما لم يقدر على توفيره والحصول عليه بالطرق المشروعة لقناعته بأن الذي يفتكه هو حقه الذي يقتسمه مع غيره القادر على تعويضه لأنه يمتلك وضعا اجتماعيا أفضل منه .
الهروب من الحياة والواقع نحو عوالم أخرى وهمية ومخيلة وحالمة هو التعبير الواضح عن أزمة الدولة وأزمة المجتمع وأزمة المدرسة وأزمة العائلة وأزمة النخب وأزمة الأفكار والسياسات البالية القديمة الفاقدة لحلول مشكلات العصر ولجيل هذا الزمان وأزمة مجتمع غير قادر على تأمين الاستقرار النفسي والاجتماعي لأفراده وعاجز عن احتضان الحلم بغد أفضل لجيل كامل وإقناعه بأن الحل الجماعي ما زال ممكنا و قائما في وطنهم وأن المستقبل ممكن في ظله .
جيل هو ضحية ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية هشة وخيارات فاشلة ومنظومات عاجزة عن حماية ومرافقة وتأطير هذا الجيل الذي جاء في الزمن الخاطئ ..
جيل يواجه واقعا قاسيا ومجتمعا عليلا ودولة مأزومة وحياة صعبة ومعقدة ولا خيار ولا حل أمامه إلا في الهروب منه ..