يستمر الجدل بشان القانون الانتخابي الجديد وإلى جانب اتساع دائرة المقاطعين للانتخابات التشريعية القادمة، تصدر من حين لآخر انتقادات من داخل الأحزاب المساندة للرئيس. فهل ينجح الرئيس في طمأنة داعمي المسار أم يستجيب لدعوات التنقيح؟
ولعل لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس مع أمين عام حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي يندرج في سياق محاولة التفاعل والطمأنة بعد جملة الانتقادات والملاحظات التي صدرت عن البريكي وحزبه على جانب بقية الأحزاب المساندة لرئيس الجمهورية على غرار حركة الشعب.
نيران صديقة
ورغم أنه لم يكشف إلى حد كتابة هذه الأسطر عن فحوى لقاء عبيد البريكي برئيس الجمهورية باستثناء البلاغ المقتضب الصادر عن الرئاسة ّ، إلا أن الكثير من الملاحظين يعتبرون أن ما صدر من انتقادات بشأن القانون الانتخابي الجديد سواء عبر تصريحات البريكي أو في بيان حركة تونس إلى الأمام الأخير، كان هو دافع وجوهر اللقاء بين الرجلين.
تجدر الإشارة إلى أن أمين عام حركة تونس إلى الأمام، عبيد البريكي، كان قد أكد على وجود عديد المآخذ في القانون الانتخابي الجديد، ومن بينها ما يرتقي إلى التناقض مع دستور 25 جويلية 2022.
وقال البريكي في تصريح إذاعي، يوم الثلاثاء الفارط، إن بعض هذه الهنات تتمثل في "مسألة التناصف والإجحاف في شرط التزكيات المطلوبة والغموض بشأن موقع الأحزاب في الفترة القادمة"، مضيفا أنه "لا صيغة تنص على كيفية تقديم الأحزاب لمرشّحيها، ولا مقياس واضح لتحديد عدد النواب بـ161، فهل هو مقياس الكثافة السكانية مثلًا أم معطيات أخرى؟".
وحول تقسيم الدوائر الانتخابية، قال البريكي إنّ التقسيم الجديد "سيخلق إشكالًا بين الجهات والمعتمديات، إذ مازالت مسألة العروشية والقبلية قائمة في تونس ولم نتجاوزها، ودمج جملة من المعتمديات قد يؤدي إلى تحرك هذه النعرات".
واعتبر البريكي أن الثغرات الواردة في القانون الانتخابي قد تؤثر على المشهد القادم وخاصة الجانب الاجتماعي الذي قد يؤثر على عملية الإقبال على الانتخابات.
بدوره اعتبر القيادي بحركة الشعب أن شروط الترشح في الانتخابات التشريعية وفق ما ورد في المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، "مجحفة وغير واقعية وتكرّس المزيد من البيروقراطية"، حسب رأيه، مستدركًا القول: "لكننا نقبل شروط اللعبة وسنشارك فيها"، وفقه.
وأضاف المكي، في تصريح أول أمس لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن "الاقتراع على الأفراد سيكرس مزيدًا من البيروقراطية ويطرح تعقيدات أكثر على فئة واسعة من المترشحين"، كما أشار إلى أن "تقسيم الدّوائر الانتخابية يثير من جديد التخوفات بخصوص إثارة النعرات المناطقية ويفسح المجال لعودة التخلف القبلي"، وفق تقديره.
اتساع دائرة المقاطعين
تتسع أيضا دائرة المقاطعين للانتخابات التشريعية القادمة فقد أعلن أول أمس الحزب الاشتراكي، أنه قرر مقاطعة الانتخابات التشريعية المنتظر تنظيمها يوم 17 ديسمبر"رغم قناعته بأن الانتخابات لازالت تمثل أداة أساسية للتغيير في الحياة السياسية والتداول السلمي على السلطة"، وفق تعبيره.
واعتبر، في بيان صادر عن مجلسه المركزي المنعقد مؤخرًا، أن المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة "من شأنها دعم صف القوى المحافظة الشعبوية والسلفية التي تعمل على التفريط في مكاسب الشعب الحداثية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية وفي مقدمتها مكاسب المرأة التونسية"، حسب رأيه.
قبل ذلك انضم حزب آفاق تونس للأحزاب المقاطعة للانتخابات - رغم أنه شارك سابقا في حملة الاستفتاء وخير عدم المقاطعة حينها- وأعلن في بيان يوم الخميس الفارط الخميس، عدم مشاركته في الانتخابات التشريعية القادمة، داعيا "عموم الشعب التونسي بكل مكوّناته السياسية والمدنية إلى مقاومة التسلط السياسي والانحراف المتسارع نحو الحكم الفردي ومنظومة البناء القاعدي في تونس".
وأكد الحزب في بيان أن "دستور قيس سعيّد يحمل تغييرًا جوهريًا للنظام السياسي وهو ما يقتضي وجوبًا وبالتوازي إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية..، وأن المرسوم الانتخابي الذي تمّ إصداره هو حجر الأساس لمنظومة البناء القاعدي ناهيك عن الإخلالات فيه المتعلّقة بتمثيلية المرأة والشباب، التقسيم الجغرافي، التمويل العمومي للحياة السياسية، استفحال الزبونية وإثارة النعرات العروشية والجهوية وهو ما سيساهم في تفكيك الدولة وتهديد استقرار ووحدة مؤسساتها"، وفق نص البيان.
وربما دفعت جملة هذه الانتقادات والإعلانات المتتالية لمقاطعة الأحزاب للانتخابات التشريعية القادمة، رئيس الجمهورية للتحرك باتجاه توضيح الرؤية على الأقل لمسانديه وتبديد مخاوفهم أو قد يكون اتجاه الرئيس خلال الفترة المقبلة نحو إدخال بعض التعديلات والتنقيحات الواردة في القانون الانتخابي لا سيما وأنه لا مانع قانوني لذلك.
وقد صرحت مؤخرا أستاذة القانون الدستوري، سلسبيل القليبي، أنه بإمكان رئيس الجمهورية، "تنقيح المرسوم الانتخابي الصادر يوم 15 سبتمبر الجاري"، وأنّ المسألة "لا تطرح إشكالا من الناحية القانونية".
وقالت إن المرسوم الإنتخابي، "دخل حيّز التنفيذ، منذ نشره بالرائد الرسمي ويمكن لرئيس الجمهورية التدخّل في اي وقت، لتنقيحه".
م.ي
تونس-الصباح
يستمر الجدل بشان القانون الانتخابي الجديد وإلى جانب اتساع دائرة المقاطعين للانتخابات التشريعية القادمة، تصدر من حين لآخر انتقادات من داخل الأحزاب المساندة للرئيس. فهل ينجح الرئيس في طمأنة داعمي المسار أم يستجيب لدعوات التنقيح؟
ولعل لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس مع أمين عام حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي يندرج في سياق محاولة التفاعل والطمأنة بعد جملة الانتقادات والملاحظات التي صدرت عن البريكي وحزبه على جانب بقية الأحزاب المساندة لرئيس الجمهورية على غرار حركة الشعب.
نيران صديقة
ورغم أنه لم يكشف إلى حد كتابة هذه الأسطر عن فحوى لقاء عبيد البريكي برئيس الجمهورية باستثناء البلاغ المقتضب الصادر عن الرئاسة ّ، إلا أن الكثير من الملاحظين يعتبرون أن ما صدر من انتقادات بشأن القانون الانتخابي الجديد سواء عبر تصريحات البريكي أو في بيان حركة تونس إلى الأمام الأخير، كان هو دافع وجوهر اللقاء بين الرجلين.
تجدر الإشارة إلى أن أمين عام حركة تونس إلى الأمام، عبيد البريكي، كان قد أكد على وجود عديد المآخذ في القانون الانتخابي الجديد، ومن بينها ما يرتقي إلى التناقض مع دستور 25 جويلية 2022.
وقال البريكي في تصريح إذاعي، يوم الثلاثاء الفارط، إن بعض هذه الهنات تتمثل في "مسألة التناصف والإجحاف في شرط التزكيات المطلوبة والغموض بشأن موقع الأحزاب في الفترة القادمة"، مضيفا أنه "لا صيغة تنص على كيفية تقديم الأحزاب لمرشّحيها، ولا مقياس واضح لتحديد عدد النواب بـ161، فهل هو مقياس الكثافة السكانية مثلًا أم معطيات أخرى؟".
وحول تقسيم الدوائر الانتخابية، قال البريكي إنّ التقسيم الجديد "سيخلق إشكالًا بين الجهات والمعتمديات، إذ مازالت مسألة العروشية والقبلية قائمة في تونس ولم نتجاوزها، ودمج جملة من المعتمديات قد يؤدي إلى تحرك هذه النعرات".
واعتبر البريكي أن الثغرات الواردة في القانون الانتخابي قد تؤثر على المشهد القادم وخاصة الجانب الاجتماعي الذي قد يؤثر على عملية الإقبال على الانتخابات.
بدوره اعتبر القيادي بحركة الشعب أن شروط الترشح في الانتخابات التشريعية وفق ما ورد في المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، "مجحفة وغير واقعية وتكرّس المزيد من البيروقراطية"، حسب رأيه، مستدركًا القول: "لكننا نقبل شروط اللعبة وسنشارك فيها"، وفقه.
وأضاف المكي، في تصريح أول أمس لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن "الاقتراع على الأفراد سيكرس مزيدًا من البيروقراطية ويطرح تعقيدات أكثر على فئة واسعة من المترشحين"، كما أشار إلى أن "تقسيم الدّوائر الانتخابية يثير من جديد التخوفات بخصوص إثارة النعرات المناطقية ويفسح المجال لعودة التخلف القبلي"، وفق تقديره.
اتساع دائرة المقاطعين
تتسع أيضا دائرة المقاطعين للانتخابات التشريعية القادمة فقد أعلن أول أمس الحزب الاشتراكي، أنه قرر مقاطعة الانتخابات التشريعية المنتظر تنظيمها يوم 17 ديسمبر"رغم قناعته بأن الانتخابات لازالت تمثل أداة أساسية للتغيير في الحياة السياسية والتداول السلمي على السلطة"، وفق تعبيره.
واعتبر، في بيان صادر عن مجلسه المركزي المنعقد مؤخرًا، أن المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة "من شأنها دعم صف القوى المحافظة الشعبوية والسلفية التي تعمل على التفريط في مكاسب الشعب الحداثية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية وفي مقدمتها مكاسب المرأة التونسية"، حسب رأيه.
قبل ذلك انضم حزب آفاق تونس للأحزاب المقاطعة للانتخابات - رغم أنه شارك سابقا في حملة الاستفتاء وخير عدم المقاطعة حينها- وأعلن في بيان يوم الخميس الفارط الخميس، عدم مشاركته في الانتخابات التشريعية القادمة، داعيا "عموم الشعب التونسي بكل مكوّناته السياسية والمدنية إلى مقاومة التسلط السياسي والانحراف المتسارع نحو الحكم الفردي ومنظومة البناء القاعدي في تونس".
وأكد الحزب في بيان أن "دستور قيس سعيّد يحمل تغييرًا جوهريًا للنظام السياسي وهو ما يقتضي وجوبًا وبالتوازي إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية..، وأن المرسوم الانتخابي الذي تمّ إصداره هو حجر الأساس لمنظومة البناء القاعدي ناهيك عن الإخلالات فيه المتعلّقة بتمثيلية المرأة والشباب، التقسيم الجغرافي، التمويل العمومي للحياة السياسية، استفحال الزبونية وإثارة النعرات العروشية والجهوية وهو ما سيساهم في تفكيك الدولة وتهديد استقرار ووحدة مؤسساتها"، وفق نص البيان.
وربما دفعت جملة هذه الانتقادات والإعلانات المتتالية لمقاطعة الأحزاب للانتخابات التشريعية القادمة، رئيس الجمهورية للتحرك باتجاه توضيح الرؤية على الأقل لمسانديه وتبديد مخاوفهم أو قد يكون اتجاه الرئيس خلال الفترة المقبلة نحو إدخال بعض التعديلات والتنقيحات الواردة في القانون الانتخابي لا سيما وأنه لا مانع قانوني لذلك.
وقد صرحت مؤخرا أستاذة القانون الدستوري، سلسبيل القليبي، أنه بإمكان رئيس الجمهورية، "تنقيح المرسوم الانتخابي الصادر يوم 15 سبتمبر الجاري"، وأنّ المسألة "لا تطرح إشكالا من الناحية القانونية".
وقالت إن المرسوم الإنتخابي، "دخل حيّز التنفيذ، منذ نشره بالرائد الرسمي ويمكن لرئيس الجمهورية التدخّل في اي وقت، لتنقيحه".