سيشهد الدينار التونسي تراجعاً قياسياً أمام الدولار الأمريكي، وذلك بعد أن وافق البنك المركزي الأمريكي، الاحتياطي الفيدرالي، أمس، على رفع سعر الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مائوية، لتتراوح تكلفة الأموال المودعة قصيرة الأجل اليوم بين 3 و 3.25٪ ، وهي أعلى نسبة منذ عام 2008 ، علما وان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، قام برفع سعر الفائدة للمرة الخامسة منذ بداية العام والثالث على التوالي بمقدار 75 نقطة أساس، وهو ما سيزيد في تكلفة الواردات مستقبلا، وهناك مخاوف جدية من تراجع الدينار التونسي مجددا أمام الدولار، علما وأن التراجع المسجل في أوت الماضي يعد سابقة تاريخية، ورفع من منسوب الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد.
وأدى الغزو الروسي على أوكرانيا، الذي أعقب جائحة COVID-19، إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية التي وصلت إلى 8.3٪ على أساس سنوي في أوت الماضي، كما رفعت البنوك المركزية لدول الخليج أيضًا أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وكان مصرف البحرين المركزي (CBB) أول من رفع أسعار الفائدة في المنطقة.
واعتادت البنوك المركزية لدول الخليج على تكييف أسعارها الرئيسية مع أسعار الولايات المتحدة لأن عملاتها مرتبطة بالدولار، ووصل الدولار إلى أعلى مستوى جديد خلال عقدين من الزمن استجابةً لرفع سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.2٪ إلى مستوى 111.72٪ ، وكان يتدحرج منذ بداية العام ليسجل تحسنا بنسبة 17٪ . ومن الجدير بالذكر أن اليورو انخفض إلى 0.9807 أمام الدولار الأمريكي وهو أعلى مستوى له في عشرين عاما وسط مخاوف من تدهور الوضع المعيشي في أوروبا جراء الصراع في أوكرانيا بعد حشد جنود الاحتياط الروس، وهو الأول منذ الحرب العالمية الثانية.
انهيار القدرة الشرائية
وبدأ اغلب التونسيين، في الأشهر الأخيرة، يلمسون نتائج تدني العملة الرئيسة (الدينار التونسي) أمام بقية العملات، وخاصة الدولار من خلال الارتفاع الكبير للأسعار في معظم المواد، ولا سيما المنتجات الاستهلاكية والأساسية. ويشهد الدينار التونسي تراجعاً قياسياً أمام الدولار، إذ ورد على الموقع الرسمي للبنك المركزي التونسي أن دولاراً واحداً أصبح يعادل بتاريخ 22 سبتمبر 2022 قيمة ثلاثة دنانير و237 مليماً، وهو أعلى مستوى له، بينما كان يساوي في الفترة نفسها من السنة الماضية تقريباً دينارين و700 مليماً، مسجلا ارتفاعا طفيفا عن عملة الاورو الأوروبية.
وسجل سعر صرف الدينار التونسي، منتصف أوت الماضي تراجعا تاريخيا أمام الدولار ليبلغ 3.192 دينار، في سوق صرف العملات، متجاوزا سعر صرف الاورو والذي بلغ آنذاك 3.16 دينار تونسي، وسط توقعات باستمرار أزمة تراجع العديد من العملات أمام الدولار، بعد التغييرات التي شهدها العالم بسبب الحرب في أوكرانيا، علما وأن هذا التراجع المسجل في سوق صرف العملات، سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للتونسيين، وأيضا على واردات تونس من الخارج، بالإضافة الى تآكل الاحتياطي النقدي لتونس من العملة الصعبة.
وحسب ما رصدته "الصباح" من عديد الخبراء في الآونة الأخيرة، فإن تدني سعر الدينار أمام الدولار من شأنه تهديد القدرة الشرائية للتونسيين، التي هوت فعلا بعد ارتفاع أسعار أغلب المواد الاستهلاكية، في ظل تدني الأجور، والتي تعتبر الأضعف إقليميا، تزامنا مع ارتفاع معدلات التضخم الى 8.6% متبوعة بارتفاع في نسبة الفائدة المديونية.
سابقة تاريخية
ويعد ارتفاع سعر الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي الى حدود 3.237 دينار في سوق صرف العملات بتاريخ أمس، سابقة تاريخية، لم تشهدها تونس من قبل، علما وان سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار التونسي، كان نحو 1.3 دينار قبل ما يعرف بثورات الربيع العربي، ويهدد الارتفاع المسجل في أسواق سعر صرف العملات، تآكل الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة لعديد الدول ، وعلى رأسهم تونس، التي سجلت منذ بداية شهر جوان الماضي، تراجعا لافتا في الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة ، كما سيؤثر ذلك على الميزان التجاري، وسيرفع في تكلفة التوريد، وبالتالي سترتفع أسعار المحروقات والحبوب.
وتراجعت قدرة تونس على تغطية وارداتها بالاعتماد على العملة الصعبة إلى 112 يوماً بتاريخ أمس، مقابل 138 يوماً خلال الفترة نفسها من 2021، على الرغم من ارتفاع قيمة الاحتياطي النقدي إلى 23.7 مليار دينار، وذلك وفق أحدث بيانات البنك المركزي.
وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 20 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، وكان في مستوى 2.8 دينار خلال الفترة نفسها من 2021. وفي المقابل تراجع سعر اليورو من 3.3 دينار في جويلية 2021 إلى 3.2 دينار.
تراجع جل العملات أمام الدولار
المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، كان قد أعلن في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل الدولار يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو.
وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار بسبب ارتفاع سعره والإقبال عليه، بينما سجل الدينار التونسي استقرارا تجاه اليورو، لافتا الى أن أزمة ارتفاع الدولار الأمريكي أمام باقي العملات الأخرى متواصلة الى نهاية العام.
ولا يستبعد العديد من الخبراء الاقتصاديين والماليين، سواء في تونس، أو خارجها، أن يستمر الهبوط الحاد للدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي، والذي بات صعوده يهدد العديد من عملات العديد من الدول لعل أبرزها مصر وتركيا، بالإضافة الى دول الاتحاد الأوروبي، والتي تأثرت هي الأخرى اقتصاديا، بعد أن تساوى الدولار الأمريكي مع عملة الاورو بداية من منتصف شهر أوت الماضي.
ارتفاع الدولار يضاعف عجز الميزانية
وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي، قد كشف عن أن عجز الميزانية سيرتفع إلى 9.7٪ مع نهاية هذا العام مقارنة مع توقعات سابقة عند 6.7 ٪، وذلك بسبب ارتفاع الدولار والزيادة الحادة في أسعار الحبوب والمحروقات. وقال العباسي في مؤتمر اقتصادي في صفاقس، أن تونس بحاجة إلى تمويل إضافي للميزانية يبلغ 5 مليارات دينار هذا العام بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، كما سترتفع احتياجات التمويل هذا العام إلى 25 مليار دينار، ما يرفع من الضغوط على ميزانية الدولة.
وقال العباسي، إنه من المتوقع أن يتسع عجز الحساب الجاري إلى نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مقابل 6.8 في المائة بحسب توقعات سابقة ، لافتا الى أن الدينار التونسي انخفض بنسبة 7% أمام الدولار الأمريكي.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
سيشهد الدينار التونسي تراجعاً قياسياً أمام الدولار الأمريكي، وذلك بعد أن وافق البنك المركزي الأمريكي، الاحتياطي الفيدرالي، أمس، على رفع سعر الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مائوية، لتتراوح تكلفة الأموال المودعة قصيرة الأجل اليوم بين 3 و 3.25٪ ، وهي أعلى نسبة منذ عام 2008 ، علما وان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، قام برفع سعر الفائدة للمرة الخامسة منذ بداية العام والثالث على التوالي بمقدار 75 نقطة أساس، وهو ما سيزيد في تكلفة الواردات مستقبلا، وهناك مخاوف جدية من تراجع الدينار التونسي مجددا أمام الدولار، علما وأن التراجع المسجل في أوت الماضي يعد سابقة تاريخية، ورفع من منسوب الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد.
وأدى الغزو الروسي على أوكرانيا، الذي أعقب جائحة COVID-19، إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية التي وصلت إلى 8.3٪ على أساس سنوي في أوت الماضي، كما رفعت البنوك المركزية لدول الخليج أيضًا أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وكان مصرف البحرين المركزي (CBB) أول من رفع أسعار الفائدة في المنطقة.
واعتادت البنوك المركزية لدول الخليج على تكييف أسعارها الرئيسية مع أسعار الولايات المتحدة لأن عملاتها مرتبطة بالدولار، ووصل الدولار إلى أعلى مستوى جديد خلال عقدين من الزمن استجابةً لرفع سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.2٪ إلى مستوى 111.72٪ ، وكان يتدحرج منذ بداية العام ليسجل تحسنا بنسبة 17٪ . ومن الجدير بالذكر أن اليورو انخفض إلى 0.9807 أمام الدولار الأمريكي وهو أعلى مستوى له في عشرين عاما وسط مخاوف من تدهور الوضع المعيشي في أوروبا جراء الصراع في أوكرانيا بعد حشد جنود الاحتياط الروس، وهو الأول منذ الحرب العالمية الثانية.
انهيار القدرة الشرائية
وبدأ اغلب التونسيين، في الأشهر الأخيرة، يلمسون نتائج تدني العملة الرئيسة (الدينار التونسي) أمام بقية العملات، وخاصة الدولار من خلال الارتفاع الكبير للأسعار في معظم المواد، ولا سيما المنتجات الاستهلاكية والأساسية. ويشهد الدينار التونسي تراجعاً قياسياً أمام الدولار، إذ ورد على الموقع الرسمي للبنك المركزي التونسي أن دولاراً واحداً أصبح يعادل بتاريخ 22 سبتمبر 2022 قيمة ثلاثة دنانير و237 مليماً، وهو أعلى مستوى له، بينما كان يساوي في الفترة نفسها من السنة الماضية تقريباً دينارين و700 مليماً، مسجلا ارتفاعا طفيفا عن عملة الاورو الأوروبية.
وسجل سعر صرف الدينار التونسي، منتصف أوت الماضي تراجعا تاريخيا أمام الدولار ليبلغ 3.192 دينار، في سوق صرف العملات، متجاوزا سعر صرف الاورو والذي بلغ آنذاك 3.16 دينار تونسي، وسط توقعات باستمرار أزمة تراجع العديد من العملات أمام الدولار، بعد التغييرات التي شهدها العالم بسبب الحرب في أوكرانيا، علما وأن هذا التراجع المسجل في سوق صرف العملات، سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للتونسيين، وأيضا على واردات تونس من الخارج، بالإضافة الى تآكل الاحتياطي النقدي لتونس من العملة الصعبة.
وحسب ما رصدته "الصباح" من عديد الخبراء في الآونة الأخيرة، فإن تدني سعر الدينار أمام الدولار من شأنه تهديد القدرة الشرائية للتونسيين، التي هوت فعلا بعد ارتفاع أسعار أغلب المواد الاستهلاكية، في ظل تدني الأجور، والتي تعتبر الأضعف إقليميا، تزامنا مع ارتفاع معدلات التضخم الى 8.6% متبوعة بارتفاع في نسبة الفائدة المديونية.
سابقة تاريخية
ويعد ارتفاع سعر الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي الى حدود 3.237 دينار في سوق صرف العملات بتاريخ أمس، سابقة تاريخية، لم تشهدها تونس من قبل، علما وان سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار التونسي، كان نحو 1.3 دينار قبل ما يعرف بثورات الربيع العربي، ويهدد الارتفاع المسجل في أسواق سعر صرف العملات، تآكل الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة لعديد الدول ، وعلى رأسهم تونس، التي سجلت منذ بداية شهر جوان الماضي، تراجعا لافتا في الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة ، كما سيؤثر ذلك على الميزان التجاري، وسيرفع في تكلفة التوريد، وبالتالي سترتفع أسعار المحروقات والحبوب.
وتراجعت قدرة تونس على تغطية وارداتها بالاعتماد على العملة الصعبة إلى 112 يوماً بتاريخ أمس، مقابل 138 يوماً خلال الفترة نفسها من 2021، على الرغم من ارتفاع قيمة الاحتياطي النقدي إلى 23.7 مليار دينار، وذلك وفق أحدث بيانات البنك المركزي.
وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 20 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، وكان في مستوى 2.8 دينار خلال الفترة نفسها من 2021. وفي المقابل تراجع سعر اليورو من 3.3 دينار في جويلية 2021 إلى 3.2 دينار.
تراجع جل العملات أمام الدولار
المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، كان قد أعلن في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل الدولار يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو.
وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار بسبب ارتفاع سعره والإقبال عليه، بينما سجل الدينار التونسي استقرارا تجاه اليورو، لافتا الى أن أزمة ارتفاع الدولار الأمريكي أمام باقي العملات الأخرى متواصلة الى نهاية العام.
ولا يستبعد العديد من الخبراء الاقتصاديين والماليين، سواء في تونس، أو خارجها، أن يستمر الهبوط الحاد للدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي، والذي بات صعوده يهدد العديد من عملات العديد من الدول لعل أبرزها مصر وتركيا، بالإضافة الى دول الاتحاد الأوروبي، والتي تأثرت هي الأخرى اقتصاديا، بعد أن تساوى الدولار الأمريكي مع عملة الاورو بداية من منتصف شهر أوت الماضي.
ارتفاع الدولار يضاعف عجز الميزانية
وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي، قد كشف عن أن عجز الميزانية سيرتفع إلى 9.7٪ مع نهاية هذا العام مقارنة مع توقعات سابقة عند 6.7 ٪، وذلك بسبب ارتفاع الدولار والزيادة الحادة في أسعار الحبوب والمحروقات. وقال العباسي في مؤتمر اقتصادي في صفاقس، أن تونس بحاجة إلى تمويل إضافي للميزانية يبلغ 5 مليارات دينار هذا العام بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، كما سترتفع احتياجات التمويل هذا العام إلى 25 مليار دينار، ما يرفع من الضغوط على ميزانية الدولة.
وقال العباسي، إنه من المتوقع أن يتسع عجز الحساب الجاري إلى نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مقابل 6.8 في المائة بحسب توقعات سابقة ، لافتا الى أن الدينار التونسي انخفض بنسبة 7% أمام الدولار الأمريكي.