إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الداخلية تفرض الأمر الواقع.. انفلاتات.. "صدامات".. والنقابات الأمنية تهدّد

تونس – الصباح

تخطو الأوضاع نحو المزيد من التعقيد والتوتر بين النقابات الأمنية وسلطة الإشراف وحتى بين النقابات في حد ذاتها في الأيام القليلة الماضية، كر وفر واتهامات متبادلة بين الطرفين ومشاجرات واعتداءات لفظية وجسدية بين أمنيين نقابيين وبين أمنيين آخرين كلفوا بفك الاعتصامات وإزالة خيام المعتصمين بعدة ولايات.

وضع يثير الكثير من الحيرة والاستغراب، فكل هذه المواجهات انطلقت تقريبا منذ حادثة حفل لطفي العبدلي بصفاقس يوم 8 أوت الماضي وازدادت توترا بعد لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزير الداخلية توفيق شرف الدين في اليوم الموالي ودعوته للأمنيين بتحمل مسؤولياتهم في التجاوزات التي تم ارتكابها بالإضافة إلى تجديد دعوته لتوحيد النقابات في هيكل واحد مما زاد في إشعال الفتيل بين مختلف الهياكل النقابية وحتى داخل النقابة الواحدة.

نشرت ليلة الجمعة غرة سبتمبر، عدة مقاطع فيديو تم تصويرها بمدينة صفاقس توثق مشاهد تبادل عنف بين نقابيين أمنيين وبين قوات الأمن الداخلي في محاولة لفك الاعتصام وإزالة الخيمات.

مشاهد تحدث في حقيقة الأمر لأول مرة في تونس، فلم يُسجل منذ الثورة ولا قبلها أي تبادل عنف سواء كان جسديا أو لفظيا بتلك الطريقة بين أمنيين وبين ممثلين عن النقابات الأمنية، ولأول مرة أيضا يعمد نقابيون إلى نصب خيام للاعتصام بمختلف جهات الجمهورية في نفس الوقت وفي نفس الفترة بتعلة التضامن مع زملائهم الموقوفين واحتجاجا على تصريحات وزير الداخلية أو ردا على رئيس الجمهورية.

في نفس الليلة تم فض الاعتصام، ويوم أمس الجمعة 2 سبتمبر عقدت وزارة الداخلية ندوة صحفية استثنائية بخصوص هذه المسألة أشرفت عليها الناطقة الرسمية باسم وزارة الداخلية، التي أكدت أنّ "الوزارة لن تتهاون في فرض احترام متطلبات العمل الأمني واحترام المؤسسات، مشيرة إلى الاخلالات التي قام بها عدد من النقابيين الأمنيين التي تتعارض مع متطلبات العمل الأمني.

وأفادت الخليفي أنّ الوحدات الأمنية رفعت مساء يوم الخميس31 خيمة أقامها عدد من النقابيين أمام مقرات أمنية في مختلف الجهات، في حركة احتجاجية تصعيدية أمام توالي الانتقادات لهذه النقابات واتهامها بارتكاب العديد من التجاوزات.

كما أكدت الناطقة الرسمية باسم وزارة الداخلية أنّ تدخل الوحدات الأمنية لإزالة هذه الخيام جاء بعد فشل المفاوضات مع النقابيين الأمنيين لإزالتها طوعا. وأفادت حصول بعض التجاوزات من قبل المعتصمين من الأمنيين، أثناء إزالة الخيام والاعتداء على عدد من الأمنيين من قبل النقابيين، مضيفة إلى أنّه تمّ فتح أبحاث عدلية في خصوصها.

وأشارت أيضا في نفس السياق إلى أن بعض النقابيين  استخدموا الغاز المشل للحركة ضدّ أعوان الأمن المكلفين مما اضطرّهم للرد باستعمال الغاز المسيل للدموع، كما أكدت تعمّد آخرين إضرام النار، موضحة أن وزارة الداخلية منفتحة على العمل النقابي في ظلّ احترام القانون وشريطة عدم المس بثوابت العمل الأمني خاصة.

تصاعد وتيرة هذه الأحداث جاءت، كما أشارت إلى ذلك الناطقة الرسمية باسم الداخلية، بعد توجيه وزير الداخلية توفيق شرف الدين العديد من الانتقادات للنقابات الأمنية خلال لقاء مع الصحفيين واتهمها بالقيام بالعديد من التجاوزات.

ولا يتوقف هذا التصعيد، على انتقادات الوزير الشفاهية وتصريحاته، وإنما أيضا قرار وقف الاقتطاع من أجور الأمنيين لفائدة الهياكل النقابية لغياب أي سند قانوني إلى جانب التوجه إلى فتح تحقيق في الأموال التي تم رصدها وجمعها والتي بلغت قيمتها 40 مليون دينار منذ بداية سنة 2022 أربك على ما يبدو عددا من الهياكل النقابية وضيق عليها أكثر فأكثر، لتتحول إلى مواجهات مع السلطة في المقابل فرضت وزارة الداخلية عليهم الأمر الواقع.

الصراع بين الأمنيين لا يظهر فقط بين النقابات وسلطة الإشراف فحسب، بل امتد بين النقابات في حد ذاتها وحتى داخل النقابة الواحدة.

فقد نشرت نقابة قوات الأمن الداخلي أمس على صفحتها الرسمية تدوينة تتهم فيها قيادات نقابية بالعبثية والارتجالية في المشهد النقابي في علاقة بنص البلاغ الذي نشر فيه قرار تعليق الاعتصامات.

فجاء في نص التدوينة أنّ "أولا بلاغ صدر على الساعة الثانية والنصف صباحا بعد إزالة كل الخيمات بالقوة العامة وبعد صدامات جعلت الصفحات المشبوهة وغير المشبوهة تتندر بنا وزادت في نقمة الشعب على العمل النقابي الأمني وصورونا في شكل متمردين على القانون، فعلا ما أرذل ما وصلنا إليه اليوم ."

وأضافت التدوينة "ثانيا من وجهة نظر القانون قرار صدر على هيئة موسعة لا يعدِل ولا يرفع إلا من خلالها وقرار المكتب التنفيذي يعتبر في نظر القانون قرارا بدون أثر قانوني فهو باطل شكليا باعتبار انه صدر على الصفحة الرسمية للنقابة الوطنية بدون ختم وإمضاء وباطل موضوعيا لصدوره عن الجهة غير المختصة في الموضوع (الهيئة الموسعة)" .

وقالت النقابة "فما يفهم من كل هذا؟ شيء واحد محاولة تنصل زعماء المشهد في المكتب التنفيذي من المسؤولية القانونية لما حدث وما تسبب فيه من أضرار مادية ومعنوية ومن مس لهيبة السلك ونواميسه ولو صدر قبل انتهاء إزالة الخيام بالقوة العامة كان سيلطف المشهد لكن في هكذا ظروف فقد فات الأوان والملاحقة الإدارية والقضائية ستنال كل من تجاوز القانون". وأضافت "ثالثا ورود لفظ تغليب المصلحة العامة وتجنب كل الصدامات يؤكد رعوانية العمل النقابي وعدم أهلية من اتخذ هذه القرارات فأصوات الحكمة نبهتكم من خطورة هذه التصرفات اللامدروسة ومن تبعاتها القانونية وآثارها لا فقط على من يتبنونها بل أيضا على العمل النقابي الأمني وعلى السلك ككل ولكنكم واصلتم هروبكم للأمام والآن تصدرون بيانا يورط القواعد ويصوركم في مشهد الأبطال الذين آثروا المصلحة العامة وأنقذوا البلاد مما لا يحمد عقباه ؟؟؟"

وتساءلت النقابة عبر التدوينة "أهذا استبلاه للقواعد أم للرأي العام أم لأنفسكم، أي مصلحة عامة وأي تجنب للمصادمات بين الزملاء ؟؟؟؟ ألم تشاهدوا الفيديوات التي تزعمت المشهد على كل الصفحات؟ ثم قبل ان نتحدث عن هذه الفيديوات تصرفاتكم انتم بخيمة المطار أهذا تصرف مسؤولين نقابيين أمنيين وخطاباتكم الشعبوية المبتذلة واللامسؤولة التي زادت في تشحين الوضع وتسببت في كل ما شاهدناه من مآسي أدمت القلب  نزلت بنا للحضيض" .

إيمان عبد اللطيف

الداخلية تفرض الأمر الواقع.. انفلاتات.. "صدامات".. والنقابات الأمنية تهدّد

تونس – الصباح

تخطو الأوضاع نحو المزيد من التعقيد والتوتر بين النقابات الأمنية وسلطة الإشراف وحتى بين النقابات في حد ذاتها في الأيام القليلة الماضية، كر وفر واتهامات متبادلة بين الطرفين ومشاجرات واعتداءات لفظية وجسدية بين أمنيين نقابيين وبين أمنيين آخرين كلفوا بفك الاعتصامات وإزالة خيام المعتصمين بعدة ولايات.

وضع يثير الكثير من الحيرة والاستغراب، فكل هذه المواجهات انطلقت تقريبا منذ حادثة حفل لطفي العبدلي بصفاقس يوم 8 أوت الماضي وازدادت توترا بعد لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزير الداخلية توفيق شرف الدين في اليوم الموالي ودعوته للأمنيين بتحمل مسؤولياتهم في التجاوزات التي تم ارتكابها بالإضافة إلى تجديد دعوته لتوحيد النقابات في هيكل واحد مما زاد في إشعال الفتيل بين مختلف الهياكل النقابية وحتى داخل النقابة الواحدة.

نشرت ليلة الجمعة غرة سبتمبر، عدة مقاطع فيديو تم تصويرها بمدينة صفاقس توثق مشاهد تبادل عنف بين نقابيين أمنيين وبين قوات الأمن الداخلي في محاولة لفك الاعتصام وإزالة الخيمات.

مشاهد تحدث في حقيقة الأمر لأول مرة في تونس، فلم يُسجل منذ الثورة ولا قبلها أي تبادل عنف سواء كان جسديا أو لفظيا بتلك الطريقة بين أمنيين وبين ممثلين عن النقابات الأمنية، ولأول مرة أيضا يعمد نقابيون إلى نصب خيام للاعتصام بمختلف جهات الجمهورية في نفس الوقت وفي نفس الفترة بتعلة التضامن مع زملائهم الموقوفين واحتجاجا على تصريحات وزير الداخلية أو ردا على رئيس الجمهورية.

في نفس الليلة تم فض الاعتصام، ويوم أمس الجمعة 2 سبتمبر عقدت وزارة الداخلية ندوة صحفية استثنائية بخصوص هذه المسألة أشرفت عليها الناطقة الرسمية باسم وزارة الداخلية، التي أكدت أنّ "الوزارة لن تتهاون في فرض احترام متطلبات العمل الأمني واحترام المؤسسات، مشيرة إلى الاخلالات التي قام بها عدد من النقابيين الأمنيين التي تتعارض مع متطلبات العمل الأمني.

وأفادت الخليفي أنّ الوحدات الأمنية رفعت مساء يوم الخميس31 خيمة أقامها عدد من النقابيين أمام مقرات أمنية في مختلف الجهات، في حركة احتجاجية تصعيدية أمام توالي الانتقادات لهذه النقابات واتهامها بارتكاب العديد من التجاوزات.

كما أكدت الناطقة الرسمية باسم وزارة الداخلية أنّ تدخل الوحدات الأمنية لإزالة هذه الخيام جاء بعد فشل المفاوضات مع النقابيين الأمنيين لإزالتها طوعا. وأفادت حصول بعض التجاوزات من قبل المعتصمين من الأمنيين، أثناء إزالة الخيام والاعتداء على عدد من الأمنيين من قبل النقابيين، مضيفة إلى أنّه تمّ فتح أبحاث عدلية في خصوصها.

وأشارت أيضا في نفس السياق إلى أن بعض النقابيين  استخدموا الغاز المشل للحركة ضدّ أعوان الأمن المكلفين مما اضطرّهم للرد باستعمال الغاز المسيل للدموع، كما أكدت تعمّد آخرين إضرام النار، موضحة أن وزارة الداخلية منفتحة على العمل النقابي في ظلّ احترام القانون وشريطة عدم المس بثوابت العمل الأمني خاصة.

تصاعد وتيرة هذه الأحداث جاءت، كما أشارت إلى ذلك الناطقة الرسمية باسم الداخلية، بعد توجيه وزير الداخلية توفيق شرف الدين العديد من الانتقادات للنقابات الأمنية خلال لقاء مع الصحفيين واتهمها بالقيام بالعديد من التجاوزات.

ولا يتوقف هذا التصعيد، على انتقادات الوزير الشفاهية وتصريحاته، وإنما أيضا قرار وقف الاقتطاع من أجور الأمنيين لفائدة الهياكل النقابية لغياب أي سند قانوني إلى جانب التوجه إلى فتح تحقيق في الأموال التي تم رصدها وجمعها والتي بلغت قيمتها 40 مليون دينار منذ بداية سنة 2022 أربك على ما يبدو عددا من الهياكل النقابية وضيق عليها أكثر فأكثر، لتتحول إلى مواجهات مع السلطة في المقابل فرضت وزارة الداخلية عليهم الأمر الواقع.

الصراع بين الأمنيين لا يظهر فقط بين النقابات وسلطة الإشراف فحسب، بل امتد بين النقابات في حد ذاتها وحتى داخل النقابة الواحدة.

فقد نشرت نقابة قوات الأمن الداخلي أمس على صفحتها الرسمية تدوينة تتهم فيها قيادات نقابية بالعبثية والارتجالية في المشهد النقابي في علاقة بنص البلاغ الذي نشر فيه قرار تعليق الاعتصامات.

فجاء في نص التدوينة أنّ "أولا بلاغ صدر على الساعة الثانية والنصف صباحا بعد إزالة كل الخيمات بالقوة العامة وبعد صدامات جعلت الصفحات المشبوهة وغير المشبوهة تتندر بنا وزادت في نقمة الشعب على العمل النقابي الأمني وصورونا في شكل متمردين على القانون، فعلا ما أرذل ما وصلنا إليه اليوم ."

وأضافت التدوينة "ثانيا من وجهة نظر القانون قرار صدر على هيئة موسعة لا يعدِل ولا يرفع إلا من خلالها وقرار المكتب التنفيذي يعتبر في نظر القانون قرارا بدون أثر قانوني فهو باطل شكليا باعتبار انه صدر على الصفحة الرسمية للنقابة الوطنية بدون ختم وإمضاء وباطل موضوعيا لصدوره عن الجهة غير المختصة في الموضوع (الهيئة الموسعة)" .

وقالت النقابة "فما يفهم من كل هذا؟ شيء واحد محاولة تنصل زعماء المشهد في المكتب التنفيذي من المسؤولية القانونية لما حدث وما تسبب فيه من أضرار مادية ومعنوية ومن مس لهيبة السلك ونواميسه ولو صدر قبل انتهاء إزالة الخيام بالقوة العامة كان سيلطف المشهد لكن في هكذا ظروف فقد فات الأوان والملاحقة الإدارية والقضائية ستنال كل من تجاوز القانون". وأضافت "ثالثا ورود لفظ تغليب المصلحة العامة وتجنب كل الصدامات يؤكد رعوانية العمل النقابي وعدم أهلية من اتخذ هذه القرارات فأصوات الحكمة نبهتكم من خطورة هذه التصرفات اللامدروسة ومن تبعاتها القانونية وآثارها لا فقط على من يتبنونها بل أيضا على العمل النقابي الأمني وعلى السلك ككل ولكنكم واصلتم هروبكم للأمام والآن تصدرون بيانا يورط القواعد ويصوركم في مشهد الأبطال الذين آثروا المصلحة العامة وأنقذوا البلاد مما لا يحمد عقباه ؟؟؟"

وتساءلت النقابة عبر التدوينة "أهذا استبلاه للقواعد أم للرأي العام أم لأنفسكم، أي مصلحة عامة وأي تجنب للمصادمات بين الزملاء ؟؟؟؟ ألم تشاهدوا الفيديوات التي تزعمت المشهد على كل الصفحات؟ ثم قبل ان نتحدث عن هذه الفيديوات تصرفاتكم انتم بخيمة المطار أهذا تصرف مسؤولين نقابيين أمنيين وخطاباتكم الشعبوية المبتذلة واللامسؤولة التي زادت في تشحين الوضع وتسببت في كل ما شاهدناه من مآسي أدمت القلب  نزلت بنا للحضيض" .

إيمان عبد اللطيف