إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كلام الرئيس أعادها إلى السطح.. معضلة الجمعيات المائية مسؤولية الدولة أولا

 

 

تونس-الصباح

أعاد كلام الرئيس مؤخرا بمناسبة استقباله لوزير الفلاحة إلى السطح، معضلة الجمعيات المائية التي تحولت منذ سنوات إلى عبء لأن الوضع الكارثي لهذه الهياكل والتأثير المباشر على نقص تزويد سكان العديد من المناطق الريفية بالماء ليس جديدا بل هو نتيجة تراكمات والجميع على بينة بما تعانيه هذه الجمعيات من إشكاليات وما يسجل فيها من سوء تصرف وفساد بما في ذلك الدولة لكنها عجزت عن إيجاد الحلول.

تواجه الجمعيات المائية جملة من الصعوبات والعراقيل التي تؤثر على أدائها لكن أبرزها مشكلة المديونية التي أدت في الفترة الأخيرة إلى تعطل عمل العديد منها علما أن الدّولة أحالت بمقتضى القانون عدد 35 لسنة 1987 والقوانين المنقحة له، التصرف في منظومــات المــاء الصالح للشرب بالوسط الريفي الى المجامع المائية التي يبلغ عددها أكثر من 1400 مجمع تتصرف في حوالي 1850 منظومة مائية.

مديونية عالية

وخلال استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس لمحمود إلياس حمزة، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري دعا إلى ضرورة إعادة نشاط الجمعيات المائية في الجهات مؤكدا أنه "يجب إعادة الجمعيات المائية فورا ويجب إعطاء الأمر لكل جهة لإعادة هذه الجمعيات فورا مع النظر في إمكانية إعادة جدولة ديونها والنظر في صيغة مختلفة".

وتشير المعطيات الإحصائية أن المداخيل المالية المحـققة من قبل المجـامع لا تغطي سـوى 66% من المصاريف المباشـرة والصيانة المستوجب القيام بها، مما يؤثر سلبا على أعمال صيانة الشبكات وعدم القدرة على خلاص فواتير الكهرباء والماء مما أنتج مديونية عالية لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشــركة الوطــنية لاستغلال وتوزيع المياه.

وتفاعلا مع إثارة رئيس الجمهروية لموضوع الجمعيات المائية أشار المسؤول السابق بوزارة الفلاحة والخبير في المياه عبد الله الرابحي، أنه توجد 1353 جمعية مائية للتصرف في المنظومة المائية لتزويد 1.6 مليون مواطن تونسي وبقيمة تقدر بنحو "ألف مليار".

وأكد في تصريح إذاعي أمس وجود "80 جمعية مائية معطّلة تماما بسبب ديونها بينها جمعيات لم تقم بخلاص ستاغ ("10 مليارات") وأخرى موجودة عن طريق الصوناد وتم قطع الماء عنها ولديها ديون متخلدة بذمتها بنحو "المليارين".

غياب الحوكمة

وقال الرابحي إنه يجب توفير المياه لهذه الجمعيات حتى تتمكن من توزيعها على المواطنين. مؤكدا على وجود "فوضى على مستوى تسيير مجامع وهناك نحو 123 ألف ربط عشوائي لهذه المجامع المائية".

تجدر الإشارة هنا إلى انه وفي محاولة للتصدي لإشكاليات سوء التصرف والتشجيع على الحومة الرشيدة، كانت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري قد أعلنت مؤخرا أنها ضبطت قائمة تضم 400 جمعية مائية متميزة من إجمالي 1443 جمعية مائية في تونس، علما وأن هذه المجامع كانت محل عملية مراقبة حسابات خلال السنوات الأخيرة .

وقد اعتمدت هذه الجمعيات المائية على الحوكمة الرشيدة والتصرف الدقيق واستطاعت تحسين أدائها وقيامها بالصيانة اللازمة إضافة الى استخلاص ديونها وتعصير الإدارة الفنية. وضمت قائمة المجامع المائية المتميزة مجامع مائية بعدد من الولايات من بينها زغوان ومنوبة وتطاوين وبنزرت وبن عروس وباجة وجندوبة ونابل ومدنين الكاف والمهدية وسوسة وصفاقس والقيروان وسيدي بوزيد.

لكن يظل مجهود الدولة منقوصا وتحركاتها محدودة في مجال استراتيجي مثل الماء سواء في المناطق الريفية أو في المدن. ويؤشر الكثير من المختصين إلى التقصير في متابعة بعض الدراسات المنجزة والتوصيات الصادرة عن الجمعيات والمجتمع المدني الناشط في مجال التحسيس بخطورة ملف المياه وحساسيته لحياة المواطن ومستقبل الأجيال والأمن القومي للدولة.

توصيات تنتظر التجسيم

وهنا أشار الخبير في المياه عبد الله الربحي الى دراسة حول "الماء بحلول 2050" بكلفة "10 مليارات" لتحديد التوجهات العامة لـ"دستور الماء"، وفق تعبيره.

كما ذكر بأن "مشروع مجلة مياه تم إسقاطه من طرف مجلس النواب. ودعا الرئيس الى إعادة النظر في مجلة المياه التي تم إسقاطها لتمريرها والتوصل الى حلول واقعية لازمة المياه".

ودعا سابقا البعض من المختصين إلى ضرورة إجراء دراسة حول تقييم تجربة المجامع المائية والتعمق في مختلف النماذج الممكنة للتصرف الأنجع في منظومات الماء الصالح للشرب بالوسط الريفي بتشريك المنتفعين والمجتمع المدني والجماعات المحلية والجهوية.

صدرت أيضا عن المرصد التونسي للمياه بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمياه في 22 مارس الفارط جملة من التوصيات لمواجهة ما وصفها "السياسات المائية المتبعة منذ عقود التي مازالت تتخبط في عديد الإشكاليات الهيكلية والصعوبات المتراكمة رغم التكاليف الباهظة التي تتكبدها المجموعة الوطنية في هذا القطاع، وعدم الالتزام بالخيارات الوطنية التي تراعي مصلحة المواطنين مخلّفة في أعقابها حالة من الغبن الاجتماعي خاصة في المناطق الداخلية للبلاد (2633 تبليغ مواطني عن مشكل متعلق بالمياه في سنة 2021)."

ومن بين توصيات المرصد التونسي للمياه الدعوة إلى :

- فتح حوار وطني شامل حول الماء يشارك فيه كل المعنيين بالمياه من فلاحين وعمال ومنظمات وطنية وجمعيات المجتمع المدني والهياكل العمومية المرتبطة بالماء، كل ذلك في إطار تحديد تصوراتنا الإستراتيجية تجاه المياه في الخمسين سنة القادمة.

- إلزام الشركات الصناعية المستعملة للماء وخاصة الصناعات الغذائية وصناعة الجلد والنسيج وصناعة تحويل الفسفاط والنفط، بدراسات جدوى مائية تتضمن وجوبا مصادر الماء وجدواها وتقنيات نظيفة في الإنتاج، والتي من خلالها يقع الترخيص أو منع هذه الأنشطة.

-تحفيز السكان ماديا وتقنيا من أجل تجميع مياه الأمطار ذاتيا في شكل فسقيات أو مواجل أو غيرها من التجهيزات الفردية.

-الشروع في رقمنة كل الشبكات المائية بكل الجهات بالبلاد من أجل متابعة ومراقبة فعّالة لها.

-فتح تدقيق جدي وشفاف حول عقود اللّزمات المسندة لشركات المياه المعلبة بالبلاد، وخاصة فيما يتعلق بقيمتها المالية والكميات المرخص لهم باستغلالها ومدى احترامهم لالتزاماتهم.

-إخراج قطاع المياه من وزارة الفلاحة وإفراده بهيكل مستقل يجمع كل الهياكل المعنية بالماء بكل أشكاله ومصادره.

-دعم الدولة للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه SONEDE ماديا وبشريا من أجل تعصير نشاطها وتطوير خدماتها العمومية المرتبطة بالماء الصالح للشراب.

إلغاء ديون المجامع المائية النّاشطة في مجال مياه الشرب لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز.

تشكيل لجان وطنية متخصصة يعهد لها إعداد مشروع مجلة مياه جديدة قادرة على حل إشكالات الماء وضمانه لكل أبناء الشعب كميا ونوعيا في كل مجالات الاستعمال.

م.ي

 

 

كلام الرئيس أعادها إلى السطح.. معضلة الجمعيات المائية مسؤولية الدولة أولا

 

 

تونس-الصباح

أعاد كلام الرئيس مؤخرا بمناسبة استقباله لوزير الفلاحة إلى السطح، معضلة الجمعيات المائية التي تحولت منذ سنوات إلى عبء لأن الوضع الكارثي لهذه الهياكل والتأثير المباشر على نقص تزويد سكان العديد من المناطق الريفية بالماء ليس جديدا بل هو نتيجة تراكمات والجميع على بينة بما تعانيه هذه الجمعيات من إشكاليات وما يسجل فيها من سوء تصرف وفساد بما في ذلك الدولة لكنها عجزت عن إيجاد الحلول.

تواجه الجمعيات المائية جملة من الصعوبات والعراقيل التي تؤثر على أدائها لكن أبرزها مشكلة المديونية التي أدت في الفترة الأخيرة إلى تعطل عمل العديد منها علما أن الدّولة أحالت بمقتضى القانون عدد 35 لسنة 1987 والقوانين المنقحة له، التصرف في منظومــات المــاء الصالح للشرب بالوسط الريفي الى المجامع المائية التي يبلغ عددها أكثر من 1400 مجمع تتصرف في حوالي 1850 منظومة مائية.

مديونية عالية

وخلال استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس لمحمود إلياس حمزة، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري دعا إلى ضرورة إعادة نشاط الجمعيات المائية في الجهات مؤكدا أنه "يجب إعادة الجمعيات المائية فورا ويجب إعطاء الأمر لكل جهة لإعادة هذه الجمعيات فورا مع النظر في إمكانية إعادة جدولة ديونها والنظر في صيغة مختلفة".

وتشير المعطيات الإحصائية أن المداخيل المالية المحـققة من قبل المجـامع لا تغطي سـوى 66% من المصاريف المباشـرة والصيانة المستوجب القيام بها، مما يؤثر سلبا على أعمال صيانة الشبكات وعدم القدرة على خلاص فواتير الكهرباء والماء مما أنتج مديونية عالية لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشــركة الوطــنية لاستغلال وتوزيع المياه.

وتفاعلا مع إثارة رئيس الجمهروية لموضوع الجمعيات المائية أشار المسؤول السابق بوزارة الفلاحة والخبير في المياه عبد الله الرابحي، أنه توجد 1353 جمعية مائية للتصرف في المنظومة المائية لتزويد 1.6 مليون مواطن تونسي وبقيمة تقدر بنحو "ألف مليار".

وأكد في تصريح إذاعي أمس وجود "80 جمعية مائية معطّلة تماما بسبب ديونها بينها جمعيات لم تقم بخلاص ستاغ ("10 مليارات") وأخرى موجودة عن طريق الصوناد وتم قطع الماء عنها ولديها ديون متخلدة بذمتها بنحو "المليارين".

غياب الحوكمة

وقال الرابحي إنه يجب توفير المياه لهذه الجمعيات حتى تتمكن من توزيعها على المواطنين. مؤكدا على وجود "فوضى على مستوى تسيير مجامع وهناك نحو 123 ألف ربط عشوائي لهذه المجامع المائية".

تجدر الإشارة هنا إلى انه وفي محاولة للتصدي لإشكاليات سوء التصرف والتشجيع على الحومة الرشيدة، كانت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري قد أعلنت مؤخرا أنها ضبطت قائمة تضم 400 جمعية مائية متميزة من إجمالي 1443 جمعية مائية في تونس، علما وأن هذه المجامع كانت محل عملية مراقبة حسابات خلال السنوات الأخيرة .

وقد اعتمدت هذه الجمعيات المائية على الحوكمة الرشيدة والتصرف الدقيق واستطاعت تحسين أدائها وقيامها بالصيانة اللازمة إضافة الى استخلاص ديونها وتعصير الإدارة الفنية. وضمت قائمة المجامع المائية المتميزة مجامع مائية بعدد من الولايات من بينها زغوان ومنوبة وتطاوين وبنزرت وبن عروس وباجة وجندوبة ونابل ومدنين الكاف والمهدية وسوسة وصفاقس والقيروان وسيدي بوزيد.

لكن يظل مجهود الدولة منقوصا وتحركاتها محدودة في مجال استراتيجي مثل الماء سواء في المناطق الريفية أو في المدن. ويؤشر الكثير من المختصين إلى التقصير في متابعة بعض الدراسات المنجزة والتوصيات الصادرة عن الجمعيات والمجتمع المدني الناشط في مجال التحسيس بخطورة ملف المياه وحساسيته لحياة المواطن ومستقبل الأجيال والأمن القومي للدولة.

توصيات تنتظر التجسيم

وهنا أشار الخبير في المياه عبد الله الربحي الى دراسة حول "الماء بحلول 2050" بكلفة "10 مليارات" لتحديد التوجهات العامة لـ"دستور الماء"، وفق تعبيره.

كما ذكر بأن "مشروع مجلة مياه تم إسقاطه من طرف مجلس النواب. ودعا الرئيس الى إعادة النظر في مجلة المياه التي تم إسقاطها لتمريرها والتوصل الى حلول واقعية لازمة المياه".

ودعا سابقا البعض من المختصين إلى ضرورة إجراء دراسة حول تقييم تجربة المجامع المائية والتعمق في مختلف النماذج الممكنة للتصرف الأنجع في منظومات الماء الصالح للشرب بالوسط الريفي بتشريك المنتفعين والمجتمع المدني والجماعات المحلية والجهوية.

صدرت أيضا عن المرصد التونسي للمياه بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمياه في 22 مارس الفارط جملة من التوصيات لمواجهة ما وصفها "السياسات المائية المتبعة منذ عقود التي مازالت تتخبط في عديد الإشكاليات الهيكلية والصعوبات المتراكمة رغم التكاليف الباهظة التي تتكبدها المجموعة الوطنية في هذا القطاع، وعدم الالتزام بالخيارات الوطنية التي تراعي مصلحة المواطنين مخلّفة في أعقابها حالة من الغبن الاجتماعي خاصة في المناطق الداخلية للبلاد (2633 تبليغ مواطني عن مشكل متعلق بالمياه في سنة 2021)."

ومن بين توصيات المرصد التونسي للمياه الدعوة إلى :

- فتح حوار وطني شامل حول الماء يشارك فيه كل المعنيين بالمياه من فلاحين وعمال ومنظمات وطنية وجمعيات المجتمع المدني والهياكل العمومية المرتبطة بالماء، كل ذلك في إطار تحديد تصوراتنا الإستراتيجية تجاه المياه في الخمسين سنة القادمة.

- إلزام الشركات الصناعية المستعملة للماء وخاصة الصناعات الغذائية وصناعة الجلد والنسيج وصناعة تحويل الفسفاط والنفط، بدراسات جدوى مائية تتضمن وجوبا مصادر الماء وجدواها وتقنيات نظيفة في الإنتاج، والتي من خلالها يقع الترخيص أو منع هذه الأنشطة.

-تحفيز السكان ماديا وتقنيا من أجل تجميع مياه الأمطار ذاتيا في شكل فسقيات أو مواجل أو غيرها من التجهيزات الفردية.

-الشروع في رقمنة كل الشبكات المائية بكل الجهات بالبلاد من أجل متابعة ومراقبة فعّالة لها.

-فتح تدقيق جدي وشفاف حول عقود اللّزمات المسندة لشركات المياه المعلبة بالبلاد، وخاصة فيما يتعلق بقيمتها المالية والكميات المرخص لهم باستغلالها ومدى احترامهم لالتزاماتهم.

-إخراج قطاع المياه من وزارة الفلاحة وإفراده بهيكل مستقل يجمع كل الهياكل المعنية بالماء بكل أشكاله ومصادره.

-دعم الدولة للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه SONEDE ماديا وبشريا من أجل تعصير نشاطها وتطوير خدماتها العمومية المرتبطة بالماء الصالح للشراب.

إلغاء ديون المجامع المائية النّاشطة في مجال مياه الشرب لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز.

تشكيل لجان وطنية متخصصة يعهد لها إعداد مشروع مجلة مياه جديدة قادرة على حل إشكالات الماء وضمانه لكل أبناء الشعب كميا ونوعيا في كل مجالات الاستعمال.

م.ي