- المتصرّفة بالوكالة الوطنية للسلامة السيبرانية، أسماء جرّاحي، لــ«الصباح»: التنمّر والابتزاز وانتحال الصفة والاستغلال والألعاب الإلكترونية من أبرز المخاطر
-الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، عبد الكريم الحيزاوي، لــ«الصباح»: التربية على وسائل الإعلام من الحلول التربوية الممكنة للتصدّي لهذه المخاطر
باتت الشاشات الرقمية والمحامل الافتراضية ووسائل التواصل الاجتماعي بيئة خطرة تهدّد الأطفال وتجعلهم عرضة لكثير من المخاطر التي لها انعكاساتها الخطيرة على توازن الطفل النفسي، وعلى حياته الدراسية والاجتماعية، وعلى اندماجه بشكل سليم في المجتمع.
واليوم، هناك اهتمام وطني ودولي بحماية الأطفال من هذه المخاطر المحتملة التي قد يذهب ضحيتها الطفل دون وعي منه، ودون إدراك لحجم المأزق الذي قد يورّط فيه نفسه.
وقد نظّمت وزارة تكنولوجيات الاتصال المنتدى الوطني حول حماية الأطفال تحت شعار «معًا من أجل حماية الأطفال في الفضاء السيبراني» في نسخته الأولى، وقد أكّد وزير تكنولوجيات الاتصال، سفيان الهميسي، أن حماية الأطفال والناشئة من مخاطر الفضاء السيبراني هي مسألة مصيرية بالنسبة إلى الأجيال القادمة، تتجاوز الإشكاليات التقليدية المتعارف عليها والمتعلقة أساسًا بالفيروسات والمحتويات غير الملائمة.
كما أعلنت، في الآونة الأخيرة، مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني عن إطلاق «مؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني»، وهي خطة دولية تهدف إلى حماية الأطفال عبر العالم في هذا الفضاء بالتعاون مع الدول الراغبة في الانخراط في هذا المجهود الدولي الذي يؤكّد وعيًا متزايدًا بخطورة الفضاء السيبراني على الطفل وعلى تكوينه النفسي والاجتماعي والتعليمي.
وحول المخاطر التي يتعرّض لها الأطفال في هذا الفضاء، استأنست «الصباح» برأي أهل الاختصاص ممن اشتغلوا على هذه الظاهرة في عمقها، حيث وضّحت لنا المتصرّفة بالوكالة الوطنية للسلامة السيبرانية، أسماء جرّاحي، أهم المخاطر التي تواجه الأطفال في هذا الفضاء انطلاقًا من عمليات الرصد والمتابعة المتواصلة التي تقوم بها الوكالة. أما الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، عبد الكريم الحيزاوي، ورئيس مركز تطوير الإعلام، والباحث في تشريعات الإعلام، فقد عرّج على مسألة التربية على وسائل الإعلام ودورها في تطوير وعي الطفل وحمايته من هذه المخاطر.
حماية الأطفال من الأولويات
أكّد وزير تكنولوجيات الاتصال، سفيان الهميسي، خلال المنتدى الوطني على أهمية توحيد الجهود ورفع مستوى الوعي بمخاطر الفضاء السيبراني. وكانت من أبرز خلاصات هذا المنتدى أن حماية الأطفال من الفضاء السيبراني تتطلب بناء حوار مفتوح معهم وتعزيز الوعي لديهم بالمخاطر الناتجة عن هذا الفضاء الرقمي، وأهمية إرساء رقابة فعّالة على أنشطتهم عبر الإنترنت مع استخدام أدوات السلامة التقنية، وإرساء تعاون مشترك بين الأسر والجهات الأمنية والمؤسسات التربوية لحمايتهم عند الاستخدام.
وفي ذات السياق، أكّدت المتصرّفة بالوكالة الوطنية لسلامة السيبرانية، أسماء الجراحي، في تصريح لـ»الصباح»، أنه وفقًا لما أنجزته الوكالة من دورات تحسيسية وتكوينية، وانطلاقًا من متابعتها الدقيقة لكل ما يهدّد مستخدمي الإنترنت، خاصة الأطفال، باتت اليوم جملة من المخاطر التي تهدّد بشكل مباشر الأطفال. وعن هذه المخاطر، تقول أسماء الجراحي: «من بين هذه المخاطر نجد التنمّر الإلكتروني الذي يؤثّر بشكل كبير على نفسية الطفل وتوازنه، وعلى بناء شخصيته أيضًا. كذلك نجد خطر انتحال الصفة من طرف بعض البالغين، حيث ينتحل أحدهم صفة طفل ويتواصل مع الأطفال، وينطلق في كسب ثقتهم شيئًا فشيئًا، ثم يقنعهم بالقيام ببعض الأشياء، كإرسال صورهم مثلًا. وبعد ذلك، يقوم بابتزازهم بأشكال مختلفة، بما في ذلك الابتزاز الجنسي، أو يقوم بقرصنة حساب الطفل، ومن ثم قرصنة كل حسابات العائلة. كما لاحظنا أن الطفل في مواقع التواصل يقدّم كل معطياته الشخصية دون تردّد ودون وعي منه بخطورة ذلك، وتلك المعطيات يمكن استغلالها كذلك في ابتزازه أو ابتزاز أفراد عائلته واستغلالها بشكل مشين، خاصة إذا كان أحد الأبوين يعمل في مهنة حساسة!»
وتضيف أسماء جراحي: «من المخاطر التي يواجهها الأطفال أيضًا في الفضاء السيبراني هي الألعاب الإلكترونية، حيث إن إدمان هذه الألعاب يدفعهم إلى استغلال البطاقات البنكية للأم أو الأب من أجل اللعب، وهو ما يتسبّب في خسائر مالية. كما أن فضول الأطفال قد يقودهم ليكونوا ضحية الإنترنت المظلم، حيث إن هناك بعض الأطفال الذين باتوا يعانون من الأرق الشديد بسبب مشاهدتهم عمليات قتل مباشرة لفيديوهات مأخوذة من هذا الإنترنت المظلم. هذا بالإضافة إلى أن الكثير من الأطفال قد يذهبون ضحية فبركة فيديوهات وصور باستخدام الذكاء الاصطناعي، التي تسمح بابتزازهم لاحقًا وإجبارهم على أفعال مشينة. وهنا يجب على الطفل أن يكون واعيًا بأن وقوعه في مأزق كهذا يجب أن يُعلم به الوالدان بشكل عاجل، لأنهما الأقدر على حلّ الإشكال وتخليصه وحمايته.»
ومؤخرًا، أكّدت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ أنها انطلقت في المبادرة التشاركية للوقاية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وقالت إن هدف المبادرة الوطنية هو حماية الأطفال من المخاطر والسلوكيات التي تهدّد سلامتهم، مثل الفضاء الرقمي، واستهلاك المخدرات، والإدمان على الشاشات الرقمية، والتنمّر، وكل أشكال العنف في مختلف الفضاءات.
حماية متعدّدة الأبعاد
في الآونة الأخيرة، أعلنت مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني عن إطلاق «مؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني» بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية، وتسعى هذه المبادرة إلى تعزيز العمل الجماعي وتوحيد الجهود الدولية ورفع مستوى الوعي العالمي لدى صناع القرار بمخاطر الفضاء السيبراني التي تهدّد الأطفال. حيث سيزوّد المؤشر صناع القرار برؤى عملية تسهم في صياغة سياسات أكثر فاعلية.
وفي تونس، يرى المختصون أنه لا بد من معالجة شاملة وعلى أكثر من مستوى لهذه المخاطر التي تلاحق الأطفال في الفضاء السيبراني. وفي هذا الإطار، يقول الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، عبد الكريم الحيزاوي، ورئيس مركز تطوير الإعلام، والباحث في تشريعات الإعلام: «إن مسألة تعامل الأطفال مع الفضاء السيبراني هي من الملفات والمواضيع الحارقة التي يجب منحها كل الاهتمام والتفكير في صيغ مثلى لحماية هؤلاء الأطفال، قائلاً: نحن حصلنا على التكنولوجيا ولكن دون ثقافة الاستعمال، تمامًا كالصناعات الملوثة التي تم منحها لدول الجنوب ولدول العالم الثالث. واليوم، مع تزايد حجم المخاطر في الفضاء السيبراني، فإن المطلوب هو إيلاء هذا الموضوع ما يستحق من أهمية بالنظر إلى تعدد المحامل الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيقات، وكل واحد منها يحمل مضامين ومخاطر مختلفة. وهناك اليوم فاعلون في تونس عليهم الانتباه إلى تلك المخاطر، ومنها وزارة التربية التي يجب أن تتحمّل مسؤوليتها في إدراج مادة التربية على وسائل الإعلام ضمن المناهج التربوية والتعليمية، وهو المطلب الذي كنّا أول من اقترحه وطالب به منذ 2004، لأن التربية على وسائل الإعلام لها القدرة على تقليص هذه المخاطر. فاليوم هناك إدمان من الأطفال على الشاشات الرقمية دون قدرة على التمييز في المضمون والمحتوى، وهذا التمييز والوعي لا يكون إلا بتربية سليمة تتم في المدرسة، بالإضافة إلى وعي العائلة.»
ويضيف الحيزاوي: «وزارة المرأة والطفولة مطالبة بدورها بالاشتغال على الوعي الأسري والتحسيس بهذه المخاطر، حيث إن هناك مهام يجب توزيعها للتصدّي لهذه المخاطر، ومنها مهام تربوية وتعليمية وصحية، بما أن لهذه المخاطر انعكاسات على صحة الطفل العقلية والنفسية. وبعد حذف الرقابة على الإنترنت منذ 2011، يجب اليوم إيجاد صيغ بديلة لتقليص هذه المخاطر. طبعًا، نحن لا نطالب بعودة الرقابة، ولكن بالتحكم في بعض المضامين الضارة. ففي الخمسة مواقع الأولى على محرّكات البحث في تونس نجد مثلًا المواقع الإباحية. ثم إن الخوارزميات على مواقع التواصل الاجتماعي هي التي باتت تتحكّم اليوم في اهتمامات المتصفح، حيث ترشّح له ما يتقارب مع أفكاره واهتماماته، ولا تترك له خيارات أخرى، حتى تحوّلت هذه المواقع من كونها عنوانًا للانفتاح على الآخر إلى نوع من العزلة والتقوقع في أفكار معينة هي أفكار المتصفح ومن يشبهه فقط، في مفارقة غريبة.»
ختم الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي حديثه بأن كل هذا المجهود الوطني يجب أن يتم تعزيزه دائمًا بالوعي والمراقبة الذاتية من الأولياء لما يتصفّحه الأبناء.
منية العرفاي
- المتصرّفة بالوكالة الوطنية للسلامة السيبرانية، أسماء جرّاحي، لــ«الصباح»: التنمّر والابتزاز وانتحال الصفة والاستغلال والألعاب الإلكترونية من أبرز المخاطر
-الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، عبد الكريم الحيزاوي، لــ«الصباح»: التربية على وسائل الإعلام من الحلول التربوية الممكنة للتصدّي لهذه المخاطر
باتت الشاشات الرقمية والمحامل الافتراضية ووسائل التواصل الاجتماعي بيئة خطرة تهدّد الأطفال وتجعلهم عرضة لكثير من المخاطر التي لها انعكاساتها الخطيرة على توازن الطفل النفسي، وعلى حياته الدراسية والاجتماعية، وعلى اندماجه بشكل سليم في المجتمع.
واليوم، هناك اهتمام وطني ودولي بحماية الأطفال من هذه المخاطر المحتملة التي قد يذهب ضحيتها الطفل دون وعي منه، ودون إدراك لحجم المأزق الذي قد يورّط فيه نفسه.
وقد نظّمت وزارة تكنولوجيات الاتصال المنتدى الوطني حول حماية الأطفال تحت شعار «معًا من أجل حماية الأطفال في الفضاء السيبراني» في نسخته الأولى، وقد أكّد وزير تكنولوجيات الاتصال، سفيان الهميسي، أن حماية الأطفال والناشئة من مخاطر الفضاء السيبراني هي مسألة مصيرية بالنسبة إلى الأجيال القادمة، تتجاوز الإشكاليات التقليدية المتعارف عليها والمتعلقة أساسًا بالفيروسات والمحتويات غير الملائمة.
كما أعلنت، في الآونة الأخيرة، مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني عن إطلاق «مؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني»، وهي خطة دولية تهدف إلى حماية الأطفال عبر العالم في هذا الفضاء بالتعاون مع الدول الراغبة في الانخراط في هذا المجهود الدولي الذي يؤكّد وعيًا متزايدًا بخطورة الفضاء السيبراني على الطفل وعلى تكوينه النفسي والاجتماعي والتعليمي.
وحول المخاطر التي يتعرّض لها الأطفال في هذا الفضاء، استأنست «الصباح» برأي أهل الاختصاص ممن اشتغلوا على هذه الظاهرة في عمقها، حيث وضّحت لنا المتصرّفة بالوكالة الوطنية للسلامة السيبرانية، أسماء جرّاحي، أهم المخاطر التي تواجه الأطفال في هذا الفضاء انطلاقًا من عمليات الرصد والمتابعة المتواصلة التي تقوم بها الوكالة. أما الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، عبد الكريم الحيزاوي، ورئيس مركز تطوير الإعلام، والباحث في تشريعات الإعلام، فقد عرّج على مسألة التربية على وسائل الإعلام ودورها في تطوير وعي الطفل وحمايته من هذه المخاطر.
حماية الأطفال من الأولويات
أكّد وزير تكنولوجيات الاتصال، سفيان الهميسي، خلال المنتدى الوطني على أهمية توحيد الجهود ورفع مستوى الوعي بمخاطر الفضاء السيبراني. وكانت من أبرز خلاصات هذا المنتدى أن حماية الأطفال من الفضاء السيبراني تتطلب بناء حوار مفتوح معهم وتعزيز الوعي لديهم بالمخاطر الناتجة عن هذا الفضاء الرقمي، وأهمية إرساء رقابة فعّالة على أنشطتهم عبر الإنترنت مع استخدام أدوات السلامة التقنية، وإرساء تعاون مشترك بين الأسر والجهات الأمنية والمؤسسات التربوية لحمايتهم عند الاستخدام.
وفي ذات السياق، أكّدت المتصرّفة بالوكالة الوطنية لسلامة السيبرانية، أسماء الجراحي، في تصريح لـ»الصباح»، أنه وفقًا لما أنجزته الوكالة من دورات تحسيسية وتكوينية، وانطلاقًا من متابعتها الدقيقة لكل ما يهدّد مستخدمي الإنترنت، خاصة الأطفال، باتت اليوم جملة من المخاطر التي تهدّد بشكل مباشر الأطفال. وعن هذه المخاطر، تقول أسماء الجراحي: «من بين هذه المخاطر نجد التنمّر الإلكتروني الذي يؤثّر بشكل كبير على نفسية الطفل وتوازنه، وعلى بناء شخصيته أيضًا. كذلك نجد خطر انتحال الصفة من طرف بعض البالغين، حيث ينتحل أحدهم صفة طفل ويتواصل مع الأطفال، وينطلق في كسب ثقتهم شيئًا فشيئًا، ثم يقنعهم بالقيام ببعض الأشياء، كإرسال صورهم مثلًا. وبعد ذلك، يقوم بابتزازهم بأشكال مختلفة، بما في ذلك الابتزاز الجنسي، أو يقوم بقرصنة حساب الطفل، ومن ثم قرصنة كل حسابات العائلة. كما لاحظنا أن الطفل في مواقع التواصل يقدّم كل معطياته الشخصية دون تردّد ودون وعي منه بخطورة ذلك، وتلك المعطيات يمكن استغلالها كذلك في ابتزازه أو ابتزاز أفراد عائلته واستغلالها بشكل مشين، خاصة إذا كان أحد الأبوين يعمل في مهنة حساسة!»
وتضيف أسماء جراحي: «من المخاطر التي يواجهها الأطفال أيضًا في الفضاء السيبراني هي الألعاب الإلكترونية، حيث إن إدمان هذه الألعاب يدفعهم إلى استغلال البطاقات البنكية للأم أو الأب من أجل اللعب، وهو ما يتسبّب في خسائر مالية. كما أن فضول الأطفال قد يقودهم ليكونوا ضحية الإنترنت المظلم، حيث إن هناك بعض الأطفال الذين باتوا يعانون من الأرق الشديد بسبب مشاهدتهم عمليات قتل مباشرة لفيديوهات مأخوذة من هذا الإنترنت المظلم. هذا بالإضافة إلى أن الكثير من الأطفال قد يذهبون ضحية فبركة فيديوهات وصور باستخدام الذكاء الاصطناعي، التي تسمح بابتزازهم لاحقًا وإجبارهم على أفعال مشينة. وهنا يجب على الطفل أن يكون واعيًا بأن وقوعه في مأزق كهذا يجب أن يُعلم به الوالدان بشكل عاجل، لأنهما الأقدر على حلّ الإشكال وتخليصه وحمايته.»
ومؤخرًا، أكّدت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ أنها انطلقت في المبادرة التشاركية للوقاية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وقالت إن هدف المبادرة الوطنية هو حماية الأطفال من المخاطر والسلوكيات التي تهدّد سلامتهم، مثل الفضاء الرقمي، واستهلاك المخدرات، والإدمان على الشاشات الرقمية، والتنمّر، وكل أشكال العنف في مختلف الفضاءات.
حماية متعدّدة الأبعاد
في الآونة الأخيرة، أعلنت مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني عن إطلاق «مؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني» بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية، وتسعى هذه المبادرة إلى تعزيز العمل الجماعي وتوحيد الجهود الدولية ورفع مستوى الوعي العالمي لدى صناع القرار بمخاطر الفضاء السيبراني التي تهدّد الأطفال. حيث سيزوّد المؤشر صناع القرار برؤى عملية تسهم في صياغة سياسات أكثر فاعلية.
وفي تونس، يرى المختصون أنه لا بد من معالجة شاملة وعلى أكثر من مستوى لهذه المخاطر التي تلاحق الأطفال في الفضاء السيبراني. وفي هذا الإطار، يقول الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، عبد الكريم الحيزاوي، ورئيس مركز تطوير الإعلام، والباحث في تشريعات الإعلام: «إن مسألة تعامل الأطفال مع الفضاء السيبراني هي من الملفات والمواضيع الحارقة التي يجب منحها كل الاهتمام والتفكير في صيغ مثلى لحماية هؤلاء الأطفال، قائلاً: نحن حصلنا على التكنولوجيا ولكن دون ثقافة الاستعمال، تمامًا كالصناعات الملوثة التي تم منحها لدول الجنوب ولدول العالم الثالث. واليوم، مع تزايد حجم المخاطر في الفضاء السيبراني، فإن المطلوب هو إيلاء هذا الموضوع ما يستحق من أهمية بالنظر إلى تعدد المحامل الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيقات، وكل واحد منها يحمل مضامين ومخاطر مختلفة. وهناك اليوم فاعلون في تونس عليهم الانتباه إلى تلك المخاطر، ومنها وزارة التربية التي يجب أن تتحمّل مسؤوليتها في إدراج مادة التربية على وسائل الإعلام ضمن المناهج التربوية والتعليمية، وهو المطلب الذي كنّا أول من اقترحه وطالب به منذ 2004، لأن التربية على وسائل الإعلام لها القدرة على تقليص هذه المخاطر. فاليوم هناك إدمان من الأطفال على الشاشات الرقمية دون قدرة على التمييز في المضمون والمحتوى، وهذا التمييز والوعي لا يكون إلا بتربية سليمة تتم في المدرسة، بالإضافة إلى وعي العائلة.»
ويضيف الحيزاوي: «وزارة المرأة والطفولة مطالبة بدورها بالاشتغال على الوعي الأسري والتحسيس بهذه المخاطر، حيث إن هناك مهام يجب توزيعها للتصدّي لهذه المخاطر، ومنها مهام تربوية وتعليمية وصحية، بما أن لهذه المخاطر انعكاسات على صحة الطفل العقلية والنفسية. وبعد حذف الرقابة على الإنترنت منذ 2011، يجب اليوم إيجاد صيغ بديلة لتقليص هذه المخاطر. طبعًا، نحن لا نطالب بعودة الرقابة، ولكن بالتحكم في بعض المضامين الضارة. ففي الخمسة مواقع الأولى على محرّكات البحث في تونس نجد مثلًا المواقع الإباحية. ثم إن الخوارزميات على مواقع التواصل الاجتماعي هي التي باتت تتحكّم اليوم في اهتمامات المتصفح، حيث ترشّح له ما يتقارب مع أفكاره واهتماماته، ولا تترك له خيارات أخرى، حتى تحوّلت هذه المواقع من كونها عنوانًا للانفتاح على الآخر إلى نوع من العزلة والتقوقع في أفكار معينة هي أفكار المتصفح ومن يشبهه فقط، في مفارقة غريبة.»
ختم الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي حديثه بأن كل هذا المجهود الوطني يجب أن يتم تعزيزه دائمًا بالوعي والمراقبة الذاتية من الأولياء لما يتصفّحه الأبناء.