إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تتألقان وترفعان راية تونس عاليا.. التوأم التونسي بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة «تحدي القراءة العربي 2025» بدبي

❞التوأم قدمتا نموذجا تونسيا مشرقا يجمع بين الذكاء والمثابرة والإيمان بقيمة المطالعة والكتاب❝

❞«تحدي القراءة» يتحول إلى حركة عربية واسعة تؤمن بأن الكتاب هو المدخل الأهم لبناء الوعي والمعرفة❝

في لحظة تفيض بالرمزية والأمل، حظي التوأم التونسي بيسان وبيلسان كوكة بتكريم خاص من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في ختام الدورة التاسعة من «تحدي القراءة العربي»، وهو أكبر تظاهرة قرائية في العالم العربي، بعد أن نالتا لقب بطل تحدي القراءة العربي 2025، متقدّمتين على آلاف المشاركين من مختلف الدول. وكانت الطفلتان قد فازتا في مرحلة «تحدي القراءة العربي» الذي استضافته تونس العاصمة في شهر جويلية الماضي، وجرى ترشيحهما للمشاركة في التحدي العالمي الذي أقيم في دبي. وللإشارة فإن بيسان وبيلسان تدرسان في السنة السادسة من التعليم الابتدائي بمدرسة 8 فيفري 1958 في ساقية سيدي يوسف من ولاية الكاف.

يأتي هذا التتويج في وقت تعرف فيه تونس نقاشا متصاعدا حول تراجع عادة القراءة وضعف صناعة النشر، ليعيد الأمل في جيل جديد يعيد الاعتبار للكتاب في زمن العزلة الرقمية. بيسان وبيلسان لم تفوزا فقط في منافسة عربية، بل قدّمتا نموذجا تونسيا مشرقا يجمع بين الذكاء والمثابرة والإيمان بقيمة المطالعة والقراءة والكلمة المكتوبة.

أقيم الحفل الختامي في مركز دبي التجاري العالمي يوم أمس الخميس 23 أكتوبر الجاري، بحضور شخصيات ثقافية وتربوية بارزة، وشهد تتويج الفائزين في مختلف الفئات. ففي فئة أصحاب الهمم، فازت المصرية ماريا حسن عجيل باللقب، بينما تُوّج جهاد محمد حسين من إيطاليا بطلا لفئة الجاليات. أما جائزة المشرف المتميز فكانت من نصيب المصرية سحر مصباح، وتقاسمت كل من مدرسة عاتكة بنت زيد (الإمارات) ومدرسة طرابلس الحدادين للبنات (لبنان) جائزة المدرسة المتميزة.

وقد حقّقت الدورة التاسعة من المبادرة، التي تنضوي تحت مظلة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، مشاركة قياسية بلغت أكثر من 32 مليون تلميذ وتلميذة من 50 دولة، يمثلون أكثر من 132 ألف مدرسة، بإشراف ما يزيد عن 161 ألف مشرف ومشرفة. وهو رقم يعكس تحوّل «تحدي القراءة» إلى حركة عربية واسعة تؤمن بأن الكتاب هو المدخل الأهم لبناء الوعي والمعرفة.

القراءة كقوة ناعمة... والكتاب كجسر إنساني

أهمية هذا الحدث لا تكمن في الجوائز السخية – التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 11 مليون درهم إماراتي – بقدر ما تتجسد في القيمة الرمزية للمطالعة في زمن يتراجع فيه حضور الكتاب أمام الشاشات والمحتوى السريع. فمن خلال هذا التحدي، تُعيد الإمارات ومعها الدول المشاركة الاعتبار إلى فعل القراءة باعتباره مشروعا جماعيا لصناعة الأمل والمعرفة، وليس مجرد نشاط مدرسي.

فمنذ انطلاق مبادرة «تحدي القراءة العربي» سنة 2015، تحوّلت هذه التظاهرة من مجرّد مسابقة تربوية إلى حركة ثقافية عربية عابرة للحدود، تسعى إلى إعادة الاعتبار للكتاب في حياة الأجيال الجديدة، وترسيخ القراءة كقيمة حضارية يومية.

ومع كل دورة جديدة، كانت تونس تحضر بقوة، لا بوصفها دولة مشاركة فحسب، بل كبلدٍ يصنع الفارق ويقدّم نماذج مضيئة في حب المعرفة والمطالعة. وقد تكرّس هذا الحضور التونسي المتجدد مع فوز التوأم بيسان وبيلسان بلقب بطل تحدي القراءة العربي 2025، وهو تتويج يضيف صفحة جديدة إلى سجلّ حافل من النجاحات التونسية في هذه المبادرة.

وهذا التتويج لن يكون حدثا عابرا، بل امتدادا لتقليد وطني في الإبداع القرائي ظلّ يتكرّر عبر السنوات. فقد سبق أن خطف الطفل التونسي يوسف بن داود، من المدرسة الابتدائية سيدي منصور – الدوالي بڤفصة، الأضواء حين تُوّج بالجائزة الأولى في النسخة السابعة من فئة «أصحاب الهمم» بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو إنجاز مضاعف لأنه جاء في أول دورة تُخصَّص فيها جائزة لهذه الفئة، فكان تتويج يوسف لحظة رمزية تجمع بين الإرادة والمعرفة وتؤكد أن القراءة فعل مقاومة وتحدٍّ قبل أن تكون منافسة.

وبذلك، كانت تونس أول بلد عربي يفتتح سجل هذه الفئة الإنسانية التي تُعيد تعريف البطولة من زاوية جديدة. وفي سنة 2022، واصل التلاميذ التونسيون هذا المسار المضيء عندما فاز الطفل آدم القاسمي (14 سنة) بالمرتبة الثانية في ختام فعاليات الدورة السادسة من هذا البرنامج. وقبل ذلك، تأهلت التلميذة التونسية آية بوتريعة إلى الأدوار النهائية من نسخة 2019، إلى جانب 16 مترشحا ومترشحة من دول عربية متعددة مثل السودان والسعودية والمغرب والكويت، ما عزز صورة تونس كبلد ينتج قرّاء نهمين قادرين على تمثيلها في أعلى المراتب الثقافية.

منصة عربية لغرس عادة القراءة

ولابدّ من التنويه في هذا السياق بأنّ «تحدي القراءة العربي» أصبح أكثر من مجرد مسابقة، بل تحوّل إلى مشروع تنموي وثقافي يسعى لترسيخ القراءة كعادة يومية في حياة الأجيال الجديدة. وتوفير الحوافز المالية، مثل الجائزة الكبرى التي تبلغ نصف مليون درهم إماراتي لبطل التحدي، لا يأتي بوصفه إغراء ماديا فحسب، بل وسيلة لتحفيز بيئة تعليمية كاملة على تبني القراءة كقيمة حضارية.

وتظهر الأرقام أن هذا الجهد بدأ يؤتي ثماره، فملايين الكتب قد قُرئت، ومكتبات مدرسية أُعيد إحياؤها، وأصوات قرّاء صغار ارتفعت في أرجاء العالم العربي وكشفت عن مواهبها وتطلعاتها، وما تطور عدد المشاركين أيضا من دورة إلى أخرى إلا تأكيد على هذا التوجه.

فقد حقق «تحدي القراءة العربي» عبر تسع دورات أكثر من 927 ألف مشاركة للمدارس العربية، ووصل إجمالي عدد المشرفين المشاركين في تسع دورات إلى أكثر من 877 ألف مشرف ومشرفة قراءة، كما سجّل معدلات نمو هائلة في حجم المشاركة، بداية من الدورة الأولى التي استقطبت 3.6 مليون تلميذ وتلميذة، وصولا إلى الدورة التاسعة إذ بلغ عدد المشاركين في تصفياتها 32.231 مليون تلميذ وتلميذة، بارتفاع بلغ أكثر من 795% عن الدورة الأولى. واستقطبت الدورة الثامنة 28.2 مليون مشارك من 50 دولة، وقد تواصل النسق التصاعدي للمشاركين في كل الدورات، مع العلم أنّ الدورة الأولى من «تحدي القراءة» قد سجّلت مشاركة 3.6 مليون تلميذ وتلميذة من 19 دولة، مثلوا 30 ألف مدرسة وتحت إشراف 60 ألف مشرف ومشرفة.

إيمان عبد اللطيف

تتألقان وترفعان راية تونس عاليا..   التوأم التونسي بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة «تحدي القراءة العربي 2025» بدبي

❞التوأم قدمتا نموذجا تونسيا مشرقا يجمع بين الذكاء والمثابرة والإيمان بقيمة المطالعة والكتاب❝

❞«تحدي القراءة» يتحول إلى حركة عربية واسعة تؤمن بأن الكتاب هو المدخل الأهم لبناء الوعي والمعرفة❝

في لحظة تفيض بالرمزية والأمل، حظي التوأم التونسي بيسان وبيلسان كوكة بتكريم خاص من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في ختام الدورة التاسعة من «تحدي القراءة العربي»، وهو أكبر تظاهرة قرائية في العالم العربي، بعد أن نالتا لقب بطل تحدي القراءة العربي 2025، متقدّمتين على آلاف المشاركين من مختلف الدول. وكانت الطفلتان قد فازتا في مرحلة «تحدي القراءة العربي» الذي استضافته تونس العاصمة في شهر جويلية الماضي، وجرى ترشيحهما للمشاركة في التحدي العالمي الذي أقيم في دبي. وللإشارة فإن بيسان وبيلسان تدرسان في السنة السادسة من التعليم الابتدائي بمدرسة 8 فيفري 1958 في ساقية سيدي يوسف من ولاية الكاف.

يأتي هذا التتويج في وقت تعرف فيه تونس نقاشا متصاعدا حول تراجع عادة القراءة وضعف صناعة النشر، ليعيد الأمل في جيل جديد يعيد الاعتبار للكتاب في زمن العزلة الرقمية. بيسان وبيلسان لم تفوزا فقط في منافسة عربية، بل قدّمتا نموذجا تونسيا مشرقا يجمع بين الذكاء والمثابرة والإيمان بقيمة المطالعة والقراءة والكلمة المكتوبة.

أقيم الحفل الختامي في مركز دبي التجاري العالمي يوم أمس الخميس 23 أكتوبر الجاري، بحضور شخصيات ثقافية وتربوية بارزة، وشهد تتويج الفائزين في مختلف الفئات. ففي فئة أصحاب الهمم، فازت المصرية ماريا حسن عجيل باللقب، بينما تُوّج جهاد محمد حسين من إيطاليا بطلا لفئة الجاليات. أما جائزة المشرف المتميز فكانت من نصيب المصرية سحر مصباح، وتقاسمت كل من مدرسة عاتكة بنت زيد (الإمارات) ومدرسة طرابلس الحدادين للبنات (لبنان) جائزة المدرسة المتميزة.

وقد حقّقت الدورة التاسعة من المبادرة، التي تنضوي تحت مظلة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، مشاركة قياسية بلغت أكثر من 32 مليون تلميذ وتلميذة من 50 دولة، يمثلون أكثر من 132 ألف مدرسة، بإشراف ما يزيد عن 161 ألف مشرف ومشرفة. وهو رقم يعكس تحوّل «تحدي القراءة» إلى حركة عربية واسعة تؤمن بأن الكتاب هو المدخل الأهم لبناء الوعي والمعرفة.

القراءة كقوة ناعمة... والكتاب كجسر إنساني

أهمية هذا الحدث لا تكمن في الجوائز السخية – التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 11 مليون درهم إماراتي – بقدر ما تتجسد في القيمة الرمزية للمطالعة في زمن يتراجع فيه حضور الكتاب أمام الشاشات والمحتوى السريع. فمن خلال هذا التحدي، تُعيد الإمارات ومعها الدول المشاركة الاعتبار إلى فعل القراءة باعتباره مشروعا جماعيا لصناعة الأمل والمعرفة، وليس مجرد نشاط مدرسي.

فمنذ انطلاق مبادرة «تحدي القراءة العربي» سنة 2015، تحوّلت هذه التظاهرة من مجرّد مسابقة تربوية إلى حركة ثقافية عربية عابرة للحدود، تسعى إلى إعادة الاعتبار للكتاب في حياة الأجيال الجديدة، وترسيخ القراءة كقيمة حضارية يومية.

ومع كل دورة جديدة، كانت تونس تحضر بقوة، لا بوصفها دولة مشاركة فحسب، بل كبلدٍ يصنع الفارق ويقدّم نماذج مضيئة في حب المعرفة والمطالعة. وقد تكرّس هذا الحضور التونسي المتجدد مع فوز التوأم بيسان وبيلسان بلقب بطل تحدي القراءة العربي 2025، وهو تتويج يضيف صفحة جديدة إلى سجلّ حافل من النجاحات التونسية في هذه المبادرة.

وهذا التتويج لن يكون حدثا عابرا، بل امتدادا لتقليد وطني في الإبداع القرائي ظلّ يتكرّر عبر السنوات. فقد سبق أن خطف الطفل التونسي يوسف بن داود، من المدرسة الابتدائية سيدي منصور – الدوالي بڤفصة، الأضواء حين تُوّج بالجائزة الأولى في النسخة السابعة من فئة «أصحاب الهمم» بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو إنجاز مضاعف لأنه جاء في أول دورة تُخصَّص فيها جائزة لهذه الفئة، فكان تتويج يوسف لحظة رمزية تجمع بين الإرادة والمعرفة وتؤكد أن القراءة فعل مقاومة وتحدٍّ قبل أن تكون منافسة.

وبذلك، كانت تونس أول بلد عربي يفتتح سجل هذه الفئة الإنسانية التي تُعيد تعريف البطولة من زاوية جديدة. وفي سنة 2022، واصل التلاميذ التونسيون هذا المسار المضيء عندما فاز الطفل آدم القاسمي (14 سنة) بالمرتبة الثانية في ختام فعاليات الدورة السادسة من هذا البرنامج. وقبل ذلك، تأهلت التلميذة التونسية آية بوتريعة إلى الأدوار النهائية من نسخة 2019، إلى جانب 16 مترشحا ومترشحة من دول عربية متعددة مثل السودان والسعودية والمغرب والكويت، ما عزز صورة تونس كبلد ينتج قرّاء نهمين قادرين على تمثيلها في أعلى المراتب الثقافية.

منصة عربية لغرس عادة القراءة

ولابدّ من التنويه في هذا السياق بأنّ «تحدي القراءة العربي» أصبح أكثر من مجرد مسابقة، بل تحوّل إلى مشروع تنموي وثقافي يسعى لترسيخ القراءة كعادة يومية في حياة الأجيال الجديدة. وتوفير الحوافز المالية، مثل الجائزة الكبرى التي تبلغ نصف مليون درهم إماراتي لبطل التحدي، لا يأتي بوصفه إغراء ماديا فحسب، بل وسيلة لتحفيز بيئة تعليمية كاملة على تبني القراءة كقيمة حضارية.

وتظهر الأرقام أن هذا الجهد بدأ يؤتي ثماره، فملايين الكتب قد قُرئت، ومكتبات مدرسية أُعيد إحياؤها، وأصوات قرّاء صغار ارتفعت في أرجاء العالم العربي وكشفت عن مواهبها وتطلعاتها، وما تطور عدد المشاركين أيضا من دورة إلى أخرى إلا تأكيد على هذا التوجه.

فقد حقق «تحدي القراءة العربي» عبر تسع دورات أكثر من 927 ألف مشاركة للمدارس العربية، ووصل إجمالي عدد المشرفين المشاركين في تسع دورات إلى أكثر من 877 ألف مشرف ومشرفة قراءة، كما سجّل معدلات نمو هائلة في حجم المشاركة، بداية من الدورة الأولى التي استقطبت 3.6 مليون تلميذ وتلميذة، وصولا إلى الدورة التاسعة إذ بلغ عدد المشاركين في تصفياتها 32.231 مليون تلميذ وتلميذة، بارتفاع بلغ أكثر من 795% عن الدورة الأولى. واستقطبت الدورة الثامنة 28.2 مليون مشارك من 50 دولة، وقد تواصل النسق التصاعدي للمشاركين في كل الدورات، مع العلم أنّ الدورة الأولى من «تحدي القراءة» قد سجّلت مشاركة 3.6 مليون تلميذ وتلميذة من 19 دولة، مثلوا 30 ألف مدرسة وتحت إشراف 60 ألف مشرف ومشرفة.

إيمان عبد اللطيف