إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بلغت أكثر من مليار دينار في 6 أشهر.. الصناعات المعملية تستأثر بالنصيب الأكبر من الاستثمارات الخارجية

- المدير العام لوكالة للنهوض بالاستثمار الخارجي لـ«الصباح»: تونس وجهة صناعية واعدة والاستثمارات الأجنبية تسجل قفزة بـ20.8 %

تشهد تونس خلال الفترة الأخيرة حركية لافتة على صعيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث عرفت الصناعات المعملية بصفة خاصة ارتفاعا ملحوظا في نسق جذب المستثمرين الأوروبيين والأفارقة على حد سواء.

هذا التوجه يعكس، وفق خبراء ومتابعين، استعادة البلاد لجزء من ثقة الشركاء الاقتصاديين، ويؤشر على بداية مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي بعد سنوات من الركود والتذبذب.

قفزة نوعية في حجم الاستثمارات

وكشف المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، جلال الطبيب، في تصريح لـ«الصباح»، أنّ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس بلغ 1600 مليون دينار خلال النصف الأول من سنة 2025، أي بزيادة قدرها 20.8 % مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2024. هذه الأرقام، التي تبدو في ظاهرها تقنية، تحمل في جوهرها مؤشرا إيجابيا بالغ الأهمية، مؤكدة أن تونس ما تزال وجهة جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية، رغم التحديات الاقتصادية والمالية التي عرفتها خلال السنوات الماضية.

ويكتسي هذا الارتفاع أهميته في كونه جاء في ظرف عالمي دقيق يتسم بالتنافس الشرس بين الدول على استقطاب رؤوس الأموال، وخاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. فقد سجلت الصناعات المعملية استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 1031.3 مليون دينار مع نهاية جوان 2025، مقابل 838.9 مليون دينار في الفترة نفسها من السنة الماضية، أي بزيادة تقارب 200 مليون دينار.

الصناعات المعملية في صدارة الاهتمام

ما يلفت الانتباه في هذه الأرقام هو تركيز المستثمرين على الصناعات المعملية، التي استحوذت على نسبة 62.9 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد. هذا الاختيار لا يأتي من فراغ، فالمستثمرون يدركون أن تونس تمتلك مقومات مهمة في هذا المجال، بدءاً من الموقع الجغرافي القريب من أوروبا، مرورا باليد العاملة المؤهلة، وصولا إلى اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي والأسواق الإفريقية.

وتبرز قطاعات مثل مكونات السيارات ومكونات الطائرات في مقدمة الصناعات المستقطِبة لرؤوس الأموال، باعتبارها قطاعات واعدة تساهم في نقل التكنولوجيا، وتحفّز التشغيل عالي الكفاءة، وتفتح آفاقا جديدة للصادرات التونسية. ومع تطور هذه الصناعات، تتحول تونس تدريجيا من مجرد منصة صناعية تقليدية إلى قاعدة إقليمية لإنتاج وتجميع مكونات عالية الجودة.

الطاقة.. رافد استراتيجي للاستثمار

وإلى جانب الصناعات المعملية، شهد قطاع الطاقة بدوره قفزة كبيرة في الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات فيه 398 مليون دينار خلال النصف الأول من 2025، مقابل 248.3 مليون دينار في الفترة نفسها من 2024، أي بزيادة تقارب 60 %. هذه الطفرة تُفسَّر أساسا بالتوجه الاستراتيجي نحو مشاريع الطاقات المتجددة.

فقد تعددت خلال الأشهر الأخيرة عقود إنجاز محطات لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة على غرار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بفضل دخول مجمعات أجنبية كبرى على خط الاستثمار. ومن المنتظر أن تدخل هذه المشاريع حيز الاستغلال قريبا، ما سيعطي دفعا قويا ليس فقط لقطاع الطاقة، بل للاقتصاد الوطني عموما عبر تقليص العجز الطاقي، وتخفيض كلفة الإنتاج، وتوفير فرص عمل جديدة.

الاستثمارات أداة لإنعاش الاقتصاد الوطني

ولا يمكن، اليوم، النظر إلى ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس بمعزل عن تأثيرها المباشر على الدورة الاقتصادية. فهي تساهم أولا في إدخال العملة الصعبة، بما يساعد على تحسين ميزان المدفوعات، وثانيا في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وثالثا في نقل التكنولوجيا والخبرات الحديثة.

وعندما نتحدث عن الصناعات المعملية تحديدا، فإننا نتحدث عن قطاعات ذات قيمة مضافة عالية قادرة على إحداث نقلة نوعية في النسيج الصناعي الوطني. فصناعة مكونات السيارات أو الطائرات، على سبيل المثال، ليست مجرد ورشات تجميع، بل هي فضاءات للإبداع الهندسي والتطوير التقني. وهذا يعني أن الاستثمار فيها يقترن بتطوير الكفاءات المحلية، وتحسين جودة التكوين، وإدماج تونس أكثر في سلاسل القيمة العالمية.

ثقة متجددة في تونس

وأكد المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي أن «تونس باتت محل ثقة المستثمرين الأجانب»، وهو تصريح يحمل دلالات عميقة. فالمستثمر الأجنبي لا يضع أمواله في أي بلد إلا إذا شعر بوجود حد أدنى من الاستقرار السياسي والقانوني، ورأى في السوق المحلية والإقليمية فرصا حقيقية للنمو.

ويبدو أن تونس نجحت في إرسال إشارات إيجابية خلال الفترة الأخيرة، سواء عبر تحسين مناخ الأعمال أو عبر الانفتاح على الشراكات الإفريقية، وهو ما يعكسه تنظيم المنتدى الاقتصادي «استثمر في إفريقيا» الذي وفر منصة للتعارف وتبادل الفرص بين رجال الأعمال من القارتين.

توزيع متوازن يعزز التنوع

حسب الإحصائيات الحديثة، تتوزع تركيبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس على 62.9 % للصناعات المعملية، و24.3 % لقطاع الطاقة، و11.6 % للخدمات، و1.2 % للفلاحة. هذه التركيبة تبرز ميزة التنوع، فهي لا تضع كل البيض في سلة واحدة، بل توزع الاستثمارات على قطاعات مختلفة، بما يقلل من المخاطر ويرفع من قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الصدمات.

ورغم أن نصيب الفلاحة ما يزال ضعيفا، لكن يمكن اعتبار ذلك فرصة مستقبلية لتطوير هذا القطاع الحيوي واستقطاب استثمارات في مجالات مثل الصناعات الغذائية أو الزراعات البديلة ذات القيمة المضافة العالية.

آفاق وتحديات

 ورغم المؤشرات الإيجابية، يرى عدد من خبراء الاقتصاد، أن تونس أمام  تحديات كبيرة للحفاظ على نسق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتطويرها. فالإطار التشريعي يحتاج إلى المزيد من التبسيط والوضوح، والبنية التحتية تتطلب استثمارات إضافية في الموانئ والطرقات والرقمنة. كما أن المنافسة الإقليمية محتدمة، خاصة مع دول إقليمية تضع بدورها سياسات جريئة لجذب المستثمرين.

لكن مع ذلك، فإن تونس تمتلك عناصر قوة لا يمكن إنكارها، وموقع استراتيجي، وكفاءات بشرية مؤهلة، وتجربة طويلة في الصناعات التحويلية، وانفتاح على الأسواق الأوروبية والإفريقية. ولا يستبعد جل الخبراء انه إذا تم استغلال هذه العناصر ضمن رؤية اقتصادية شاملة، يمكن أن تتحول الطفرة الحالية في الاستثمارات الأجنبية إلى رافعة حقيقية للنمو والتنمية المستدامة.

فرصة تاريخية لتعزيز الشراكة

 وإجمالا، فإن الارتفاع اللافت في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصناعات المعملية خلال الفترة الأخيرة ليس مجرد رقم اقتصادي، بل هو رسالة ثقة من العالم في قدرات تونس وموقعها الاستراتيجي. وهو أيضا فرصة تاريخية لإعادة رسم معالم الاقتصاد الوطني على أسس جديدة تقوم على الابتكار والتكنولوجيا والقيمة المضافة العالية. فهذه الاستثمارات لا تقتصر على تدفق رؤوس الأموال فحسب، بل تحمل معها التكنولوجيا المتطورة، وتدعم تكوين الكفاءات الوطنية، وتفتح أسواقا جديدة أمام المنتجات التونسية.

ولعل ما تحقق خلال الأشهر الأخيرة من نتائج إيجابية يبرهن على أن الصناعة التونسية قادرة على لعب دور محوري في دفع النمو الاقتصادي، متى توفرت لها البيئة المناسبة والدعم الكافي. ومع استمرار تدفق هذه الاستثمارات، يمكن لتونس أن تتحول على المدى القصير إلى قاعدة صناعية متطورة ومتكاملة، تُسهم في خلق الثروة، وتوفير فرص عمل نوعية، إضافة إلى تعزيز تموقع البلاد في سلاسل القيمة العالمية.

سفيان المهداوي

بلغت أكثر من مليار دينار في 6 أشهر..    الصناعات المعملية تستأثر بالنصيب الأكبر من الاستثمارات الخارجية

- المدير العام لوكالة للنهوض بالاستثمار الخارجي لـ«الصباح»: تونس وجهة صناعية واعدة والاستثمارات الأجنبية تسجل قفزة بـ20.8 %

تشهد تونس خلال الفترة الأخيرة حركية لافتة على صعيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث عرفت الصناعات المعملية بصفة خاصة ارتفاعا ملحوظا في نسق جذب المستثمرين الأوروبيين والأفارقة على حد سواء.

هذا التوجه يعكس، وفق خبراء ومتابعين، استعادة البلاد لجزء من ثقة الشركاء الاقتصاديين، ويؤشر على بداية مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي بعد سنوات من الركود والتذبذب.

قفزة نوعية في حجم الاستثمارات

وكشف المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، جلال الطبيب، في تصريح لـ«الصباح»، أنّ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس بلغ 1600 مليون دينار خلال النصف الأول من سنة 2025، أي بزيادة قدرها 20.8 % مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2024. هذه الأرقام، التي تبدو في ظاهرها تقنية، تحمل في جوهرها مؤشرا إيجابيا بالغ الأهمية، مؤكدة أن تونس ما تزال وجهة جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية، رغم التحديات الاقتصادية والمالية التي عرفتها خلال السنوات الماضية.

ويكتسي هذا الارتفاع أهميته في كونه جاء في ظرف عالمي دقيق يتسم بالتنافس الشرس بين الدول على استقطاب رؤوس الأموال، وخاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. فقد سجلت الصناعات المعملية استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 1031.3 مليون دينار مع نهاية جوان 2025، مقابل 838.9 مليون دينار في الفترة نفسها من السنة الماضية، أي بزيادة تقارب 200 مليون دينار.

الصناعات المعملية في صدارة الاهتمام

ما يلفت الانتباه في هذه الأرقام هو تركيز المستثمرين على الصناعات المعملية، التي استحوذت على نسبة 62.9 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد. هذا الاختيار لا يأتي من فراغ، فالمستثمرون يدركون أن تونس تمتلك مقومات مهمة في هذا المجال، بدءاً من الموقع الجغرافي القريب من أوروبا، مرورا باليد العاملة المؤهلة، وصولا إلى اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي والأسواق الإفريقية.

وتبرز قطاعات مثل مكونات السيارات ومكونات الطائرات في مقدمة الصناعات المستقطِبة لرؤوس الأموال، باعتبارها قطاعات واعدة تساهم في نقل التكنولوجيا، وتحفّز التشغيل عالي الكفاءة، وتفتح آفاقا جديدة للصادرات التونسية. ومع تطور هذه الصناعات، تتحول تونس تدريجيا من مجرد منصة صناعية تقليدية إلى قاعدة إقليمية لإنتاج وتجميع مكونات عالية الجودة.

الطاقة.. رافد استراتيجي للاستثمار

وإلى جانب الصناعات المعملية، شهد قطاع الطاقة بدوره قفزة كبيرة في الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات فيه 398 مليون دينار خلال النصف الأول من 2025، مقابل 248.3 مليون دينار في الفترة نفسها من 2024، أي بزيادة تقارب 60 %. هذه الطفرة تُفسَّر أساسا بالتوجه الاستراتيجي نحو مشاريع الطاقات المتجددة.

فقد تعددت خلال الأشهر الأخيرة عقود إنجاز محطات لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة على غرار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بفضل دخول مجمعات أجنبية كبرى على خط الاستثمار. ومن المنتظر أن تدخل هذه المشاريع حيز الاستغلال قريبا، ما سيعطي دفعا قويا ليس فقط لقطاع الطاقة، بل للاقتصاد الوطني عموما عبر تقليص العجز الطاقي، وتخفيض كلفة الإنتاج، وتوفير فرص عمل جديدة.

الاستثمارات أداة لإنعاش الاقتصاد الوطني

ولا يمكن، اليوم، النظر إلى ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس بمعزل عن تأثيرها المباشر على الدورة الاقتصادية. فهي تساهم أولا في إدخال العملة الصعبة، بما يساعد على تحسين ميزان المدفوعات، وثانيا في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وثالثا في نقل التكنولوجيا والخبرات الحديثة.

وعندما نتحدث عن الصناعات المعملية تحديدا، فإننا نتحدث عن قطاعات ذات قيمة مضافة عالية قادرة على إحداث نقلة نوعية في النسيج الصناعي الوطني. فصناعة مكونات السيارات أو الطائرات، على سبيل المثال، ليست مجرد ورشات تجميع، بل هي فضاءات للإبداع الهندسي والتطوير التقني. وهذا يعني أن الاستثمار فيها يقترن بتطوير الكفاءات المحلية، وتحسين جودة التكوين، وإدماج تونس أكثر في سلاسل القيمة العالمية.

ثقة متجددة في تونس

وأكد المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي أن «تونس باتت محل ثقة المستثمرين الأجانب»، وهو تصريح يحمل دلالات عميقة. فالمستثمر الأجنبي لا يضع أمواله في أي بلد إلا إذا شعر بوجود حد أدنى من الاستقرار السياسي والقانوني، ورأى في السوق المحلية والإقليمية فرصا حقيقية للنمو.

ويبدو أن تونس نجحت في إرسال إشارات إيجابية خلال الفترة الأخيرة، سواء عبر تحسين مناخ الأعمال أو عبر الانفتاح على الشراكات الإفريقية، وهو ما يعكسه تنظيم المنتدى الاقتصادي «استثمر في إفريقيا» الذي وفر منصة للتعارف وتبادل الفرص بين رجال الأعمال من القارتين.

توزيع متوازن يعزز التنوع

حسب الإحصائيات الحديثة، تتوزع تركيبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس على 62.9 % للصناعات المعملية، و24.3 % لقطاع الطاقة، و11.6 % للخدمات، و1.2 % للفلاحة. هذه التركيبة تبرز ميزة التنوع، فهي لا تضع كل البيض في سلة واحدة، بل توزع الاستثمارات على قطاعات مختلفة، بما يقلل من المخاطر ويرفع من قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الصدمات.

ورغم أن نصيب الفلاحة ما يزال ضعيفا، لكن يمكن اعتبار ذلك فرصة مستقبلية لتطوير هذا القطاع الحيوي واستقطاب استثمارات في مجالات مثل الصناعات الغذائية أو الزراعات البديلة ذات القيمة المضافة العالية.

آفاق وتحديات

 ورغم المؤشرات الإيجابية، يرى عدد من خبراء الاقتصاد، أن تونس أمام  تحديات كبيرة للحفاظ على نسق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتطويرها. فالإطار التشريعي يحتاج إلى المزيد من التبسيط والوضوح، والبنية التحتية تتطلب استثمارات إضافية في الموانئ والطرقات والرقمنة. كما أن المنافسة الإقليمية محتدمة، خاصة مع دول إقليمية تضع بدورها سياسات جريئة لجذب المستثمرين.

لكن مع ذلك، فإن تونس تمتلك عناصر قوة لا يمكن إنكارها، وموقع استراتيجي، وكفاءات بشرية مؤهلة، وتجربة طويلة في الصناعات التحويلية، وانفتاح على الأسواق الأوروبية والإفريقية. ولا يستبعد جل الخبراء انه إذا تم استغلال هذه العناصر ضمن رؤية اقتصادية شاملة، يمكن أن تتحول الطفرة الحالية في الاستثمارات الأجنبية إلى رافعة حقيقية للنمو والتنمية المستدامة.

فرصة تاريخية لتعزيز الشراكة

 وإجمالا، فإن الارتفاع اللافت في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصناعات المعملية خلال الفترة الأخيرة ليس مجرد رقم اقتصادي، بل هو رسالة ثقة من العالم في قدرات تونس وموقعها الاستراتيجي. وهو أيضا فرصة تاريخية لإعادة رسم معالم الاقتصاد الوطني على أسس جديدة تقوم على الابتكار والتكنولوجيا والقيمة المضافة العالية. فهذه الاستثمارات لا تقتصر على تدفق رؤوس الأموال فحسب، بل تحمل معها التكنولوجيا المتطورة، وتدعم تكوين الكفاءات الوطنية، وتفتح أسواقا جديدة أمام المنتجات التونسية.

ولعل ما تحقق خلال الأشهر الأخيرة من نتائج إيجابية يبرهن على أن الصناعة التونسية قادرة على لعب دور محوري في دفع النمو الاقتصادي، متى توفرت لها البيئة المناسبة والدعم الكافي. ومع استمرار تدفق هذه الاستثمارات، يمكن لتونس أن تتحول على المدى القصير إلى قاعدة صناعية متطورة ومتكاملة، تُسهم في خلق الثروة، وتوفير فرص عمل نوعية، إضافة إلى تعزيز تموقع البلاد في سلاسل القيمة العالمية.

سفيان المهداوي