إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد اعتقال الاحتلال المشاركين في أسطول الصمود.. ردود أفعال عاصفة نصرة للمعتقلين والقضية

- لجنة قانونية تضمّ محامين من دول مختلفة تجنّدت للدفاع عن المعتقلين

لم تكن ردود الأفعال الواسعة لدى التونسيين خلال اليومين الأخيرين، في متابعتهم للمستجدات والتطوّرات بخصوص أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة، مختلفة عما كانت عليه الحال أثناء دعمهم الكبير الذي أبدوه في مراحل الإعداد والانطلاق من السواحل التونسية في سيدي بوسعيد وقمرت وبنزرت، قبل نحو أسبوعين تقريبا.

وتلك ردود أفعال امتزجت فيها رغبة الجميع في نجاح هذا الأسطول في كسر الحصار على غزة وكسر أيدي الكيان المحتل المخالف للقوانين والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان والعمل الإنساني المدني، مع مشاعر الخوف والتضامن مع المشاركين، لا سيما أنهم يضمّون عددًا كبيرًا من التونسيين من سياسيين وإعلاميين وناشطين مدنيين وغيرهم من أنصار القضية الفلسطينية والمناصرين للعمل الإنساني. وهي تقريبا نفس ردود الفعل التي شهدتها عواصم ومدن عديدة في العالم ليلة أول أمس.

وتُعدّ هذه القضية الإنسانية العادلة مناسبة أخرى لتوحّد موقف غالبية التونسيين، لاسيما أن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، لطالما شدّد على وقوف تونس إلى جانب القضية الفلسطينية دون تنازل أو شروط، وهو الخطّ الذي تضعه الدبلوماسية التونسية ضمن أولوياتها، وتدافع عنه في المناسبات والمحافل الدولية.

ورغم المتابعة اليومية في تونس لمسار هذا الأسطول منذ خروجه من السواحل التونسية أو من سواحل البلدان الأخرى التي انطلقت منها سفن ضمن الأسطول، كإيطاليا وإسبانيا، سواء عبر صفحة “الأسطول المغاربي لكسر الحصار عن غزة” أو عبر “اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة”، أو من خلال ما ينقله بعض المشاركين من فيديوهات وصور توثّق اللحظات، فإن الضغط الذي اشتدّ على الجميع مع اقتراب السفن من المياه الإقليمية القريبة من سواحل غزة كان مختلفا. هذا في ظل يقين بصعوبة المهمة وخطورتها على الأطراف المشاركة، خاصة أمام تمرد الكيان المحتل على القوانين والقواعد الدولية والإنسانية.

فخرج أغلب أبناء المدن والولايات التونسية مساء أول أمس للتجمّع في الشوارع والساحات، بمجرد تداول الأخبار الأولى عن اعتراض قوات الاحتلال الإسرائيلي للأسطول واعتقال ركّابه، الذين يمثلون أكثر من خمسين دولة من مختلف قارات العالم. وقد بدا الدعم التونسي للأسطول واضحًا ومعلوما منذ البداية، عبر مراحله كافة: التحضير، والاحتضان، والانطلاق. وردّد المتظاهرون شعارات مؤيدة للتونسيين المشاركين في الأسطول، معبّرين عن تمسّكهم بالقضية الفلسطينية، وضرورة فك الحصار عن غزة، وإيقاف حرب الإبادة والتدمير التي تشهدها منذ عامين على يد قوات الاحتلال.

ويُشار إلى أن أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة يضم وفدًا من التونسيين يتكوّن من ستة عشر شخصًا متطوّعين، اختاروا خوض المخاطر نصرة للقضية الفلسطينية، ووقوفا إلى جانب أبناء غزة المحاصرين، حاملين على عاتقهم رسائل وآمال ملايين من التونسيين المؤمنين بهذه القضية العادلة.

وأضاف أن الأسطول يضم اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة “صمود نوسانتارا” الماليزية، وعلى متنه أكثر من 500 ناشط من نحو خمسين دولة على متن حوالي 50 سفينة.

وتُعد هذه المرة الأولى التي تبحر فيها عشرات السفن مجمّعة نحو قطاع غزة، المحاصر من قبل دولة الاحتلال منذ نحو 18 سنة. لكن الحصار الذي يُفرض في ظل الحرب التي تشنّها إسرائيل دون انقطاع، ترك تداعيات كبيرة أدّت إلى وفاة عدد كبير من الأطفال وسكان القطاع جوعا وعطشا.

وقد شهد يوم أمس تحرّكات مندّدة باعتقال الاحتلال للمشاركين في الأسطول ومنع وصول المساعدات، من قبل مؤسسات جامعية وتعليمية، ومنظمات وطنية ومدنية، وأحزاب سياسية وغيرها. ففي العاصمة، تجمّع عدد كبير من المواطنين والطلبة والتلاميذ في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، حاملين الأعلام التونسية والفلسطينية، مطالبين بتحرّك فوري لحماية المشاركين في أسطول الصمود المغاربي والعالمي، منهم التونسيون الذين قامت قوات الاحتلال بقرصنة السفن التي كانوا على متنها خلال مسيرتهم البحرية نحو غزة.

وأصدرت العديد من المنظمات والأحزاب بيانات تنديد باعتداءات الكيان المحتل على أسطول الصمود العالمي، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الذين تم اعتقالهم خلال اليومين الأخيرين.

ردود أفعال دولية

ونقلت وسائل إعلام دولية تحرّكات شعبية ونقابية في عدة بلدان مناهضة لمنع الكيان المحتل وصول قافلة الصمود إلى هدفها، بعد خروج آلاف المواطنين في عواصم ومدن أوروبية وأمريكية، منددين باحتجاز القوات الإسرائيلية للسفن وراكبيها، في مبادرة مدنية عالمية لدعم حقّ أبناء غزة في حياة كريمة، وتوفير الدواء وسبل العيش التي حملها الأسطول. فقد خرج أكثر من عشرة آلاف إيطالي ليلة أول أمس في العاصمة روما، وآلاف آخرون في مدن كبرى في إيطاليا، مطالبين رئيسة الحكومة الإيطالية بالتدخّل للإفراج عن المشاركين. كذلك شهدت بروكسل (العاصمة البلجيكية)، وبرلين، ولندن، وباريس، وأمريكا، مظاهرات مماثلة.

وأجمع المشاركون في هذه التحركات، حامِلين أعلام فلسطين وشعارات داعمة وغزاوية، على أن ما قامت به قوات الاحتلال يُعدّ انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وأنه يشكّل جريمة حرب واضحة تضاف إلى سجل الجرائم التي ارتكبتها دولة الاحتلال في الشرق الأوسط. فاعتقال مئات النشطاء من جنسيات مختلفة، بينهم تونسيون، يُمثّل خرقًا فاضحًا لكل القوانين والمواثيق الدولية.

وأكد مركز «عدالة» أنه تمكّن محامون تابعون له من الدخول إلى ميناء “أسدود” لمقابلة النشطاء المشاركين في أسطول الصمود بعد اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال، وذلك في إطار مهمّته في الدفاع عنهم، كما أعلن ذلك. في سياق متصل، أفادت هيفاء منصوري، عضو الإدارة العالمية لأسطول الصمود، بأن لجنة قانونية تضمّ محامين من دول مختلفة تجنّدت للدفاع عن المعتقلين، مع وجود محامين فلسطينيين على الأرض لمتابعة الوضع وتقديم المستجدات مباشرة.

تغيير أوراق اللعبة

وعبّر عدد من المتابعين للشأن الدولي في قراءاتهم لتداعيات هذا الحدث عن أن هذه المبادرة، وردود الأفعال العالمية الواسعة التي رافقتها، قد تدفع إلى تغيير أوراق اللعبة في الشرق الأوسط، لا سيّما في العلاقة بالقضية الفلسطينية. الأمر الذي قد يعجّل بإيجاد حلول للأزمة، ويدفع الكيان المحتل والقوى الداعمة له إلى مراجعة خياراتهم في سياق حربه على غزة. فرغم ما خلّفته من آلاف الشهداء والدمار والمآسي، لكنها أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأحداث، وحقّقت مساندة مدنية عالمية واسعة، في شوارع وجامعات وساحات معظم البلدان.

نزيهة الغضباني

بعد اعتقال الاحتلال المشاركين في أسطول الصمود..   ردود أفعال عاصفة نصرة للمعتقلين والقضية

- لجنة قانونية تضمّ محامين من دول مختلفة تجنّدت للدفاع عن المعتقلين

لم تكن ردود الأفعال الواسعة لدى التونسيين خلال اليومين الأخيرين، في متابعتهم للمستجدات والتطوّرات بخصوص أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة، مختلفة عما كانت عليه الحال أثناء دعمهم الكبير الذي أبدوه في مراحل الإعداد والانطلاق من السواحل التونسية في سيدي بوسعيد وقمرت وبنزرت، قبل نحو أسبوعين تقريبا.

وتلك ردود أفعال امتزجت فيها رغبة الجميع في نجاح هذا الأسطول في كسر الحصار على غزة وكسر أيدي الكيان المحتل المخالف للقوانين والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان والعمل الإنساني المدني، مع مشاعر الخوف والتضامن مع المشاركين، لا سيما أنهم يضمّون عددًا كبيرًا من التونسيين من سياسيين وإعلاميين وناشطين مدنيين وغيرهم من أنصار القضية الفلسطينية والمناصرين للعمل الإنساني. وهي تقريبا نفس ردود الفعل التي شهدتها عواصم ومدن عديدة في العالم ليلة أول أمس.

وتُعدّ هذه القضية الإنسانية العادلة مناسبة أخرى لتوحّد موقف غالبية التونسيين، لاسيما أن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، لطالما شدّد على وقوف تونس إلى جانب القضية الفلسطينية دون تنازل أو شروط، وهو الخطّ الذي تضعه الدبلوماسية التونسية ضمن أولوياتها، وتدافع عنه في المناسبات والمحافل الدولية.

ورغم المتابعة اليومية في تونس لمسار هذا الأسطول منذ خروجه من السواحل التونسية أو من سواحل البلدان الأخرى التي انطلقت منها سفن ضمن الأسطول، كإيطاليا وإسبانيا، سواء عبر صفحة “الأسطول المغاربي لكسر الحصار عن غزة” أو عبر “اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة”، أو من خلال ما ينقله بعض المشاركين من فيديوهات وصور توثّق اللحظات، فإن الضغط الذي اشتدّ على الجميع مع اقتراب السفن من المياه الإقليمية القريبة من سواحل غزة كان مختلفا. هذا في ظل يقين بصعوبة المهمة وخطورتها على الأطراف المشاركة، خاصة أمام تمرد الكيان المحتل على القوانين والقواعد الدولية والإنسانية.

فخرج أغلب أبناء المدن والولايات التونسية مساء أول أمس للتجمّع في الشوارع والساحات، بمجرد تداول الأخبار الأولى عن اعتراض قوات الاحتلال الإسرائيلي للأسطول واعتقال ركّابه، الذين يمثلون أكثر من خمسين دولة من مختلف قارات العالم. وقد بدا الدعم التونسي للأسطول واضحًا ومعلوما منذ البداية، عبر مراحله كافة: التحضير، والاحتضان، والانطلاق. وردّد المتظاهرون شعارات مؤيدة للتونسيين المشاركين في الأسطول، معبّرين عن تمسّكهم بالقضية الفلسطينية، وضرورة فك الحصار عن غزة، وإيقاف حرب الإبادة والتدمير التي تشهدها منذ عامين على يد قوات الاحتلال.

ويُشار إلى أن أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة يضم وفدًا من التونسيين يتكوّن من ستة عشر شخصًا متطوّعين، اختاروا خوض المخاطر نصرة للقضية الفلسطينية، ووقوفا إلى جانب أبناء غزة المحاصرين، حاملين على عاتقهم رسائل وآمال ملايين من التونسيين المؤمنين بهذه القضية العادلة.

وأضاف أن الأسطول يضم اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة “صمود نوسانتارا” الماليزية، وعلى متنه أكثر من 500 ناشط من نحو خمسين دولة على متن حوالي 50 سفينة.

وتُعد هذه المرة الأولى التي تبحر فيها عشرات السفن مجمّعة نحو قطاع غزة، المحاصر من قبل دولة الاحتلال منذ نحو 18 سنة. لكن الحصار الذي يُفرض في ظل الحرب التي تشنّها إسرائيل دون انقطاع، ترك تداعيات كبيرة أدّت إلى وفاة عدد كبير من الأطفال وسكان القطاع جوعا وعطشا.

وقد شهد يوم أمس تحرّكات مندّدة باعتقال الاحتلال للمشاركين في الأسطول ومنع وصول المساعدات، من قبل مؤسسات جامعية وتعليمية، ومنظمات وطنية ومدنية، وأحزاب سياسية وغيرها. ففي العاصمة، تجمّع عدد كبير من المواطنين والطلبة والتلاميذ في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، حاملين الأعلام التونسية والفلسطينية، مطالبين بتحرّك فوري لحماية المشاركين في أسطول الصمود المغاربي والعالمي، منهم التونسيون الذين قامت قوات الاحتلال بقرصنة السفن التي كانوا على متنها خلال مسيرتهم البحرية نحو غزة.

وأصدرت العديد من المنظمات والأحزاب بيانات تنديد باعتداءات الكيان المحتل على أسطول الصمود العالمي، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الذين تم اعتقالهم خلال اليومين الأخيرين.

ردود أفعال دولية

ونقلت وسائل إعلام دولية تحرّكات شعبية ونقابية في عدة بلدان مناهضة لمنع الكيان المحتل وصول قافلة الصمود إلى هدفها، بعد خروج آلاف المواطنين في عواصم ومدن أوروبية وأمريكية، منددين باحتجاز القوات الإسرائيلية للسفن وراكبيها، في مبادرة مدنية عالمية لدعم حقّ أبناء غزة في حياة كريمة، وتوفير الدواء وسبل العيش التي حملها الأسطول. فقد خرج أكثر من عشرة آلاف إيطالي ليلة أول أمس في العاصمة روما، وآلاف آخرون في مدن كبرى في إيطاليا، مطالبين رئيسة الحكومة الإيطالية بالتدخّل للإفراج عن المشاركين. كذلك شهدت بروكسل (العاصمة البلجيكية)، وبرلين، ولندن، وباريس، وأمريكا، مظاهرات مماثلة.

وأجمع المشاركون في هذه التحركات، حامِلين أعلام فلسطين وشعارات داعمة وغزاوية، على أن ما قامت به قوات الاحتلال يُعدّ انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وأنه يشكّل جريمة حرب واضحة تضاف إلى سجل الجرائم التي ارتكبتها دولة الاحتلال في الشرق الأوسط. فاعتقال مئات النشطاء من جنسيات مختلفة، بينهم تونسيون، يُمثّل خرقًا فاضحًا لكل القوانين والمواثيق الدولية.

وأكد مركز «عدالة» أنه تمكّن محامون تابعون له من الدخول إلى ميناء “أسدود” لمقابلة النشطاء المشاركين في أسطول الصمود بعد اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال، وذلك في إطار مهمّته في الدفاع عنهم، كما أعلن ذلك. في سياق متصل، أفادت هيفاء منصوري، عضو الإدارة العالمية لأسطول الصمود، بأن لجنة قانونية تضمّ محامين من دول مختلفة تجنّدت للدفاع عن المعتقلين، مع وجود محامين فلسطينيين على الأرض لمتابعة الوضع وتقديم المستجدات مباشرة.

تغيير أوراق اللعبة

وعبّر عدد من المتابعين للشأن الدولي في قراءاتهم لتداعيات هذا الحدث عن أن هذه المبادرة، وردود الأفعال العالمية الواسعة التي رافقتها، قد تدفع إلى تغيير أوراق اللعبة في الشرق الأوسط، لا سيّما في العلاقة بالقضية الفلسطينية. الأمر الذي قد يعجّل بإيجاد حلول للأزمة، ويدفع الكيان المحتل والقوى الداعمة له إلى مراجعة خياراتهم في سياق حربه على غزة. فرغم ما خلّفته من آلاف الشهداء والدمار والمآسي، لكنها أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأحداث، وحقّقت مساندة مدنية عالمية واسعة، في شوارع وجامعات وساحات معظم البلدان.

نزيهة الغضباني