مع انطلاق العد التنازلي للعودة المدرسية، تعيش كل الأطراف المتداخلة في الشأن التربوي من سلطة إشراف ومنظمات حركية متزايدة على أكثر من صعيد، بدءًا من تجهيز وترميم المؤسسات التربوية وصيانة ما تضرر منها، مرورًا بتوفير الكتب والكراسات، وصولًا إلى ضبط الإطار التربوي والبشري من معلمين وأساتذة وقيمين وإداريين.
لكن ما يميّز هذه السنة هو المناخ العام الذي يرافق هذه العودة، خاصة في ظل الاجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية بهدف اصلاح المنظومة التربوية، باعتبار التعليم ركيزة أساسية لأية نقلة نوعية: فهل نشهد هذه السنة عودة مغايرة؟.
خلال الأشهر الماضية، شدد رئيس الدولة في أكثر من مناسبة على أن إصلاح التعليم لم يعد خيارًا، بل ضرورة عاجلة، موجّهًا رسائل واضحة مفادها أن زمن الترقيع انتهى وأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة بناء وتطوير شاملين.
هذه الدعوة إلى الإصلاح يؤكد القائمون على المجال التربوي أنه ترافقها نقاشات داخل وزارة التربية وخارجها حول أهمية مراجعة البرامج، وتحسين جودة التكوين، وإعادة الاعتبار لدور المدرسة في صناعة أجيال قادرة على التفكير النقدي والمواطنة الفاعلة.
أما على المستوى الميداني، فككل عودة مدرسية تبذل السلطات جهدا من أجل عودة مدرسية سلسة، ولتتدارك النقائص التي رافقت السنوات الماضية، سواء عبر تفعيل أشغال الصيانة في عدد من المدارس الداخلية أو من خلال تعزيز الرقمنة لتسهيل آلية التسجيل المدرسي وذلك بالتوازي مع التعهد بسد جميع الشغورات.
كما وبالتوزاي مع ذلك، تشهد الإدارة المدرسية خطوات نحو الرقمنة، من خلال تعميم التسجيل عن بُعد ومتابعة ملفات التلاميذ إلكترونيا، وهو ما يُنتظر أن يقلص من البيروقراطية.
وفي هذا الخصوص جدير بالذكر أن الاستعداد للعودة المدرسية 2025-2026 واستعراض مختلف الاحتياجات مثل محور جلسة عمل التأمت يوم الاثنين 2 جوان 2025 بإشراف وزير التجارة وتنمية الصادرات سمير عبيد وبحضور رئيسة الديوان والرئيسة المديرة العامة للشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، والرئيس المدير العام للمركز الوطني البيداغوجي، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارة الصناعة وثلة من إطارات الوزارة.
وقد تطرقت الجلسة إلى استعدادات مختلف الهياكل الإدارية المتدخلة لإنجاح موسم العودة المدرسية 2025-2026 على جميع المستويات مع أخذ كل التدابير والاحتياطات اللازمة من خلال التنسيق المشترك ودورية الاجتماع فيما بينها لضمان حسن سيرها في أحسن الظروف وتفادي أي إشكاليات محتملة يمكن أن تؤثر سلبا على العودة المدرسية.
وستواصل الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق تأمين الحاجيات الوطنية من الورق المخصص لتصنيع للكتاب المدرسي والكراس المدعم فضلا عن تقدم ملحوظ في عمليات التصنيع مقارنة بالسنوات الفارطة علما أنه تم الترفيع في كمية ورق الكراس المدعم إلى 5000 طن مقابل 4000 طن في السنة الفارطة مع عدم الترفيع في أسعار الكراس المدعم والكتاب المدرسي حفاظا على المقدرة الشرائية للمواطن.
وفي إطار استعداداته للعودة المدرسية 2025 - 2026 تولّى المركز الوطني البيداغوجي نشر 314 عنوانا في ما يفوق 16 مليون نسخة توزعت كالآتي:
206 عناوين موجّهة إلى التّلميذ في: 15.08مليون نسخة، و93 عنوانا موجها إلى المدرّس 68.8 ألف نسخة علاوة على15 عنوانا لأبناء التونسيين بالخارج 26.2 ألف نسخة.
أما على المستوى الجهوي فتشهد بعض الولايات زيارات رسمية لمعاينة تقدم أشغال بعض المؤسسات التربوية على غرر ولاية سوسة حيث أدى أول أمس والي سوسة زيارة ميدانية إلى كل من المعهد الثانوي بالقلعة الصغرى(إحداث) والمدرسة الابتدائية البشرى بالقلعة الصغرى. وقد عاين الوالي تقدم الأشغال التي بلغت نسبة 73 %، وذلك بكلفة جملية قدرت بـ8.460.014,390 دينار.
كما تفقد الوالي مشروع أشغال صيانة المدرسة الابتدائية البشرى، بتمويل من قبل متطوع من أبناء الجهة وتحت إشراف المندوبية الجهوية للتربية.
وأكد الوالي في ختام زيارته على ضرورة التسريع في نسق إنجاز الأشغال، واحترام المواصفات الفنية وآجال التعاقد، حتى تكون المؤسسات التربوية جاهزة لاستقبال التلاميذ في أحسن الظروف خلال العودة المدرسية القادمة 2025-2026.
غير أن السؤال الجوهري يبقى، هل تكفي هذه الإجراءات لضمان عودة مدرسية «مغايرة» فعلاً؟ وفي هذا الجانب يؤكد متابعون للشأن التربوي على أن التحدي الحقيقي هو الذي يتجاوز الجانب اللوجستي ليطال عمق السياسات التربوية. فإذا ما تم ربط العودة المدرسية هذه السنة بمسار إصلاحي حقيقي مثلما أكده رئيس الجمهورية في أغلب لقاءاته الرسمية، فإنها قد تشكل بداية مرحلة جديدة، تعيد للمدرسة التونسية دورها التاريخي كمحرك للتنمية ورافعة للمساواة الاجتماعية.
منال حرزي
مع انطلاق العد التنازلي للعودة المدرسية، تعيش كل الأطراف المتداخلة في الشأن التربوي من سلطة إشراف ومنظمات حركية متزايدة على أكثر من صعيد، بدءًا من تجهيز وترميم المؤسسات التربوية وصيانة ما تضرر منها، مرورًا بتوفير الكتب والكراسات، وصولًا إلى ضبط الإطار التربوي والبشري من معلمين وأساتذة وقيمين وإداريين.
لكن ما يميّز هذه السنة هو المناخ العام الذي يرافق هذه العودة، خاصة في ظل الاجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية بهدف اصلاح المنظومة التربوية، باعتبار التعليم ركيزة أساسية لأية نقلة نوعية: فهل نشهد هذه السنة عودة مغايرة؟.
خلال الأشهر الماضية، شدد رئيس الدولة في أكثر من مناسبة على أن إصلاح التعليم لم يعد خيارًا، بل ضرورة عاجلة، موجّهًا رسائل واضحة مفادها أن زمن الترقيع انتهى وأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة بناء وتطوير شاملين.
هذه الدعوة إلى الإصلاح يؤكد القائمون على المجال التربوي أنه ترافقها نقاشات داخل وزارة التربية وخارجها حول أهمية مراجعة البرامج، وتحسين جودة التكوين، وإعادة الاعتبار لدور المدرسة في صناعة أجيال قادرة على التفكير النقدي والمواطنة الفاعلة.
أما على المستوى الميداني، فككل عودة مدرسية تبذل السلطات جهدا من أجل عودة مدرسية سلسة، ولتتدارك النقائص التي رافقت السنوات الماضية، سواء عبر تفعيل أشغال الصيانة في عدد من المدارس الداخلية أو من خلال تعزيز الرقمنة لتسهيل آلية التسجيل المدرسي وذلك بالتوازي مع التعهد بسد جميع الشغورات.
كما وبالتوزاي مع ذلك، تشهد الإدارة المدرسية خطوات نحو الرقمنة، من خلال تعميم التسجيل عن بُعد ومتابعة ملفات التلاميذ إلكترونيا، وهو ما يُنتظر أن يقلص من البيروقراطية.
وفي هذا الخصوص جدير بالذكر أن الاستعداد للعودة المدرسية 2025-2026 واستعراض مختلف الاحتياجات مثل محور جلسة عمل التأمت يوم الاثنين 2 جوان 2025 بإشراف وزير التجارة وتنمية الصادرات سمير عبيد وبحضور رئيسة الديوان والرئيسة المديرة العامة للشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، والرئيس المدير العام للمركز الوطني البيداغوجي، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارة الصناعة وثلة من إطارات الوزارة.
وقد تطرقت الجلسة إلى استعدادات مختلف الهياكل الإدارية المتدخلة لإنجاح موسم العودة المدرسية 2025-2026 على جميع المستويات مع أخذ كل التدابير والاحتياطات اللازمة من خلال التنسيق المشترك ودورية الاجتماع فيما بينها لضمان حسن سيرها في أحسن الظروف وتفادي أي إشكاليات محتملة يمكن أن تؤثر سلبا على العودة المدرسية.
وستواصل الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق تأمين الحاجيات الوطنية من الورق المخصص لتصنيع للكتاب المدرسي والكراس المدعم فضلا عن تقدم ملحوظ في عمليات التصنيع مقارنة بالسنوات الفارطة علما أنه تم الترفيع في كمية ورق الكراس المدعم إلى 5000 طن مقابل 4000 طن في السنة الفارطة مع عدم الترفيع في أسعار الكراس المدعم والكتاب المدرسي حفاظا على المقدرة الشرائية للمواطن.
وفي إطار استعداداته للعودة المدرسية 2025 - 2026 تولّى المركز الوطني البيداغوجي نشر 314 عنوانا في ما يفوق 16 مليون نسخة توزعت كالآتي:
206 عناوين موجّهة إلى التّلميذ في: 15.08مليون نسخة، و93 عنوانا موجها إلى المدرّس 68.8 ألف نسخة علاوة على15 عنوانا لأبناء التونسيين بالخارج 26.2 ألف نسخة.
أما على المستوى الجهوي فتشهد بعض الولايات زيارات رسمية لمعاينة تقدم أشغال بعض المؤسسات التربوية على غرر ولاية سوسة حيث أدى أول أمس والي سوسة زيارة ميدانية إلى كل من المعهد الثانوي بالقلعة الصغرى(إحداث) والمدرسة الابتدائية البشرى بالقلعة الصغرى. وقد عاين الوالي تقدم الأشغال التي بلغت نسبة 73 %، وذلك بكلفة جملية قدرت بـ8.460.014,390 دينار.
كما تفقد الوالي مشروع أشغال صيانة المدرسة الابتدائية البشرى، بتمويل من قبل متطوع من أبناء الجهة وتحت إشراف المندوبية الجهوية للتربية.
وأكد الوالي في ختام زيارته على ضرورة التسريع في نسق إنجاز الأشغال، واحترام المواصفات الفنية وآجال التعاقد، حتى تكون المؤسسات التربوية جاهزة لاستقبال التلاميذ في أحسن الظروف خلال العودة المدرسية القادمة 2025-2026.
غير أن السؤال الجوهري يبقى، هل تكفي هذه الإجراءات لضمان عودة مدرسية «مغايرة» فعلاً؟ وفي هذا الجانب يؤكد متابعون للشأن التربوي على أن التحدي الحقيقي هو الذي يتجاوز الجانب اللوجستي ليطال عمق السياسات التربوية. فإذا ما تم ربط العودة المدرسية هذه السنة بمسار إصلاحي حقيقي مثلما أكده رئيس الجمهورية في أغلب لقاءاته الرسمية، فإنها قد تشكل بداية مرحلة جديدة، تعيد للمدرسة التونسية دورها التاريخي كمحرك للتنمية ورافعة للمساواة الاجتماعية.