يمنح الاقتصاد الوطني آفاقا جديدة.. الدينار التونسي يواصل الصعود والتحسّن أمام العملات الأجنبية
مقالات الصباح
خبير اقتصادي لـ«الصباح»: ضرورة المحافظة على العوامل الداخلية لمزيد تحسين سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الرئيسية
دخل الدينار التونسي مرحلة التحسّن مقابل العملات الأجنبية الرئيسية على غرار الدولار والأورو، وليس فقط مرحلة الصمود، مما يشير إلى قدرة العملة الوطنية على المضيّ بخطى ثابتة نحو انتعاشة كبيرة تتيح فتح آفاق جديدة للاقتصاد التونسي باتجاه انفراج حقيقي من حيث الأداء.
وكان مجلس البنك المركزي قد أكّد، خلال اجتماعه بتاريخ 30 جويلية 2025، أن سعر صرف الدينار يواصل أداءه الجيّد مقابل العملات الرئيسية، وهو ما من شأنه أن يدعم مسار التراجع التدريجي للتضخّم.
ويرى المجلس، وفق بيان، أن المخاطر التصاعدية المحيطة بمنحى التضخّم لا تزال قائمة، مما يستوجب الاستمرار في دعم مساره التنازلي الحالي للرجوع به نحو معدلاته على المدى الطويل.
وتشير المؤشرات الظرفية المتوفّرة إلى تسجيل انتعاش تدريجي للنمو بعد التباطؤ الطفيف خلال الثلاثي الأول من سنة 2025.
دعم تقلّص نسبة التضخّم
ويدعم تحسّن سعر صرف الدينار التونسي في مواجهة الدولار والأورو بقوة تقلّص نسبة التضخّم، التي ما فتئت تعرف تراجعا واضحًا.
وبلغت نسبة التضخّم عند الاستهلاك العائلي لشهر جوان 2025 مستوى 5.3 بالمائة، في حين بلغ معدل نسبة التضخّم لكامل السنة الفارطة، سنة 2024، مستوى 7 بالمائة مقابل 9.3 بالمائة في 2023، أي بتراجع بـ2.3 بالمائة، وهي مؤشرات دفعت العديد من المُحلّلين والخبراء إلى توقّع عدم عودة نسبة التضخّم إلى مربّع الرقمين، خاصة وأنها عرفت موجة ارتفاع في السنوات القليلة السابقة، إذ تخطّت حاجز الـ10 بالمائة، مما أثار حينها العديد من المخاوف حول إمكانية تباطؤ نسب النمو وتراجعها، بالنظر إلى أن التضخّم المرتفع أو المتسارع قد يعيق النمو الاقتصادي.
ويُعدّ تحسّن سعر صرف الدينار التونسي عاملًا حاسمًا لكبح جماح ارتفاع نسبة التضخّم، كما أن له تداعيات إيجابية من حيث التخفيض من كلفة واردات المواد الأساسية والطاقة، وتراجع خدمة الدين الخارجي، وارتفاع الموجودات من العملة الصعبة على المدى القصير.
وبخصوص التقليص من واردات المواد الأساسية، فإنه بإمكان فاتورة اقتناء هذه المواد بالدولار أن تعرف انخفاضًا واضحًا، مما سيساهم في التحكّم في كلفة الواردات بشكل تدريجي، خاصة وأنه وفق مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء حول التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، فإن الواردات قد بلغت 41674.2 مليون دينار خلال السداسي الأول من سنة 2025، مقابل 39971.2 مليون دينار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2024، كما تم تسجيل عجز على مستوى الميزان التجاري للطاقة خلال النصف الأول من العام الجاري بـ5214.8 مليون دينار.
وتتجاوز الواردات التي يمكن الخفض من قيمتها مجال الطاقة لتشمل أيضًا الحبوب، بغاية تخفيف الضغط على الميزانية وتجنيبها تكاليف باهظة إضافية.
تراجع نسبة خدمة الدين الخارجي
وتُساهم انتعاشة الدينار التونسي في تراجع نسبة خدمة الدين الخارجي، على خلفية أن القروض المقوّمة بالدولار ستشهد تراجعًا منتظرًا من حيث القيمة، إلى جانب أن كل زيادة بـ0.01 دينار للدولار والأورو، عادة ما تترتّب عنها زيادة في خدمة الدين بـ20.7 للأورو و11 للدولار.
ويمكن أن تمثل النقلة التي حقّقها الدينار التونسي عضدًا يرافق تحويلات التونسيين بالخارج ومداخيل السياحة من أجل استيعاب نسبة هامة من خدمة الدين الخارجي، حيث وفّرت مداخيل الشغل والسياحة المتراكمة ما يفوق 8.5 مليار دينار منذ بداية العام الحالي وإلى غاية 20 جويلية 2025.
انعكاس إيجابي
ينعكس تحسّن الدينار التونسي إيجابًا على الموجودات من العملة الصعبة، إذ بلغ الاحتياطي من العملة الصعبة مستوى 23.277 مليون دينار، أي ما يعادل 101 يوم توريد بتاريخ 31 جويلية 2025. ويُعتبر تعزيز ثقة المستثمرين، سواء المحلّيين أو الأجانب، في الاقتصاد التونسي وفي مناخ الأعمال، أحد الحلقات المرتبطة بانتعاشة الدينار التونسي، فقوة العملة تمثّل الجانب الحاسم الذي تقوم عليه ديناميكيات الاقتصاد، وتسمح بالتالي بمزيد تدفّق الاستثمارات.
وتُبرهن كل عملة على التطلعات والسياسات الاقتصادية والتجارية، وحتى البرامج التنموية للدولة المصدّرة لها.
وبتاريخ 15 أفريل 2025، كسر سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز الثلاثة دنانير، ليبلغ 2.990، وذلك للمرة الأولى منذ سنة 2022، وفق بيانات رسمية للبنك المركزي.
وواصل الدينار التونسي صعوده وتحسنه أمام الدولار ليصل الى 2،920 بتاريخ 2 أوت الجاري، مع استمرار الاستقرار الواضح مقابل الأورو.
وفي شهر أفريل 2025، جاء الدينار التونسي في المرتبة الأولى على مستوى القارة الإفريقية كأقوى عملة، وفق تقرير اقتصادي أصدره موقع مختص، متفوّقًا بذلك على الدينار الليبي والدرهم المغربي اللذين احتلّا المركز الثاني والثالث.
عاملان وراء صعود الدينار
وفي هذا الإطار، أورد المحلل الاقتصادي والخبير المالي بسام النيفر أن عوامل خارجية ساعدت على صعود الدينار، ذلك أن سعر صرف العملة الأمريكية قد تراجع تقريبًا مع جميع العملات في العالم، مما يخلق فرصة لتقليص كلفة توريد المواد الأولية، والتي تُصنّف في خانة الكلفة العالية.
وبخصوص العامل الثاني، وهو عامل داخلي، فسّر بسام النيفر، في حديثه لـ«الصباح»، أن الاقتصاد أثبت قدرته على المحافظة على الموجودات من العملة الصعبة، وعدم انزلاقها، وهو رقم محترم، في حدود 23.277 مليون دينار، مشيرًا إلى أنه رقم محترم، مُبينًا أن السياسات النقدية تؤثر على نسبة الفائدة.
وأبرز أنه، رغم بقاء نسبة الفائدة في حدود 7.50 دون تغيير، إلا أنها لا تزال مرتفعة. مع ذلك، يرى محدّثُنا أنه لا يجب الاستعجال في خفض نسبة الفائدة.
كما شدّد الخبير الاقتصادي والمحلل المالي على ضرورة المحافظة على العوامل الداخلية لمزيد تحسين سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الرئيسية، من بينها التحكم في عجز الميزان التجاري، والاتجاه نحو التصدير بنسق أكبر، والحفاظ على الموارد من العملة الصعبة المتأتية أساسًا من مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج، والسعي إلى توفير مداخيل أخرى متنوعة من العملة الصعبة، وتقديم جرعة تُضفي حيوية للاقتصاد من خلال استقطاب الاستثمارات الخارجية وتشجيعها على الانتصاب في بلادنا.
انتهاج البنك المركزي التونسي سياسات نقدية أكثر صرامة
وأدّت العديد من العوامل إلى تحسّن سعر صرف الدينار التونسي، وهي عوامل مرتبطة بعوامل خارجية وأخرى داخلية.
وتتمثّل العوامل الخارجية في الظروف الاقتصادية العالمية التي نجم عنها تحوّل مؤشر الدولار إلى الهبوط في الأسواق العالمية، بسبب سياسة عدم اليقين للفاعلين الاقتصاديين العالميين في الأداء الاقتصادي للعملة الخضراء، مع إمكانية أن تكون الظروف مهيّأة لمزيد من انخفاض قيمة الدولار الأمريكي.
أما العوامل الداخلية، فترجع أساسًا إلى انتهاج البنك المركزي التونسي سياسات نقدية أكثر صرامة، من خلال تدخل ناجع في سوق الصرف، بهدف التحكّم بنحو إيجابي في نسبة التضخّم، وخلق نظام مالي ومصرفي قادر على الصمود، ومن أجل توفير رصيد ملائم من العملة الصعبة. ومن العوامل الداخلية الأخرى، رفض الضغوطات السابقة المتعلّقة بالدفع نحو تعويم الدينار التونسي.
ومع هذه النجاحات التي حقّقها الدينار التونسي في الفترة الأخيرة، تبرز أهمية السعي إلى الحفاظ على تماسكه، وزيادة الطلب عليه، وتعزيزه مقارنة بالعملات الأخرى، عبر العديد من الآليات، أهمها تدعيم الإنتاجية في جميع القطاعات، لا سيما القطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة العالية، علاوة على رفع حجم وقيمة الصادرات، وتحفيز المستثمرين واستقطابهم، وضمان الاستقرار الاقتصادي والتشريعي، وتبنّي سياسات مالية سليمة وناجعة، وعدم اختلال الميزان التجاري.
خاصة وأن أبرز العوامل التي تُحدّد سعر العملة في الأسواق هي العرض والطلب على هذه العملة، كأي سلعة في الأسواق. وتكمن أهمية العملة في كونها أداة للتقييم المالي والتبادل في الاقتصادات الأجنبية، وحجر الزاوية للنمو الاقتصادي المحلي.
درصاف اللموشي
خبير اقتصادي لـ«الصباح»: ضرورة المحافظة على العوامل الداخلية لمزيد تحسين سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الرئيسية
دخل الدينار التونسي مرحلة التحسّن مقابل العملات الأجنبية الرئيسية على غرار الدولار والأورو، وليس فقط مرحلة الصمود، مما يشير إلى قدرة العملة الوطنية على المضيّ بخطى ثابتة نحو انتعاشة كبيرة تتيح فتح آفاق جديدة للاقتصاد التونسي باتجاه انفراج حقيقي من حيث الأداء.
وكان مجلس البنك المركزي قد أكّد، خلال اجتماعه بتاريخ 30 جويلية 2025، أن سعر صرف الدينار يواصل أداءه الجيّد مقابل العملات الرئيسية، وهو ما من شأنه أن يدعم مسار التراجع التدريجي للتضخّم.
ويرى المجلس، وفق بيان، أن المخاطر التصاعدية المحيطة بمنحى التضخّم لا تزال قائمة، مما يستوجب الاستمرار في دعم مساره التنازلي الحالي للرجوع به نحو معدلاته على المدى الطويل.
وتشير المؤشرات الظرفية المتوفّرة إلى تسجيل انتعاش تدريجي للنمو بعد التباطؤ الطفيف خلال الثلاثي الأول من سنة 2025.
دعم تقلّص نسبة التضخّم
ويدعم تحسّن سعر صرف الدينار التونسي في مواجهة الدولار والأورو بقوة تقلّص نسبة التضخّم، التي ما فتئت تعرف تراجعا واضحًا.
وبلغت نسبة التضخّم عند الاستهلاك العائلي لشهر جوان 2025 مستوى 5.3 بالمائة، في حين بلغ معدل نسبة التضخّم لكامل السنة الفارطة، سنة 2024، مستوى 7 بالمائة مقابل 9.3 بالمائة في 2023، أي بتراجع بـ2.3 بالمائة، وهي مؤشرات دفعت العديد من المُحلّلين والخبراء إلى توقّع عدم عودة نسبة التضخّم إلى مربّع الرقمين، خاصة وأنها عرفت موجة ارتفاع في السنوات القليلة السابقة، إذ تخطّت حاجز الـ10 بالمائة، مما أثار حينها العديد من المخاوف حول إمكانية تباطؤ نسب النمو وتراجعها، بالنظر إلى أن التضخّم المرتفع أو المتسارع قد يعيق النمو الاقتصادي.
ويُعدّ تحسّن سعر صرف الدينار التونسي عاملًا حاسمًا لكبح جماح ارتفاع نسبة التضخّم، كما أن له تداعيات إيجابية من حيث التخفيض من كلفة واردات المواد الأساسية والطاقة، وتراجع خدمة الدين الخارجي، وارتفاع الموجودات من العملة الصعبة على المدى القصير.
وبخصوص التقليص من واردات المواد الأساسية، فإنه بإمكان فاتورة اقتناء هذه المواد بالدولار أن تعرف انخفاضًا واضحًا، مما سيساهم في التحكّم في كلفة الواردات بشكل تدريجي، خاصة وأنه وفق مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء حول التجارة الخارجية بالأسعار الجارية، فإن الواردات قد بلغت 41674.2 مليون دينار خلال السداسي الأول من سنة 2025، مقابل 39971.2 مليون دينار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2024، كما تم تسجيل عجز على مستوى الميزان التجاري للطاقة خلال النصف الأول من العام الجاري بـ5214.8 مليون دينار.
وتتجاوز الواردات التي يمكن الخفض من قيمتها مجال الطاقة لتشمل أيضًا الحبوب، بغاية تخفيف الضغط على الميزانية وتجنيبها تكاليف باهظة إضافية.
تراجع نسبة خدمة الدين الخارجي
وتُساهم انتعاشة الدينار التونسي في تراجع نسبة خدمة الدين الخارجي، على خلفية أن القروض المقوّمة بالدولار ستشهد تراجعًا منتظرًا من حيث القيمة، إلى جانب أن كل زيادة بـ0.01 دينار للدولار والأورو، عادة ما تترتّب عنها زيادة في خدمة الدين بـ20.7 للأورو و11 للدولار.
ويمكن أن تمثل النقلة التي حقّقها الدينار التونسي عضدًا يرافق تحويلات التونسيين بالخارج ومداخيل السياحة من أجل استيعاب نسبة هامة من خدمة الدين الخارجي، حيث وفّرت مداخيل الشغل والسياحة المتراكمة ما يفوق 8.5 مليار دينار منذ بداية العام الحالي وإلى غاية 20 جويلية 2025.
انعكاس إيجابي
ينعكس تحسّن الدينار التونسي إيجابًا على الموجودات من العملة الصعبة، إذ بلغ الاحتياطي من العملة الصعبة مستوى 23.277 مليون دينار، أي ما يعادل 101 يوم توريد بتاريخ 31 جويلية 2025. ويُعتبر تعزيز ثقة المستثمرين، سواء المحلّيين أو الأجانب، في الاقتصاد التونسي وفي مناخ الأعمال، أحد الحلقات المرتبطة بانتعاشة الدينار التونسي، فقوة العملة تمثّل الجانب الحاسم الذي تقوم عليه ديناميكيات الاقتصاد، وتسمح بالتالي بمزيد تدفّق الاستثمارات.
وتُبرهن كل عملة على التطلعات والسياسات الاقتصادية والتجارية، وحتى البرامج التنموية للدولة المصدّرة لها.
وبتاريخ 15 أفريل 2025، كسر سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز الثلاثة دنانير، ليبلغ 2.990، وذلك للمرة الأولى منذ سنة 2022، وفق بيانات رسمية للبنك المركزي.
وواصل الدينار التونسي صعوده وتحسنه أمام الدولار ليصل الى 2،920 بتاريخ 2 أوت الجاري، مع استمرار الاستقرار الواضح مقابل الأورو.
وفي شهر أفريل 2025، جاء الدينار التونسي في المرتبة الأولى على مستوى القارة الإفريقية كأقوى عملة، وفق تقرير اقتصادي أصدره موقع مختص، متفوّقًا بذلك على الدينار الليبي والدرهم المغربي اللذين احتلّا المركز الثاني والثالث.
عاملان وراء صعود الدينار
وفي هذا الإطار، أورد المحلل الاقتصادي والخبير المالي بسام النيفر أن عوامل خارجية ساعدت على صعود الدينار، ذلك أن سعر صرف العملة الأمريكية قد تراجع تقريبًا مع جميع العملات في العالم، مما يخلق فرصة لتقليص كلفة توريد المواد الأولية، والتي تُصنّف في خانة الكلفة العالية.
وبخصوص العامل الثاني، وهو عامل داخلي، فسّر بسام النيفر، في حديثه لـ«الصباح»، أن الاقتصاد أثبت قدرته على المحافظة على الموجودات من العملة الصعبة، وعدم انزلاقها، وهو رقم محترم، في حدود 23.277 مليون دينار، مشيرًا إلى أنه رقم محترم، مُبينًا أن السياسات النقدية تؤثر على نسبة الفائدة.
وأبرز أنه، رغم بقاء نسبة الفائدة في حدود 7.50 دون تغيير، إلا أنها لا تزال مرتفعة. مع ذلك، يرى محدّثُنا أنه لا يجب الاستعجال في خفض نسبة الفائدة.
كما شدّد الخبير الاقتصادي والمحلل المالي على ضرورة المحافظة على العوامل الداخلية لمزيد تحسين سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الرئيسية، من بينها التحكم في عجز الميزان التجاري، والاتجاه نحو التصدير بنسق أكبر، والحفاظ على الموارد من العملة الصعبة المتأتية أساسًا من مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج، والسعي إلى توفير مداخيل أخرى متنوعة من العملة الصعبة، وتقديم جرعة تُضفي حيوية للاقتصاد من خلال استقطاب الاستثمارات الخارجية وتشجيعها على الانتصاب في بلادنا.
انتهاج البنك المركزي التونسي سياسات نقدية أكثر صرامة
وأدّت العديد من العوامل إلى تحسّن سعر صرف الدينار التونسي، وهي عوامل مرتبطة بعوامل خارجية وأخرى داخلية.
وتتمثّل العوامل الخارجية في الظروف الاقتصادية العالمية التي نجم عنها تحوّل مؤشر الدولار إلى الهبوط في الأسواق العالمية، بسبب سياسة عدم اليقين للفاعلين الاقتصاديين العالميين في الأداء الاقتصادي للعملة الخضراء، مع إمكانية أن تكون الظروف مهيّأة لمزيد من انخفاض قيمة الدولار الأمريكي.
أما العوامل الداخلية، فترجع أساسًا إلى انتهاج البنك المركزي التونسي سياسات نقدية أكثر صرامة، من خلال تدخل ناجع في سوق الصرف، بهدف التحكّم بنحو إيجابي في نسبة التضخّم، وخلق نظام مالي ومصرفي قادر على الصمود، ومن أجل توفير رصيد ملائم من العملة الصعبة. ومن العوامل الداخلية الأخرى، رفض الضغوطات السابقة المتعلّقة بالدفع نحو تعويم الدينار التونسي.
ومع هذه النجاحات التي حقّقها الدينار التونسي في الفترة الأخيرة، تبرز أهمية السعي إلى الحفاظ على تماسكه، وزيادة الطلب عليه، وتعزيزه مقارنة بالعملات الأخرى، عبر العديد من الآليات، أهمها تدعيم الإنتاجية في جميع القطاعات، لا سيما القطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة العالية، علاوة على رفع حجم وقيمة الصادرات، وتحفيز المستثمرين واستقطابهم، وضمان الاستقرار الاقتصادي والتشريعي، وتبنّي سياسات مالية سليمة وناجعة، وعدم اختلال الميزان التجاري.
خاصة وأن أبرز العوامل التي تُحدّد سعر العملة في الأسواق هي العرض والطلب على هذه العملة، كأي سلعة في الأسواق. وتكمن أهمية العملة في كونها أداة للتقييم المالي والتبادل في الاقتصادات الأجنبية، وحجر الزاوية للنمو الاقتصادي المحلي.
درصاف اللموشي