إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يمنح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬آفاقا‭ ‬جديدة.. الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬يواصل‭ ‬الصعود‭ ‬والتحسّن‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية

خبير‭ ‬اقتصادي‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬ ضرورة‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬لمزيد‭ ‬تحسين‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية

 

دخل‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬مرحلة‭ ‬التحسّن‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬الرئيسية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الدولار‭ ‬والأورو،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬مرحلة‭ ‬الصمود،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬المضيّ‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬انتعاشة‭ ‬كبيرة‭ ‬تتيح‭ ‬فتح‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬باتجاه‭ ‬انفراج‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأداء‭.‬

وكان‭ ‬مجلس‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬قد‭ ‬أكّد،‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعه‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬جويلية‭ ‬2025،‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬يواصل‭ ‬أداءه‭ ‬الجيّد‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يدعم‭ ‬مسار‭ ‬التراجع‭ ‬التدريجي‭ ‬للتضخّم‭.‬
ويرى‭ ‬المجلس،‭ ‬وفق‭ ‬بيان،‭ ‬أن‭ ‬المخاطر‭ ‬التصاعدية‭ ‬المحيطة‭ ‬بمنحى‭ ‬التضخّم‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة،‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مساره‭ ‬التنازلي‭ ‬الحالي‭ ‬للرجوع‭ ‬به‭ ‬نحو‭ ‬معدلاته‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬
وتشير‭ ‬المؤشرات‭ ‬الظرفية‭ ‬المتوفّرة‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬انتعاش‭ ‬تدريجي‭ ‬للنمو‭ ‬بعد‭ ‬التباطؤ‭ ‬الطفيف‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025‭.‬
دعم‭ ‬تقلّص‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم
ويدعم‭ ‬تحسّن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الدولار‭ ‬والأورو‭ ‬بقوة‭ ‬تقلّص‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬فتئت‭ ‬تعرف‭ ‬تراجعا‭ ‬واضحًا‭.‬
وبلغت‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم‭ ‬عند‭ ‬الاستهلاك‭ ‬العائلي‭ ‬لشهر‭ ‬جوان‭ ‬2025‭ ‬مستوى‭ ‬5‭.‬3‭ ‬بالمائة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم‭ ‬لكامل‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬مستوى‭ ‬7‭ ‬بالمائة‭ ‬مقابل‭ ‬9.3‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬أي‭ ‬بتراجع‭ ‬بـ2‭.‬3‭ ‬بالمائة،‭ ‬وهي‭ ‬مؤشرات‭ ‬دفعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المُحلّلين‭ ‬والخبراء‭ ‬إلى‭ ‬توقّع‭ ‬عدم‭ ‬عودة‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم‭ ‬إلى‭ ‬مربّع‭ ‬الرقمين،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬عرفت‭ ‬موجة‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬السابقة،‭ ‬إذ‭ ‬تخطّت‭ ‬حاجز‭ ‬الـ10‭ ‬بالمائة،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬حينها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬تباطؤ‭ ‬نسب‭ ‬النمو‭ ‬وتراجعها،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التضخّم‭ ‬المرتفع‭ ‬أو‭ ‬المتسارع‭ ‬قد‭ ‬يعيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭.‬
ويُعدّ‭ ‬تحسّن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬عاملًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬إيجابية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التخفيض‭ ‬من‭ ‬كلفة‭ ‬واردات‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬والطاقة،‭ ‬وتراجع‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الموجودات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭.‬
وبخصوص‭ ‬التقليص‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬فإنه‭ ‬بإمكان‭ ‬فاتورة‭ ‬اقتناء‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬بالدولار‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬انخفاضًا‭ ‬واضحًا،‭ ‬مما‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬التحكّم‭ ‬في‭ ‬كلفة‭ ‬الواردات‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬وفق‭ ‬مؤشرات‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭ ‬حول‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالأسعار‭ ‬الجارية،‭ ‬فإن‭ ‬الواردات‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬41674‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬السداسي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬مقابل‭ ‬39971‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬تم‭ ‬تسجيلها‭ ‬خلال‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬عجز‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬للطاقة‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬بـ5214‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬
وتتجاوز‭ ‬الواردات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الخفض‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬لتشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬الحبوب،‭ ‬بغاية‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭ ‬وتجنيبها‭ ‬تكاليف‭ ‬باهظة‭ ‬إضافية‭.‬
تراجع‭ ‬نسبة‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي
وتُساهم‭ ‬انتعاشة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬نسبة‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أن‭ ‬القروض‭ ‬المقوّمة‭ ‬بالدولار‭ ‬ستشهد‭ ‬تراجعًا‭ ‬منتظرًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القيمة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬زيادة‭ ‬بـ0‭.‬01‭ ‬دينار‭ ‬للدولار‭ ‬والأورو،‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تترتّب‭ ‬عنها‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬بـ20‭.‬7‭ ‬للأورو‭ ‬و11‭ ‬للدولار‭.‬
ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬النقلة‭ ‬التي‭ ‬حقّقها‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬عضدًا‭ ‬يرافق‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬ومداخيل‭ ‬السياحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استيعاب‭ ‬نسبة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي،‭ ‬حيث‭ ‬وفّرت‭ ‬مداخيل‭ ‬الشغل‭ ‬والسياحة‭ ‬المتراكمة‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬8‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬وإلى‭ ‬غاية‭ ‬20‭ ‬جويلية‭ ‬2025‭.‬
انعكاس‭ ‬إيجابي
ينعكس‭ ‬تحسّن‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬إيجابًا‭ ‬على‭ ‬الموجودات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬مستوى‭ ‬23‭.‬277‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬101‭ ‬يوم‭ ‬توريد‭ ‬بتاريخ‭ ‬31‭ ‬جويلية‭ ‬2025‭. ‬ويُعتبر‭ ‬تعزيز‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين،‭ ‬سواء‭ ‬المحلّيين‭ ‬أو‭ ‬الأجانب،‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬وفي‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال،‭ ‬أحد‭ ‬الحلقات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بانتعاشة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬فقوة‭ ‬العملة‭ ‬تمثّل‭ ‬الجانب‭ ‬الحاسم‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وتسمح‭ ‬بالتالي‭ ‬بمزيد‭ ‬تدفّق‭ ‬الاستثمارات‭.‬
وتُبرهن‭ ‬كل‭ ‬عملة‭ ‬على‭ ‬التطلعات‭ ‬والسياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية،‭ ‬وحتى‭ ‬البرامج‭ ‬التنموية‭ ‬للدولة‭ ‬المصدّرة‭ ‬لها‭.‬
وبتاريخ‭ ‬15‭ ‬أفريل‭ ‬2025،‭ ‬كسر‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬حاجز‭ ‬الثلاثة‭ ‬دنانير،‭ ‬ليبلغ‭ ‬2.990،‭ ‬وذلك‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬وفق‭ ‬بيانات‭ ‬رسمية‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭.‬
وواصل‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬صعوده‭ ‬وتحسنه‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬ليصل‭ ‬الى‭ ‬2،920‭ ‬بتاريخ‭ ‬2‭ ‬أوت‭ ‬الجاري،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الاستقرار‭ ‬الواضح‭ ‬مقابل‭ ‬الأورو‭.‬
وفي‭ ‬شهر‭ ‬أفريل‭ ‬2025،‭ ‬جاء‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬كأقوى‭ ‬عملة،‭ ‬وفق‭ ‬تقرير‭ ‬اقتصادي‭ ‬أصدره‭ ‬موقع‭ ‬مختص،‭ ‬متفوّقًا‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬والدرهم‭ ‬المغربي‭ ‬اللذين‭ ‬احتلّا‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬والثالث‭.‬
عاملان‭ ‬وراء‭ ‬صعود‭ ‬الدينار
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أورد‭ ‬المحلل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والخبير‭ ‬المالي‭ ‬بسام‭ ‬النيفر‭ ‬أن‭ ‬عوامل‭ ‬خارجية‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬صعود‭ ‬الدينار،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬تراجع‭ ‬تقريبًا‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬العملات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فرصة‭ ‬لتقليص‭ ‬كلفة‭ ‬توريد‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬والتي‭ ‬تُصنّف‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الكلفة‭ ‬العالية‭.‬
وبخصوص‭ ‬العامل‭ ‬الثاني،‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬داخلي،‭ ‬فسّر‭ ‬بسام‭ ‬النيفر،‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أثبت‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الموجودات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬وعدم‭ ‬انزلاقها،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬محترم،‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬23‭.‬277‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬رقم‭ ‬محترم،‭ ‬مُبينًا‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭.‬
وأبرز‭ ‬أنه،‭ ‬رغم‭ ‬بقاء‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬7‭.‬50‭ ‬دون‭ ‬تغيير،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مرتفعة‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يرى‭ ‬محدّثُنا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬الاستعجال‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭.‬
كما‭ ‬شدّد‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمحلل‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬لمزيد‭ ‬تحسين‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري،‭ ‬والاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬التصدير‭ ‬بنسق‭ ‬أكبر،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬المتأتية‭ ‬أساسًا‭ ‬من‭ ‬مداخيل‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج،‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬مداخيل‭ ‬أخرى‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬وتقديم‭ ‬جرعة‭ ‬تُضفي‭ ‬حيوية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬وتشجيعها‭ ‬على‭ ‬الانتصاب‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭.‬
انتهاج‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬سياسات‭ ‬نقدية‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة
وأدّت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬إلى‭ ‬تحسّن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬وهي‭ ‬عوامل‭ ‬مرتبطة‭ ‬بعوامل‭ ‬خارجية‭ ‬وأخرى‭ ‬داخلية‭.‬
وتتمثّل‭ ‬العوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬نجم‭ ‬عنها‭ ‬تحوّل‭ ‬مؤشر‭ ‬الدولار‭ ‬إلى‭ ‬الهبوط‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬بسبب‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬للفاعلين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬العالميين‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للعملة‭ ‬الخضراء،‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الظروف‭ ‬مهيّأة‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭.‬
أما‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية،‭ ‬فترجع‭ ‬أساسًا‭ ‬إلى‭ ‬انتهاج‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬سياسات‭ ‬نقدية‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدخل‭ ‬ناجع‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الصرف،‭ ‬بهدف‭ ‬التحكّم‭ ‬بنحو‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم،‭ ‬وخلق‭ ‬نظام‭ ‬مالي‭ ‬ومصرفي‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الصمود،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬رصيد‭ ‬ملائم‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭. ‬ومن‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬الأخرى،‭ ‬رفض‭ ‬الضغوطات‭ ‬السابقة‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالدفع‭ ‬نحو‭ ‬تعويم‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭.‬
ومع‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬حقّقها‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تبرز‭ ‬أهمية‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تماسكه،‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬عليه،‭ ‬وتعزيزه‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعملات‭ ‬الأخرى،‭ ‬عبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الآليات،‭ ‬أهمها‭ ‬تدعيم‭ ‬الإنتاجية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬القطاعات‭ ‬الواعدة‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬حجم‭ ‬وقيمة‭ ‬الصادرات،‭ ‬وتحفيز‭ ‬المستثمرين‭ ‬واستقطابهم،‭ ‬وضمان‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتشريعي،‭ ‬وتبنّي‭ ‬سياسات‭ ‬مالية‭ ‬سليمة‭ ‬وناجعة،‭ ‬وعدم‭ ‬اختلال‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭.‬
خاصة‭ ‬وأن‭ ‬أبرز‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تُحدّد‭ ‬سعر‭ ‬العملة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬هي‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العملة،‭ ‬كأي‭ ‬سلعة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭. ‬وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬العملة‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬أداة‭ ‬للتقييم‭ ‬المالي‭ ‬والتبادل‭ ‬في‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وحجر‭ ‬الزاوية‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المحلي‭.‬

 درصاف‭ ‬اللموشي

يمنح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬آفاقا‭ ‬جديدة..  الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬يواصل‭ ‬الصعود‭ ‬والتحسّن‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية

خبير‭ ‬اقتصادي‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬ ضرورة‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬لمزيد‭ ‬تحسين‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية

 

دخل‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬مرحلة‭ ‬التحسّن‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬الرئيسية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الدولار‭ ‬والأورو،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬مرحلة‭ ‬الصمود،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬المضيّ‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬انتعاشة‭ ‬كبيرة‭ ‬تتيح‭ ‬فتح‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬باتجاه‭ ‬انفراج‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأداء‭.‬

وكان‭ ‬مجلس‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬قد‭ ‬أكّد،‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعه‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬جويلية‭ ‬2025،‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬يواصل‭ ‬أداءه‭ ‬الجيّد‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يدعم‭ ‬مسار‭ ‬التراجع‭ ‬التدريجي‭ ‬للتضخّم‭.‬
ويرى‭ ‬المجلس،‭ ‬وفق‭ ‬بيان،‭ ‬أن‭ ‬المخاطر‭ ‬التصاعدية‭ ‬المحيطة‭ ‬بمنحى‭ ‬التضخّم‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة،‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مساره‭ ‬التنازلي‭ ‬الحالي‭ ‬للرجوع‭ ‬به‭ ‬نحو‭ ‬معدلاته‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬
وتشير‭ ‬المؤشرات‭ ‬الظرفية‭ ‬المتوفّرة‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬انتعاش‭ ‬تدريجي‭ ‬للنمو‭ ‬بعد‭ ‬التباطؤ‭ ‬الطفيف‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025‭.‬
دعم‭ ‬تقلّص‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم
ويدعم‭ ‬تحسّن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الدولار‭ ‬والأورو‭ ‬بقوة‭ ‬تقلّص‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬فتئت‭ ‬تعرف‭ ‬تراجعا‭ ‬واضحًا‭.‬
وبلغت‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم‭ ‬عند‭ ‬الاستهلاك‭ ‬العائلي‭ ‬لشهر‭ ‬جوان‭ ‬2025‭ ‬مستوى‭ ‬5‭.‬3‭ ‬بالمائة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم‭ ‬لكامل‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬مستوى‭ ‬7‭ ‬بالمائة‭ ‬مقابل‭ ‬9.3‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬أي‭ ‬بتراجع‭ ‬بـ2‭.‬3‭ ‬بالمائة،‭ ‬وهي‭ ‬مؤشرات‭ ‬دفعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المُحلّلين‭ ‬والخبراء‭ ‬إلى‭ ‬توقّع‭ ‬عدم‭ ‬عودة‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم‭ ‬إلى‭ ‬مربّع‭ ‬الرقمين،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬عرفت‭ ‬موجة‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬السابقة،‭ ‬إذ‭ ‬تخطّت‭ ‬حاجز‭ ‬الـ10‭ ‬بالمائة،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬حينها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬تباطؤ‭ ‬نسب‭ ‬النمو‭ ‬وتراجعها،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التضخّم‭ ‬المرتفع‭ ‬أو‭ ‬المتسارع‭ ‬قد‭ ‬يعيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭.‬
ويُعدّ‭ ‬تحسّن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬عاملًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬إيجابية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التخفيض‭ ‬من‭ ‬كلفة‭ ‬واردات‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬والطاقة،‭ ‬وتراجع‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الموجودات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭.‬
وبخصوص‭ ‬التقليص‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬فإنه‭ ‬بإمكان‭ ‬فاتورة‭ ‬اقتناء‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬بالدولار‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬انخفاضًا‭ ‬واضحًا،‭ ‬مما‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬التحكّم‭ ‬في‭ ‬كلفة‭ ‬الواردات‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬وفق‭ ‬مؤشرات‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭ ‬حول‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالأسعار‭ ‬الجارية،‭ ‬فإن‭ ‬الواردات‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬41674‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬السداسي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬مقابل‭ ‬39971‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬تم‭ ‬تسجيلها‭ ‬خلال‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬عجز‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬للطاقة‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬بـ5214‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬
وتتجاوز‭ ‬الواردات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الخفض‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬لتشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬الحبوب،‭ ‬بغاية‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭ ‬وتجنيبها‭ ‬تكاليف‭ ‬باهظة‭ ‬إضافية‭.‬
تراجع‭ ‬نسبة‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي
وتُساهم‭ ‬انتعاشة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬نسبة‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أن‭ ‬القروض‭ ‬المقوّمة‭ ‬بالدولار‭ ‬ستشهد‭ ‬تراجعًا‭ ‬منتظرًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القيمة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬زيادة‭ ‬بـ0‭.‬01‭ ‬دينار‭ ‬للدولار‭ ‬والأورو،‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تترتّب‭ ‬عنها‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬بـ20‭.‬7‭ ‬للأورو‭ ‬و11‭ ‬للدولار‭.‬
ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬النقلة‭ ‬التي‭ ‬حقّقها‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬عضدًا‭ ‬يرافق‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬ومداخيل‭ ‬السياحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استيعاب‭ ‬نسبة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي،‭ ‬حيث‭ ‬وفّرت‭ ‬مداخيل‭ ‬الشغل‭ ‬والسياحة‭ ‬المتراكمة‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬8‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬وإلى‭ ‬غاية‭ ‬20‭ ‬جويلية‭ ‬2025‭.‬
انعكاس‭ ‬إيجابي
ينعكس‭ ‬تحسّن‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬إيجابًا‭ ‬على‭ ‬الموجودات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬مستوى‭ ‬23‭.‬277‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬101‭ ‬يوم‭ ‬توريد‭ ‬بتاريخ‭ ‬31‭ ‬جويلية‭ ‬2025‭. ‬ويُعتبر‭ ‬تعزيز‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين،‭ ‬سواء‭ ‬المحلّيين‭ ‬أو‭ ‬الأجانب،‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬وفي‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال،‭ ‬أحد‭ ‬الحلقات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بانتعاشة‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬فقوة‭ ‬العملة‭ ‬تمثّل‭ ‬الجانب‭ ‬الحاسم‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وتسمح‭ ‬بالتالي‭ ‬بمزيد‭ ‬تدفّق‭ ‬الاستثمارات‭.‬
وتُبرهن‭ ‬كل‭ ‬عملة‭ ‬على‭ ‬التطلعات‭ ‬والسياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية،‭ ‬وحتى‭ ‬البرامج‭ ‬التنموية‭ ‬للدولة‭ ‬المصدّرة‭ ‬لها‭.‬
وبتاريخ‭ ‬15‭ ‬أفريل‭ ‬2025،‭ ‬كسر‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬حاجز‭ ‬الثلاثة‭ ‬دنانير،‭ ‬ليبلغ‭ ‬2.990،‭ ‬وذلك‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬وفق‭ ‬بيانات‭ ‬رسمية‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭.‬
وواصل‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬صعوده‭ ‬وتحسنه‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬ليصل‭ ‬الى‭ ‬2،920‭ ‬بتاريخ‭ ‬2‭ ‬أوت‭ ‬الجاري،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الاستقرار‭ ‬الواضح‭ ‬مقابل‭ ‬الأورو‭.‬
وفي‭ ‬شهر‭ ‬أفريل‭ ‬2025،‭ ‬جاء‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬كأقوى‭ ‬عملة،‭ ‬وفق‭ ‬تقرير‭ ‬اقتصادي‭ ‬أصدره‭ ‬موقع‭ ‬مختص،‭ ‬متفوّقًا‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬والدرهم‭ ‬المغربي‭ ‬اللذين‭ ‬احتلّا‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬والثالث‭.‬
عاملان‭ ‬وراء‭ ‬صعود‭ ‬الدينار
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أورد‭ ‬المحلل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والخبير‭ ‬المالي‭ ‬بسام‭ ‬النيفر‭ ‬أن‭ ‬عوامل‭ ‬خارجية‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬صعود‭ ‬الدينار،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬تراجع‭ ‬تقريبًا‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬العملات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فرصة‭ ‬لتقليص‭ ‬كلفة‭ ‬توريد‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬والتي‭ ‬تُصنّف‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الكلفة‭ ‬العالية‭.‬
وبخصوص‭ ‬العامل‭ ‬الثاني،‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬داخلي،‭ ‬فسّر‭ ‬بسام‭ ‬النيفر،‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أثبت‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الموجودات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬وعدم‭ ‬انزلاقها،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬محترم،‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬23‭.‬277‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬رقم‭ ‬محترم،‭ ‬مُبينًا‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭.‬
وأبرز‭ ‬أنه،‭ ‬رغم‭ ‬بقاء‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬7‭.‬50‭ ‬دون‭ ‬تغيير،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مرتفعة‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يرى‭ ‬محدّثُنا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬الاستعجال‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭.‬
كما‭ ‬شدّد‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمحلل‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬لمزيد‭ ‬تحسين‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري،‭ ‬والاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬التصدير‭ ‬بنسق‭ ‬أكبر،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬المتأتية‭ ‬أساسًا‭ ‬من‭ ‬مداخيل‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج،‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬مداخيل‭ ‬أخرى‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬وتقديم‭ ‬جرعة‭ ‬تُضفي‭ ‬حيوية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬وتشجيعها‭ ‬على‭ ‬الانتصاب‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭.‬
انتهاج‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬سياسات‭ ‬نقدية‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة
وأدّت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬إلى‭ ‬تحسّن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬وهي‭ ‬عوامل‭ ‬مرتبطة‭ ‬بعوامل‭ ‬خارجية‭ ‬وأخرى‭ ‬داخلية‭.‬
وتتمثّل‭ ‬العوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬نجم‭ ‬عنها‭ ‬تحوّل‭ ‬مؤشر‭ ‬الدولار‭ ‬إلى‭ ‬الهبوط‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬بسبب‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬للفاعلين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬العالميين‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للعملة‭ ‬الخضراء،‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الظروف‭ ‬مهيّأة‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭.‬
أما‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية،‭ ‬فترجع‭ ‬أساسًا‭ ‬إلى‭ ‬انتهاج‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬سياسات‭ ‬نقدية‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدخل‭ ‬ناجع‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الصرف،‭ ‬بهدف‭ ‬التحكّم‭ ‬بنحو‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬التضخّم،‭ ‬وخلق‭ ‬نظام‭ ‬مالي‭ ‬ومصرفي‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الصمود،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬رصيد‭ ‬ملائم‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭. ‬ومن‭ ‬العوامل‭ ‬الداخلية‭ ‬الأخرى،‭ ‬رفض‭ ‬الضغوطات‭ ‬السابقة‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالدفع‭ ‬نحو‭ ‬تعويم‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭.‬
ومع‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬حقّقها‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تبرز‭ ‬أهمية‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تماسكه،‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬عليه،‭ ‬وتعزيزه‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعملات‭ ‬الأخرى،‭ ‬عبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الآليات،‭ ‬أهمها‭ ‬تدعيم‭ ‬الإنتاجية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬القطاعات‭ ‬الواعدة‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬حجم‭ ‬وقيمة‭ ‬الصادرات،‭ ‬وتحفيز‭ ‬المستثمرين‭ ‬واستقطابهم،‭ ‬وضمان‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتشريعي،‭ ‬وتبنّي‭ ‬سياسات‭ ‬مالية‭ ‬سليمة‭ ‬وناجعة،‭ ‬وعدم‭ ‬اختلال‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭.‬
خاصة‭ ‬وأن‭ ‬أبرز‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تُحدّد‭ ‬سعر‭ ‬العملة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬هي‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العملة،‭ ‬كأي‭ ‬سلعة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭. ‬وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬العملة‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬أداة‭ ‬للتقييم‭ ‬المالي‭ ‬والتبادل‭ ‬في‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وحجر‭ ‬الزاوية‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المحلي‭.‬

 درصاف‭ ‬اللموشي