لا تزال الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة بنسبة 25 بالمائة على السلع المُصدَّرة من تونس تُثير جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية، نظرًا لما قد تُخلّفه من تداعيات على الصادرات التونسية وعلى الاقتصاد الوطني عمومًا، في ظلّ تساؤلات متزايدة حول السبل الكفيلة بتجاوز آثارها السلبية.
وقد زاد هذا الجدل بعد تأكيد وزير التجارة الأمريكي، هاورد لوتنيك، أنّ المهلة التي حددتها بلاده لتطبيق الرسوم الجديدة نهائية، ولن يتم تمديدها. وفي هذا السياق، وقّع الرئيس الأمريكي، يوم الخميس، أمرًا تنفيذيًا يقضي بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10 و41 بالمائة على الواردات من عشرات الدول، من بينها تونس، على أن تدخل حيز التنفيذ في 7 أوت 2025، أي بعد أسبوع من الموعد الأصلي المقرر في غرة أوت.
أهمية تعزيز جودة المنتوج التونسي
وفي تصريح لـ»الصباح»، أوضح المحلل المالي والخبير الاقتصادي معز حديدان أن أبرز الصادرات التونسية نحو السوق الأمريكية تتمثل أساسًا في المنتجات الفلاحية، وعلى رأسها زيت الزيتون، بالإضافة إلى مشتقات الفسفاط.
وأشار حديدان إلى أن تطبيق هذه الرسوم سيُضعف من تنافسية السلع التونسية مقارنة بمنتجات مماثلة من دول كتركيا ومصر والمغرب، التي تتمتّع برسوم أقل. وهو ما يفرض تحسين جودة المنتوجات التونسية لضمان استدامة الطلب عليها في السوق الأمريكية. كما شدد على أن حجم الواردات التونسية من الولايات المتحدة لا يُقارن بحجم الصادرات، وهو ما يتطلب دعم نسق التصدير وتنويع قاعدة المنتوجات والأسواق.
ضرورة البحث عن أسواق بديلة
وأشار الخبير إلى أن مواجهة هذه التحديات الجديدة، التي تأتي ضمن سياق متغيرات اقتصادية وتجارية عالمية، تقتضي التوجّه نحو أسواق بديلة وواعدة يمكن من خلالها ترويج المنتوجات التونسية بكفاءة، لافتًا إلى تنوّع هذه الأسواق في قارات مختلفة، ومنها الأسواق الإفريقية، وأسواق أمريكا اللاتينية، وشرق آسيا.
السعي إلى خفض كلفة الإنتاج
في السياق ذاته، يتّفق الخبير الاقتصادي معز حديدان مع رئيس لجنة المالية بمجلس نواب الشعب، عبد الجليل الهاني، على ضرورة اقتحام أسواق جديدة لتفادي الخسائر المحتملة التي قد يتكبدها المصدّرون نتيجة الرسوم الأمريكية.
ويرى الهاني، في حديثه لـ»الصباح»، أن تنويع الأسواق أصبح أمرًا ملحًّا، بالتوازي مع العمل على تحسين مردودية المنتوجات، لا سيما زيت الزيتون والتمور.
ودعا إلى تكثيف تصدير زيت الزيتون المعلّب، ومنحه أولوية على حساب الزيت السائب، مع التركيز على تقليص كلفة الإنتاج بشكل مدروس، وتثمين الصادرات التونسية عمومًا.
كما كشف الهاني أن صادرات تونس نحو الولايات المتحدة بلغت سنة 2024 نحو 1.4 مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذه السلع ستواجه منافسة مباشرة في السوق الأمريكية مع سلع أخرى تُعفى من رسوم مماثلة أو تُفرض عليها رسوم أقل بنسبة تصل إلى 15 بالمائة، خاصّة تلك القادمة من دول الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن هذه المفارقة قد تؤدي إلى ركود اقتصادي محتمل في أوروبا، وهو ما ستكون له انعكاسات على الاقتصاد التونسي، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي يمثل الشريك التجاري الأول للبلاد.
وخلال النصف الأول من عام 2025، بلغت صادرات تونس نحو الاتحاد الأوروبي 70.3 بالمائة من إجمالي الصادرات، بقيمة 22,348.9 مليون دينار، مقارنة بـ22,332.6 مليون دينار في نفس الفترة من سنة 2024، بحسب المعهد الوطني للإحصاء.
تقييم شامل للانعكاسات الاقتصادية
من جانبه، شدد الأستاذ الجامعي والخبير المالي زياد أيوب على ضرورة القيام بتقييم دقيق لتأثير هذه الرسوم على الصادرات التونسية، وكذلك على الاستثمارات الأجنبية الموجهة للسوق الأمريكية. وأشار إلى أن تونس، رغم فرض رسوم أعلى عليها مقارنة بدول أخرى، لا تزال وجهة جاذبة للاستثمار بفضل انخفاض كلفة الإنتاج، وتوفّر يد عاملة مؤهلة ذات أجور معتدلة.
دعم تصدير زيت الزيتون المعلب
وفي ما يتعلق بانعكاسات هذه الرسوم على صادرات زيت الزيتون تحديدًا، الذي يحتلّ المرتبة الأولى ضمن صادرات تونس نحو الولايات المتحدة، دعا زياد أيوب إلى اتخاذ إجراءات استباقية، من أبرزها دعم تصدير الزيت المعلب، عبر تعزيز تدخلات صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب (FOPROHOC) وتوفير تمويلات إضافية له. كما دعا إلى تخصيص منحة تتراوح بين 50 و100 مليون دينار تشمل حوافز لمصدّري زيت الزيتون المعلب، خاصة أولئك الذين يستهدفون السوق الأمريكية، بغض النظر عن حجم صادراتهم، إلى جانب تعزيز التمويل البنكي لهذا القطاع، وتغطية تكاليف شهادة «الزيت البيولوجي» بشكل أكبر.
خطط استباقية وتحركات رسمية
ومنذ شهر أفريل 2025، بادرت وزارة التجارة وتنمية الصادرات بعقد اجتماع موسّع لمتابعة تداعيات القرار الأمريكي، بحضور سفيرة تونس بواشنطن، حنان التاجوري، وممثلين عن عدد من الوزارات والقطاع الخاص، إلى جانب الغرفة الأمريكية للتجارة والصناعة بتونس، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وغرف التجارة والصناعة، وعدد من المصدّرين المهتمين بالسوق الأمريكية.
وخلال الاجتماع، دعا وزير التجارة وتنمية الصادرات، سمير عبيد، إلى تكثيف التنسيق بين القطاعين العام والخاص، واتخاذ خطوات عملية للمحافظة على موقع الصادرات التونسية في السوق الأمريكية، خاصة في قطاعات زيت الزيتون، والتمور، والصناعات التقليدية، والصناعات الميكانيكية، والعمل على الحد من التأثيرات المستقبلية لهذه الرسوم.
الحفاظ على متانة العلاقات الاقتصادية
ورغم هذه التحديات، لا تزال العلاقات الاقتصادية بين تونس والولايات المتحدة تحتفظ بزخمها، حيث شدّد وزير التجارة خلال لقائه بدافيد حمود، رئيس غرفة التجارة الأمريكية العربية الوطنية، في 10 جويلية 2025، على أهمية تعزيز الشراكة الثنائية، من خلال آليات جديدة تسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية، وتُعزّز فرص الاستثمار المتبادل.
وأكد الوزير على ضرورة الاستفادة من الفرص المتاحة، وتدارس أرضية تعاون مشترك بين البلدين، عبر الإصغاء إلى شواغل المؤسسات الاقتصادية الأمريكية والتونسية، وبناء علاقات قوية قائمة على المصالح المتبادلة.
من جهته، أشار رئيس غرفة التجارة الأمريكية العربية الوطنية إلى رغبة العديد من الشركات الأمريكية في توسيع أنشطتها في تونس، لما توفّره من إمكانات، وموقع استراتيجي يجعلها منصة مثالية بين أوروبا وإفريقيا، إلى جانب إمكانية الاستفادة من الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف، خاصة مع الاتحاد الأوروبي والفضاء الإفريقي.
تداعيات متوقعة على سوق النفط
من جانب آخر، يُتوقّع أن تُسهم رسوم ترامب الجديدة في استمرار انخفاض سعر نفط برنت. وبما أن قانون المالية لسنة 2025 اعتمد على تقدير متوسط سعر البرميل بـ74 دولارًا، فإن الأسعار المنخفضة الحالية قد تؤدي إلى انعكاسات إيجابية على المالية العمومية، عبر ضخ موارد إضافية لفائدة ميزانية الدولة.
درصاف اللموشي
لا تزال الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة بنسبة 25 بالمائة على السلع المُصدَّرة من تونس تُثير جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية، نظرًا لما قد تُخلّفه من تداعيات على الصادرات التونسية وعلى الاقتصاد الوطني عمومًا، في ظلّ تساؤلات متزايدة حول السبل الكفيلة بتجاوز آثارها السلبية.
وقد زاد هذا الجدل بعد تأكيد وزير التجارة الأمريكي، هاورد لوتنيك، أنّ المهلة التي حددتها بلاده لتطبيق الرسوم الجديدة نهائية، ولن يتم تمديدها. وفي هذا السياق، وقّع الرئيس الأمريكي، يوم الخميس، أمرًا تنفيذيًا يقضي بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10 و41 بالمائة على الواردات من عشرات الدول، من بينها تونس، على أن تدخل حيز التنفيذ في 7 أوت 2025، أي بعد أسبوع من الموعد الأصلي المقرر في غرة أوت.
أهمية تعزيز جودة المنتوج التونسي
وفي تصريح لـ»الصباح»، أوضح المحلل المالي والخبير الاقتصادي معز حديدان أن أبرز الصادرات التونسية نحو السوق الأمريكية تتمثل أساسًا في المنتجات الفلاحية، وعلى رأسها زيت الزيتون، بالإضافة إلى مشتقات الفسفاط.
وأشار حديدان إلى أن تطبيق هذه الرسوم سيُضعف من تنافسية السلع التونسية مقارنة بمنتجات مماثلة من دول كتركيا ومصر والمغرب، التي تتمتّع برسوم أقل. وهو ما يفرض تحسين جودة المنتوجات التونسية لضمان استدامة الطلب عليها في السوق الأمريكية. كما شدد على أن حجم الواردات التونسية من الولايات المتحدة لا يُقارن بحجم الصادرات، وهو ما يتطلب دعم نسق التصدير وتنويع قاعدة المنتوجات والأسواق.
ضرورة البحث عن أسواق بديلة
وأشار الخبير إلى أن مواجهة هذه التحديات الجديدة، التي تأتي ضمن سياق متغيرات اقتصادية وتجارية عالمية، تقتضي التوجّه نحو أسواق بديلة وواعدة يمكن من خلالها ترويج المنتوجات التونسية بكفاءة، لافتًا إلى تنوّع هذه الأسواق في قارات مختلفة، ومنها الأسواق الإفريقية، وأسواق أمريكا اللاتينية، وشرق آسيا.
السعي إلى خفض كلفة الإنتاج
في السياق ذاته، يتّفق الخبير الاقتصادي معز حديدان مع رئيس لجنة المالية بمجلس نواب الشعب، عبد الجليل الهاني، على ضرورة اقتحام أسواق جديدة لتفادي الخسائر المحتملة التي قد يتكبدها المصدّرون نتيجة الرسوم الأمريكية.
ويرى الهاني، في حديثه لـ»الصباح»، أن تنويع الأسواق أصبح أمرًا ملحًّا، بالتوازي مع العمل على تحسين مردودية المنتوجات، لا سيما زيت الزيتون والتمور.
ودعا إلى تكثيف تصدير زيت الزيتون المعلّب، ومنحه أولوية على حساب الزيت السائب، مع التركيز على تقليص كلفة الإنتاج بشكل مدروس، وتثمين الصادرات التونسية عمومًا.
كما كشف الهاني أن صادرات تونس نحو الولايات المتحدة بلغت سنة 2024 نحو 1.4 مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذه السلع ستواجه منافسة مباشرة في السوق الأمريكية مع سلع أخرى تُعفى من رسوم مماثلة أو تُفرض عليها رسوم أقل بنسبة تصل إلى 15 بالمائة، خاصّة تلك القادمة من دول الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن هذه المفارقة قد تؤدي إلى ركود اقتصادي محتمل في أوروبا، وهو ما ستكون له انعكاسات على الاقتصاد التونسي، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي يمثل الشريك التجاري الأول للبلاد.
وخلال النصف الأول من عام 2025، بلغت صادرات تونس نحو الاتحاد الأوروبي 70.3 بالمائة من إجمالي الصادرات، بقيمة 22,348.9 مليون دينار، مقارنة بـ22,332.6 مليون دينار في نفس الفترة من سنة 2024، بحسب المعهد الوطني للإحصاء.
تقييم شامل للانعكاسات الاقتصادية
من جانبه، شدد الأستاذ الجامعي والخبير المالي زياد أيوب على ضرورة القيام بتقييم دقيق لتأثير هذه الرسوم على الصادرات التونسية، وكذلك على الاستثمارات الأجنبية الموجهة للسوق الأمريكية. وأشار إلى أن تونس، رغم فرض رسوم أعلى عليها مقارنة بدول أخرى، لا تزال وجهة جاذبة للاستثمار بفضل انخفاض كلفة الإنتاج، وتوفّر يد عاملة مؤهلة ذات أجور معتدلة.
دعم تصدير زيت الزيتون المعلب
وفي ما يتعلق بانعكاسات هذه الرسوم على صادرات زيت الزيتون تحديدًا، الذي يحتلّ المرتبة الأولى ضمن صادرات تونس نحو الولايات المتحدة، دعا زياد أيوب إلى اتخاذ إجراءات استباقية، من أبرزها دعم تصدير الزيت المعلب، عبر تعزيز تدخلات صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب (FOPROHOC) وتوفير تمويلات إضافية له. كما دعا إلى تخصيص منحة تتراوح بين 50 و100 مليون دينار تشمل حوافز لمصدّري زيت الزيتون المعلب، خاصة أولئك الذين يستهدفون السوق الأمريكية، بغض النظر عن حجم صادراتهم، إلى جانب تعزيز التمويل البنكي لهذا القطاع، وتغطية تكاليف شهادة «الزيت البيولوجي» بشكل أكبر.
خطط استباقية وتحركات رسمية
ومنذ شهر أفريل 2025، بادرت وزارة التجارة وتنمية الصادرات بعقد اجتماع موسّع لمتابعة تداعيات القرار الأمريكي، بحضور سفيرة تونس بواشنطن، حنان التاجوري، وممثلين عن عدد من الوزارات والقطاع الخاص، إلى جانب الغرفة الأمريكية للتجارة والصناعة بتونس، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وغرف التجارة والصناعة، وعدد من المصدّرين المهتمين بالسوق الأمريكية.
وخلال الاجتماع، دعا وزير التجارة وتنمية الصادرات، سمير عبيد، إلى تكثيف التنسيق بين القطاعين العام والخاص، واتخاذ خطوات عملية للمحافظة على موقع الصادرات التونسية في السوق الأمريكية، خاصة في قطاعات زيت الزيتون، والتمور، والصناعات التقليدية، والصناعات الميكانيكية، والعمل على الحد من التأثيرات المستقبلية لهذه الرسوم.
الحفاظ على متانة العلاقات الاقتصادية
ورغم هذه التحديات، لا تزال العلاقات الاقتصادية بين تونس والولايات المتحدة تحتفظ بزخمها، حيث شدّد وزير التجارة خلال لقائه بدافيد حمود، رئيس غرفة التجارة الأمريكية العربية الوطنية، في 10 جويلية 2025، على أهمية تعزيز الشراكة الثنائية، من خلال آليات جديدة تسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية، وتُعزّز فرص الاستثمار المتبادل.
وأكد الوزير على ضرورة الاستفادة من الفرص المتاحة، وتدارس أرضية تعاون مشترك بين البلدين، عبر الإصغاء إلى شواغل المؤسسات الاقتصادية الأمريكية والتونسية، وبناء علاقات قوية قائمة على المصالح المتبادلة.
من جهته، أشار رئيس غرفة التجارة الأمريكية العربية الوطنية إلى رغبة العديد من الشركات الأمريكية في توسيع أنشطتها في تونس، لما توفّره من إمكانات، وموقع استراتيجي يجعلها منصة مثالية بين أوروبا وإفريقيا، إلى جانب إمكانية الاستفادة من الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف، خاصة مع الاتحاد الأوروبي والفضاء الإفريقي.
تداعيات متوقعة على سوق النفط
من جانب آخر، يُتوقّع أن تُسهم رسوم ترامب الجديدة في استمرار انخفاض سعر نفط برنت. وبما أن قانون المالية لسنة 2025 اعتمد على تقدير متوسط سعر البرميل بـ74 دولارًا، فإن الأسعار المنخفضة الحالية قد تؤدي إلى انعكاسات إيجابية على المالية العمومية، عبر ضخ موارد إضافية لفائدة ميزانية الدولة.