إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وزيرة المالية في جلسة برلمانية: الحكومة تسعى بكل الجهود للضغط على الأسعار

- دعوات لإعادة النظر في مقترحي سيارة لكل عائلة وإعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل 

- تساؤلات حول مخطط التنمية 2026ـ 2030 ومشروع قانون المالية لسنة 2026

 

قالت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي إن نسبة التضخم تراجعت لكن الأسعار ظلت تتغير بتغير المواسم وأكدت أن الحكومة تسعى بكل جهودها إلى الضغط على الأسعار بتكثيف المراقبة وضرب الاحتكار والمضاربة. وأضافت أمس خلال جلسة عامة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم انتهت بالمصادقة على مشروع قانون غلق ميزانية الدولة لسنة 2021 أن وزارة المالية تمس جميع المجالات والقطاعات والاستراتيجيات والمشاريع، وأقرت بوجود مشاكل وعقبات وجهات مازالت لم تأخذ حظها من التنمية. وبينت أنه في إطار خيار تقسيم البلاد إلى أقاليم سيتم العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية حتى تأخذ جميع الجهات حظها من التنمية والمشاريع والتقليص من نسبة البطالة.

وتفاعلا مع النواب الذين طالبوها بالنظر من جديد في المقترحات التي تقدموا بها سابقا بمناسبة التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025 وخاصة المتعلقة منها بإعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل وإسناد امتياز لكل عائلة لاقتناء سيارة، اجابت مشكاة سلامة الخالدي أن هذه المقترحات وغيرها قابلة للدرس ويمكن نقاشها مع النواب وتقديم رأي قانوني وفني حولها لمعرفة ما يمكن تطبيقه وما لا يمكن تطبيقه.  

 وتعقيبا على النواب الذين طالبوا بترسيخ الدور الاجتماعي للدولة، ذكرت الوزيرة أن سياسة الدولة تقوم على الوقوف على المشاكل ومحاولة إيجاد حلول والتسريع في معالجتها وأكدت أن الدولة تسير في اتجاه تكريس الدور الاجتماعي لها، وفسرت أن الدولة الاجتماعية لا تقتصر على تقديم منح ومساعدات لبعض الفئات بل يجب أن تغطي كل القطاعات. وردا على النواب الذين تذمروا من انقطاعات الماء والكهرباء قالت إن رئيس الجمهورية يتدخل ليلا ونهارا لاسترجاع الماء والكهرباء عند حدوث انقطاع. وأضافت أنه من الضروري الوقوف على الأخطاء والهنات والتقصير وطالبت كل نائب عندما يلاحظ في جهته عدم تطبيق توجهات الدولة بأن يتدخل وسيجد الدولة إلى جانبه وأكدت أن رئيسة الحكومة تعمل بكل جهودها على حلحلة المشاريع المعطلة وإيجاد حلول للإشكاليات الواردة من الجهات ومن المواطنين.

تنزيل المخطط

ولدى حديثها عن مخطط التنمية 2026ـ 2030 وقانون المالية لسنة 2026 قالت وزيرة المالية إنه في إطار خيار رئيس الجمهورية تتالت منذ شهر مارس الماضي المجالس الوزارية حول المشروعين المذكورين وتمت مراعاة البناء القاعدي وكل ما تم تضمينه في تقارير المجالس المحلية تم النظر فيه في المجالس الجهوية وتم التقدم في هذا الاتجاه بخطى ثابتة على مستوى تحديد المشاريع في الجهات وهذا العمل ليس سهلا لأنه لأول مرة في تونس سيتم الربط بين مخطط التنمية الذي يمتد على عدة سنوات وبين قانون المالية الذي يتعلق بسنة وحيدة، وقالت إن الحكومة تعمل على تنفيذ رؤية رئيس الجمهورية لكي يتم في قانون المالية رصد موارد لانجاز أهم المشاريع في إطار إستراتجية واضحة وذكرت أنه في إطار هذه الرؤية لن يقع الاشتغال على مشاريع صغرى أو مشاريع فئوية أو مشاريع تهم الجهات فقط بل لابد من حسن التنسيق وذلك من خلال وضع خطط من شأنها أن تساعد على تحقيق التنمية في كامل البلاد، وأكدت في هذا السياق على محاولة بلورة رؤية رئيس الجمهورية التي تم في إطارها بعث المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وعبرت عن أملها في أن يقع تقديم بقية التقارير من قبل المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في أقرب الأوقات قصد التأليف بينها من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط في الآجال. وذكرت أنه توجد لجان مشتركة بين مختلف الوزارات بهدف التوصل إلى إعداد التقارير وإحالتها في الآجال التي تم ضبطها من قبل الحكومة حتى تكون الرؤية واضحة في غضون شهر أكتوبر القادم ليقع رصد موارد في قانون المالية لبعث المشاريع لفائدة الجهات وأضافت أنه  يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضا المشاريع المعطلة لأن هناك مشاريع مهمة يجب استكمال تنفيذها لتكون قاطرة لتنمية الجهات.

وبخصوص دعوة بعض النواب إلى التمييز الايجابي للجهات المهمشة أوضحت الوزيرة أنه في إطار رؤية رئيس الجمهورية فإن الأقاليم والجهات والمحليات هي التي ستكون الرائدة في اختيار المشاريع وفي هذه الحالة لن تكون هناك حاجة لتمييز إيجابي لجهة عن أخرى لأن تونس موحدة ولا يقع التفريق بين الجهات. وقالت فعلا هناك جهات حظيت في فترات تاريخية معينة بامتيازات أكثر من جهات أخرى لكن حان وقت الإصلاح وتعديل ما يجب تعديله وفسرت أن الجهة التي تمتعت في السابق بحقوقها لن يقع حرمانها أما الجهة التي لم تحصل في ما مضى على حظوظها فسيتم تعديل الكفة في اتجاه تمكينها من حاجياتها.

اللجوء للاقتراض

وأضافت الوزيرة مشكاة سلامة الخالدي أنه في علاقة بالوضع المالي للبلاد فهي تتمنى لو كان هناك ما يكفي من الموارد الذاتية لتمويل الميزانية والتعويل على الذات لكن شعار التعويل على الذات الذي رفعه رئيس الجمهورية لا يعني عدم الحصول على القروض فكل المشاريع الكبرى حسب قولها تم انجازها بقروض تم سدادها بنسب تفاضلية. وتعقيبا على مطالب عديدة تقدم بها النواب لفائدة جهاتهم وأقاليمهم أضافت أن الدولة قادرة على تقديم ما تقدر عليه لكن هناك توازنات يجب احترامها لأن اختلالها لا يترتب عنه فقط عدم الاستجابة لمطالب النواب لتنمية جهاتهم بل سيترتب عنه عدم الاستجابة لجميع المطالب. وذكرت أن هناك مشاريع رصدت لها موارد في السابق لكن لم يقع انجازها أو أنها أنجزت بطريقة غير مناسبة وهذه المشاريع محل مراقبة وطمأنت النواب بأن رئيس الجمهورية يشن حملة على الفساد وقالت إنه كلما يتم التفطن إلى جهات معينة أو أشخاص يقومون بالتعطيل أو يتسببون في مشاكل على مستوى الجهات أو على مستوى المركزي فإنه لن يقع التهاون معهم، وذكرت أنه يتم النظر في كل الشكايات وإذا تطلب الأمر تتم إحالة الملف إلى القضاء.

الشراكة بين القطاعين

 وتعقيبا على أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذين طالبوا بدعم الشراكة بين القطاعين أكدت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي أن القطاع العام والقطاع الخاص سيتعاونان من أجل النهوض بالبلاد وتمكين الجهات من مستحقاتها دون تمييز جهة عن أخرى وهذا لا يتجسد إلا في إطار مشاريع واضحة يريدها المواطن في جهته ويجد فيها ضالته، وفسرت أنه لا يمكن رصد موارد لجميع هذه المشاريع في قانون المالية لسنة 2026 فقط بل سيتم تنفيذها على امتداد سنوات المخطط، وعبرت عن حرص جميع الوزارات بما فيها وزارة المالية على تنفيذ مخطط التنمية في إطار التناغم والعمل المشترك والتنسيق المستمر وذلك في إطار توجهات وأولويات قانون المالية لسنة 2026.

وبخصوص الإجراءات التي طالب بها العديد من النواب والتي تكتسي صبغة مالية، قالت مشكاة سلامة الخالدي إن جميع هذه الطلبات مشروعة وذكرت أنه يمكن التنسيق بين الوزارة والنواب وذلك في إطار القانون الذي يحكمهم جميعا وفسرت الوزيرة أنه طبقا لهذا القانون فإن الحكومة هي التي تعد مشروع قانون المالية ثم يتم نقاشه مع النواب لتبين ما يمكن تمريره من مقترحات من عدمها وذكرت أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار المخطط التنموي والتوازنات وتحديد طرق تمويل المقترحات في الإبان وذكرت أن الوزارة تتجه رويدا رويدا نحو تنفيذ ميزانية 2025 وستتضح الرؤية أكثر أثناء تنفيذها في الأشهر المتبقية من العام الجاري لفهم التوجهات القادمة للمخطط والميزانية.

وتعقيبا على نائب تحدث عن الظروف الصعبة لعمل أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم بسبب عدم توفر حواسيب وطاولات وحتى الأوراق البيضاء لنسخ وثيقة أما المكيف فتم تشغيله مؤخرا وكانوا قبل ذلك يتصببون عرقا، أكدت الوزيرة عدم درايتها بهذه المعطيات وقالت إنه تم توفير ميزانية للغرفة النيابية الثانية وتمكينها من مستحقاتها. وردا على طلب آخر يهم المجلس ويتمثل في اعتباره مهمة خاصة صلب القانون الأساسي للميزانية قالت إن هذا المطلب مشروع لأن الدستور نص على غرفتين نيابيتين وذكرت أنه من حق كل غرفة أن تكون لها وضعية قانونية واضحة وأكدت أن تنقيح القانون الأساسي للميزانية لسنة 2019 لن يتأخر كثيرا لأن هذا القانون لم يعد مواكبا للرؤية الجديدة للدولة التونسية التي ضبطها دستور 2022.

تخفيف العبء الجبائي

وبخصوص مطالب النواب المتعلقة بالتخفيف من الضغط على دافعي الضرائب والعمل على إدماج الاقتصاد الموازي، بينت وزيرة المالية أنه عند تحديد موارد الدولة فذلك يتم على أساس معطيات وموارد واضحة، وفسرت أن الموارد المستقرة والدائمة هي الموارد الجبائية وكل ما هو غير جبائي غير مستقر وغير دائم بما فيها عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج بالعملة الصعبة، وذكرت أن تحسين الوضعية المالية والحد من العجز المالي كان فعلا بفضل تلك العائدات لكن هذه العائدات غير مستقرة وغير قارة، وأضافت أن تونس ليست لديها مثل دول أخرى عائدات قارة من البترول لكنها تحاول مجابهة النفقات الكبيرة. وأقرت بوجود عجز لكن يتم العمل على الحد منه لتلافي تفاقمه حتى لا يتسبب في الاختلال. وقالت إنه ليس من السهل تحقيق المعادلة الضامنة للتوازنات المالية لكن هذا هو واجب وزارة للمالية وبينت أنها لا تقول هذا الكلام لمنع النواب من تقديم مطالبهم بل لتفسير الوضعية وتعهدت الوزيرة  بالعمل على تلبية طلبات الجهات في حدود الإمكانية المتاحة وفي حدود ما يتم ضبطه في المخطط، وذكرت أنه توجد محاولات لإدماج الاقتصاد الموازي وهذا العمل انطلق في وقت سابق وهو متواصل لكن تحقيق هذا الهدف لا يتم من خلال مجهودات إدارة الجباية ووزارة التجارة فقط بل يجب تعاون جميع الوزارات للقيام بمسح ميداني لتبين القطاعات الموازية وذلك لتمكين الناشطين فيها من معرفات جبائية وبهذه الكيفية يتم تقليص الضغط الجبائي على المطالبين بالأداء وتحقيق العدالة الجبائية بين جميع الخاضعين للضريبية. وبخصوص النسب الجبائية المعتمدة في تونس والتي اعتبرها البعض مشطة قالت إنها لا تختلف عن النسب المعمول بها في بقية الدول.

وردا على نائب تحدث عن جمعيات القروض الصغرى أشارت سلامة إلى وجود عدة أطراف متداخلة تعمل على البحث عن حلول لهذه الجمعيات التي تخضع لاتفاقات التمويل الصغير وهي تحت إشراف وزارة المالية وتدرك الوزارة حسب قولها أن هذه الجمعيات تعاني من مشاكل وأن هناك تجاوزات ويتمثل دور الوزارة في متابعة تمويلها ومراقبتها لأن كل من يحصل على تمويل من الدولة يخضع للرقابة.

ملف المصادرة

وإجابة عن أسئلة نواب الشعب المتعلقة بملف المصادرة أشارت وزيرة المالية إلى أن هذا الملف يحظى بمتابعة رئيس الجمهورية وهناك لجنة التصرف التي تترأسها وزيرة المالية ولجنة المصادرة التي يترأسها وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ولجنة متابعة مشتركة تشرف عليها وزيرة العدل. وأضافت أنه يمكن  تقسيم هذا الملف إلى ملفات تم الحسم فيها وغلقها وتنتظر الوزارة عمليات التسوية على مستوى القضاء، وهناك ملفات تهم الشركات ويمكن تقسيمها إلى شركات تساهم فيها الدولة من خلال التدخل المباشر أو عن طريق الكرامة القابضة وقد وضعت الدولة يدها عليها وتدخلت فيها وحصلت على أرباحها على امتداد سنتي 2023 و2024 على أمل أن تحصل خلال سنة 2025 على أرباح إضافية لجزء هام من المؤسسات المصادرة التي تم الانتهاء من النزاعات القضائية بشأنها وهناك جرد في هذه المؤسسات وهناك مؤسسات هي منذ صدور مرسوم المصادرة مؤسسات فارغة وبقيت المحاكم تعاني منها طيلة سنوات وستقع تسوية وضعياتها. وخلصت إلى أن أكثر من تسعين بالمائة من المؤسسات فيها نزاعات جارية وإلى أنه تم تحويل مبالغ من المصادرة إلى ميزانية الدولة. وذكرت أنه من خلال عمليات البيع التي تمت بطرق قانونية أو غيرها من عمليات التفويت تم إلى حدود سنة 2024 تحويل 2700 مليون دينار من المصادرة إلى الميزانية، وأضافت أنه يوجد مشكل في العقارات المصادرة مرده الخوف من الرقابة المشددة التي تقوم بها الدولة على العقارات المصادرة كما توجد إشكاليات إدارية، وقالت انه يجب مواصلة العمل من أجل غلق ملف المصادرة وكل من لديه حق في استرجاع أملاك صودرت يقع تمكينه من حقه لكن الممتلكات المصادرة بطرق قانونية التي تعهدت بها لجنة المصادرة فيجب العمل على إتمام تسوية وضعياتها، وذكرت أن الأعمال المتعلقة بملف مصادرة أملاك حزب التجمع المنحل فإنها شارفت على النهاية. وأوضحت انه في فترة من الفترات لم يقع الاشتغال على ملف المصادرة كما يجب لكن اليوم فإن لجنة التصرف تقوم بأعمالها ويتم تنظيم اجتماعات مكثفة للغرض لكن هذا الملف لا يهم هذه اللجنة فقط بل يهم وزارات أخرى وعبرت عن أملها في أن يتم استكمال النظر فيه بعد جرد كل الملفات.

 مطالب كثيرة

بعد الاستماع إلى وزيرة المالية صادق المجلس الوطني للجهات والأقاليم على  مشروع قانون غلق ميزانية الدولة لسنة 2021، وهو نفس المشروع الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب يوم 21 جويلية 2025، لأنه  بناء على أحكام دستور 2022 والقانون المنظم للعلاقة بين الغرفتين النيابيتين لا تتم المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالمالية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين، ولأنه بمقتضى الفصل الثالث من القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 والمتعلق بالقانون الأساسي للميزانية يعتبر قانونا للمالية: قانون المالية للسنة، وقانون المالية التعديلي، وقانون غلق الميزانية. وكانت نتيجة التصويت على هذا المشروع كما يلي: 34 موافقون و18 رافضون 4 محتفظون وأعلن رئيس المجلس عماد الدربالي عن المصادقة على المشروع بأغلبية الحاضرين.

ويذكر أنه قبل المرور للنقاش تمت تلاوة تقرير لجنة المالية والميزانية حول هذا المشروع من قبل نائبة رئيس اللجنة نورس الهيشري ومقرر اللجنة علاء الغزواني، في حين أشار رئيس اللجنة جلال القروي إلى أن النظر في  مشروع قانون غلق الميزانية لسنة 2021 هو محطة هامة من محطات الرقابة المالية للدولة وتقييم حسن التصرف في المال العام وعبر عن تطلعه لنقاش مسؤول وهادئ بهدف الإحاطة بكافة الجوانب التقنية والسياسة المتصلة بهذا المشروع في إطار الاحترام المتبادل والتعاون بين السلطات بما فيه مصلحة الوطن والمواطن.

وخلال النقاش العام لمشروع القانون المعروض على أنظار الجلسة العامة طالب العديد من النواب بتشريكهم  بصفة مسبقة في وضع التصورات المتعلقة بقانون المالية للسنة القادمة، وإعادة طرح مقترحات تم تقديمها العام الماضي عند النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2025 لكن وزيرة المالية السابقة رفضتها بتعلة مخالفتها لأحكام الفصلين 69 من الدستور و49  من القانون الأساسي للميزانية ومنها بالخصوص الامتياز المتعلق بتمكين كل عائلة من اقتناء سيارة، وإعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل، وتمكين ذوي الإعاقة من عدد من الامتيازات وفتح حساب بالعملة الصعبة وبعث البنك البريدي، في حين دعا آخرون إلى التسريع في مراجعة قوانين الاستثمار والصرف، وطالب أحد النواب بفتح تحقيق جدي على معنى قانون مكافحة الإرهاب في الحرائق المريبة، واقترح آخرون تنقيح القانون الأساسي للميزانية لملاءمته مع الدستور لان هذا القانون لم يرد فيه مجلس الجهات والأقاليم، وطالب أحدهم بتمكين ذوي الإعاقة العاجزين عن العمل من جرايات لأنه تم حرمانهم من الجرايات لأن لديهم فرد في عائلاتهم يشتغل ويتمتع بتغطية اجتماعية. ولم يخف بعض النواب عدم رضاهم على أداء الحكومة وعبروا عن رغبتهم في أن تكون الحكومة ثورية تحمل مشروعا طموحا يعيد الأمل للتونسيين ويحقق العدالة الاجتماعية.

تنفيذ قانون المالية

وتساءلت النائبة زكية المعروفي هل تم تفعيل إجراءات قانون المالية لسنة 2025 المتعلقة بصندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وصندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل والحساب الخاص في الخزينة لضمان ضحايا حوادث المرور وصندوق التعويض عن الأضرار الفلاحية الناجمة عن الكوارث الطبيعية ومساندة مربي الأبقار أم ليس بعد، وطالبت بتقديم تقرير مفصل حول الصناديق التي تم إقرارها في قانون مالية 2025 والموارد التي تمت تعبئتها والمبالغ التي تم صرفها إلى حد الآن. وتساءلت هل أن الدولة عاجزة عن تطبيق إجراءات قانون المالية على أرض الواقع منها منظومة المبادر الذاتي.

مشاريع معطلة

 وطالب النائب أيمن العبيدي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالقيام بلفتة لمعتمدية العيون ولبقية معتمديات القصرين التي تعاني من العطش وانقطاع التيار الكهربائي وانقطاع شبكة الانترنيت وهشاشة البنية التحتية وتفاقم الوضع الاجتماعي الصعب والمشاريع المعطلة بل أصبحت القصرين حسب وصفه ولاية المشاريع المعطلة. وتساءل هل هناك نية لبناء مركز بريد جديد في العيون ومتى يقع بناء المدرسة الابتدائية التي تم تخصيص عقار لها ونبه وزير التربية إلى وجود مدارس بجدليان وتالة وحاسي الفريد آيلة للسقوط أما مشروع المدرسة الإعدادية بالعيون فهو معطل منذ 2007 وسأل العبيدي وزير الشباب والرياضة عن موعد بناء ملعب بالعيون لأن الشباب يتدربون في الجبل.

المؤسسات المصادرة   

وتحدثت النائبة هدى الجلاصي عن الإطار التشريعي والمالي المنظم للمعاملات الرقمية والتحويلات المالية ودعت إلى التعجيل بسن إطار قانوني صريح ومرن ينظم خدمات الدفع الرقمي ويضع حدا للعزلة التي يعاني منها الشباب التونسي في الداخل والخارج ومراجعة قانون التحويلات المالية ومجلة الصرف للرفع في سقف التحويلات المسموح بها قانونيا وتبسيط الإجراءات الإدارية والرقابية بما يضمن الشفافية ويحترم حقوق  الأفراد. وطالبت بفتح حوار مع مزودي خدمات المحافظ الالكترونية والمنصات الرقمية والمتاجر الالكترونية لدفع الاقتصاد وتيسير المعاملات اليومية خاصة بالنسبة للمستقلين وصغار المستثمرين في المجال الرقمي. وترى النائبة أنه لا يمكن تطوير المنظومة المالية دون تنقيح قانون مكافحة الجريمة المالية وغسيل الأموال حتى لا يقع توظيفه لتعطيل المبادرة الحرة أو تضييق الخناق على الرأسمال النزيه. وطالبت الجلاصي بمراجعة قانون الشركات المصادرة لأنه عطل الدورة الاقتصادية لعشرات الشركات المصادرة وكان أداة تجميد أكثر منه أداة إصلاح. وبينت أنه توجد فرصة تاريخية لإصلاح جدي للمنظومة المالية فإما أن يتم الالتحاق بالركب أو البقاء أسرى لمنظومة مهترئة تجاوزها الزمن.

الوضع لم يتغير

ووجهت النائبة دلال اللموشي رسالة إلى رئيس الجمهورية لإطلاعه على الوضع في الكاف إذ بقي على حاله رغم الزيارات التي أداها أعضاء الحكومة إلى هذه الجهة وذكرت أن نواب الجهة من الغرفتين هم الذين يقفون في الواجهة، وقالت إنها استبشرت بزيارة رئيس الجمهورية لطاحونة الدهماني والتي تم إثرها إرسال وفد يتكون من وزراء الشؤون الاجتماعية والصناعة والفلاحة لكن مازالت الجهة تنتظر الاجراءات ودعت النائبة رئيس الجمهورية إلى مراجعة أداء بعض أعضاء الحكومة وأن يضع ولاية الكاف ضمن أولويات المرحلة القادمة فهذه الولاية ممثلة بسبعة نواب من الغرفة الأولى ومن الغرفة الثانية وكلهم اجتهدوا ولم يقصروا لكن التقصير على حد قولها كان من قبل أعضاء الحكومة. 

أما النائبة ريم بلحاج محمد فبينت أنها ترشحت للانتخابات لإيمانها بأن مسار 25 جويلية سيمكن من إصلاح الأوضاع وبناء تونس أفضل، وذكرت أن أعضاء المحليات والجهات والأقاليم ومجلس الجهات والأقاليم يعانون من ضرب الإدارات والولاة والمعتمدين لكنهم يعملون ويكافحون. وبينت أنها كانت تريد جمع الشمل لإيمانها بأن مجلسها هو الذي سيقول كلمته لأنه يعبر عن رؤية وطنية وفكر رئيس الجمهورية الذي يقف خلفه الجميع لكن هذا المجلس هرب به التيار. وأضافت أنهم في المجلس ليس بصدد تصفية حسابات أو خدمة أجندات أو مراكز نفوذ مالية بل أنهم موجودون لتمثيل الشعب والتعبير عن إرادته وصيانة مسار ولد من رحم 25 جويلية الذي تؤمن به خيارا لا رجعة فيه. وقالت بوضوح:»لن ننخرط في سياسة التحالفات الهشة المبينة على المهادنة وتبادل المصالح الضيقة ولن نسمح بأن تتحول الدولة إلى أداة بيد لوبيات المال أو واجهة لسياسات خارجية غريبة عن مصلحة تونس وشعبها ولسنا في خدمة رجال الأعمال ولسنا في خدمة الأحزاب التقليدية التي فشلت في إدارة الشأن العام بل نحن نعمل من أجل تونس ومن أجل العدالة الاجتماعية والجهات المهمشة وبناء دولة قوية بمؤسساتها».. وعبرت عن التزام نواب مسار 25 جويلية بمواصلة الدفاع عن هذا المسار وتحصينه من محاولات الالتفاف عليه لإيمانهم بأن المصلحة الوطنية أعلى من كل اعتبار.

وعبر النائب أسامة سحنون عن رفضه المصادقة على مشروع  قانون غلق ميزانية الدولة لسنة 2021 لأن هذا القانون تم وضعه في وقت فجعت فيه العائلات التونسية بموت أحد أفرادها بكورونا لكن في ذلك الوقت كانت هناك بطانة فاسدة وحكومة فاسدة ورئيس حكومة فاسد ومجلس منحل يعيشون في نعيم على حساب التونسيين وذكر أنه لا يصوت لفائدة هذا المشروع مثلما لم يصوت على قانون المالية لسنة 2025 لأنه تم تغليفه بإجراءات اجتماعية لذر الرماد على العيون وأوضح أن مفعول تلك الإجراءات لا يفوق 200 مليار وفي المقابل تم منح امتيازات خيالية لرجال الأعمال وإعفاءات واعتماد ضريبة تصاعدية كما تريدها وزارة المالية وتم منح امتيازات لشركات منافسة لديوان التجارة الذي من المفروض أن يحتكر توريد القهوة لكن هناك في الديوان من يدافع عن هذه الشركات أكثر من الدفاع عن الديوان نفسه، كما وقع رفض مقترح السيارات الشعبية من قبل الوزارة وتم إسقاطه من قبل مجلس النواب ثم مورست كل الضغوط  لسحب هذا المقترح عند عرضه في مجلس الجهات والأقاليم  لكن هذا العام سيتم التمسك بهذا المقترح ولن يقع التنازل عنه. وأضاف أنه استبشر بـ 25 جويلية لكن يجب تحقيق مطالب 25 جويلية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والعدالة بين الجهات والتوجهات الاجتماعية للدولة وذكر أنه يعرف مدى وطنية رئيس الجمهورية وصدقه لكن يجب القيام بإصلاحات والضرب بيد من حديد خاصة داخل الوزارات لأن تغيير الوزير مع الإبقاء على نفس الأشخاص لا يكفي. وبين أن رئيس الجمهورية ليس وحده في مواجهة اللوبيات فنواب الشعب معه والشعب الشريف معه والمنظمات الوطنية معه والأحزاب السياسية النظيفة معه. وأقر  النائب بتراجع الاقتراض الموجه للاستهلاك مقابل الاقتراض للاستثمار لكنه يرى أن هذا ليس من السيادة الوطنية فالسيادة الوطنية لا تتم بتعبئة موارد ميزانية الدولة عبر الاقتراض من البنوك الخاصة بل تقتضي تنقيح قانون البنك المركزي حتى يقوم بإقراض الدولة. وطالب سحنون وزيرة المالية بعدم التعلل خلال نقاش مشروع قانون المالية 2026 بالفصل الشهير الذي يعتبر أن مقترحات النواب فيها مساس بالتوازنات المالية للدولة وقال إنه يريد قلب توجه هذه الدولة ويريدها دولة اجتماعية حقيقية لكن ببعض المسؤولين وبحزب الإدارة لا يمكن تحقيق ذلك. وأضاف أنه يجب أن يكون هناك عقل سياسي ذو توجه اجتماعي يرأس الحكومة ويجب أن يكون للوزراء توجه اجتماعي إذ يكفي من التقنيين لأن التقنيين سيكررون نفس الكوارث.  كما أشار إلى أن الدنيا عبر ودروس ومن لا يتعظ بالتاريخ سيكرر نفس الأخطاء ومن يكون في منصب فعليه تجميع الناس وتمثيل الجميع وأن يكون في خدمة المواطن وفي خدمة الوطن وعبر عن أمله في عدم تكرار نفس الأخطاء ولكن في صورة تكرارها فإنهم في المجلس سيتصدون لها لأنه يجب تحقيق وعود 25 جويلية. 

وبين النائب فهمي مبارك أنهم أمام لحظة تاريخية فارقة من أجل بناء تونس أخرى يحلم بها كل التونسيين والتونسيات وبين أنه ضد محاولات تمرير سياسات حزبية داخل المجلس أو ممارسات بائدة داخل الإدارة أو مؤسسة عمومية لأن من واجبها خدمة المواطن. وذكر أن هناك محاولات واهية تسعى لإفشال مسار هو من أشد المدافعين عنه. وقال إن الحقوق تفتك ولا تهدى وذكر أنه من حق النواب تنقيح القانون الأساسي للميزانية لإدراج المجلس الوطني للجهات والأقاليم كمهمة خاصة. وطالب مبارك وزيرة المالية بمد المجلس النيابي بترسانة من مشاريع القوانين من قبيل مشروع يهم السيارات الشعبية وحق كل تونسي في سيارة.

مطالبة بالإصلاح

وأشار النائب بلال السعيدي إلى أنه لا يمكن النظر في مشروع القانون المتعلق بغلق ميزانية 2021 من زاوية محاسبية بل من زاوية حوكمة المال العام وشفافية ميزانية الدولة فالميزانية حسب قوله يجب أن تعكس الواقع الاقتصادي لكن عندما يتم تمرير قانون غلق الميزانية بعد ثلاث سنوات فهذا تأجيل متواصل للحقيقة لتستمر الأمور كما لو أنها لا تخضع للضوابط القانونية وللآجال التي يجب أن تكون مقدسة عندما يتعلق الأمر بإدارة المال العام. وذكر أنه لا يمكن غلق الملف دون المحاسبة. وفسر أنه لا يمكن الاكتفاء بالأرقام فالأرقام لا تعكس الحقيقة كاملة. ويرى أنه من غير المقبول التعامل مع الإيرادات الجبائية كمؤشر وحيد للنجاح دون ربطها بتأثيراتها الاجتماعية والتنموية. ويرى النائب أن العجز المسجل خلال سنة 2021 ليس مجرد عجز مالي فحسب بل هو عجز مؤسسي يعكس غياب إستراتجية واضحة لإدارة المال العام. وذكر أن تم تقديم مشروع غلق الميزانية بعد تأخير كارثي. وذكر أنه لا يمكن غض الطرف عن هذا التأخير وتساءل هل أن هذا التأخير يعني فشل الإدارة وعدم احترام المعايير المحاسبية المتعارف عليها وهل يمكن المرور على غلق الميزانية دون مناقشة الخلل الإداري الذي أدى إلى هذا التأخير، ويرى  النائب أن الأمر لا يتعلق بمجرد موافقة قانونية على الأرقام التي قد تكون صحيحة في ظاهرها بل يجب فتح ملف الإصلاح المؤسساتي بشكل تام.

وتساءل السعيدي من يحاسب مؤسسات الدولة ومن يراقب نفقاتها وهل هناك محكمة محاسبات حقيقية تمارس دورها الرقابي أم أنه مازال يتم التعامل مع التقارير المالية والمحاسبية وكأنها مجرد أرقام تسجل وتغلق دون محاسبة. وخلص النائب إلى أن الأرقام سواء تلك التي تشير إلى تحسن طفيف في العجز أو زيادة في الإيرادات يجب ألا تكون أهدافا في حد ذاتها بل يجب اعتبارها مجرد أدوات لقيس مدى نجاح السياسات الحكومية. وهو يرى أن تونس تحتاج إلى إصلاح حقيقي في الإدارة المالية العمومية إصلاح يطال طرق التصرف في الميزانية ونقل الإدارة المالية من إطار محاسبي إلى إطار استراتجي يحدد أولويات الدولة، كما يجب أن تصبح الشفافية والمحاسبة والمساءلة عقيدة. وتساءل عن تقرير محكمة المحاسبات حول ميزانية 2021 لأنه من غير المعقول غلق هذه الميزانية دون التحقيق في مصير كل دينار تم صرفه. وفسر أن غلق الميزانية ليس مجرد غلق حسابات أو تمرير قوانين بل هو فرصة للتقييم والتحليل وإعادة النظر في الأداء العام الدولة وتقييم الإنفاق العمومي والمحاسبة على هدر المال العام. وذكر أن التحدي الأكبر الذي يواجه المجلس النيابي ليس غلق الميزانية والأرقام بل غلق الملفات والقضايا الأعمق التي تعيق التنمية. وطالب بالتحلي بجرأة اكبر في محاسبة الحكومة وفي مراجعة أولويات الإنفاق. وأشار النائب إلى أن نقاش مشروع هذا القانون ليس عملية محاسبية باردة بل هو وقوف أمام لحظة سياسة عميقة لحظة يجب أن تكون فيها المحاسبة السياسية سابقة لكل إجراء محاسبي والمقصود به العلاقة بين ممثلي الشعب والحكومة. ولم يخف النائب استياءه لأن جلسات الحوار مع أعضاء الحكومة تحولت إلى تمارين شكلية خالية من التفاعل وكأنها خصصت فقط لتأثيث واجهة ديمقراطية لا تنبض بأية ديناميكية مؤسسية وذكر أن النواب رفعوا خلالها مئات الملفات الحارقة وتحدثوا عن تفاوت جهوي ومظالم اجتماعية وفساد بيروقراطي ومشاريع معطلة لكن في أغلب الحالات لا إجابة ولا موقف ولا أثر.

سعيدة بوهلال

وزيرة المالية في جلسة برلمانية:   الحكومة تسعى بكل الجهود للضغط على الأسعار

- دعوات لإعادة النظر في مقترحي سيارة لكل عائلة وإعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل 

- تساؤلات حول مخطط التنمية 2026ـ 2030 ومشروع قانون المالية لسنة 2026

 

قالت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي إن نسبة التضخم تراجعت لكن الأسعار ظلت تتغير بتغير المواسم وأكدت أن الحكومة تسعى بكل جهودها إلى الضغط على الأسعار بتكثيف المراقبة وضرب الاحتكار والمضاربة. وأضافت أمس خلال جلسة عامة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم انتهت بالمصادقة على مشروع قانون غلق ميزانية الدولة لسنة 2021 أن وزارة المالية تمس جميع المجالات والقطاعات والاستراتيجيات والمشاريع، وأقرت بوجود مشاكل وعقبات وجهات مازالت لم تأخذ حظها من التنمية. وبينت أنه في إطار خيار تقسيم البلاد إلى أقاليم سيتم العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية حتى تأخذ جميع الجهات حظها من التنمية والمشاريع والتقليص من نسبة البطالة.

وتفاعلا مع النواب الذين طالبوها بالنظر من جديد في المقترحات التي تقدموا بها سابقا بمناسبة التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025 وخاصة المتعلقة منها بإعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل وإسناد امتياز لكل عائلة لاقتناء سيارة، اجابت مشكاة سلامة الخالدي أن هذه المقترحات وغيرها قابلة للدرس ويمكن نقاشها مع النواب وتقديم رأي قانوني وفني حولها لمعرفة ما يمكن تطبيقه وما لا يمكن تطبيقه.  

 وتعقيبا على النواب الذين طالبوا بترسيخ الدور الاجتماعي للدولة، ذكرت الوزيرة أن سياسة الدولة تقوم على الوقوف على المشاكل ومحاولة إيجاد حلول والتسريع في معالجتها وأكدت أن الدولة تسير في اتجاه تكريس الدور الاجتماعي لها، وفسرت أن الدولة الاجتماعية لا تقتصر على تقديم منح ومساعدات لبعض الفئات بل يجب أن تغطي كل القطاعات. وردا على النواب الذين تذمروا من انقطاعات الماء والكهرباء قالت إن رئيس الجمهورية يتدخل ليلا ونهارا لاسترجاع الماء والكهرباء عند حدوث انقطاع. وأضافت أنه من الضروري الوقوف على الأخطاء والهنات والتقصير وطالبت كل نائب عندما يلاحظ في جهته عدم تطبيق توجهات الدولة بأن يتدخل وسيجد الدولة إلى جانبه وأكدت أن رئيسة الحكومة تعمل بكل جهودها على حلحلة المشاريع المعطلة وإيجاد حلول للإشكاليات الواردة من الجهات ومن المواطنين.

تنزيل المخطط

ولدى حديثها عن مخطط التنمية 2026ـ 2030 وقانون المالية لسنة 2026 قالت وزيرة المالية إنه في إطار خيار رئيس الجمهورية تتالت منذ شهر مارس الماضي المجالس الوزارية حول المشروعين المذكورين وتمت مراعاة البناء القاعدي وكل ما تم تضمينه في تقارير المجالس المحلية تم النظر فيه في المجالس الجهوية وتم التقدم في هذا الاتجاه بخطى ثابتة على مستوى تحديد المشاريع في الجهات وهذا العمل ليس سهلا لأنه لأول مرة في تونس سيتم الربط بين مخطط التنمية الذي يمتد على عدة سنوات وبين قانون المالية الذي يتعلق بسنة وحيدة، وقالت إن الحكومة تعمل على تنفيذ رؤية رئيس الجمهورية لكي يتم في قانون المالية رصد موارد لانجاز أهم المشاريع في إطار إستراتجية واضحة وذكرت أنه في إطار هذه الرؤية لن يقع الاشتغال على مشاريع صغرى أو مشاريع فئوية أو مشاريع تهم الجهات فقط بل لابد من حسن التنسيق وذلك من خلال وضع خطط من شأنها أن تساعد على تحقيق التنمية في كامل البلاد، وأكدت في هذا السياق على محاولة بلورة رؤية رئيس الجمهورية التي تم في إطارها بعث المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وعبرت عن أملها في أن يقع تقديم بقية التقارير من قبل المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في أقرب الأوقات قصد التأليف بينها من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط في الآجال. وذكرت أنه توجد لجان مشتركة بين مختلف الوزارات بهدف التوصل إلى إعداد التقارير وإحالتها في الآجال التي تم ضبطها من قبل الحكومة حتى تكون الرؤية واضحة في غضون شهر أكتوبر القادم ليقع رصد موارد في قانون المالية لبعث المشاريع لفائدة الجهات وأضافت أنه  يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضا المشاريع المعطلة لأن هناك مشاريع مهمة يجب استكمال تنفيذها لتكون قاطرة لتنمية الجهات.

وبخصوص دعوة بعض النواب إلى التمييز الايجابي للجهات المهمشة أوضحت الوزيرة أنه في إطار رؤية رئيس الجمهورية فإن الأقاليم والجهات والمحليات هي التي ستكون الرائدة في اختيار المشاريع وفي هذه الحالة لن تكون هناك حاجة لتمييز إيجابي لجهة عن أخرى لأن تونس موحدة ولا يقع التفريق بين الجهات. وقالت فعلا هناك جهات حظيت في فترات تاريخية معينة بامتيازات أكثر من جهات أخرى لكن حان وقت الإصلاح وتعديل ما يجب تعديله وفسرت أن الجهة التي تمتعت في السابق بحقوقها لن يقع حرمانها أما الجهة التي لم تحصل في ما مضى على حظوظها فسيتم تعديل الكفة في اتجاه تمكينها من حاجياتها.

اللجوء للاقتراض

وأضافت الوزيرة مشكاة سلامة الخالدي أنه في علاقة بالوضع المالي للبلاد فهي تتمنى لو كان هناك ما يكفي من الموارد الذاتية لتمويل الميزانية والتعويل على الذات لكن شعار التعويل على الذات الذي رفعه رئيس الجمهورية لا يعني عدم الحصول على القروض فكل المشاريع الكبرى حسب قولها تم انجازها بقروض تم سدادها بنسب تفاضلية. وتعقيبا على مطالب عديدة تقدم بها النواب لفائدة جهاتهم وأقاليمهم أضافت أن الدولة قادرة على تقديم ما تقدر عليه لكن هناك توازنات يجب احترامها لأن اختلالها لا يترتب عنه فقط عدم الاستجابة لمطالب النواب لتنمية جهاتهم بل سيترتب عنه عدم الاستجابة لجميع المطالب. وذكرت أن هناك مشاريع رصدت لها موارد في السابق لكن لم يقع انجازها أو أنها أنجزت بطريقة غير مناسبة وهذه المشاريع محل مراقبة وطمأنت النواب بأن رئيس الجمهورية يشن حملة على الفساد وقالت إنه كلما يتم التفطن إلى جهات معينة أو أشخاص يقومون بالتعطيل أو يتسببون في مشاكل على مستوى الجهات أو على مستوى المركزي فإنه لن يقع التهاون معهم، وذكرت أنه يتم النظر في كل الشكايات وإذا تطلب الأمر تتم إحالة الملف إلى القضاء.

الشراكة بين القطاعين

 وتعقيبا على أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذين طالبوا بدعم الشراكة بين القطاعين أكدت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي أن القطاع العام والقطاع الخاص سيتعاونان من أجل النهوض بالبلاد وتمكين الجهات من مستحقاتها دون تمييز جهة عن أخرى وهذا لا يتجسد إلا في إطار مشاريع واضحة يريدها المواطن في جهته ويجد فيها ضالته، وفسرت أنه لا يمكن رصد موارد لجميع هذه المشاريع في قانون المالية لسنة 2026 فقط بل سيتم تنفيذها على امتداد سنوات المخطط، وعبرت عن حرص جميع الوزارات بما فيها وزارة المالية على تنفيذ مخطط التنمية في إطار التناغم والعمل المشترك والتنسيق المستمر وذلك في إطار توجهات وأولويات قانون المالية لسنة 2026.

وبخصوص الإجراءات التي طالب بها العديد من النواب والتي تكتسي صبغة مالية، قالت مشكاة سلامة الخالدي إن جميع هذه الطلبات مشروعة وذكرت أنه يمكن التنسيق بين الوزارة والنواب وذلك في إطار القانون الذي يحكمهم جميعا وفسرت الوزيرة أنه طبقا لهذا القانون فإن الحكومة هي التي تعد مشروع قانون المالية ثم يتم نقاشه مع النواب لتبين ما يمكن تمريره من مقترحات من عدمها وذكرت أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار المخطط التنموي والتوازنات وتحديد طرق تمويل المقترحات في الإبان وذكرت أن الوزارة تتجه رويدا رويدا نحو تنفيذ ميزانية 2025 وستتضح الرؤية أكثر أثناء تنفيذها في الأشهر المتبقية من العام الجاري لفهم التوجهات القادمة للمخطط والميزانية.

وتعقيبا على نائب تحدث عن الظروف الصعبة لعمل أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم بسبب عدم توفر حواسيب وطاولات وحتى الأوراق البيضاء لنسخ وثيقة أما المكيف فتم تشغيله مؤخرا وكانوا قبل ذلك يتصببون عرقا، أكدت الوزيرة عدم درايتها بهذه المعطيات وقالت إنه تم توفير ميزانية للغرفة النيابية الثانية وتمكينها من مستحقاتها. وردا على طلب آخر يهم المجلس ويتمثل في اعتباره مهمة خاصة صلب القانون الأساسي للميزانية قالت إن هذا المطلب مشروع لأن الدستور نص على غرفتين نيابيتين وذكرت أنه من حق كل غرفة أن تكون لها وضعية قانونية واضحة وأكدت أن تنقيح القانون الأساسي للميزانية لسنة 2019 لن يتأخر كثيرا لأن هذا القانون لم يعد مواكبا للرؤية الجديدة للدولة التونسية التي ضبطها دستور 2022.

تخفيف العبء الجبائي

وبخصوص مطالب النواب المتعلقة بالتخفيف من الضغط على دافعي الضرائب والعمل على إدماج الاقتصاد الموازي، بينت وزيرة المالية أنه عند تحديد موارد الدولة فذلك يتم على أساس معطيات وموارد واضحة، وفسرت أن الموارد المستقرة والدائمة هي الموارد الجبائية وكل ما هو غير جبائي غير مستقر وغير دائم بما فيها عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج بالعملة الصعبة، وذكرت أن تحسين الوضعية المالية والحد من العجز المالي كان فعلا بفضل تلك العائدات لكن هذه العائدات غير مستقرة وغير قارة، وأضافت أن تونس ليست لديها مثل دول أخرى عائدات قارة من البترول لكنها تحاول مجابهة النفقات الكبيرة. وأقرت بوجود عجز لكن يتم العمل على الحد منه لتلافي تفاقمه حتى لا يتسبب في الاختلال. وقالت إنه ليس من السهل تحقيق المعادلة الضامنة للتوازنات المالية لكن هذا هو واجب وزارة للمالية وبينت أنها لا تقول هذا الكلام لمنع النواب من تقديم مطالبهم بل لتفسير الوضعية وتعهدت الوزيرة  بالعمل على تلبية طلبات الجهات في حدود الإمكانية المتاحة وفي حدود ما يتم ضبطه في المخطط، وذكرت أنه توجد محاولات لإدماج الاقتصاد الموازي وهذا العمل انطلق في وقت سابق وهو متواصل لكن تحقيق هذا الهدف لا يتم من خلال مجهودات إدارة الجباية ووزارة التجارة فقط بل يجب تعاون جميع الوزارات للقيام بمسح ميداني لتبين القطاعات الموازية وذلك لتمكين الناشطين فيها من معرفات جبائية وبهذه الكيفية يتم تقليص الضغط الجبائي على المطالبين بالأداء وتحقيق العدالة الجبائية بين جميع الخاضعين للضريبية. وبخصوص النسب الجبائية المعتمدة في تونس والتي اعتبرها البعض مشطة قالت إنها لا تختلف عن النسب المعمول بها في بقية الدول.

وردا على نائب تحدث عن جمعيات القروض الصغرى أشارت سلامة إلى وجود عدة أطراف متداخلة تعمل على البحث عن حلول لهذه الجمعيات التي تخضع لاتفاقات التمويل الصغير وهي تحت إشراف وزارة المالية وتدرك الوزارة حسب قولها أن هذه الجمعيات تعاني من مشاكل وأن هناك تجاوزات ويتمثل دور الوزارة في متابعة تمويلها ومراقبتها لأن كل من يحصل على تمويل من الدولة يخضع للرقابة.

ملف المصادرة

وإجابة عن أسئلة نواب الشعب المتعلقة بملف المصادرة أشارت وزيرة المالية إلى أن هذا الملف يحظى بمتابعة رئيس الجمهورية وهناك لجنة التصرف التي تترأسها وزيرة المالية ولجنة المصادرة التي يترأسها وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ولجنة متابعة مشتركة تشرف عليها وزيرة العدل. وأضافت أنه يمكن  تقسيم هذا الملف إلى ملفات تم الحسم فيها وغلقها وتنتظر الوزارة عمليات التسوية على مستوى القضاء، وهناك ملفات تهم الشركات ويمكن تقسيمها إلى شركات تساهم فيها الدولة من خلال التدخل المباشر أو عن طريق الكرامة القابضة وقد وضعت الدولة يدها عليها وتدخلت فيها وحصلت على أرباحها على امتداد سنتي 2023 و2024 على أمل أن تحصل خلال سنة 2025 على أرباح إضافية لجزء هام من المؤسسات المصادرة التي تم الانتهاء من النزاعات القضائية بشأنها وهناك جرد في هذه المؤسسات وهناك مؤسسات هي منذ صدور مرسوم المصادرة مؤسسات فارغة وبقيت المحاكم تعاني منها طيلة سنوات وستقع تسوية وضعياتها. وخلصت إلى أن أكثر من تسعين بالمائة من المؤسسات فيها نزاعات جارية وإلى أنه تم تحويل مبالغ من المصادرة إلى ميزانية الدولة. وذكرت أنه من خلال عمليات البيع التي تمت بطرق قانونية أو غيرها من عمليات التفويت تم إلى حدود سنة 2024 تحويل 2700 مليون دينار من المصادرة إلى الميزانية، وأضافت أنه يوجد مشكل في العقارات المصادرة مرده الخوف من الرقابة المشددة التي تقوم بها الدولة على العقارات المصادرة كما توجد إشكاليات إدارية، وقالت انه يجب مواصلة العمل من أجل غلق ملف المصادرة وكل من لديه حق في استرجاع أملاك صودرت يقع تمكينه من حقه لكن الممتلكات المصادرة بطرق قانونية التي تعهدت بها لجنة المصادرة فيجب العمل على إتمام تسوية وضعياتها، وذكرت أن الأعمال المتعلقة بملف مصادرة أملاك حزب التجمع المنحل فإنها شارفت على النهاية. وأوضحت انه في فترة من الفترات لم يقع الاشتغال على ملف المصادرة كما يجب لكن اليوم فإن لجنة التصرف تقوم بأعمالها ويتم تنظيم اجتماعات مكثفة للغرض لكن هذا الملف لا يهم هذه اللجنة فقط بل يهم وزارات أخرى وعبرت عن أملها في أن يتم استكمال النظر فيه بعد جرد كل الملفات.

 مطالب كثيرة

بعد الاستماع إلى وزيرة المالية صادق المجلس الوطني للجهات والأقاليم على  مشروع قانون غلق ميزانية الدولة لسنة 2021، وهو نفس المشروع الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب يوم 21 جويلية 2025، لأنه  بناء على أحكام دستور 2022 والقانون المنظم للعلاقة بين الغرفتين النيابيتين لا تتم المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالمالية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين، ولأنه بمقتضى الفصل الثالث من القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 والمتعلق بالقانون الأساسي للميزانية يعتبر قانونا للمالية: قانون المالية للسنة، وقانون المالية التعديلي، وقانون غلق الميزانية. وكانت نتيجة التصويت على هذا المشروع كما يلي: 34 موافقون و18 رافضون 4 محتفظون وأعلن رئيس المجلس عماد الدربالي عن المصادقة على المشروع بأغلبية الحاضرين.

ويذكر أنه قبل المرور للنقاش تمت تلاوة تقرير لجنة المالية والميزانية حول هذا المشروع من قبل نائبة رئيس اللجنة نورس الهيشري ومقرر اللجنة علاء الغزواني، في حين أشار رئيس اللجنة جلال القروي إلى أن النظر في  مشروع قانون غلق الميزانية لسنة 2021 هو محطة هامة من محطات الرقابة المالية للدولة وتقييم حسن التصرف في المال العام وعبر عن تطلعه لنقاش مسؤول وهادئ بهدف الإحاطة بكافة الجوانب التقنية والسياسة المتصلة بهذا المشروع في إطار الاحترام المتبادل والتعاون بين السلطات بما فيه مصلحة الوطن والمواطن.

وخلال النقاش العام لمشروع القانون المعروض على أنظار الجلسة العامة طالب العديد من النواب بتشريكهم  بصفة مسبقة في وضع التصورات المتعلقة بقانون المالية للسنة القادمة، وإعادة طرح مقترحات تم تقديمها العام الماضي عند النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2025 لكن وزيرة المالية السابقة رفضتها بتعلة مخالفتها لأحكام الفصلين 69 من الدستور و49  من القانون الأساسي للميزانية ومنها بالخصوص الامتياز المتعلق بتمكين كل عائلة من اقتناء سيارة، وإعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل، وتمكين ذوي الإعاقة من عدد من الامتيازات وفتح حساب بالعملة الصعبة وبعث البنك البريدي، في حين دعا آخرون إلى التسريع في مراجعة قوانين الاستثمار والصرف، وطالب أحد النواب بفتح تحقيق جدي على معنى قانون مكافحة الإرهاب في الحرائق المريبة، واقترح آخرون تنقيح القانون الأساسي للميزانية لملاءمته مع الدستور لان هذا القانون لم يرد فيه مجلس الجهات والأقاليم، وطالب أحدهم بتمكين ذوي الإعاقة العاجزين عن العمل من جرايات لأنه تم حرمانهم من الجرايات لأن لديهم فرد في عائلاتهم يشتغل ويتمتع بتغطية اجتماعية. ولم يخف بعض النواب عدم رضاهم على أداء الحكومة وعبروا عن رغبتهم في أن تكون الحكومة ثورية تحمل مشروعا طموحا يعيد الأمل للتونسيين ويحقق العدالة الاجتماعية.

تنفيذ قانون المالية

وتساءلت النائبة زكية المعروفي هل تم تفعيل إجراءات قانون المالية لسنة 2025 المتعلقة بصندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وصندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل والحساب الخاص في الخزينة لضمان ضحايا حوادث المرور وصندوق التعويض عن الأضرار الفلاحية الناجمة عن الكوارث الطبيعية ومساندة مربي الأبقار أم ليس بعد، وطالبت بتقديم تقرير مفصل حول الصناديق التي تم إقرارها في قانون مالية 2025 والموارد التي تمت تعبئتها والمبالغ التي تم صرفها إلى حد الآن. وتساءلت هل أن الدولة عاجزة عن تطبيق إجراءات قانون المالية على أرض الواقع منها منظومة المبادر الذاتي.

مشاريع معطلة

 وطالب النائب أيمن العبيدي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالقيام بلفتة لمعتمدية العيون ولبقية معتمديات القصرين التي تعاني من العطش وانقطاع التيار الكهربائي وانقطاع شبكة الانترنيت وهشاشة البنية التحتية وتفاقم الوضع الاجتماعي الصعب والمشاريع المعطلة بل أصبحت القصرين حسب وصفه ولاية المشاريع المعطلة. وتساءل هل هناك نية لبناء مركز بريد جديد في العيون ومتى يقع بناء المدرسة الابتدائية التي تم تخصيص عقار لها ونبه وزير التربية إلى وجود مدارس بجدليان وتالة وحاسي الفريد آيلة للسقوط أما مشروع المدرسة الإعدادية بالعيون فهو معطل منذ 2007 وسأل العبيدي وزير الشباب والرياضة عن موعد بناء ملعب بالعيون لأن الشباب يتدربون في الجبل.

المؤسسات المصادرة   

وتحدثت النائبة هدى الجلاصي عن الإطار التشريعي والمالي المنظم للمعاملات الرقمية والتحويلات المالية ودعت إلى التعجيل بسن إطار قانوني صريح ومرن ينظم خدمات الدفع الرقمي ويضع حدا للعزلة التي يعاني منها الشباب التونسي في الداخل والخارج ومراجعة قانون التحويلات المالية ومجلة الصرف للرفع في سقف التحويلات المسموح بها قانونيا وتبسيط الإجراءات الإدارية والرقابية بما يضمن الشفافية ويحترم حقوق  الأفراد. وطالبت بفتح حوار مع مزودي خدمات المحافظ الالكترونية والمنصات الرقمية والمتاجر الالكترونية لدفع الاقتصاد وتيسير المعاملات اليومية خاصة بالنسبة للمستقلين وصغار المستثمرين في المجال الرقمي. وترى النائبة أنه لا يمكن تطوير المنظومة المالية دون تنقيح قانون مكافحة الجريمة المالية وغسيل الأموال حتى لا يقع توظيفه لتعطيل المبادرة الحرة أو تضييق الخناق على الرأسمال النزيه. وطالبت الجلاصي بمراجعة قانون الشركات المصادرة لأنه عطل الدورة الاقتصادية لعشرات الشركات المصادرة وكان أداة تجميد أكثر منه أداة إصلاح. وبينت أنه توجد فرصة تاريخية لإصلاح جدي للمنظومة المالية فإما أن يتم الالتحاق بالركب أو البقاء أسرى لمنظومة مهترئة تجاوزها الزمن.

الوضع لم يتغير

ووجهت النائبة دلال اللموشي رسالة إلى رئيس الجمهورية لإطلاعه على الوضع في الكاف إذ بقي على حاله رغم الزيارات التي أداها أعضاء الحكومة إلى هذه الجهة وذكرت أن نواب الجهة من الغرفتين هم الذين يقفون في الواجهة، وقالت إنها استبشرت بزيارة رئيس الجمهورية لطاحونة الدهماني والتي تم إثرها إرسال وفد يتكون من وزراء الشؤون الاجتماعية والصناعة والفلاحة لكن مازالت الجهة تنتظر الاجراءات ودعت النائبة رئيس الجمهورية إلى مراجعة أداء بعض أعضاء الحكومة وأن يضع ولاية الكاف ضمن أولويات المرحلة القادمة فهذه الولاية ممثلة بسبعة نواب من الغرفة الأولى ومن الغرفة الثانية وكلهم اجتهدوا ولم يقصروا لكن التقصير على حد قولها كان من قبل أعضاء الحكومة. 

أما النائبة ريم بلحاج محمد فبينت أنها ترشحت للانتخابات لإيمانها بأن مسار 25 جويلية سيمكن من إصلاح الأوضاع وبناء تونس أفضل، وذكرت أن أعضاء المحليات والجهات والأقاليم ومجلس الجهات والأقاليم يعانون من ضرب الإدارات والولاة والمعتمدين لكنهم يعملون ويكافحون. وبينت أنها كانت تريد جمع الشمل لإيمانها بأن مجلسها هو الذي سيقول كلمته لأنه يعبر عن رؤية وطنية وفكر رئيس الجمهورية الذي يقف خلفه الجميع لكن هذا المجلس هرب به التيار. وأضافت أنهم في المجلس ليس بصدد تصفية حسابات أو خدمة أجندات أو مراكز نفوذ مالية بل أنهم موجودون لتمثيل الشعب والتعبير عن إرادته وصيانة مسار ولد من رحم 25 جويلية الذي تؤمن به خيارا لا رجعة فيه. وقالت بوضوح:»لن ننخرط في سياسة التحالفات الهشة المبينة على المهادنة وتبادل المصالح الضيقة ولن نسمح بأن تتحول الدولة إلى أداة بيد لوبيات المال أو واجهة لسياسات خارجية غريبة عن مصلحة تونس وشعبها ولسنا في خدمة رجال الأعمال ولسنا في خدمة الأحزاب التقليدية التي فشلت في إدارة الشأن العام بل نحن نعمل من أجل تونس ومن أجل العدالة الاجتماعية والجهات المهمشة وبناء دولة قوية بمؤسساتها».. وعبرت عن التزام نواب مسار 25 جويلية بمواصلة الدفاع عن هذا المسار وتحصينه من محاولات الالتفاف عليه لإيمانهم بأن المصلحة الوطنية أعلى من كل اعتبار.

وعبر النائب أسامة سحنون عن رفضه المصادقة على مشروع  قانون غلق ميزانية الدولة لسنة 2021 لأن هذا القانون تم وضعه في وقت فجعت فيه العائلات التونسية بموت أحد أفرادها بكورونا لكن في ذلك الوقت كانت هناك بطانة فاسدة وحكومة فاسدة ورئيس حكومة فاسد ومجلس منحل يعيشون في نعيم على حساب التونسيين وذكر أنه لا يصوت لفائدة هذا المشروع مثلما لم يصوت على قانون المالية لسنة 2025 لأنه تم تغليفه بإجراءات اجتماعية لذر الرماد على العيون وأوضح أن مفعول تلك الإجراءات لا يفوق 200 مليار وفي المقابل تم منح امتيازات خيالية لرجال الأعمال وإعفاءات واعتماد ضريبة تصاعدية كما تريدها وزارة المالية وتم منح امتيازات لشركات منافسة لديوان التجارة الذي من المفروض أن يحتكر توريد القهوة لكن هناك في الديوان من يدافع عن هذه الشركات أكثر من الدفاع عن الديوان نفسه، كما وقع رفض مقترح السيارات الشعبية من قبل الوزارة وتم إسقاطه من قبل مجلس النواب ثم مورست كل الضغوط  لسحب هذا المقترح عند عرضه في مجلس الجهات والأقاليم  لكن هذا العام سيتم التمسك بهذا المقترح ولن يقع التنازل عنه. وأضاف أنه استبشر بـ 25 جويلية لكن يجب تحقيق مطالب 25 جويلية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والعدالة بين الجهات والتوجهات الاجتماعية للدولة وذكر أنه يعرف مدى وطنية رئيس الجمهورية وصدقه لكن يجب القيام بإصلاحات والضرب بيد من حديد خاصة داخل الوزارات لأن تغيير الوزير مع الإبقاء على نفس الأشخاص لا يكفي. وبين أن رئيس الجمهورية ليس وحده في مواجهة اللوبيات فنواب الشعب معه والشعب الشريف معه والمنظمات الوطنية معه والأحزاب السياسية النظيفة معه. وأقر  النائب بتراجع الاقتراض الموجه للاستهلاك مقابل الاقتراض للاستثمار لكنه يرى أن هذا ليس من السيادة الوطنية فالسيادة الوطنية لا تتم بتعبئة موارد ميزانية الدولة عبر الاقتراض من البنوك الخاصة بل تقتضي تنقيح قانون البنك المركزي حتى يقوم بإقراض الدولة. وطالب سحنون وزيرة المالية بعدم التعلل خلال نقاش مشروع قانون المالية 2026 بالفصل الشهير الذي يعتبر أن مقترحات النواب فيها مساس بالتوازنات المالية للدولة وقال إنه يريد قلب توجه هذه الدولة ويريدها دولة اجتماعية حقيقية لكن ببعض المسؤولين وبحزب الإدارة لا يمكن تحقيق ذلك. وأضاف أنه يجب أن يكون هناك عقل سياسي ذو توجه اجتماعي يرأس الحكومة ويجب أن يكون للوزراء توجه اجتماعي إذ يكفي من التقنيين لأن التقنيين سيكررون نفس الكوارث.  كما أشار إلى أن الدنيا عبر ودروس ومن لا يتعظ بالتاريخ سيكرر نفس الأخطاء ومن يكون في منصب فعليه تجميع الناس وتمثيل الجميع وأن يكون في خدمة المواطن وفي خدمة الوطن وعبر عن أمله في عدم تكرار نفس الأخطاء ولكن في صورة تكرارها فإنهم في المجلس سيتصدون لها لأنه يجب تحقيق وعود 25 جويلية. 

وبين النائب فهمي مبارك أنهم أمام لحظة تاريخية فارقة من أجل بناء تونس أخرى يحلم بها كل التونسيين والتونسيات وبين أنه ضد محاولات تمرير سياسات حزبية داخل المجلس أو ممارسات بائدة داخل الإدارة أو مؤسسة عمومية لأن من واجبها خدمة المواطن. وذكر أن هناك محاولات واهية تسعى لإفشال مسار هو من أشد المدافعين عنه. وقال إن الحقوق تفتك ولا تهدى وذكر أنه من حق النواب تنقيح القانون الأساسي للميزانية لإدراج المجلس الوطني للجهات والأقاليم كمهمة خاصة. وطالب مبارك وزيرة المالية بمد المجلس النيابي بترسانة من مشاريع القوانين من قبيل مشروع يهم السيارات الشعبية وحق كل تونسي في سيارة.

مطالبة بالإصلاح

وأشار النائب بلال السعيدي إلى أنه لا يمكن النظر في مشروع القانون المتعلق بغلق ميزانية 2021 من زاوية محاسبية بل من زاوية حوكمة المال العام وشفافية ميزانية الدولة فالميزانية حسب قوله يجب أن تعكس الواقع الاقتصادي لكن عندما يتم تمرير قانون غلق الميزانية بعد ثلاث سنوات فهذا تأجيل متواصل للحقيقة لتستمر الأمور كما لو أنها لا تخضع للضوابط القانونية وللآجال التي يجب أن تكون مقدسة عندما يتعلق الأمر بإدارة المال العام. وذكر أنه لا يمكن غلق الملف دون المحاسبة. وفسر أنه لا يمكن الاكتفاء بالأرقام فالأرقام لا تعكس الحقيقة كاملة. ويرى أنه من غير المقبول التعامل مع الإيرادات الجبائية كمؤشر وحيد للنجاح دون ربطها بتأثيراتها الاجتماعية والتنموية. ويرى النائب أن العجز المسجل خلال سنة 2021 ليس مجرد عجز مالي فحسب بل هو عجز مؤسسي يعكس غياب إستراتجية واضحة لإدارة المال العام. وذكر أن تم تقديم مشروع غلق الميزانية بعد تأخير كارثي. وذكر أنه لا يمكن غض الطرف عن هذا التأخير وتساءل هل أن هذا التأخير يعني فشل الإدارة وعدم احترام المعايير المحاسبية المتعارف عليها وهل يمكن المرور على غلق الميزانية دون مناقشة الخلل الإداري الذي أدى إلى هذا التأخير، ويرى  النائب أن الأمر لا يتعلق بمجرد موافقة قانونية على الأرقام التي قد تكون صحيحة في ظاهرها بل يجب فتح ملف الإصلاح المؤسساتي بشكل تام.

وتساءل السعيدي من يحاسب مؤسسات الدولة ومن يراقب نفقاتها وهل هناك محكمة محاسبات حقيقية تمارس دورها الرقابي أم أنه مازال يتم التعامل مع التقارير المالية والمحاسبية وكأنها مجرد أرقام تسجل وتغلق دون محاسبة. وخلص النائب إلى أن الأرقام سواء تلك التي تشير إلى تحسن طفيف في العجز أو زيادة في الإيرادات يجب ألا تكون أهدافا في حد ذاتها بل يجب اعتبارها مجرد أدوات لقيس مدى نجاح السياسات الحكومية. وهو يرى أن تونس تحتاج إلى إصلاح حقيقي في الإدارة المالية العمومية إصلاح يطال طرق التصرف في الميزانية ونقل الإدارة المالية من إطار محاسبي إلى إطار استراتجي يحدد أولويات الدولة، كما يجب أن تصبح الشفافية والمحاسبة والمساءلة عقيدة. وتساءل عن تقرير محكمة المحاسبات حول ميزانية 2021 لأنه من غير المعقول غلق هذه الميزانية دون التحقيق في مصير كل دينار تم صرفه. وفسر أن غلق الميزانية ليس مجرد غلق حسابات أو تمرير قوانين بل هو فرصة للتقييم والتحليل وإعادة النظر في الأداء العام الدولة وتقييم الإنفاق العمومي والمحاسبة على هدر المال العام. وذكر أن التحدي الأكبر الذي يواجه المجلس النيابي ليس غلق الميزانية والأرقام بل غلق الملفات والقضايا الأعمق التي تعيق التنمية. وطالب بالتحلي بجرأة اكبر في محاسبة الحكومة وفي مراجعة أولويات الإنفاق. وأشار النائب إلى أن نقاش مشروع هذا القانون ليس عملية محاسبية باردة بل هو وقوف أمام لحظة سياسة عميقة لحظة يجب أن تكون فيها المحاسبة السياسية سابقة لكل إجراء محاسبي والمقصود به العلاقة بين ممثلي الشعب والحكومة. ولم يخف النائب استياءه لأن جلسات الحوار مع أعضاء الحكومة تحولت إلى تمارين شكلية خالية من التفاعل وكأنها خصصت فقط لتأثيث واجهة ديمقراطية لا تنبض بأية ديناميكية مؤسسية وذكر أن النواب رفعوا خلالها مئات الملفات الحارقة وتحدثوا عن تفاوت جهوي ومظالم اجتماعية وفساد بيروقراطي ومشاريع معطلة لكن في أغلب الحالات لا إجابة ولا موقف ولا أثر.

سعيدة بوهلال